البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات
   عام حطّة

الذين اشتروا الترام؟!

كاتب المقال سليم عزوز   
 المشاهدات: 280



عندما بدأ التخطيط للانقلاب العسكري على الرئيس المدني المنتخب محمد مرسي، كان هناك مخطط الشيطنة عبر وسائل الإعلام، وذهب القوم بعيدا عندما نشروا وأذاعوا أن الحكم الإخواني باع مثلث ماسبيرو لدولة قطر!

ولأننا كنا أمام رعونة مكشوفة، فقد قالوا إن من باع هذه المنطقة من تراب الوطن هو المهندس خيرت الشاطر، وأنه تقاضى ثمن الأرض، مع وعد بتسليمها بعد سنوات من توقيع العقد!

يومئذ استمر الإخوان، حكما وتنظيما، في حالة تجاهل الرد على هذه الادعاءات، وهو حق يكفله القانون منذ أن عرفت مصر قوانين النشر، ويرتب القانون عقوبة على عدم الرد، كما أنه يكفل محاكمة هؤلاء بتهمة نشر أخبار كاذبة، وهو الاتهام الذي يستخدم "عمال على بطال" في السنوات العشر الأخيرة!

والحال كذلك، فقد أخذت على عاتقي تفنيد هذه الدعاية السوداء، فإذا كان المتحدث مجنونا فليكن المستمع عاقلا؛ فما هي صفة خيرت الشاطر ليبيع مثلث ماسبيرو؟ وإذا كان قد انتزع صفته بذراعه، فما الذي يدفع القطريين للشراء من غير مختص، ولا يطلبون في الحال الأرض التي دفعوا ثمنها عدا ونقدا؟ بيد أننا كنا في "مولد وصاحبه غائب"!

وكان حديث البيع هنا يستهدف الرئيس محمد مرسي في مقتل؛ وذلك لحساسية المصريين تجاه عملية بيع الأرض، والتفريط في أصول البلد، ومن هناك كان تأليف عملية البيع التي من شأنها أن تضر بسمعة الرئيس، كما تضر بسمعة جماعته، ناهيك عن الإضرار بالدولة القطرية، التي تستغل علاقتها بالرئيس وحاجة مصر للأموال في شراء الأراضي المصرية، لا تنسى أن الإمارات كانت تقف غير بعيد من الأمر، ومن مطار القاهرة كانت الوفود لا تتوقف من السفر إلى هناك، ممن كانوا يغدون خماصا ويعودون بطانا!

ولم يكن يخفى على أحد أن حديث بيع أراض مصرية لكائن من كان، إنما يمثل ضربة مميتة لمن يوجه إليه الاتهام، وحساسية المصريين من تملك الأجانب للعقارات في مصر لا تزال مستقرة في النفوس، وإن خفّت حدتها، لأن القانون الذي أباح ذلك لم تتم إساءة استخدامه، فقد تعامل مع الضرورة بقدرها، وإذا كان هناك من تملكوا الوحدات السكنية، فهم من القادمين من العراق، وسوريا، وإذا كانت هناك شركات مشتركة تم تخصيص أراض لها للزراعة، فلم يصل الأمر إلى مستوى الهيمنة والاستحواذ الذي يُمنح للإمارات، تسديدا لفاتورة لا ناقة للمصريين فيها ولا جمل!

الغاوي ينقط بطاقيته:

فالإمارات، ومع بالغ احترامي للجميع، هي من وقفت وراء الانقلاب العسكري، ومن ثم ما كان يجوز أن تكون وقفتها معه وتمويلها لأنشطته، من قصور وجسور ونحو ذلك، دينا على المصريين يُسترد، فالغاوي ينقط بطاقيته. وقد رأوا في تمكين المصريين من اختيار حاكمهم ومساءلته خطرا عليهم، لا سيما وأن هناك تهديدا من تصدير الثورة إلى الخليج، الأمر الذي كان يُقلق دول مجلس التعاون الخليجي، نفس القلق الذي عاشته عواصم عربية أخرى، عدا قطر والكويت!

بيد أن الإمارات تعاملت مع ما دفع على أنها ديون، وعدم قدرة السلطة على تسديدها على أنها فرصة، ليمكنها أن تستحوذ على الكثير من مقدرات مصر، وفي صفقات الغاطس فيها أكثر من الظاهر، لا سيما مع قبول السلطة القائمة بالحرام الوطني، ومصدر حساسية المصريين.

ويحتوي أرشيفي الصحفي على تحقيق، في بداية عملي بالصحافة ونُشر في عام 1988، عن السماح للأجانب بتملك العقارات في مصر، وكانت الحكومة في ذلك الوقت تفكر بين الحين والآخر بصوت مسموع في إقرار تشريع يبيح ذلك، وفي كل مرة فإن المعارضة في البرلمان وصحافتها تقف ضد هذا الاتجاه!

والثقافة الشعبية المصرية ترى في بيع التراب الوطني جريمة، ولو للاستثمار، وعبّر عنها المسلسل الإذاعي القديم "عواد باع أرضه"، حتى صار كل بائع للأرض هو "عواد" الذي يستحق زفّة كتلك التي جرت لعواد في المسلسل من الصِبية وهم يهتفون "عواد باع أرضه"!

مكالمة خيري رمضان:

ومن الواضح أن أهل الحكم يدركون حساسية الموقف، لذا فقد بدأ التمهيد لصفقة رأس الحكمة، وكانت البداية من خلال تسريب لمكالمة هاتفية بين خيري رمضان والاقتصادي هاني توفيق، حيث أخبر خيري هاني بأن مسؤولا كبيرا، هو الرجل الثاني في مصر، أخبره بأن هناك صفقة استثمارية كبيرة ستدر على مصر 35 مليار دولار في الحال، ستكون سببا في تعويمها!

عندئذ قلت إن أول الرقص حنجلة، وأن هذا التسريب ليس تسريبا بالمعنى المتعارف عليه، فقد كانت مكالمة مفتعلة، بدا فيها خيري رمضان فنانا يفتقد للموهبة، فهل يعتقد فعلا أن الهواتف ليست تحت المراقبة في مصر؟ ثم ما هي الصفة لهاني توفيق التي تجعل خيري رمضان حريصا على أن ينقل لمسامعه مثل هذا المشروع؟!

ولأنها مكالمة جس نبض للرأي العام المصري، فإنهم أطلقوا لجانهم الالكترونية لترد على من يكتبون عن هذه المكالمة بأنهم إخوان فبركوا هذا الكلام، ليسيئوا للدولة المصرية، قبل أن تمهد للصفقة بعض الأبواق الإعلامية المعتمدة!

ثم كان التمهيد من خلال التبشير بعاجل، عن بيان لرئيس الحكومة بعد قليل، ليستمر "القليل" هذا لساعتين بعدها ظهر رئيس الحكومة ليتحدث عن صفقة استثمارية كبرى سيتم توقيعها في الغد، دون أن يحدد ملامحها، أو يذكر تفاصيل عنها، لأنهم هنا دخلوا في مجال "التشويق"، باعتبارهم يصنعون قواعد المجد!

وفي اليوم التالي كان الإعلان عن الصفقة فإذا هي تمكين شركة إماراتية تحمل اسم رأس الحكمة، ومنحها أراضي في موقع استراتيجي ومن أفضل المواقع، لإقامة مشروعات ضخمة، بدون تفاصيل كافية، وبدون نشر بنود الاتفاق على الرأي العام، فقط ردود مقتضبة على القول ببيع الأرض بأنها ليست بيعا، إذا ماذا؟ حق انتقاع؟ لا رد ولا صد؟!

فنحن في دوامة كلام يفتقد للدقة العلمية، عن أن هذه المشروعات ستضمن فتح مجالات لعمل آلاف المصريين، والبعض قال ملايين المصريين، وأن المشروع سيدر عائدا كبيرا على مصر، دون أن نعرف تحديدا كم ألفا، أو كم مليونا، من فرص العمل التي سيوفرها المشروع، وكم هي الأرباح المتوقعة على وجه الدقة بعيدا عن لغة سيدر عائدا بالملايين؟! فهل هناك دراسات جدوى، أم أنها لم توضع بعد؟!

مولد وصاحبه غائب:

والذي يجعل قبيلة من الفئران تلعب في صدورنا، أن الأبواق الإعلامية كانت مستعدة لتحويل الأمر إلى مولود، وبأنه انتصار لمصر، وها هو الذهب، والدولار، والدينار الكويتي، ينخفض بمجرد التوقيع، وها هو الاقتصاد المصري ينتعش، وها هم القوم وقد أحرزوا هدفا بعد هدف ظهور حقول الغاز، وانتهى الحال إلى قطع التيار الكهربائي لساعتين في اليوم، بعد الإعلان المبكر في 2018 بأنهم حققوا الاكتفاء الذاتي منه، مع التذكير مسكونا بالتحقير: هل نسيتم الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي فيما مضى (يقصدون عام الرئيس محمد مرسي)؟!

لدى القوم سوابق لا تبعث على الثقة، ومن أول المؤتمر الاقتصادي الذي قالوا إنه نجح في ضخ المليارات في الاقتصاد الوطني، وأن مشروع تفريعة قناة السويس الجديدة سيكون سببا في ارتفاع عائدات القناة إلى 100 مليار دولار، وأن القناة الجديدة سددت ما أُنفق عليها، لنكتشف أننا أمام عمليات احتيال كبيرة تقوم بها سلطة مسؤولة للأسف!

ومن جديد يبدأ التبشير بالرخاء، عن طريق حديث الذهب والدولار (غير المتواجد في السوق)، دون أن يمتد التأثير إلى السلع الغذائية، وإلى البيضة، والبصلة، وكيلو السكر.

كم من الوقت يكفي ليكتشف السذج في بلادي أنهم اشتروا الترام.. أكثر من مرة؟!


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

غزة، فلسطين، إسرائيل، طوفان الأقصى،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 27-02-2024   المصدر: عربي 21

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
عمار غيلوفي، محمد أحمد عزوز، فتحي العابد، محمد العيادي، محمود طرشوبي، صباح الموسوي ، عبد الغني مزوز، أحمد بن عبد المحسن العساف ، مجدى داود، رافع القارصي، إسراء أبو رمان، حميدة الطيلوش، سامح لطف الله، فتحي الزغل، طلال قسومي، يزيد بن الحسين، د. أحمد بشير، عزيز العرباوي، فهمي شراب، حسن عثمان، د - صالح المازقي، تونسي، سفيان عبد الكافي، أشرف إبراهيم حجاج، عواطف منصور، مصطفي زهران، رحاب اسعد بيوض التميمي، منجي باكير، د - شاكر الحوكي ، صفاء العربي، أحمد النعيمي، صالح النعامي ، عبد الله زيدان، إيمى الأشقر، الناصر الرقيق، د - المنجي الكعبي، حسني إبراهيم عبد العظيم، د. طارق عبد الحليم، عبد الرزاق قيراط ، كريم السليتي، محمد الياسين، محمود سلطان، سليمان أحمد أبو ستة، محرر "بوابتي"، د- محمود علي عريقات، المولدي الفرجاني، د- هاني ابوالفتوح، خبَّاب بن مروان الحمد، د - محمد بنيعيش، خالد الجاف ، محمد يحي، عراق المطيري، مراد قميزة، حسن الطرابلسي، سيد السباعي، مصطفى منيغ، العادل السمعلي، رافد العزاوي، حاتم الصولي، سلام الشماع، أحمد بوادي، ماهر عدنان قنديل، رضا الدبّابي، د - مصطفى فهمي، صلاح الحريري، رمضان حينوني، محمد عمر غرس الله، د. عبد الآله المالكي، أحمد ملحم، فوزي مسعود ، سامر أبو رمان ، سعود السبعاني، إياد محمود حسين ، الهادي المثلوثي، ضحى عبد الرحمن، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د - محمد بن موسى الشريف ، عبد الله الفقير، د. مصطفى يوسف اللداوي، د - عادل رضا، د. ضرغام عبد الله الدباغ، صفاء العراقي، أحمد الحباسي، محمد الطرابلسي، سلوى المغربي، د.محمد فتحي عبد العال، محمد اسعد بيوض التميمي، وائل بنجدو، أبو سمية، د. عادل محمد عايش الأسطل، يحيي البوليني، ياسين أحمد، الهيثم زعفان، علي الكاش، صلاح المختار، د. أحمد محمد سليمان، محمود فاروق سيد شعبان، علي عبد العال، د- جابر قميحة، كريم فارق، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د. خالد الطراولي ، د. صلاح عودة الله ، عمر غازي، أنس الشابي، فتحـي قاره بيبـان، رشيد السيد أحمد، محمد شمام ، أ.د. مصطفى رجب، نادية سعد، جاسم الرصيف، د - الضاوي خوالدية، د. كاظم عبد الحسين عباس ، د- محمد رحال،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة