بعد خدمته في الجيش الإسرائيلي.. كيف أصبح إيلان بابيه داعمًا للفلسطينيين؟
محمد حسين الشيخ المشاهدات: 368
“الصهيونية أخطر بكثير على الشرق الأوسط من الإسلام السياسي”، هكذا يلخص إيلان بابيه (Ilan Pappé)، المؤرّخ وعالم السياسة اليهودي الإسرائيلي، والمجنّد السابق في الجيش الإسرائيلي موقفه من الصهيونية، خاصةً بعد ما تقوم به “إسرائيل” خلال حربها الحاليّة في قطاع غزة، إذ يصف بابيه انتهاكاتها بـ “الإبادة الجماعية” و”التطهير العرقي”، كما يرى أن حماس “حركة تحررية”، مطالبًا بإلغاء “دولة إسرائيل” والقضاء على الصهيونية، مع السماح لليهود وأصحاب أي معتقد بالعيش في فلسطين سويةً في دولة مدنية ديمقراطية.
هذا الصوت الأكاديمي الإسرائيلي المناصر للقضية الفلسطينية، له سلسلة من المؤلفات حول الصراع العربي الإسرائيلي كلها داعمة للعرب، وفي قلبها فلسطين، فكيف صار بابيه معارضًا شرسًا للصهيونية؟ وما أهم أفكاره ومواقفه الداعمة للقضية الفلسطينية، خاصةً بعد عملية “طوفان الأقصى”؟
كان مجنّدًا إسرائيليًا ثم صار مناصرًا للعرب
ولد بابيه في حيفا في 7 نوفمبر/ تشرين الثاني 1954، لأبوين يهوديَّين من أصل ألماني، كانا قد فرّا خلال فترة الثلاثينيات من الحكم النازي في ألمانيا، واستوطنا فلسطين العربية الانتدابية، قبل قيام “إسرائيل”.
اُستدعي بابيه للتجنيد في الجيش الإسرائيلي وهو في سن الـ 18، فخاض حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973 على جبهة الجولان السورية، لكن بعد ذلك وأثناء دراسته في قسم تاريخ الشرق الأوسط بالجامعة العبرية، بدأ يتعرف وينفتح على مأساة الفلسطينيين، فحبّه للتاريخ وقراءته هما اللذين فتحا له الباب لرؤية المأساة الفلسطينية، وهنا قرر ألّا يكمل دراسته للتاريخ داخل “إسرائيل”، لأنها صارت هي نفسها الموضوع الذي يريد دراسته وفهمه، بعيدًا عن الدعاية الصهيونية.
وجد بابيه أن دراسته للتاريخ بحرّية وأمانة لن تتحقق داخل “إسرائيل”، لذلك قرر بعد تخرجه من الجامعة العبرية عام 1978 أن يكمل دراساته العليا في بيئة أكثر تحررًا، فاتّجه إلى جامعة أكسفورد في بريطانيا، والتي حصل منها على الدكتوراه في التاريخ.
كان أستاذه والمشرف على رسالة الدكتوراه هو المؤرخ الإنجليزي، اللبناني الأصل، ألبرت حبيب حوراني، المتخصص في تاريخ الشرق الأوسط، وكان ذلك ربما داعمًا له ليرى الصورة من زاوية أكثر اتّساعًا من الزاوية الصهيونية الضيقة.
تناولت رسالته دور بريطانيا في الصراع العربي الإسرائيلي، لا سيما في الفترة التي أعقبت تأسيس “إسرائيل” مباشرة، وكانت الرسالة هي الكتاب الأول الذي ينشر له تحت عنوان “بريطانيا والصراع العربي الإسرائيلي (Britain and the Arab-Israeli Conflict)”.
يصف بابيه دراسته في أكسفورد برحلته “إلى الحافة، إلى الجانب الآخر من التاريخ”، بعد أن استوثق من الحقائق التي قامت عليها “إسرائيل”، وعرف حقيقة الدروس أو الرواية التاريخية التي لقّنوه إياها في “إسرائيل”.
عاد الأكاديمي الحاصل على الدكتوراه في التاريخ إلى “إسرائيل” عام 1984، وعمل محاضرًا للتاريخ بجامعة حيفا، وكلما تحدّث أو كتب صار غريبًا عن البيئة الأكاديمية والسياسية الإسرائيلية، خاصة بعد أن انضمَّ إلى حزب حداش الشيوعي المناهض للصهيونية، الذي يشكّل عرب 48 جزءًا كبيرًا منه، وترشّح لعضوية الكنيست لكنه خسر في الانتخابات عام 1996.
في عام 1998 نظّم فعاليات داخل حرم جامعة حيفا لإحياء يوم النكبة، الأمر الذي نقل العداء بينه وبين هيئة التدريس بجامعة حيفا إلى مرحلة أعلى، حيث طالبه رئيس الجامعة بتقديم استقالته، وتلاحقت هذه التضييقات بفقدان بابيه أصدقاءه بل الكثير من أقاربه، خاصة بعد صدور كتابه “تاريخ فلسطين الحديثة: أرض واحدة وشعبان (A History of Modern Palestine: One Land, Two Peoples)”.
الكتاب يتناول بوضوح رؤيته حول الصراع، والتي تتجسّد في أنه لا يؤمن بحلّ الدولتَين (فلسطين و”إسرائيل”) بل بفلسطين فقط، بشرط أن تكون دولة علمانية غير دينية ولا قومية، يعيش فيها العرب والعبريون، اليهود والمسلمون والمسيحيون في سلام، وكتب إهداءً على كتابه: “أتمنى أن يعيش أبنائي ليس فقط في فلسطين الحديثة بل في فلسطين المسالمة”.
وفي عام 2005 أيّد بابيه قرار اتحاد الأكاديميين البريطانيين بمقاطعة جامعتَي حيفا وبار إيلان الإسرائيليتَين، وقال إن قرار المقاطعة جيّد لأنه يضغط على “إسرائيل” لإنهاء احتلالها للأراضي الفلسطينية، داعيًا إلى مزيد من المقاطعة من كل الدول والأوساط العالمية لبلده، لأنه لا حلّ لإنقاذ الفلسطينيين سوى ذلك.
استمرَّ بابيه في النضال من داخل “إسرائيل” ضد الصهيونية، من خلال كتبه ونشاطاته، حتى عام 2007 حين قرر الرحيل، حيث قال إنه لم يعد لديه ما يفعله في “إسرائيل”، وانتقل منذ وقتها وحتى كتابة هذه السطور إلى العيش في إنكلترا، حيث يعمل أستاذًا في جامعة إكستر، ويدير المركز الأوروبي للدراسات الفلسطينية.
“إسرائيل” والخرافات العشرة
إن جولة في بعض مؤلفات بابيه التي اطّلعنا عليها، بخلاف ما أشرنا إليه أعلى هذه السطور، تعرفنا على أبرز أفكاره التي جعلته يعيش منبوذًا في “إسرائيل”، حتى اضطر إلى الخروج منها، ولعلّ أهمها كتاب “فكرة إسرائيل: تاريخ السلطة والمعرفة (The Idea of Israel: A History of Power and Knowledge)”.
يرى بابيه أن فكرة قيام “دولة إسرائيل” نفسها هي فكرة غير منطقية تتناقض مع الواقع والتاريخ، ويرى أن “إسرائيل” وإن كانت مهيمنة ومسيطرة عسكريًّا، إلا أن الفلسطينيين لهم رواية لا بدَّ أن تروى، وسيسمعها العالم وينصرها يومًا ما، إذ أعرب عن سعادته بما وصفه بالتقدم لدى الرأي العام العالمي، في تصديق الرواية الفلسطينية وتكذيب “إسرائيل”، في زمن تتقدم فيه وسائل الإعلام والمعرفة، ويصعب على أي دولة أن تعتّم على الحقيقة في ظلها.
يسخر كذلك بابيه من الادّعاءات الإسرائيلية بأن فلسطين هي بالأساس جزء من أوروبا، وأن تاريخها هو التاريخ اليهودي، مشيرًا إلى أن هذه الأكاذيب والأوهام موجودة في المطبوعات الرسمية الإسرائيلية، ويحاولون بيعها إلى العالم وإلى اليهود قبل العالم، وترويج ذلك كسلعة تبحث عن زبائن.
وتوصّل بابيه إلى أن “إسرائيل” لديها 10 خرافات أساسية، تناولها في كتابه “عشر خرافات عن إسرائيل (Ten Myths About Israel)”، يناقش بشكل مركّز ومختصر يشبه الكتابة الصحفية، لكن بأسلوب بحثي وتوثيق معلوماتي أكاديمي، 10 أفكار شائعة حول “إسرائيل” في العالم اعتبرها بابيه خرافات وأكاذيب، وقدم رؤيته وتحليله لكل خرافة منها.
والأفكار هي: فلسطين كانت أرضًا خالية وجاء اليهود ليعمروها؛ اليهود كانوا شعبًا بلا أرض أو وطن، فعادوا إلى وطنهم الأصلي في الشرق الأوسط؛ الصهيونية هي اليهودية؛ الصهيونية ليست حركة استعمارية؛ الفلسطينيون غادروا وطنهم من تلقاء أنفسهم عام 1948؛ حرب يونيو/ حزيران 1967 كان لا بدَّ منها واضطرت إليها “إسرائيل”؛ “إسرائيل” هي الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط؛ “إسرائيل” أرادت السلام في أوسلو وذهبت إليه لكن الفلسطينيين أفسدوه؛ خرافات حول قطاع غزة ضمنها أن حركة حماس إرهابية؛ حل الدولتَين هو السبيل الوحيد للمضيّ قدمًا نحو السلام والتعايش.
هذه الخرافات تستخدمها “إسرائيل” لتغطية جرائمها، والتي يراها بابيه تطهيرًا عرقيًّا لفلسطين، وإبادة جماعية للفلسطينيين، وهو ما يركّز عليه في كتاب يحمل المعنى نفسه، وهو “التطهير العرقي في فلسطين (The Ethnic Cleansing of Palestine)”.
في الكتاب يحكي بابيه، استنادًا إلى وثائق حصل عليها من داخل “إسرائيل”، كيف بدأت الإبادة الجماعية، ويقول إنه في 10 مارس/ آذار 1948، وفي مبنى “البيت الأحمر” الذي كان مقرًّا رئيسيًّا لمجلس العمال الفلسطينيين في تل أبيب، والذي احتله الصهاينة وحوّلوه إلى مقر قيادة عصابات الهاغاناه، اجتمع 11 قائدًا صهيونيًّا ووضعوا خطة لتطهير فلسطين عرقيًّا، سُمّيت بـ”الخطة دالِت”.
وأُرفقت بالأوامر الصادرة للوحدات العسكرية على الأرض تفاصيل تنفيذ قرارات طرد الفلسطينيين من ديارهم، والأساليب والتكتيكات التي يتبعونها في تنفيذ ذلك، وهي إثارة رعب واسع النطاق، ومحاصرة وقصف قرى ومراكز سكانية، وحرق منازل وأملاك وبضائع، وزرع ألغام وسط الأنقاض لمنع السكان المطرودين من العودة إلى منازلهم.
وهذه الخطة تردّ على الرواية الإسرائيلية التي تقول إن العرب هم من تركوا بيوتهم بأنفسهم، إذ يؤكد بابيه أن هذه الخطة منبعها أيديولوجيا صهيونية ترى أن أرض فلسطين هي ملكية خالصة لليهود فقط.
وبعد 6 أشهر من بدء تنفيذ الخطة، كان أكثر من نصف سكان فلسطين الأصليين، والبالغ عددهم ما يقرب من 800 ألف، قد هُجّروا وتحوّلوا إلى نازحين لاجئين، كما جرى تدمير 531 قرية و11 حيًّا في المدن التي أُخليت من السكان.
هذه الجريمة جرى محوها كليًّا من الذاكرة العامة العالمية بشكل منهجي، ولا تزال غير معترف بها كحقيقة تاريخية لدى الرأي العام العالمي، بفضل النفوذ الصهيوني العالمي والحماية الغربية لـ”إسرائيل”، يقول بابيه.
الحديث عن التطهير العرقي لم يتناوله بابيه في الكتاب الذي ذكرناه فقط، لكنه يستكمله من واقع تاريخي جديد في كتابه “أكبر سجن على الأرض (The Biggest Prison on Earth)”، إذ يكتب بابيه من خلال وثائق إسرائيلية حصل عليها، إن الصهاينة بعد احتلالهم الأراضي العربية وتهجير أهلها منها عام 1948، قرّروا عام 1963 استكمال مخططهم، فوضعوا خطة لاحتلال باقي فلسطين (الضفة الغربية وقطاع غزة).
اقتضت الخطة التي وضعها قادة في الجيش، وأكاديميون في الجامعة العبرية، ومسؤولون في وزارة الداخلية، تعيين مستشار قانوني للحاكم العام المستقبلي للأراضي المحتلة، وإنشاء 4 محاكم عسكرية، وتضمّنت ملاحقها ترجمة عربية للقانون الأردني، ولأنظمة الانتداب التي كانت سائدة في المنطقة عام 1945.
ويقول إن الحديث المعتاد من “إسرائيل” عن أن هجومها على الأراضي العربية في يونيو/ حزيران 67، واحتلال الضفة الغربية وكامل القدس وقطاع غزة، لم يكنا كما تزعم “إسرائيل” بسبب المناوشات على الحدود السورية، أو إغلاق مصر لمضيق تيران أمام السفن الإسرائيلية، لكن لأنها كانت تريد احتلال باقي فلسطين وتهجير أهلها منها، وذلك وفق المخطط الموضوع منذ عام 1963.
ومن بعد هذا الاحتلال عام 1967 تحولت الأراضي الفلسطينية في الضفة وغزة إلى أكبر سجن في العالم، هذا السجن كانت نتيجته الطبيعية المقاومة المسلحة، والانتفاضة الأولى عام 1987، والثانية عام 2000، وكان من نتائجه أيضًا جنوح السلطة الفلسطينية للسلام والذهاب إلى مؤتمر مدريد وتوقيع اتفاقية أوسلو عام 1993، والتي وصفها بابيه بـ”تمثيلية أوسلو”.
فمن دون ممارسات الاحتلال وقلة حيلة الفلسطينيين، لم يكن العرب ليقبلوا بتقسيم أراضيهم مع الصهاينة، فلا يوجد سبب في العالم يدفع السكان الأصليين في أي بلد إلى التطوع ليتقاسموا أرضهم مع حركة استيطانية، يقول بابيه، ويكمل: “لذلك إن عملية أوسلو لم تكن سعيًا عادلًا ومتوازنًا للسلام، بل مساومة أقدم عليها شعب مهزوم ومستعمَر”.
وأدى تطبيق الاتفاق إلى المزيد من التدهور للقضية، لأن أحكامه كانت واضحة فيما يتعلق بتخلي القيادة الفلسطينية عن حق العودة للاجئين إلى ديارهم، فقد رُحّلت مسألة اللاجئين في الاتفاق إلى بند فرعي يكاد لا يرى وسط بحر الكلمات، بحسب قوله.
وهو الأمر الذي اُستؤنف النقاش حوله في كامب ديفيد عام 2000 دون تقدم أو نتيجة ملموسة، فقد قدمت حكومة إيهود باراك ورقة بالأطر العامة للنقاش في المباحثات، وتضمّنت الورقة رفضًا مطلقًا لأي حديث عن حق العودة الفلسطيني، ومع ذلك أشاعت “إسرائيل” كذبًا أن تعنُّت الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات كان هو السبب.
في الكتاب الصادر عام 2017، يركّز بابيه على قطاع غزة، ويصفه بـ”السجن المشدّد الحراسة”، ويعتبر الهجوم المتكرر عليه والممارسات القمعية به عملية “إبادة جماعية تدريجية”، ويوضح أن التركيز الإسرائيلي على غزة بدأ بشكل أكبر عام 2004، حين بنت “إسرائيل” نموذجًا لمدينة غزة في صحراء النقب، بنفس حجم مدينة غزة الحقيقي وشكل شوارعها وتقسيمها، وفي عام 2006، وبعد فشل الجيش الإسرائيلي في مواجهة “حزب الله” بلبنان، قرر خوض “حرب أفضل” في غزة، هدفها إبادة كل شيء بشكل وحشي، من بيوت ومبانٍ ومساجد وبشر.
ويستعرض العمليات العسكرية الإسرائيلية المتكررة على غزة، تحت مسمّيات مختلفة، وتحت ذرائع مختلفة لكنها كاذبة، منها مثلًا “السهم الجنوبي” عام 2006، “الرصاص المصبوب” في عامَي 2008-2009، أو “عامود السحاب” عام 2012، وغيرها من العمليات التي تأتي ضمن مخطط كبير بعيد المدى، هدفه التخلص من الفلسطينيين وإبادتهم، بحسب رأيه.
بعد “طوفان الأقصى”: أصدقائي الإسرائيليون، هل تعلمتم الدرس؟
المنطق يقول إن بابيه بعد كل هذه الرحلة سيواصل دعمه لفلسطين، حتى بعد “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، لأنه خبير بخلفيات الصراع، عبر مجموعة من المداخلات الإعلامية والمقالات، ومن أبرز تعليقاته على “طوفان الأقصى”، كان المقال الذي كتبه بعد العملية مباشرة، يوم 10 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 على موقع منظمة The Palestine Chronicle، ونقلته مجموعة من المواقع، وكان المقال بعنوان: “إلى أصدقائي الإسرائيليين: لهذا أنا أدعم الفلسطينيين (My Israeli Friends: This is Why I Support Palestinians)”.
يبدأ بابيه المقال بتبرير لكونه لم ينساق إلى سلوك القطيع، ويتبع ما يقول به مجتمعه الإسرائيلي، وهو الحفاظ على أخلاقه، ويقول: “إن الطريقة الوحيدة لمقاومة الانضمام إليهم (مجتمعه بإعلامه وحكومته وقادته) هو الفهم، هو أن تكون قد فهمت الطبيعة الاستعمارية للصهيونية، والممارسات التي تصيب الإنسان بالهلع ضد الشعب الأصلي في فلسطين”.
ثم يوبّخ الإسرائيليين الذي يصفون الفلسطينيين بالحيوانات، ومن يحاولون وصف ما فعله المقاومون الفلسطينيون يوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول بـ”الهولوكوست”، معتبرًا أن ذلك نوعًا من التزييف واستغلال المأساة اليهودية القديمة وحلول ذكراها، في وصف ما فعله الفلسطينيون بغير ما يستحق.
في الوقت نفسه، أشاد بابيه بالمقاتلين الفلسطينيين الذين استطاعوا تحدي أقوى جيش في الشرق الأوسط -حسب وصفه-، واستطاعوا بإمكاناتهم البسيطة الاستيلاء على عشرات القواعد العسكرية الإسرائيلية، واعتبر بابيه أن هذا العمل الذي قامت به حماس وفصائل المقاومة هو عمل طاهر، يأتي نتيجة الاحتلال والظلم اللذين يعاني منهما الشعب الفلسطيني، ويضع حماس والمقاومة الفلسطينية في مصافّ حركات التحرير النضالية التي يحتفي بها العالم الحرّ.
وأضاف بابيه أن الإسرائيليين الذين يضطهدون الشعب الفلسطيني، انتخبوا حكومة تسعى بعزم وسرعة إلى تدمير الشعب الفلسطيني والقضاء عليه، وبالتالي إن حماس كان من الواجب عليها أن تتحرك لوقف ذلك.
ثم أخذ يوبّخ الإسرائيليين، لا سيما الليبراليين منهم، على دعمهم وتأييدهم لخطاب الحكومة الإسرائيلية المتطرف، ومباركة الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني، وأخذ يذكرهم بسلسلة من الجرائم الإسرائيلية منذ عام 1948 وصولًا إلى “طوفان الأقصى”، من قتل وتعذيب وسجن وتشريد للفلسطينيين ومقدراتهم وممتلكاتهم، ناهيك عن احتلال أراضيهم.
في النهاية، يخاطب بابيه الإسرائيليين أصدقاءه: “أيها الأصدقاء الإسرائيليون، هل تستطيعون مشاهدة الصورة كاملة، بعيدًا عن التلقين والتلاعب بكم؟ هل أيقنتم أن القوة وحدها لا يمكن أن توجد التوازن بين نظام عادل من ناحية ومشروع سياسي غير أخلاقي من ناحية أخرى؟”، ثم يطرح بابيه رؤيته التي يراها حلًّا بديلًا للسلام، وهي فلسطين بلا صهيونية، حرة وديمقراطية، من النهر إلى البحر، يعيش فيها الجميع بلا تمييز بينهم على أساس الدين أو الثقافة أو العرق.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: