ناصر الرقيق - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 2482
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
نجح الشعب التونسي في إعادة الوَهَجِ للثورة بعد إنحسارها إثر نكسة 2014 التي أعادت وقتها رموز النظام القديم للحكم ببوابة الصناديقو بشرعيّة لا نزاع فيها، لكن في الوقت الذي إعتقد فيه كثيرون بأنّ الأمور سائرة لنفس النتائج أو شِبْهِها على الأقلّ فاجأ الشعب التونسيهؤلاء و غيرهم بأن أطاح بالمنظومة القديمة في ثلاث مناسبات متتالية لا تفصلها إلاّ أيّاما قليلة رغم القصف الإعلامي و المالي المركزين طوالالسنوات الماضية و الذي تكثّف في الفترة التي سبقت الإنتخابات في محاولة لحصار الثورة و المؤمنين بها و الحدّ من فرص نجاحهم أوالتقليل منها لكن فشل كلّ ذلك مع حالة الوعي التي فرضها الشعب و خاصّة شبابه المؤمن بالتغيير الحقيقي.
تَعَاظُمُ أمر الشعب قابله تصاغرا للنخبة السياسية المحسوبة على الثورة، فما أن أعلن عن نتائج أسبار الآراء بعد إغلاق مراكز الإقتراع حتىخرج الأستاذ محمد عبّو ليعلن أنّه و حزبه سيكونان في المعارضة مذكّرا بذلك بما أتاه نجيب الشابي بعد إنتخابات 2011 و التي قادت لماقادت فيما بعد بسب هذا التصابي السياسي، محمد عبّو الذي طالما أكّد على رصانة مواقفه خانه الأمر هذه المرة و بدا و كأنّه مزهوّا بالبقاءفي معارضة حكومة مازالت آجال تشكيلها بعيدة و لم يعلن حتّى عن النتائج الأولية للإنتخابات التي ستفضي لتكوينها و كأنّ الأستاذ عبّوبهذا الكلام قَطع خطّ العودة رغم العودة فيما بعد عن هذا التصريح الذي من المؤكد أنه لم تستشر فيه قواعد حزب التيار و لا هياكله لأنه قيلعلى عجل لكن رغم ذلك لم ترتق مواقف التيار لما أملته المرحلة و دخل عدد من قيادييه في معارك جانبية مع بعض الفائزين في الإنتخاباتكإئتلاف الكرامة و البعض من قيادات النهضة مطلقين أحيانًا تصريحات عبثيّة لا فائدة منها سوى مزيد توتير الأجواء بين هذه الأطرافالمحسوبة جميعها على الثورة، يجب على التيار و قيادييه أن يعوا جيّدا أنّهم ليسوا أفضل من غيرهم و لا أقلّ منهم أيضا بل أنّ فيهم خيرًاكثيرا و فيهم ما دون ذلك شأنهم في هذا شأن الآخرين و بالتالي عليهم بالتحلّي بشيء من الرصانة و خاصة خاصة التواضع تجاه الآخرين.
أمّا حركة الشعب فإنّها عكس التيار، فقد أبدت بعضا من الرصانة في البداية سرعان ما إنقلب أيضا لمناوشات مع الإئتلاف و خاصّة معحركة النهضة التي إستلمت حركة الشعب مشعل الحقد الإيديولوجي تجاهها من الجبهة الشعبية بعد خروج الأخيرة بهزيمة نكراء من هذهالإنتخابات، هذه الهزيمة التي بدت كإشارة من الشعب لكلّ من يسلك هذا المسلك لم تلتقطها حركة الشعب و نَحَتْ نفس المنحى، يجب علىحركة الشعب أن تعي أيضا أن لا مشكلة للشعب التونسي لا مع النهضة و لا مع إئتلاف الكرامة بل مشاكله الحقيقية مع الفقر والبطالة...فما الذي سيربحه الشعب من شنّ حرب على النهضة أو إفشالها في الحكم ؟
يجب على حركة الشعب أن تعرف جيدا أسباب فشل الجبهة الشعبية و هي القريبة منها فكرا و مواقف، فالجبهة لم تفشل لضعفها بل لغباءقيادتها التي ظلّت تصارع طواحين الإسلام السياسي الغير موجودة إلا في أذهانهم، فالنهضة التي بدأت إسلاما سياسيًا تطوّرت و عدّلتمن رؤيتها رغم ضعف منافسيها الذين لو كانوا أكثر قوة لأجبروها على مزيد من التطور بما يخدم المشهد السياسي التونسي ما بعد 14 جانفي.
الشعب قال كلمته و أرسل رسالته لهذه النخبة المحسوبة على الثورة و التي طالما نَاحَتْ و وَلْوَلَتْ على الثورة المغدورة و فشلها تجاه خصومهالكنها في أوّل تكليف مباشر و صريح لها بقيادة البلد و الثورة نحو الأمان السياسي و الإجتماعي تتهرّب و تفشل لحدّ الآن في التساميعلى الصغائر التي قد تصدّها عن الجلوس مع بعضها و تشكيل حكومة ثوريّة تنجح في إخراج أو على الأقلّ الإستجابة للحدّ الأدنى منمطالب الشعب كمحاربة الفساد و إسترجاع جزء من الأموال المنهوبة.
الثورات لا تهزم من الخارج أبدًا، فلا يُفْشِلها إلا أبناؤها.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: