عبد العزيز كحيل - الجزائر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 462
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
لا يوجد عاقل يرفض الرياضة و التسلية لكن الحقيقة ماثلة للعيان لا ينكرها إلا المصر على إنكار الواقع: كرة القدم لم تعد رياضة ولا تسلية ولا حتى لعبة، فقد تحوّلت إلى أفيون جعل الجماهير تائهة تستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير، وصارت مخدرا جعل الناس تحني ظهورها للأنظمة غير الشرعية فتركب وتمدّ لها رقابها فتجرّ...بل يجب أن أقولها صريحة واضحة قاسية: الكرة أصبحت إلهاً يُعبد مع الله أو من دونه...هي مثل الديانات الباطلة تصيب أصحابها بالهستيريا والجنون والسلوكيات العدوانية، فأين ما يسمى "الروح الرياضية" والمباريات كثيرا ما تنتهي بالتكسير والاعتداءات والسلوك الأهوج؟ أين هذه الروح الرياضية في العداوة التي خلقتها الكرة بين الدول (لا تنسوا على سبيل المثال قضية الجزائر ومصر منذ سنوات)، وبين المدن في الدولة الواحدة، بل بين الأحياء في المدينة الواحدة وبين أفراد الأسرة الواحدة (مثل الموك والسياسي في قسنطينة في فترة شبابي)...إنها سياسة أيضا تمارس على مستطيل أخضر، توظف فيها العداوة، فقد رأينا هذا العام كيف شحنوا الناس ضد كل ما هو عربي: الكأس، المنتخب، اللاعب، الشعار...
· الأطفال ضيّعتهم كرة القدم: الكرة أفسدت أطفالنا، أصبحنا كلما دخلنا البيوت وجدنا الأطفال عاكفين إلى درجة الإدمان على مشاهدة الالعاب الرياضية سواء عبر التلفزيون أو الهواتف المحمولة، وخارج البيت لا يخلو شارع ولا ساحة ولا رصيف من أطفال يقضون اليوم كله وجزءا من الليل في الكرة (رأيت هذا بنفسي)، همّهم تقليد نجوم اللعب، وفي المقابل نعرف ضعفهم المدرسي المهول...إنها فتنة عظيمة شغلت أطفالنا عن الدراسة والمذاكرة، فكيف إذا تزامنت كأس العالم مع فترة الاختبارات المدرسية؟
· قارنوا: لاعب كرة قدم لا يحصل منه نفع لا في الدنيا و لا في الآخرة و لا في الأخلاق و لا في السلوك و لا ينفع لا في العير و لا في النفير، ما يتقاضاه من المال يفوق الخيال، أما الإمام الذي يحمل كتاب الله سبحانه و تعالى و يصلي بالناس التراويح فينتفع الناس به في دينهم و في دنياهم و تتهذب أخلاقهم و تتآلف قلوبهم و ينتفع به المجتمع في تربية الأولاد و استقرار أسرهم يحسدونه على دريهمات يجود بها البعض في رمضان، و يشهرّون به في الجرائد .
· شهادة جزائري مقيم في تركيا: قال أعيش في تركيا التي خسرت مباراة ولم تتأهل للمونديال ولم أسمع لا في الأخبار ولا في القنوات التلفزيونية أي لغط (عدا القنوات الرياضية)، لماذا يا ترى؟ لأنه قبل أسبوع افتتح أطول جسر في العالم يربط آسيا باوروبا، وبعده بأسبوع افتتح مطار جديد في محافظة صغيرة، ولأنه بعد سنة هم لا ينتظرون المونديال، بل ينتظرون خروج أول سيارة تركية 100% والتي ستحدت تحولا كبيرا في تاريخ الصناعة العالمية، وينتظرون بعد سنة إستخراج مخزونهم من الغاز شرق المتوسط .
· ما رأيكم؟: ألسنا نخاطب مجتمعا يعيش في غيبوبة، لا يهمه شيء مما ذكرت؟ شعب يقيم الدنيا من أجل الكرة و لايشغل باله إلا الفريق الوطني، اذا ربح كأنه حقق انجازا عظيما، وإذا خسر كأنها نهاية الدنيا، وليس هناك "وطنية" إلا إذا تعلق الامر بالكرة !!! وكثير من الأطراف تستثمر في هذا الاستحمارلأن لها مصلحة في ذلك.
واستقر تأليه الكرة في النفوس إلى درجة أن فقيرا يسكن مستودعا (قاراج) يتأسف ويبكي لأن المنتخب لم يتأهل، و بالتالي اللاعب الفلاني لم يأخذ ملياريْن من أموال الدولة !!! أمة تهتز – كما قال الشيخ محمد الغزالي – لهزيمة رياضية ولا تهتز لها شعرة لهزائمها السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
مسلم يصيبه حزن عميق وغمّ كبير بسبب عدم التأهل لكأس العالم لكنه لا يحرك ساكنا لضياع وقت الصلاة وقراءة القرآن، ولو حدث العكس لكنا سادة العالم لأن الصلاة والقرآن يجعلان منا أمة حية نشطة مبدعة متألقة في شؤون الدنيا والآخرة...ومن أجل تخدير أكبر كان هناك من تمنى استغلال ارتفاع أسعار البترول لشراء التأهل للمونديال قبل القمح الدواء والزيت...في هذا السياق لم نجد الشعب يطالب بإعادة النظر في المناهج التي خربت تعليم أبنائه لكنه يستميت في المطالبة بإعادة مباراة التأهيل التي لا تسمن ولا تغني من جوع، حتى الفوز فيها يعدّ من النجاحات السطحية المؤقتة...فمتى نسترجع الوعي؟ حدث لنا ما حدث للطالب الذي رسب في جميع المواد الرئيسية، لماذا يحزن على رسوبة في مادة الرياضة أو الرسم؟ شعبٌ سُرقت ثورته، وصودرت إرادته، وانهزم في كل المعارك الاخلاقية والاجتماعية والاقتصادية، وعندما خاننا الحظ في لعبة التفاهة ومعارك الالهاء قامت دنياه ولم تقعد، ألا يعلم أن الجزائر تخصص %0,07من الميزانية للبحث العلمي في حين يخصص له الكيان الصهيوني 4%؟
· أخطر من شرك القبور: يا من تخافون على العقيدة أن تنحرف هناك أمام أعينكم ما هو اخطر بكثير من الطواف بالقبور...ألم تروا ما فعل العجل الذي صنعه سامري الزمان بالمسلمين؟ ألم تروا كيف تخرّ له قلوبهم راكعة ساجدة؟ ألم تروا كيف يترك – من أجله – المتدينون دينهم والمثقفون ثقافتهم والعمال عملهم والنساء بيوتهن؟ لا أحد يعصي له أمرا، لا أحد يصبر على بريقه، لا أحد يجرؤ أن يقول له لا... إنه المسيح الدجال، كل شئ يهون لمرضاته، من أجله تُبذل الأموال الطائلة (التي يحلم بعُشَرها العلماء وكبار الأطباء، والدعاة...) من أجله تستعر النزاعات وتشتعل العداوات، مع هذا لا يتركه أحد، ولا يملّ من عبادته أحد...هو في العقول والقلوب قبل الصلاة والحج والعمل للدنيا والآخرة.
لقد أصبحت كرة القدم بؤرة جاهلية ومصدرا لتخدير المسلمين وصرفهم عن معالي الأمور، كثير منهم اتخذها إلها يوالي فيه أعداء الإسلام ويعادي فيه إخوته...والمحزن أن تجد بعضا من المشايخ يتفاعلون معها كأنها نصر للأمة وفتح مبين؛ ومن يستنكر ذلك يسخرون منه كالسكران يرى من ليس مثله مضحكا!
لكن كل ما سبق لا يمنع من الافتخار باحتضان قطر لبطولة العالم، فهذا شرف للعرب والمسلمين، خاصة في ظل عدم تساهل الدولة مع تسويق العولمة للانحرافات الأخلاقية، وتمسكها المعلن بخصائصها وتقاليدها، واستغلال فرصة الألعاب للدعوة إلى الله بطريقة ذكية... شعارنا: أنا_عربي_وأدعم_قطر.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: