البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

بالحبر الثوري : الثورة التونسية بين المحنة و المنحة

كاتب المقال الناصر الرقيق - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 7570


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


مازلت أتذكر تلك الأيام المشحونة بالشجن الثوري خصوصا عندما بدأت أركان النظام السابق بالتهاوي الواحد تلو الأخر و العالم بأسره بين محتار حول ما يجري في تونس و بين معجب بالشباب التونسي الثائر الذي دكّ عرش الطاغي و أجبره على الفرار كما أجبر أزلامه على الإختباء خوفا من إنتقام الجماهير الهادرة كما أتذكر كيف أني أحسست للمرة الأولى في حياتي بأني تونسي و أعتز بذلك خصوصا و أنا أشاهد ما يحدث في العالم الذي تحولت أنظاره و رغما عن أنف واشنطن و لندن و باريس و برلين و ميلان إلى تونس التي بدأت في أجمل بهائها بعد تجملت بحلّة الثورة الجميلة التي أسرت القلوب و سحرت العشاق فراح الكلّ يقف إحتراما لها.

حقيقة كانت أيام تاريخية حيث كنا نرى جميع الثوار لا يلفّهم إلا علم الوطن و دون أن يسأل أحدهم الأخر عن إنتمائه فقد كان همّ الجميع هو الإنتصار على بن علي و أعوانه الذين يقفون في الجهة المقابلة و لا همّ لهم سوى منع المحظور و هو إنتصار الثوار فقد كان ما يجمع أكثر ما يفرّق و هناك إجماع واضح على ضرورة حلّ التجمع المقبور و حلّ جهاز البوليس السياسي و القصاص لدماء الشهداء و محاسبة كل الفاسدين و المفسدين و غيرها من مطالب الثورة التي هتفت بها الحناجر الثائرة و كانت هذه المطالب و غيرها غير قابلة للتفاوض لأنها هي أصلا من أسباب خروج الناس لإسقاط النظام الذي يبقى المطلب القريب المرجو تحقيقه في إنتظار تحقيق باقي المطالب.

حصل ما أراده الشعب الثائر حيث فرّ المخلوع و ترك أزلامه كل يصارع مصيره و ذهب في ظن الثوار أن الأمور ألت إليهم لكن للأسف الشديد هذا لم يحصل البتة بل أنه حين كانت الميادين في كل أرجاء الوطن ملئى بفئات الشعب المختلفة تحرك قوى الثورة الضمادة بشرعة شديدة حيث بدأت ببث إشاعات في مختلف وسائل الإعلام عن وجود قناصة متمركزين فوق أسطح االعمارات و المنازل و أن إشتباكات عنيفة تدور بين الحرس الرئاسي و الجيش التونسي و أن عصابات مسلحة تمتطي سيارات تطلق النار على الأحياء و تقتحم المنازل و بسذاجة بسيطة صدّق الشعب هذه الإدّعاءات و ربما خوفا على حياته عادت جموع الناس إلى منازلها ظنّا منها أنه الخيار الأسلم لحقن الدماء وهذه العودة هي بداية المؤشرات على أن الثورة قد ظلت الطريق.

ليت الثوار رابطوا في الميادين و لم يغادروا حتى تتسلم السلطة جهة ثورية كانت ستكفل إستمرار الثورة و كان يتوجب على الأحزاب الثورية و الشخصيات التي ساندت الثورة أن تتكفل بذلك بمعيّة الشباب الثائر لكن للأسف لم يحصل ذلك و هو ما جعل الثورة يتمّ وأدها بصفة تدريجية فبعد حكومة محمد الغنوشي التي كانت إمتدادا سيئا لنظام بن علي جاءت حكومة الباجي قائد السبسي الذي أكمل ما بدأه سلفه و من هنا بدأت الثورة تنحرف عنو مسارها الطبيعي فكثرت الإحتجاجات المطلبيّة التي كان أغلبها مفتعلا و تحولت الثورة إلى منح و إمتيازات يريد الجميع أن يتمتع بها و أنصرفت الأنظار عن المطالب الحقيقة للثورة في وقت كنا في أمسّ الحاجة إلى أن نجتهد في تحقيق ما قامت من أجله الثورة قبل المطالبة بأي شيء أخر لكن نجحت قوى الردّة في كثير من مخططاتها.

لكن الأمور تواصلت على ما هي عليه حتى بعد الثالث و العشرين من أكتوبر ذاك التاريخ الذي خلنا أنه ستتجدد فيه روح الثورة من جديد في نفوس الناس لكن لم تتغير أشياء كثيرة فإلى حد الآن لم نعرف من قتل الشهداء و إلى الآن لم تشهد المحاكم محاكمات لمن أجرموا في حقّ البلاد و العباد بل على العكس رأيناهم عاودوا التموقع من جديد و أصبحوا يتحدثون أكثر من الثوّار أنفسهم و يكفي أن تقوم بجولة بين مختلف القنوات و الإذاعات التونسية لتلاحظ صدق هذا القول فكثير من قاتلي الشعب و سارقي أمواله أصبحوا من الضيوف الدائمين في مختلف الإستوديوهات بل منهم من وصل به الأمر للإستهزاء بالثورة و بالشهداء.

إن الثورة تعيش هاته الأيام محنة حقيقة و هي في حاجة لجميع أبناءها المخلصين الذين يجب عليهم أن يعودوا من جديد لأخذ زمام المبادرة حتى لا تجهض ثورتهم و أن يتحمل الشباب الثائر مسؤولية حماية و تأمين ثورته و أن يتجرد من إنتماءاته الضيقة و أن يترفع عن الحسابات البسيطة و أن يتجاوز جميع الأحزاب التي لم تجني منها الثورة غير وضعها في ثلاجة السياسة العفنة و أن يكون على جاهزية عالية للتدخل كلمّا إقتضى الأمر و إلا خسرنا كل شيء وقتها سنكون ممن سيلعنهم التاريخ كما لعن كثير من الأمم التي أضاعت ثوراتها سابقا بسبب تخاذلها في التصدي لقوى الإلتفاف و الردة لهذا فنحن اليوم في أمسّ الحاجة أن لا نسعى من خلال ثورتنا للمنحة ( كما فعل و يريدون نواب التأسيسي ) و أن ننقذها من المحنة التي تعانيها.

الناصر الرقيق
مكافح في الجبهة الفكرية


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الثورة التونسية، الثورة المضادة، المجلس التأسيسي، النواب،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 10-10-2012  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  المواقف
  «التكرار» وسلية للتضليل الاعلامي
  الثروة والسلطة في تونس
  هل كانت الحريّة مطلبا جماعيا في تونس؟
  واقع الاعلام التونسي
  الاعلام والخبراء وعصا البوليس
  دولة سعيّد البولسية
  تخريب العقول
  مواطنون ضدّ الانقلاب
  استئصال الإسلاميين
  المازوشية التونسية
  سكيزوفرينيا المثقف
  تونس: من يحكم فعلا ؟
  تونس: الإرهاب
  تونس: الوجه الحقيقي للنقابة
  تونس: عُقَدُ الرئيس و مكر الشعب
  من وحي إصابتها بالكورونا: هكذا عرفت الحامّة
  جمهورية البلاستيك
  هل آن للغنوشي أن يمدّ رجليه ؟
  تونس: الرابح و الخاسر من واقعة اللائحة
  و مازال خالي معتقلا !
  هل يتحطّم الإنسان كما الأشياء ؟
  ..و لكنّ الرئيس عار من المبادئ
  الإعلام التونسي المُنْتَهِي الصلوحية
  كلّما عَظُمَ الشعب، تصاغرت نخبته
  السبسي و أبوّة بن سلمان
  لا أهلا بقاتل الأطفال و الصحفيين
  الأمبوبة..
  سفيان و نذير و الرحلة الأخيرة
  المستشار الصغير يريد لعبة إعلام

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
عبد الله زيدان، الهادي المثلوثي، د. عادل محمد عايش الأسطل، رافد العزاوي، د. عبد الآله المالكي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، ماهر عدنان قنديل، د. أحمد محمد سليمان، المولدي الفرجاني، محمود طرشوبي، سامر أبو رمان ، مجدى داود، كريم السليتي، محمد علي العقربي، محمود فاروق سيد شعبان، مصطفى منيغ، فتحي الزغل، حسن الطرابلسي، د - مصطفى فهمي، فوزي مسعود ، محمد الطرابلسي، حسن عثمان، محمد العيادي، خبَّاب بن مروان الحمد، سعود السبعاني، د.محمد فتحي عبد العال، خالد الجاف ، سفيان عبد الكافي، د- هاني ابوالفتوح، سليمان أحمد أبو ستة، أحمد ملحم، الناصر الرقيق، مراد قميزة، رشيد السيد أحمد، د. صلاح عودة الله ، سلوى المغربي، سلام الشماع، علي عبد العال، د - صالح المازقي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، إياد محمود حسين ، د - المنجي الكعبي، ياسين أحمد، طلال قسومي، أنس الشابي، د - شاكر الحوكي ، حاتم الصولي، رافع القارصي، د- محمد رحال، إيمى الأشقر، حسني إبراهيم عبد العظيم، عبد الله الفقير، د. خالد الطراولي ، عبد الرزاق قيراط ، محمود سلطان، أحمد الحباسي، د. أحمد بشير، سيد السباعي، رمضان حينوني، أحمد النعيمي، صلاح الحريري، يحيي البوليني، يزيد بن الحسين، أ.د. مصطفى رجب، العادل السمعلي، حميدة الطيلوش، فتحي العابد، عبد الغني مزوز، طارق خفاجي، بيلسان قيصر، د. طارق عبد الحليم، فهمي شراب، صفاء العراقي، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، تونسي، محمد عمر غرس الله، المولدي اليوسفي، د. مصطفى يوسف اللداوي، عزيز العرباوي، مصطفي زهران، ضحى عبد الرحمن، صباح الموسوي ، د - عادل رضا، أبو سمية، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، عمر غازي، رحاب اسعد بيوض التميمي، د- جابر قميحة، علي الكاش، سامح لطف الله، إسراء أبو رمان، كريم فارق، د - الضاوي خوالدية، عراق المطيري، محمد أحمد عزوز، رضا الدبّابي، محمد يحي، جاسم الرصيف، وائل بنجدو، محمد الياسين، عمار غيلوفي، عواطف منصور، محمد اسعد بيوض التميمي، د - محمد بن موسى الشريف ، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د- محمود علي عريقات، محمد شمام ، عبد العزيز كحيل، الهيثم زعفان، أشرف إبراهيم حجاج، صالح النعامي ، أحمد بوادي، فتحـي قاره بيبـان، نادية سعد، د - محمد بنيعيش، صلاح المختار، محرر "بوابتي"، منجي باكير، صفاء العربي،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة

سياسة الخصوصية
سياسة استعمال الكعكات / كوكيز