البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

حكاية من الغابة... حكاية اللئيم و الحمير

كاتب المقال فتحي الزغل - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 3685


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


سأحكي لكم اليوم حكاية يا إخوتي، سوف لن يتزوّج في نهايتها الأبطال، فإذا حرّكت فيك حنقًا فأنت ممّن يشعرون أنّنا نتخبّط في الأوحال، و إذا أضحكتك فلا بيني و بينك عروةٌ و لا أوصال...
يحكى أنه، و في رحلةٍ في شعاب جنّةٍ أضحت خلاء كالفناء، اجتمع في موكب الرحّل، حيوانات كثير، منهم لئيم و حمير، يسيرون كالغمم في ذيل قافلة، منهكين من تعب الرحلة، و وجع الكدّ و المشي...

فلمّا أخذ النّصبُ من اللئيم كلّ مأخذٍ، و عرف أنّ هلاكه بمشيه على قدميه ينتظره بالمرصد... بدأ يُعمِلُ فكرَهُ... لينتهي راكبا على حمارٍ منهم، فقام فيهم خطيبا تخونه اللباقة في الكلام، و العذوبة في اللسان، مروّعًا إيّاهم من خونةٍ منهم أو من سائر من كان في الرّكبِ، يريدون الانقضاض عليهم فيصيرون لا قدّر الله لهم عبيدا و قد استخلصهم الله من دون الحيوانات حميرا...

و لضعف نفس بعض الحمير، و لجهل بعض آخر منهم ، و لكسل من بقي من قسمتي هذه، صدّقه قليلهم، و تواطؤوا معه، فأصبحوا مع صاحبنا اللئيم حزبا، نصّبوه عليه أمينا، و وضعوا فوق رأسه تاجا محفورا عليه: ألا إنّ حزب الأشراف هم الغالبون...

ثمّ و ما كان منه إلاّ أن بدأ يتخيّر لنفسه الحمار الذي يركَبُ، و السبيلَ الذي يسلك، و الظّل الذي يتفيّئُ. ولمّا وجدهم نحو الضلالة و الذّلّ يهرعون، و للهوان منحدرون، و يصيحون، و يهتفون بحياته، و بحياة زوجته اللئيمة، و ابنه اللئيم، و ابنته اللئيمة، و كلّ من دناه بقرابة جلدته... أخذ يتخيّر لنفسه و اللئام هؤلاء، أفخر أنواع الأكل، و أجود صنوف اللبس، و أفخر رموز النياشين و الألقاب... حتى أضحى كلامه لهم وحيا، و صمتُه هديا، و رأيه سدادًا... و الحمير من حوله يحمدون خالقهم بأن قيّض الله لهم فذًّا لا غليظ قلبٍ، يقودهم في رحلتهم تلك ، يُخرجهم من ظلمات الفلاء إلى أنوار جنّةٍ، ما انفكّ يعدها لهم في كل خطاب، و في كلّ مناسبة، و يتبجّح بما حقّــقه لهم من نعيمٍ، تحسدهم عليه كل حمير الغابة ...

و لمّا أحسّ لئيمنا باستفحال داء الذّلِّ في حميره، عرف أنّ له أن يطلب ما يشاء منهم... فقال لهم ذات عصرٍ و هم يحملونه على ظهورهم أنّه رأى في المنام أنّه يذبحهم، فانظروا ماذا ترون؟ و تظاهر بالورع و التقوى و الرّقّ و العزم... فأجابوه بأن يفعل ما يؤمرُ، فسيجدهم إن شاء الله من الصابرين... ومنذ ذلك الحين صار يأكل كلّ يوم مع عصابته منهم حمارا، يمتصّ دمه قبل أن يذبحه، و الناجون من الذبح ذلك اليوم، يدعون له بدوام الصّحّة و موفور العمر، بل و اخترعوا له كنيةٍ جديدة حفروا لها أثرا في تاجه، تنادوا بها أنّه حامي الرحلة و الحمير، و قائد الوجهة و البعير...

و لمّا صار الرّكب على مسافة فرسخين و نيف من أوّله، بدأ القطيع ينتبه إلى أفعال زعيمه، و شين أعمال ديوانه و عرينه... فثاروا على حكمه و أكله لحمَهم، فدخل الفلاةَ، و هرب طامعا بالنجاة... تاركا خلفه من كان معه في ديوانه من الحمير و من الحيوانات التي اشتركت معه في صفة اللؤم...

فبدأ حميرُ الديوان يقسمون المناصب و الخطط، مقنِعين من ثار من بني جلدتهم بأن لا مناص منهم لسير الرّكبِ، لمعرفتهم بدواليب العرين و سير الحكم و الرحلة... و أنّهم سيكونون على ثورتهم كالقوي الأمين...

و لعجبي... اقتنع جلّ حميرنا في أوّل الأمر مع اشتراطهم لأمراء الرحلة الجدد الإتيان باللئيم آكل لحمهم و ماصّ دمائهم للاقتصاص منه... فمارى العصابة طلبَهم، و تظاهروا بأنّهم على أمرهم أحرصهم، و لأنهم يخدعون حميرا انطلت حيلتهم، و نفذت خطّتهم... فسار معهم جلّ الحمير و هم يخالونهم للصدق أقرب، و من الخيانة أبعد، و للعدل أوجب.. إلا انّ العصابة بدأت تنصب لهم الكيدَ في رحلتهم، و تخطّط لهم القيد في سيرهم... و حميرنا منذ ذلك الحين إلى حدّ كتابة هذه الحكاية... يصيحون... و يفكّرون...و يراقبون... ويتهامسون...و يتساءلون...و يتعاركون...و يتخاصمون...و يترنّحون...متناسين أنّ مع اللـــئام ... حزب الحمير هم الخاسرون.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الفساد، الفساد السياسي، الطبقة السياسية، بقايا فرنسا،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 11-08-2016  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  إنذارات بمجتمع يهوي
  أنا اللّص الذي عنه تبحثون
  قراءة في المشهد الانتخابي البرلماني التونسي بعد غلق باب التّرشّحات
  السّياسةُ في الإسلام
  ماذا يقع في "وينيزويلّا"؟ حسابات الشّارع وموازين الخارج
   بعد تفجير شارع بورقيبة ... ألو... القائد الأعلى للقوات المسلّحة؟
  إلى متى تنفرد الإدارة في صفاقس بتأويل خاصّ لقوانين البلاد 2؟
  "التوافق" في تونس بين ربح الحزب وخسارة الثورة
  "ترامب"... رحمة من الله على المسلمين
  حكاية من الغابة... حكاية اللئيم و الحمير
  بقرة ينزف ضرعـــها دما
  تعليقا على مؤتمر النهضة... رضي الشيخان ولم يرض الثّائر
  بعد مائة يوم على الحكومة... إلى أين نحن سائرون؟
  الغرب و الشّرق و "داعش" و "شارلي"
  "الإرهاب و مسألة الظّلم" ج3
  "الإرهاب و مسألة الظّلم" ج2
  "الإرهاب و مسألة الظّلم" ج1
  كيف تختار الرّئيس القادم؟
  قراءة في الانتخابات البرلمانية التونسية
  سكوتلاندا لا تنفصل... درس في المصلحيّة
  قراءة في النّسيج الانتخابي التّونسي
  "أردوغان" رئيسا لتركيا... تعازي غلبت التهاني
  "غزّة" و الإسلاميّون
  الانتخابات الفضيحة
  أُكرانيا و مصر و نفاق الغرب
  رئيسٌ آخر و حكومة جديدة.... قراءة في ما بعد الحدث
  بيان بخصوص رفض الأطبّاء العمل في المناطق الدّاخليّة
  بيان بخصوص إضراب القضاة
  سلطتنا التّنفيذيّة وعلامات الاستفهام
  سلطتنا القضائيّة و علامات الاستفهام

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
رضا الدبّابي، د- محمد رحال، الناصر الرقيق، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، عبد الله زيدان، أحمد بوادي، محمد أحمد عزوز، فتحي الزغل، حسن الطرابلسي، ماهر عدنان قنديل، محمد اسعد بيوض التميمي، حاتم الصولي، د - شاكر الحوكي ، مصطفى منيغ، عمر غازي، سيد السباعي، عبد الله الفقير، صلاح الحريري، حسني إبراهيم عبد العظيم، عمار غيلوفي، رحاب اسعد بيوض التميمي، د. صلاح عودة الله ، محرر "بوابتي"، كريم فارق، عبد الغني مزوز، يزيد بن الحسين، د - صالح المازقي، علي الكاش، د. مصطفى يوسف اللداوي، د.محمد فتحي عبد العال، د. أحمد محمد سليمان، محمد العيادي، إيمى الأشقر، صالح النعامي ، خالد الجاف ، د. عادل محمد عايش الأسطل، فوزي مسعود ، جاسم الرصيف، ضحى عبد الرحمن، عزيز العرباوي، أحمد ملحم، د. خالد الطراولي ، الهادي المثلوثي، مراد قميزة، محمد الياسين، محمد عمر غرس الله، سعود السبعاني، فتحي العابد، د - محمد بنيعيش، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د. عبد الآله المالكي، مصطفي زهران، د - الضاوي خوالدية، محمد الطرابلسي، صلاح المختار، منجي باكير، وائل بنجدو، عواطف منصور، أ.د. مصطفى رجب، حسن عثمان، الهيثم زعفان، يحيي البوليني، د- جابر قميحة، د. كاظم عبد الحسين عباس ، أحمد الحباسي، سامر أبو رمان ، نادية سعد، خبَّاب بن مروان الحمد، أحمد النعيمي، د - محمد بن موسى الشريف ، فتحـي قاره بيبـان، محمد يحي، د- محمود علي عريقات، د. أحمد بشير، إياد محمود حسين ، كريم السليتي، د - مصطفى فهمي، فهمي شراب، محمود فاروق سيد شعبان، أنس الشابي، العادل السمعلي، رشيد السيد أحمد، محمد شمام ، سفيان عبد الكافي، ياسين أحمد، سلوى المغربي، أشرف إبراهيم حجاج، د - عادل رضا، حميدة الطيلوش، أبو سمية، صفاء العربي، علي عبد العال، د. ضرغام عبد الله الدباغ، صباح الموسوي ، تونسي، د- هاني ابوالفتوح، رافد العزاوي، عبد الرزاق قيراط ، مجدى داود، سليمان أحمد أبو ستة، محمود طرشوبي، رمضان حينوني، محمود سلطان، رافع القارصي، سلام الشماع، د. طارق عبد الحليم، المولدي الفرجاني، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، إسراء أبو رمان، سامح لطف الله، عراق المطيري، طلال قسومي، صفاء العراقي، د - المنجي الكعبي،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة