ناصر الرقيق - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 1105
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
في النظم الديكتاتورية تلعب عصا البوليس دورا هاما في إقناع أولئك الذين يتجرؤون على التفكير بالكف عن ذلك، حيثصناعة الأفكار و تنزيلها مهمة حصرية للحاكم الذي ينوب الشعب المحكوم في كل شيء.
لكن الأمر يختلف في النظم الديمقراطية حيث تصبح تلك الآلية أي عصا البوليس غير مجدية في ظل وجود إعلام حرومنظمات تدافع عن حقوق الناس ورقابة داخلية و خارجية، لذلك كان لابد من حل لردع أولائك الذين يظنون أن أفكارهمصالحة لشعوبهم ومن شأنها أن تساهم في تنمية مجتمعاتهم، فكان الإعلام ( التضليل والبروباغندا ) هو العصا الناعمةالتي أوجدها الديمقراطيون المزيفون ليكبحوا بها جماح الأفكار التي قد تنتشر و تساهم في إفساد عقول الناس، لهذاأضحت وسائل الإعلام المصنع الرئيس للأفكار وتمريرها أيضا.
أما في نظمنا العربية التي هي عبارة عن مسخ من النظم السياسية التي أوجدها الإنسان على مر التاريخ، فتقبع عصاالبوليس عن يمين المواطن و الشاشات عن يساره، فيجتمع أولئك ( العصا والإعلام ) اللذان لا عمل لهما سوى تعطيلالعمل الطبيعي للعقل العربي بل إلغائه تماما، ولأننا كعرب لنا تفردنا، فإضافة للعصا و الإعلام، نجد الخبراء الذينتكاثروا لدرجة أنه أصبح هناك خبير لكل عشرة مواطنين مقابل طبيب لكل خمسمائة ألف نسمة ومع ذلك يسارع المواطنالعربي المسكين نحو ما يقوله هؤلاء المدلسون لما يستبطنه من صدق الكلام المقال وبحثا عما يريحه من أزماته التي لاتكاد تنتهي. أما عن مهمة الخبراء، فهي كف الناس عن التفكير خارج صندوق السلطة وإنتاج أفكار تعارض فكر الحاكمسواء بالترغيب وفبركة الانجازات الوهمية أو بالتخويف من المجهول، فترى أولئك الخبراء قد استعاضوا عن التحليلبالتدجيل حسب طلب وهوى السلطة، فقد تشاهد على شاشة التلفزة خبيرا يتحدث عن الأضرار الجانبية لتقديم نوعمعين من الحلوى للأطفال ما بين سن الخامسة والعاشرة فتنبهر بما يقول وتهرول مسرعا نحو ثلاجتك لتلقي ما فيها منحلوى في سلة المهملات دون أن تعطي لنفسك لحظة من التفكير في الأساس العلمي الذي اعتمده الخبير، إذ لا داعيللتفكير فجلّ الخبراء الذين يظهرون على شاشات التلفزة لا يقدمون أصلا أسسا علمية ترتكز عليها مقولاتهم ومع ذلكيصدقهم الناس، يكفي أنه يقال عنهم خبراء ويكتب ذلك أسفل الشاشات، فهل نحتاج لأكثر من هكذا دليل حتى نقتنعبأنهم خبراء فعلا.
أو قد تستمع بمحض الصدفة لأحدهم وهو يلقي خطبة عصماء حول الصبر عن الحاكم والزهد عما في يده وهو يطالبالمواطن الجائع بالتقشف في حين أن راتبه في تلك الحلقة فقط تجاوز الخمسة آلاف دولار نتيجة ارتفاع نسب المشاهدةومداخيل الإشهار التي كانت قياسية.
فلا تنصتوا لهم، وانصتوا فقط، لقلوبكم وعقولكم فهي الوحيدة القادرة على أخذكم نحو طريق تعرفون به الحقيقة.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: