ناصر الرقيق - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 1268
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
كيف يمكن أن نصدّق أنّ اعلاميا تونسيا يعمل في وسلية اعلامية تونسية مملوكة لرجل أعمال تونسي فاسد أو على الأقلّ تحوم حوله شبهاتفساد قويّة، يمكن أن يكون اعلاميا نزيها شريفا يلتزم بمبادئ العمل الصحفي؟
مستحيل طبعا، فكلّ الذين تشاهدونهم على الشاشات وتسمعونهم في الإذاعات (إلّا ما رحم ربي) يُدْفَعُ لهم ليضلّلوا النّاس، يُدْفَعُ لهم ليزيّفواالحقيقة وليبثّوا إشاعات الهدف منهم تضليل الرأي العام والتلبيس عليه.
إنّ مهنة هؤلاء هي ارتكاب الآثام، ولو لم يفعلوا لطُردوا ولَقُطِعَت عنهم الرواتب. إنّهم يعلمون أنّهم يقولون كذبا لكنّ التبرير النفسي الذييجدونه أنّه محكوم فيهم وبأنّ «الخبزة مرّة» وهي من تجبرهم على الإثم و«الله يغفر ويسامح».
لا يذهبنّ في ظنّكم أنّ كلّ ما يقال في الاعلام التونسي هو من انتاج رؤوس أولئك الذين يظهرون، أبدا. فهؤلاء ليسوا إلّا ببّغاوات يرددون مايُحضَّرُ لهم مسبقا. إنّهم يحضرون للاستديوهات فيجدون كلّ شيء شيء معدّ مسبقا في أوراق، فيأخذ كلّ منهم ورقته ويظهر فيقول ما كُتِبَله ولا يحيد عنه قيد أنملة لأنّه ممنوع عليه ذلك ويسمح له فقط بهامش زايدة في الكذب أو التضليل أو بثّ خطاب الكراهية، ثمّ إذا أنهى عملهيذهب ليأتيه راتبه نهاية الشهر.
إنّ الشرط الأساسي لتكون اعلاميا في تونس، أن لا تستعمل عقلك وأن تتركه جانبا وأنت بصدد مباشرة مهنتك، عليك أن تكون غبيّا مرددا أومتواطئا قذرا أو طمّاعا لئيما لتصبح اعلاميا يؤدّي مهنته بنجاح مبهر.
كثير من الاعلاميين والصحفيين الذين يتميزون بحدّ أدنى من أمانة المهنة، تمّ رَكْنُهم ومحاربتهم والعمل على افشالهم من قبل زملائهم قبلمشغّليهم حتّى هجر بعضهم الصحافة ومات بعضهم الآخر حسرة وكمدا.
لا يمكن للاعلام التونسي أن يتحرر وأن يصبح اعلاما نزيها يبحث عن الحقيقة، طالما أنّه مملوك لرأس مال فاسد ووالغ في الفساد حتّىأخمص رأسه، إذ لا يمكن لفاسد يملك وسيلة اعلامية أن يسمح لها بأن تكون حرّة وتعمل ضدّ مصالحه.
هذا بالنسبة للاعلام الخاص أما الاعلام العمومي فيعاني ضغط الحاكم ويعاني أيضا من لوثة الايديولوجيا التي جعلت من الاعلامي لا يميّزبين انتمائه الايديولوجيي وبين ائتمانه على الحقيقة، فيخلط هذا بذاك ليعطينا في النهاية منتوج اعلامي مشوّه وملوّث بالكذب والبهتان إلىدرجة تتساءل معها عن جدوى وجود اعلام عمومي يموّل من جيوب التونسيين.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: