أحمد الحباسى - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 2549
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
لعل اكثر المتابعين لشؤون الجماعات الارهابية يتعمدون اغفال الحديث عن جهاد النكاح بل يتعمدون الحديث عن هذا الموضوع اصلا رغم اهميته و رغم ما تمثله ‘ المجاهدات ‘ من خطر مباشر او خطر غير مباشر او خطر مستقبلى متمثل فى ابناء هذا ‘ الجهاد ‘ القذر الذى أفتت به حركة النهضة على لسان مرشدها المحلى السيد راشد الغنوشى و مرشدها العام السيد يوسف القرضاوى و بعد الهزائم المتواصلة للجماعات الارهابية فى سوريا و العراق و بعد صعود الاصوات الرافضة لعودتهم لبلدان المنشأ رغم الاغراءات الالمانية و الاوروبية عموما لبلدان المغرب العربى للقبول بعودتهم بات من المهم الحديث عن مصير ابناء جهاد النكاح و هل أن هناك امكانيات لعودتهم و هل تشكل تلك العودة خطرا على دول المغرب العربى خاصة فى ظل ما تعانيه هذه الدول من هشاشة و عدم استقرار أمنى رغم كل الجهود الامنية الذاتية المتواصلة و الانفاق المالى المقتطع من المتطلبات الاقتصادية و التعليمية و الثقافية لمواجهة خطر الارهاب بكل عناوينه و مفرداته و تفرعاته، نحن اذن أمام معضلة أمنية و اجتماعية خطيرة بكل المقاييس تهدد استقرار المنطقة العربية و تدفع الى الاعتقاد بأن القضاء على الجماعات الارهابية فى العراق و سوريا لم يكن يشكل نهاية الحرب على الارهاب بل بداية حرب أخرى لا تقل خطورة و ضراوة و تشعب .
لعل هناك من لم ينتبه من الاساس الى خطورة جهاد النكاح كمشروع و كمخطط اريد من وراءه أن يستمر العقل التكفيرى فى الاشتغال حتى لو تم القضاء على الجماعات الارهابية، فالمؤامرة الارهابية التى تستعمل الدين كواجهة مضللة و مزورة للولوج داخل وجدان الجماعات التكفيرية الارهابية سواء من حيث اقناعها بضرورة القضاء على بعض الانظمة العربية كواجب دينى و اخلاقى و انسانى أو من حيث دفعها الى ارتكاب المجازر تحت تأثير المخدرات التى تضعها المخابرات السعودية على ذمة هذه الجماعات المتطرفة تدرك أن العقل الارهابى يجب أن يستمر حتى لو انهزمت الجماعات الارهابية و لذلك تم الالتجاء الى انتداب القاصرات لدفعهن تحت ضغوط الحاجة و ربما الاقتناع الى القبول بمضاجعة كل من هب و دب و لو أمام ازواجهن طمعا فى الجنة الزائفة الموعودة دون الانتباه الى ثمرات هذه الخطايا و ما ينتج عن هذه العلاقات المحرمة من ابناء السفاح الذين يواجهون مصيرا لا يقل بشاعة عن مصير اللاجئين الهاربين من وحشية هذه الجماعات و التى تتحدث وسائل الاعلام العالمية عن تعرضهم للاغتصاب و لما يسمى بتجارة الجنس و تجارة البشر و تجارة الاعضاء .
في عام 2014 أطلق تنظيم “الدولة الإسلامية ” حملة إعلانية دعائية كبيرة هدفها إغراء الفتيات والنساء الشابات للالتحاق بالتنظيم في سوريا والعراق. كان الهدف من هذه الحملات دفع النساء و الفتيات الى الالتحاق بما كانوا يسمون انفسهم بالمجاهدين فى سبيل نصرة الاسلام و لعل ما شد انتباه المراقبين ان ‘ الدولة الاسلامية ‘ قد اعتمدت فى هذه الحملات المتكررة على احدث تقنيات الدعاية الاعلانية و تمت مخاطبة النساء بواسطة نشر صور جاذبة لبعض الرجال و صور اخرى لبعض المحجبات تتحدثن بكثير من العبارات الرومانسية عن حياتهن الجديدة فى ظل الدولة الاسلامية ، استعمال اخر صيحات الاعلان و تقنيات الاعلان يؤكد أن هناك مخططا مدروسا لدفع النساء للقبول بعلاقات جنسية اقرب الى الزنا المعلن بالمقاتلين الاجانب تحت يافطة مغلوطة اسمها جهاد النكاح و من شأن تلك العلاقات الفاسدة ‘ الحصول ‘ على قطع غيار بشرية ارهابية بصورة متواصلة جاهزة للتغرير و للاستعمال عند الحاجة بدل الحاجة الى التوريد من عدة بلدان و هذه القطع البشرية ستكون المقاتلين المستقبلين فى دولة ‘ الخلافة ‘ الموعودة .
تجمع اراء المحللين على أن ظروف نشأة هؤلاء الاطفال تمثل خطرا على مستقبلهم بل خطرا على نفسيتهم و ظروف تكوينهم الذهنى بالأساس و من الصعب أن ينشأ طفل الزنا الفاقد للسند الابوى و الجاهل لمصيره فى تلك الظروف الامنية و العسكرية المتقلبة نشأة الطفل العادى بل من الاقرب أن يصبح مصابا بصدمات نفسية بما يترتب على ذلك من مصاعب فى كيفية تعامله مع محيطه خاصة فى ظل مشاهدته اليومية للسلاح و للدم و للمناظر المرعبة الناتجة عن القصف و القتل، تقول بعض التقارير ذات المصداقية أن الدولة الاسلامية و فى نطاق مخططها القذر تقوم بتلقين الاطفال لغة التطرف منذ سن السادسة بل هناك من التقارير من تحدثت عن جاهزية بعضهم للقيام بعمليات انتحارية مما يؤكد ان فكر التطرف الذى تشرف عليه المؤسسة الدينية السعودية و اشباهها فى الوطن العربى يتعمد تنشئة هؤلاء الاطفال الصغار على ‘الجهاد ‘ المزعوم و تلقينهم التطرف من البداية لضمان استمرار مسيرة الارهاب لسنوات قادمة لذلك لا يقلل المراقبون من انهيار دولة الخلافة و لكنهم لا يستبعدون خطر هذا التنظيم فى المستقبل القريب .
تكشف دراسة نشرتها مجلة ‘ فورين افيرز ‘ عن قوة جهاز استخبارات الدولة الاسلامية بل تنبه الى ان سر نجاح داعش كامن فى تشغيله لخلايا نائمة تتولى مهمة التجسس و توفير المعلومات بواسطة اناس منخرطين فى المجتمعات العربية و الغربية و لذلك هناك اجماع بان التحدى الاكبر القادم سيكون فى التعامل مع هذا الجهاز الفائق الخطورة و الذى سيكون لأبناء جهاد النكاح دور فى تغذيته بالمعلومات التى يمكن ان تكون سبب الالهام لكبار المتطرفين بالقيام بعمليات انتحارية على شاكلة احداث 11 سبتمبر او تفجيرات كينيا خاصة أن هؤلاء الابناء ينحدرون من اصول و دول مختلفة مما يصعب على اجهزة الاستخبارات مراقبة تحركاتهم الارهابية بدقة رغم تبادل المعلومات بين الاجهزة الغربية و العربية ذات العلاقة بالتنظيمات الارهابية، أيضا يجب التذكير ان القضاء على العناصر البشرية المنتمية لدولة الخلافة لا يمثل نهاية التنظيم المادى و بالذات الترسانة الاعلامية عبر الفضاء الالكترونى القادرة على اعادة ترتيب نفسها بأقل التكاليف و الوقت فى عديد الدول المحتملة و لعل الاصدار الاخير الذى انتجه التنظيم و الذى يحمل عنوان ‘ لهيب الحرب الى قيام الساعة ‘ داعيا انصاره الى الاستمرار فى المعركة يؤكد أن ابناء جهاد النكاح سيكون لهم دور فى مستقبل الصراع الدولى ضد الارهاب .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: