إلى متى تنفرد الإدارة في صفاقس بتأويل خاصّ لقوانين البلاد 2؟
فتحي الزغل - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 3295
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
كنت نشرت مقالة منذ سنوات قليلة تحت نفس عنوان هذه، تساءلت فيها نفس السؤال الذي أطرحه الآن وكان ساعتها عن اختلاف في تطبيق القوانين الرسميّة لبلادنا بين صفاقس وغيرها من الولايات، وذلك في مصالح وزارة النقل الجهويّة فيها، في تجلٍّ واضح لاختلاف في التأويل بين القائمين عليها في هذه الجهة وغيرهم في كل الجهات دون استثناء ممّا طرح سؤالا وليدا ساعتها انفطر من السؤال الثاني وهو هل في الأمر "زيادة في العلم" أو "فرط في المعرفة" أو قدرة خارقة في التأويل" أو هو "الإفراط في البيروقراطيّة الإداريّة" التي يسميها البعض من أهل الاختصاص بــ "الإرهاب الإداري" وذلك على شاكلة "الإرهاب الإعلامي" و"الإرهاب السياسي" و "الإرهاب التّربوي" ... ولعلّهم يعتمدون على فكرة أنّ كلّ فعل يخلّف الظلم والإحباط والنّقمة هو من قبيل الإرهاب. وهم في ذلك يقاربون الحقّ...
أمّا في حال هذا المقام فأورد نفس التساؤل بعد أن أشيع هذه الأيّام ما مفاده نفس التّصرّف لكن هذه المرّة من المصالح الجهوية لوزارة إقرار الحقّ وزهق الباطل وأقصد وزارة الشؤون الدّينيّة. فقد جاء على لسان بعض ذوي العلاقة الإداريّة بهذه المصالح الأبيّة أنّها نظّمت امتحانا لانتداب أئمّة – كما ينصّ القانون – وطلبت لذلك وثائق من المترشّحين يخال المطّلع عليها وعلى عددها أنّهم يطلبون رائد فضاء تتوفّر فيه كلّ الشروط وليس كمثله شخص على وجه البسيطة من الأحياء، في إجراء لعلّ اللّوم عليه هنا على المركز لا على الجهة.
لكن ممّا يمكن تصنيفه ضمن البيروقراطيّة، هو تلك الشهادة التي طلبتها تلك المصالح من المترشّحين تثبت أنّهم يحفظون خمسة أحزاب من كتاب الله العزيز، وأن تكون صادرة من جمعية مخصّصة منهم هم بالإسم وبالإمضاء، وهذا في حدّ ذاته إجراء قيل أنّه غير دستوري إذ يتداخل فيه الإداري العمومي مع الإداري الخاصّ، بما أنّه يتعارض وبقاء الإدارة على نفس المسافة من كلّ المتدخّلين من ذوي الصّفة المدنيّة.
وقد يبدو هذا فيه جانب من الصواب خاصّة إذا علمنا اسم الجمعيّة وقيمتها وسمعتها في المدينة حيث أنّها خرّجت الآلاف من الحفظة ونظمت آلاف الفعاليّات في اختصاصها... لكن ما يجانب الصّواب بلا شكّ هو إقدام القائمين على الامتحان على إعادة عرض ما قرّرت الشهادة أنّه محفوظ في صدر المترشّح، بدعوى أنّ للإدارة "الحقّ المطلق" في إجراء كهذا، وهنا عين البيروقراطية.
فإذا كنتِ يا إدارة طلبت عونا من تلك الجمعية – وفي ذلك كلام – فذاك دليل على ثقتك فيها، وإن كنتِ تراجعين ما قرّرته تلك الجمعيّة – بدعوى أنّ الشّهادة قد تباع وتشترى كما يقال مثلا – فذاك دليل على ضربك لتلك الثّقة التي وضعتها فيها وفي عملها.
وأين تضع الأخت "إدارة" نفسها من هذا السؤال فهي مسؤولة أمام الله وأمام المنطق وأمام القانون. فهل نحن في مسار تطوير الأداء الإداري كما يقولون في إعلامنا الرّسميّ الرّكيك، أم نحن في مسار يعيق العمل و الحرّيّة؟... ولماذا تكون نكبتنا في بعض القائمين على مصالحنا الإداريّة؟... ومتى يعلم هؤلاء أنّهم كلّما بسّطوا إجراءا كلّما رفعهم الله درجة؟... ومتى يتعلّم بعضنا من غيرنا من الدّول الرّائدة في الإدارة - وهي نفسها دول وجهة "الحرّاقة" - أنّ جنّتهم وزكاة تنميتهم لم تكن لتأتي عبثا، إنّما جاءت من ... "إدارة تحب لغيرها ما تحبّه لنفسها".
أبو محمّد
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: