ناصر الرقيق - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 1365
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
أبدا، لم تكن كذلك وإلّا لرأينا الجميع قد سلّوا أرواحهم وامتشقوا أنفسهم يذودون عن الحريّة بحياتهم.
ثمّة فكرة تؤرّقني وأنا أرى استماتة البعض (وهم يوميّا في تناقص) في الدّفاع عن رئيس احتكر كلّ السلطات وبدأ تدريجيا في تقييد الحريات العامّة والخاصة، وهي كيف نفسّر هذا السلوك؟
هناك تفسير قريب للواقع وهو أنّ الحريّة كقيمة في ذاتها لم تكن مطلبا للجميع، فكثيرون كانوا يَحْيَوْنَ حياة طبيعية (المواطن المستقرّ) ولم يكن واردا مطلقا أن يطالبوا بشيء كهذا بل العكس قد يحدث وهو أنّهم قد يطالبون بالتصدّي للحريّة ومحاربتها بدعوى أنّها فوضى وأنّها مجلبة للخراب كما سمعنا من كثير من التونسيين.
الحريّة كانت مطلبا لجزء من التونسيين الذين يرون فيها ضرورة حياتية لذلك عملوا لسنوات على فرضها بالقوة من خلال التصدي للظلم والطغيان الواقعين في تونس، ودفعوا نتيجة لذلك أثمان غالية سجنا وتعذيبا وحتى استشهادا، وهؤلاء هم الذين نجدهم اليوم في مقدمة جبهة التصدي لهذه الموجة الجديدة من الديكتاتورية الناشئة بعد انقلاب 25 جويلية.
من لم يعرف الطغيان لن يعرف قيمة الحرية، فمن لم يجرّب سلب حريّته بسبب رأيه لن يستلذّ النعمة التي عاشتها تونس خلال العشر سنوات التي أعقبت هروب المخلوع. فالمواطن الذي لم يساهم في ذلك الانجاز حتّى بكسره لإشارة مرور (رفض مبطّن للواقع) لن يشعر بأنّه معنيّ بالحفاظ على المكاسب التي جلبتها الثورة وعلى رأسها الحريّة.
مازالت الحريّة في تونس غير متجذّرة في النفوس لذلك سيحاول المحاولون التقليص منها وربما الغاءها تماما كما هو واقع الحال مع هذا المنقلب. وسنجد دائما قلّة يدافعون عنها وكثرة يسفيدون منها، لهذا سيكون التحدّي الأكبر اقناع هؤلاء الذين لهم مصلحة مباشرة في وجود الحريّة بالانضمام لقوافل المدافعين عنها بدل الجلوس وعدم فعل شيء وهم يرون أنّ هناك من يحاول وأدها.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: