ناصر الرقيق - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 1839
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
دولة الثلاث آلاف سنة حضارة ( و هذه بالمناسبة احدى الكذبات الكبرى التي بنيت عليها أسطورة دولة جلد الثور ) تسير عكس العالم بلعكس الحضارة ففي الوقت الذي تتقدّم فيه الدول تتقهقر دولتنا في جميع المجالات و لم نر نموّا إلا في مؤشّرات الفساد التي وصلت درجةجعلت من تونس دولة راعية للفساد رسميّا.
فرجال الأعمال الذين أصبحت سلطتهم أقوى من الدولة بل أنّهم هم الدولة و الحكومة و لا أحد يستطيع اليوم في تونس الوقوف بوجه رجالالأعمال ( و للأمانة النقابة أيضا ) و الحد من تجاوزاتهم الشيء الذي جعل وزير أملاك الدولة غازي الشواشي يصرح ( في إشارة لمروانالمبروك ) بأنّ رجل الأعمال هذا فوق الدولة و الدولة عاجزة على إتخاذ قرارات بشأنه لكن في المقابل و هذا الغريب، نفس هذا الوزير المنتميلحزب يدعّي حصرا الشفافية و محاربته للفساد إمتنع عن مدّ مرصد رقابة ( في إطار حق النفاذ للمعلومة ) بالإتفاق الذي قام به مع كلّ منمروان المبروك، سليم زروق و سليم شيبوب في تجاوز واضح لقرارات المصادرة و للأحكام القضائية و للقرارات التحكيمية لهيئة الحقيقية والكرامة.
دولة على المقاس و حكومة بالقياس لا تحيد على مصالح رجال الأعمال بل تتجاوز إلى ما هو أبعد، إلى العبث بمصالح المواطنين و صحتهملإرضاء شجع رجال الأعمال الذي لا ينتهي، ففي الوقت الذي يتجه العالم للحدّ من إستعمال البلاستيك نتيجة تأثيراته السلبية على البيئة وعلى صحة الإنسان فإنّ الحكومة التونسية ترى عكس ذلك تماما ففي الرائد الرسمي ليوم الجمعة 14 أوت 2020 صدر قرار عن كلّ من وزيرالصناعة و المؤسسات الصغرى و المتوسطة و وزير التجارة يسمح بإستعمال الأكياس البلاستيكية لتعبئة مادة الإسمنت بدل الأكياسالكرتونية المستعملة حاليا و بالطبع دون تخمين فالقرار الفاسد وراءه مصلحة فاسدة لمجموعة من الفَسَدة، فقرار كهذا سيصبّ ضرورة فيمصلحة بعض رجال الأعمال الناشطين في مجال إنتاج البلاستيك و لك عزيزي القارئ أن تبحث عن العلاقة بين هذه الأطراف ( الوزير ورجال الأعمال ) و عن مصلحة وزير من وراء ذلك التي لن تكون بحال المصلحة الوطنية و خاصة إذا كان وزيرا يجلس على عتبة مكتب وزارته.
الدولة التونسية و حكوماتها المتعاقبة بقدر فشلها المتكرر في جميع المجالات فإنّها تنجح أيّما نجاح في الفساد و التشريع له و هذه ميزةتونسيّة خالصة حيث تسنّ القوانين لإعانة الفاسدين حتى يقوموا بنهب المال العام بالقانون بما يجعل من المستحيل تتبّعهم كما حصل فيملفات كثيرة ( شركات عائلة بن علي و الطرابلسي) حيث ضاعت أموال كثيرة كانت قد نهبت تحت غطاء قانوني إستحال معه تتبعها أو إثباتأنّها كانت محلّ فساد.
تونس جمهورية من البلاستيك شفّافة حين تراها لكنّها ملوّثة لأبعد حد فالفساد الذي نخرها تشبه تأثيراته تماما تأثيرات البلاستيك على البيئة( طول مدة بقائه و صعوبة التخلص منه)، فكما أنّ البلاستيك ملوّث للبيئة فالفساد لوّث تونس و لا أعرف تحديدا ما هو الحلّ ؟ فقد جربنا كلّشيء.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: