البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

قراءة في المشهد الانتخابي البرلماني التونسي بعد غلق باب التّرشّحات

كاتب المقال فتحي الزغل - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 2796


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


كما هو معلوم فقد انتهت فترة التّرشّحات للانتخابات البرلمانيّة التونسيّة منذ أيام قليلة. والتي اتّسمت للوهلة الأولى بالعدد الكبير للقائمات المترشحة وللمترشحين فيها إذا تجاوز الــ 15 ألفا لشغول 217 مقعدا.

وفي اعتقادي، ستكون الانتخابات التشريعيّة القادمة في بلدي "تونس" انتخابات مفصليّة في الديمقراطية الوليدة التي ينظر إليها العالم بإعجاب شديد ظهر مؤخّرا في الانتقال الدستوري للسلطة على مستوى الرئيس، والذي وقع بآليّات واضحة سريعة زادها وعي الشّعب ورقيّه السياسي لمسة الكمال كما وصفتُ ذلك في مداخلة إعلامية في يومها.

ومسألة أهميّة هذه المحطّة الانتخابية القادمة ترجع إلى أنّها ستكون تأسيسيّة لفترة قادمة سوف تكون فترة استقرار بعد فترات الهزّات والمخاضات الديمقراطية التي عرفتها "تونس" منذ 2011. حيث أنها ستكون بداية سير القطار السياسي والاقتصادي بسرعة متناسبة مع واقع المرحلة ومتطلباتها والتي ستكون في تقديري أكبر من تلك السرعات التي سار بها في الفترات البرلمانيّة السّابقة.

لكن وإذا أردتُ تسليط ضوء التحليل على المترشّحين باختلاف طبيعتهم أكانوا مستقلّين، أو في أحزاب، أو في ائتلافات، فإني ألحظ السّمة الواضحة في ما أسمّيها ظاهرة الانفتاح على الديمقراطية وعلى الشأن العام، وهي كثرة عددهم ممّا يجعل بعضهم أكثر ثقلا من بعض طبعا.

ولعلّي هنا لا أختلف مع الواضح في السّاحة السّياسيّة في أنّ ترتيب الحضور في قادم هذه الانتخابات سيكون حسب ترتيب الحضور الحالي في المشهد السياسي العام في البلاد والذين سيفوزون مستقبلا فيها. وهنا ألاحظ حضورا لافتا - وهو بديهي لا يتطلّب محلّلا ليعرفه - للحزب الأول في البلاد وهو حزب "حركة النهضة" لما لهذا الحزب من انتشار أفقيّ وعموديّ داخل المجتمع التونسيّ، ولما له من انضباط معروف ومن لوجستيك واضح في هكذا مناسبات.

يليه في الأهمّية والحضور الحالي الحزب الوليد الذي قام على أنقاض حزب الرّئيس الراحل "نداء تونس" وأقصد "تحيا تونس" وذلك لأنّه جمع الموظفين والمنتسبين لجهاز الدولة ليحافظوا على مراكزهم التي هم فيها، والذين جرّبوا نفس الاصطفاف سابقا مع ذلك الحزب المنهار، ونجحوا في خطّتهم تلك.

ثمّ سيكون للأحزاب وللمترشّحين المستقلّين المصنّفين على التيّار الثوري ثقلهم الذي سيكون مفاجأة في هذه الانتخابات لا محالة من حيث عدد المقاعد الجملية التي سيحصلون عليها. سواء كانوا من الأحزاب التي ترتكز على رمز نضالي أو تلك التي ترتكز على برامج ثوريّة صرفة، إذ سيلعبون ورقة الملاذ الثوري للغاضبين من الأحزاب التي تصنّف نفسها ثوريّة إلّا أنها لم تنجز "الثورة" عند ممارستها للحكم طيلة السنوات الماضية كما هو معلوم.

وبعد هؤلاء سيكون الثقل متوزّعا على جميع بقايا الحزب الجريح المشقوق "نداء تونس" الذي أراه في طريقه إلى الاندثار ولو بقي لسنوات قادمة، مع تلك الأحزاب التي قامت من شقوقه وزعاماته. وعلى الأحزاب الأخرى التي وإن بقيت ظاهرة في المشهد السياسي العام في البلاد منذ سنوات، إلا أنها لم تفز بعدد كاف من المقاعد سابقا ولن تفوز بها كذلك، وذلك لحضورها الشعبي المحتشم في سائر الأيّام يكاد يسمع بها التّونسيّ سوى في الحملة الانتخابيّة. ويمكن أخذ اليسار مثالا في هذا الصّدد إذ ليس له امتداد شعبي في المجتمع التونسي لما صبغ نفسه بكذبات واتهامات مغرضة لجهة سياسيّة بعينها لسنوات مضت انتهت باكتشاف الناس للحقيقة التي وضعته هو أخيرا في قفص الاتهام، بل وزاد المشهد سوءا تلك التصريحات المخوّنة لبعض قياداته من بعض قياداته، والتي لا تنتهي نتائجها حسب رأيي إلّا في أروقة المحاكم الجنائيّة وفي عنابر السجون، فالاتهامات هي اتهامات بجرائم قتل واغتصاب وتصفية وعمالة لمخابرات أجنبية. والتونسي المتابع لشأن بلده أصبح أكثر نضجا من قبل، يدرك تماما حقائق التحوّلات السياسيّة وخلفياتها. وعليه فإن كلّ تلك القوى اليسارية والتي فصّلتُ غيرها من غير اليساريّة من قوى الوسط، ستكون هامشيّة الحضور في الخريطة البرلمانية القادمة.

وأختم بالقول بأنّ المستقلّين سيصنعون – في تقديري - المفاجأة ثانية بعد أن صنعوها في الانتخابات المحلّيّة الماضية التي تُعدّ آخر انتخابات أظهرت الحجم الحقيقي لكل الفاعلين السياسيين في البلاد. فهم يمثلون أكثر من نصف المترشحين وحتما سيمثلون أكثر من نصف الناخبين، وسوف تكون لهم كلمتهم وإن ستكون مشتّتة طبعا.

وهكذا... وفي آخر هذه الورقة، يمكن إذن القول بأن الانتخابات البرلمانية القادمة في "تونس" هي انتخابات لن تكون بالإجراء العادي ديمقراطيّا، بقدر ما ستكون انتخابات تأسيس لمسار كامل في البلاد، ليس لخمس سنوات قادمة فقط، بل لفترة سياسية قد تكون أطول بذلك بكثير. وهي – أي الانتخابات – التي ستحدّد وجهة البلاد التنموية والاجتماعية والإقليمية والدوليّة إمّا للأمام وللّنموّ على كلّ الأصعدة، أو لمزيد من الارتباك والقهقرى في كل المجالات.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الإنتخابات، الإنتخابات التشريعية، الإنتخابات الرئاسية،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 5-08-2019  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  إنذارات بمجتمع يهوي
  أنا اللّص الذي عنه تبحثون
  قراءة في المشهد الانتخابي البرلماني التونسي بعد غلق باب التّرشّحات
  السّياسةُ في الإسلام
  ماذا يقع في "وينيزويلّا"؟ حسابات الشّارع وموازين الخارج
   بعد تفجير شارع بورقيبة ... ألو... القائد الأعلى للقوات المسلّحة؟
  إلى متى تنفرد الإدارة في صفاقس بتأويل خاصّ لقوانين البلاد 2؟
  "التوافق" في تونس بين ربح الحزب وخسارة الثورة
  "ترامب"... رحمة من الله على المسلمين
  حكاية من الغابة... حكاية اللئيم و الحمير
  بقرة ينزف ضرعـــها دما
  تعليقا على مؤتمر النهضة... رضي الشيخان ولم يرض الثّائر
  بعد مائة يوم على الحكومة... إلى أين نحن سائرون؟
  الغرب و الشّرق و "داعش" و "شارلي"
  "الإرهاب و مسألة الظّلم" ج3
  "الإرهاب و مسألة الظّلم" ج2
  "الإرهاب و مسألة الظّلم" ج1
  كيف تختار الرّئيس القادم؟
  قراءة في الانتخابات البرلمانية التونسية
  سكوتلاندا لا تنفصل... درس في المصلحيّة
  قراءة في النّسيج الانتخابي التّونسي
  "أردوغان" رئيسا لتركيا... تعازي غلبت التهاني
  "غزّة" و الإسلاميّون
  الانتخابات الفضيحة
  أُكرانيا و مصر و نفاق الغرب
  رئيسٌ آخر و حكومة جديدة.... قراءة في ما بعد الحدث
  بيان بخصوص رفض الأطبّاء العمل في المناطق الدّاخليّة
  بيان بخصوص إضراب القضاة
  سلطتنا التّنفيذيّة وعلامات الاستفهام
  سلطتنا القضائيّة و علامات الاستفهام

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
حسن عثمان، خالد الجاف ، رافد العزاوي، عراق المطيري، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، سامر أبو رمان ، صالح النعامي ، المولدي الفرجاني، د - شاكر الحوكي ، عمار غيلوفي، د- محمد رحال، طارق خفاجي، د- جابر قميحة، د.محمد فتحي عبد العال، مصطفي زهران، د. خالد الطراولي ، طلال قسومي، علي عبد العال، د. أحمد بشير، إسراء أبو رمان، صلاح الحريري، حسن الطرابلسي، عبد الغني مزوز، الناصر الرقيق، أحمد الحباسي، سفيان عبد الكافي، نادية سعد، أنس الشابي، يحيي البوليني، عمر غازي، محمود سلطان، فهمي شراب، رافع القارصي، مراد قميزة، د. طارق عبد الحليم، فوزي مسعود ، أشرف إبراهيم حجاج، د - محمد بنيعيش، الهيثم زعفان، محمد عمر غرس الله، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د. مصطفى يوسف اللداوي، إيمى الأشقر، د. عادل محمد عايش الأسطل، د - المنجي الكعبي، سلام الشماع، وائل بنجدو، صباح الموسوي ، العادل السمعلي، محرر "بوابتي"، د. صلاح عودة الله ، الهادي المثلوثي، عبد الرزاق قيراط ، د. عبد الآله المالكي، صلاح المختار، أبو سمية، ماهر عدنان قنديل، رحاب اسعد بيوض التميمي، د. أحمد محمد سليمان، خبَّاب بن مروان الحمد، مجدى داود، عبد الله الفقير، عبد العزيز كحيل، محمد الياسين، د - مصطفى فهمي، د - عادل رضا، محمد أحمد عزوز، محمد شمام ، كريم السليتي، د- محمود علي عريقات، د. كاظم عبد الحسين عباس ، سامح لطف الله، سلوى المغربي، المولدي اليوسفي، د - الضاوي خوالدية، محمد يحي، عزيز العرباوي، سعود السبعاني، حسني إبراهيم عبد العظيم، صفاء العراقي، محمد اسعد بيوض التميمي، د - صالح المازقي، إياد محمود حسين ، بيلسان قيصر، يزيد بن الحسين، محمود طرشوبي، رضا الدبّابي، ضحى عبد الرحمن، فتحي الزغل، كريم فارق، رمضان حينوني، تونسي، عبد الله زيدان، د. ضرغام عبد الله الدباغ، فتحي العابد، أحمد ملحم، د- هاني ابوالفتوح، أ.د. مصطفى رجب، سليمان أحمد أبو ستة، سيد السباعي، ياسين أحمد، رشيد السيد أحمد، محمد الطرابلسي، أحمد النعيمي، مصطفى منيغ، حاتم الصولي، منجي باكير، محمود فاروق سيد شعبان، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، محمد العيادي، جاسم الرصيف، د - محمد بن موسى الشريف ، محمد علي العقربي، حميدة الطيلوش، صفاء العربي، عواطف منصور، علي الكاش، فتحـي قاره بيبـان، أحمد بوادي،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة