البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

أُكرانيا و مصر و نفاق الغرب

كاتب المقال فتحي الزغل - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 4129


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


تابعتُ مثل عديد المحلّلين و الملاحظين إرهاصات الثّورة أو الانتفاضة الأُكرانيّة، و تطوّرات أحداثها منذ بداياتها الأولى في اعتصامات العاصمة "كياف"، إلى انتصار الثّوار أو المحتجّين على الحكومة و الرّئيس المحسوبِين على روسيا، بخلعهم و استبدالهم برئيس مؤقّت و حكومة مؤقّتة محسوبة حتما على أوروبّا و الولايات المتّحدة الأميركيّة، إلى التّدخّل العسكري المباشر لروسيا في جزء من هذا البلد المقسوم و أقصد جزيرة "القرم". الجزيرة التي كان القياصرة قد افتكّوها من العثمانيين في زمنٍ ولّى. إلاّ أنّ متابعتي للأحداث في ذلك البلد البارد لم تكن متابعة كرونولوجيّة لحظيّة لأحداث تناقلتها وكالات الأنباء، بقدر ما كانت متابعة لمقابلة كسر عظمٍ و تحويل وجهة بين القوّتين السّياسيتين الّتي ذكرت في ذاك البلد. و رؤيةٍ استرتاتيجيّة من فوق لحدثٍ أراه بكُلّيّته بدون تفصيلاتٍ، أرى به واقع أُمّتنا المرير، و لعب الدّهاة بها كلّ يومٍ.

و أيّا كان المنتصر في تلك المقابلة أو تلك المعركة، فقد بدا لي أنّ العالم عند انتصار الانتفاضة في أوكرانيا لم يستقم عوده بعدُ، بل سوف لن يستقِم في منظور العقود العديدة القادمة. و أستطيع أن أجزم بأنّ الظّلم بصدد ربح المجال في التّاريخ كما في الجغرافيا في هذا العصر، و أنّ الحقّ أو العدل بين الأمم لا وجود له سوى في ما يتمنّاه فكري و يخطّه قلمي... فقد لا يختلف اثنان في أنّ ما جرى في أكرانيا قد حدث فعلا في مصر، من حيث الإطاحة برئيس الجمهوريّة القادم إلى منصبه بانتخابات نزيهة بقطع النّظر عن مشروع ذلك الرّئيس الذي اصطبغ بفكر إسلامي في مصر و بهوى روسي في أكرانيا. إلاّ أنّ تعامل الغرب مع فعل الإطاحة بالرّئيس كان متناقضا مع مبادئه الّتي يتشدّق بها في المنابر الدّولية في كلّ مناسبة. فكلا الرّجلين يمثّلان تيّارا قد فاز بانتخابات شعبيّة لا يمكن القدح فيها، إلاّ أنّ كلا الرّجلين ليسا في صفّه فكرا و ممارسةً. فكان أن انتصر الغرب للدّعوات و التّحركات المعارضة لهما، في تجلٍّ واضحٍ لنفاق اتّسم به موقفه من الأحداث في البلدين.

فأكرانيا قد انتُزِعت - في نظري - من الحاضنة الرّوسية إلى الحاضنة الأمريكيّة ، و مصر قد رجعت للحاضنة الأمريكيّة من الحاضنة الشّعبية العربّية الإسلاميّة. و في كلتا الحالتين هناك مصلحة و ربح للغرب "الدّيمقراطي’"، و خسارة لمن يخالفهم و لو اختلفوا.

فأيًّا كانت النّتيجة في الحالتين فالولايات المتّحدة الأميركيّة رابحة للجولة الّتي لُعبت لحدّ السّاعة، رغم التّدخّل العسكري الروسي الأخيرفي "القرم" بأكرانيا، و رغم بقاء الانقلابيين في السلطة إلى اليوم في مصر. إلاّ أنّي و مع ذلك و في نظرة استشرافيّة بعيدةٍ أراها ستخسر الحرب لا محالة... الحرب الّتي تتجلّى كلّ يوم في شعور الشّعوب شيئا فشيئا بالغُبن و بالظّلم من تصرّفات الرّجل الغربي، و سياساته الّتي ليس فيها مبادئ، بل مصالح يطبعها تفقير و تجهيل لغيره من الشعوب، يُغلّفُ في بعض الفصول - و في دهاء لافت - بمال في شكل قرضٍ، أو علمٍ في شكل إعانةٍ لمدرسة أو لجامعة، أو حنانٍ و شفقةٍ زائدين على الحدّ في شكلِ موقفٍ لا يخدُمُ في الحقيقة إلّا سطوتَه.

و فكرة العدل الّتي لم أنفكّ أنادي بها، و أنظِّرُ لها - عبثيًّا - في العلاقات الدّولية، بالطّريقة التي تُعرف عليها بالضّبط في العلاقات الإنسانية بين الأفراد، و كما تحدّدت بالضّبط في الدّيانات السّماوية، لا يمكن أن تعمّ بين الشّعوب إذا لم تطالب هي بها و تعمل على تحقيقها، و لو في مستوًى ثنائيٍّ أو ثلاثيٍّ أو إقليميٍّ، لتجد لها بعد ذلك حتمًا صدًى في أرجاء العالم. لأنّ غياب العدل أدَّى لما نحن عليه اليوم في عالمنا من غبن وفقر و جهل و غطرسة.

و عليه فإنّ الأحرى بنا تجسيم هذه الفكرة بين بعضنا البعض، و نحن نسلّط الضّوء على نفاق الغرب و ازدواجيّة معاييره تجاه دولنا و منطقتنا، و بين باقي دول العالم. لأنّ هذا الغرب خاصّةً و منظومته عامّةً، لم يخلّف وراءه منذ تولّيه قياده العالم في الخمسمائة سنة الماضية، سوى القتل و الهرج و المرج و الفقر و المجاعات و الحرب و النّزاعات و السّرقة و النّهب. و ما الضحايا الذين سقطوا و سيسقطون في مصر و في أكرانيا، إلّا أرقامًا أُضيفت و ستُضاف إلى أعداد الضحايا و المظلومين الذين يتزايد عددهم كلّ يومٍ بسبب سياساته الأنانيّة الظالمة.

و ما أكرانيا و مصر، إلا صورتان اثنتان لنفس المشهد، و لنفس الأحداث، و لنفس البعد منها... إلا أن عنوان الأولى تخلّصنا من الرئيس و من مشروعه الروسي، و عنوان الثانية تخلصنا من الرئيس و من مشروعه الإسلامي.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

أكرانيا، الثورة الشعبية بأكرانيا، الثورات العربية، مصر، الإنقلاب على مرسي،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 4-03-2014  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  إنذارات بمجتمع يهوي
  أنا اللّص الذي عنه تبحثون
  قراءة في المشهد الانتخابي البرلماني التونسي بعد غلق باب التّرشّحات
  السّياسةُ في الإسلام
  ماذا يقع في "وينيزويلّا"؟ حسابات الشّارع وموازين الخارج
   بعد تفجير شارع بورقيبة ... ألو... القائد الأعلى للقوات المسلّحة؟
  إلى متى تنفرد الإدارة في صفاقس بتأويل خاصّ لقوانين البلاد 2؟
  "التوافق" في تونس بين ربح الحزب وخسارة الثورة
  "ترامب"... رحمة من الله على المسلمين
  حكاية من الغابة... حكاية اللئيم و الحمير
  بقرة ينزف ضرعـــها دما
  تعليقا على مؤتمر النهضة... رضي الشيخان ولم يرض الثّائر
  بعد مائة يوم على الحكومة... إلى أين نحن سائرون؟
  الغرب و الشّرق و "داعش" و "شارلي"
  "الإرهاب و مسألة الظّلم" ج3
  "الإرهاب و مسألة الظّلم" ج2
  "الإرهاب و مسألة الظّلم" ج1
  كيف تختار الرّئيس القادم؟
  قراءة في الانتخابات البرلمانية التونسية
  سكوتلاندا لا تنفصل... درس في المصلحيّة
  قراءة في النّسيج الانتخابي التّونسي
  "أردوغان" رئيسا لتركيا... تعازي غلبت التهاني
  "غزّة" و الإسلاميّون
  الانتخابات الفضيحة
  أُكرانيا و مصر و نفاق الغرب
  رئيسٌ آخر و حكومة جديدة.... قراءة في ما بعد الحدث
  بيان بخصوص رفض الأطبّاء العمل في المناطق الدّاخليّة
  بيان بخصوص إضراب القضاة
  سلطتنا التّنفيذيّة وعلامات الاستفهام
  سلطتنا القضائيّة و علامات الاستفهام

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د- جابر قميحة، خبَّاب بن مروان الحمد، الهادي المثلوثي، فتحي العابد، أنس الشابي، حاتم الصولي، سامح لطف الله، حميدة الطيلوش، د- محمود علي عريقات، خالد الجاف ، صفاء العراقي، صالح النعامي ، رافد العزاوي، فتحـي قاره بيبـان، مصطفى منيغ، د - محمد بنيعيش، ضحى عبد الرحمن، صفاء العربي، رضا الدبّابي، أشرف إبراهيم حجاج، رشيد السيد أحمد، محمد العيادي، عبد الله زيدان، محمود فاروق سيد شعبان، عواطف منصور، طارق خفاجي، مراد قميزة، المولدي اليوسفي، بيلسان قيصر، د - شاكر الحوكي ، سلام الشماع، أ.د. مصطفى رجب، حسن الطرابلسي، تونسي، د - مصطفى فهمي، د - صالح المازقي، أحمد بوادي، إسراء أبو رمان، أحمد النعيمي، صلاح المختار، العادل السمعلي، سامر أبو رمان ، أبو سمية، د - محمد بن موسى الشريف ، د- هاني ابوالفتوح، كريم السليتي، د. مصطفى يوسف اللداوي، د. خالد الطراولي ، محرر "بوابتي"، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د. طارق عبد الحليم، محمد أحمد عزوز، إيمى الأشقر، سليمان أحمد أبو ستة، د. عادل محمد عايش الأسطل، حسن عثمان، المولدي الفرجاني، منجي باكير، عراق المطيري، إياد محمود حسين ، عبد الرزاق قيراط ، د. صلاح عودة الله ، د. أحمد بشير، د. أحمد محمد سليمان، كريم فارق، د- محمد رحال، محمد عمر غرس الله، رمضان حينوني، الناصر الرقيق، محمد اسعد بيوض التميمي، رحاب اسعد بيوض التميمي، ياسين أحمد، عبد الغني مزوز، د - الضاوي خوالدية، نادية سعد، د. ضرغام عبد الله الدباغ، الهيثم زعفان، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، أحمد ملحم، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، صلاح الحريري، سيد السباعي، علي الكاش، أحمد الحباسي، طلال قسومي، محمود طرشوبي، محمد الطرابلسي، عزيز العرباوي، يحيي البوليني، د - عادل رضا، فوزي مسعود ، محمد الياسين، فتحي الزغل، محمود سلطان، حسني إبراهيم عبد العظيم، عمر غازي، عبد الله الفقير، مصطفي زهران، محمد علي العقربي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، فهمي شراب، محمد شمام ، سعود السبعاني، يزيد بن الحسين، صباح الموسوي ، سلوى المغربي، علي عبد العال، رافع القارصي، ماهر عدنان قنديل، د - المنجي الكعبي، مجدى داود، وائل بنجدو، د. عبد الآله المالكي، جاسم الرصيف، د.محمد فتحي عبد العال، عبد العزيز كحيل، عمار غيلوفي، سفيان عبد الكافي، محمد يحي،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة