ناصر الرقيق - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 1948
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
في قصّة " ملابس الإمبراطور الجديدة" للكاتب الدنماركي هانز كريستيان أندرسن و التي تدور حول محتالين ذهبا للإمبراطور و أقنعاه بأنه يمكنهما حياكة ثوب عجيب له لا يراه إلا الأذكياء فقط و طلبا منه مبلغا كبيرا من المال نظير ذلك، فصدقهما و وافق على العرض. و تظاهر المحتالان بتجهيز الثوب و إلباسه للإمبراطور، و لما كان الإمبراطور خجلا من التصريح بأنه لا يرى الثوب حتى لا يقال عنه أنّه غبيّ فقد صمت و صمتت كلّ الحاشية و لما كان يوم خروجه للشعب إرتدى الإمبراطور هذا اللباس الوهمي و في ظلّ صمت كل من يحيط به فقد نزل عاريًا إلى الشعب، فسكت جميع الناس أيضا، إلاّ طفلا صغيرا كان يرافق والده، حيث صاح " و لكنّ الإمبراطور عار من الملابس".
و ها أنا أصيح أيضا " و لكنّك يا رئيس الجمهورية عار من المبادئ"!
فالمحتالون المحيطون بك الذين أقنعوك بتبنّي مبادئ وهميّة حاكوها لك و ألبسوك إيّاها، إنّما في الحقيقة يعرّوك أمام الشعب الذي كلّما خرجت عليه بان عُرْيُكَ أكثر فأكثر.
و حاشيتك التي تراك على تلك الحال و تصمت خشية ضياع بعض منافعها البسيطة جراء وجودك في القصر، هي أيضا تخاتلك و تتربّح من وراء عزلك و السير بك بعيدا عن أشواق الثورة و أمانيها التي طالما قلت أنّك منها.
فقد أصبحت أشكّ في ذلك!!
لا أعلم تحديدا ما الذي يدور في رأسك ؟ أو ما الذي تريد الوصول إليه لأننا لم نعد نفهمك ؟ و في الحقيقة عدم فهمك ليس طارئا بل كان ثابتا لدينا منذ البداية لكن منافستك للصّ الضرائب جعلتنا نتجرّعك رغم أنّك صرّحت بنفسك أنّك لا تعرف لماذا ترشحت لأعلى منصب في الدولة.
أنا أعلم أنّك مثل أغلب الموظفين في الدولة ( و أنت الذي قضيت عمرا هناك ) الذين يعتاشون على راتب يقبضوه من الأمّ الحنونة (الدولة المعطاء التي تجود على أبنائها الصالحين و الذين يفدونها بأرواحهم طالما أن الرواتب موجودة ) نهاية كلّ شهر، قد تكوّن لديك جدار سميك عازل قطره ثلاثين سنة وظيفة عمومية، يجعلك لا تغامر و تميل للركون و إنتظار إنتهاء المعارك و إنقشاع غبارها لتقرر بعدها ما ستفعل ؟ إنّك محاسبي مثل جميع أصحاب الوظيف ( يحسبوها و هي طايرة ) و كلّ ( صوردي يمشي في بلاصتو).
و أنا أعلم أيضا أنّ هذه السنوات الثلاثين حوّلتك لشبه آلة تعمل وفق نظام تشغيلي محدد، ثلاثون سنة و أنت تكرر نفس الأشياء، تقول نفس الكلام، تتواجد بنفس المكان، تواعد نفس الوجوه...قل لنا ما هي تجاربك خارج القانون الدستوري ؟ خارج الجامعة ؟ خارج منزلك ؟
هل ترى، فنحن لا نعرف عنك سوى أنّك أستاذ قانون دستوري قضى عمره في جامعة، طيّب و بعد ؟
أبي أيضا له تجربة واسعة في مجاله ربّما تفوق تجربتك في مجالك الصغير جدّا، فهل تكون له القدرة على رئاسة دولة ؟
من يدري ؟ قد تدفع به الأقدار التي دفعتك لتعتلي مكانا كان يفترض بك أن تحافظ من خلاله على ما تبقّى من الثورة و الديمقراطية التي تتربّص بها قوى الشرّ المعادية للشعوب و للحريّة لكنّك ترى منكرا سياسيا حاصلا و أنت المكلف شرعا و دستورا بتغييره بيدك لكنّنا لا نراك تفعل.
في إنتظار ذلك سنصبر كما صبرنا على غيرك، فالشعوب قدرتها على الصبر أكبر من أن تتخيّل.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: