ناصر الرقيق - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 1429
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
المثقّف، هو ذلك الشخص الذي تراصّت في ذهنه آليّات التفكيك السليم للظواهر والأحداث، ممّا يمكّنه لاحقا من اصدار أحكام هي أقربللصواب منها للخطأ وإن كانت تحمل هامشا من الخطأ (الطبع البشري).
هذه الأحكام أو لنقل الآراء الصادرة عن المثقف، تمثّل دليلا مهمّا لعموم متابعيه الذّين لا يمتلكون عادة القدرة على تشكيل الرأي دون الحاجةلرأي المثقف. لهذا يسهل جدّا خداع النّاس من المثقّف المتواطئ مثلا!!
ولئن وُجدت في الماضي أنواع من المثقفين، أهمّها المثقّف الخائن، المثقّف المتواطئ، المثقف العاجز...فإنّ نوعا جديدا برز خلال هذه الأيّام،وهو المثقف منفصم الشخصيّة.
فهذا المثقف، هو ذلك الذي يبدي الرأي ونقيضه من نفس الحدث وفي نفس الوقت.
فقد رأيت هذه الأيّام، بعض المثقفين التوانسة (منهم أحبّة لي) متحمسين جِدًّا لإدانة الانقلاب في السودان (وأنا أدينه أيضا وأدنته حتى قبلحدوثه وقد كان متوقعا) في حين أنّهم إمّا ناصروا الانقلاب في تونس أو في أفضل الأحوال سكتوا.
هذا الانفصام العجيب، جعلني أتوقّف عنده وأفكّر في أسبابه التي أراها كالتالي :
مناصرتهم للانقلاب في تونس لأنّه وقع على خصمٍ لهم (المناصرون).
إدانة الانقلاب في تونس لها كلفتها لذلك تجنبوا إدانته(الساكتون).
تحمسّهم لادانة الانقلاب السوادني لأنّها ليست معركتهم وبالتالي لن تحسب مواقفهم عليهم.
ظهورهم بمظهر الديمقراطي المناصر للحرية بإدانتهم للانقلاب في السودان.
والعجيب في كلّ ذلك أنّ ما حدث في تونس انقلاب مكتمل الأركان لأنّه حدث على سلطة منتخبة انتخابا مباشرا من الشعب، في حين أنّ ماحدث في السودان (وهو انقلاب أيضا) لم يحدث على سلطة منتخبة من الشعب بل على جزء من السلطة المتوافق عليها. فمن الأوْلى بالإدانة؟تونس أم السودان؟
المثقّف الذي لم تترسّخ لديه المبدئيّة في اتخاذ المواقف، سيكون مثقّفا تتنازعه الأهواء لا المبادئ، حيث يميل أين مال هواه لا أين كان المبدأفقال به.
ليس مطلوبا من المثقف أن يحبّ الحاكم أو أن يكرهه، بل المطلوب منه أن يعارضه حتّى وإن صادف في نفسه هوى له وأن ينصفه حتّى إنوجد في نفسه كرها له!!
فالمثقف الديمقراطي (ويُفترض أن يكون كذلك) لا يمكن أن يكون مساندا للانقلاب في تونس ومناهضا له في السودان، فإمّا أن يكونديمقراطيّا حقيقيا في أيّ مكان وزمان، وإلّا فهو يعاني سكيزوفرينيا لم ينتبه لها بعد.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: