أحمد الحباسى - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4110
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
يعدون على أصابع اليد الواحدة ، هؤلاء هم من وقفوا ضد بعض القرارات و عوقبوا من النظام السابق بعقوبات مختلفة اعتبرها البعض مشطة و غير مناسبة و اعتبرها النظام ضريبة عدم الانصياع للأوامر الإدارية، و الذين يملئون بطون الثورة اليوم بكونهم كانوا من أوائل الثوار كاذبون، فالقضاء التونسي كان مجرد خربة عشش فيها الاستبداد و الظلم و الرشوة و المحسوبية، و لو أردنا ضرب مثال للقضاء المعارض للنظام فليس بالإمكان إلا أن نضرب مثال القضاء المصري الذي واجه نظاما استبداديا ملطخا بالدم إلى حين سقوطه و دفع ضريبة الدم و العزل و الإقصاء و المعاناة و التشريد ، مئات القضاة المصريين تعرضوا ‘ للذبح’ على يد النظام و مئات آخرون تعرضوا للنيل من سمعتهم بفبركة ملفات بواسطة المخابرات و مئات آخرون هددوا في حياتهم فانقطعوا و ‘ذهبوا’ إلى البطالة صاغرين، في تونس لم يكن النظام قاسيا بالحد الذي يذكره هؤلاء، فهؤلاء كانوا أبناء النظام و خدمته و حاشيته الفاسدة ، لذلك و من أجل ذلك دمروا الشعب و نزعوا حقوقه و أهانوا محراب العدالة كم مرة دون أن يرف لهم جفن، و على أبواب ‘قصور’ العدالة تجرع الشعب المرارة تلو المرارة و شرب كأس ظلم القضاء النوفمبرى الفاسد.
خابت الثورة في رؤية وضع العدالة يتغير في تونس، بل هناك اعتقاد راسخ لدى عموم الشعب أن وضع القضاء اليوم محير و يدعو إلى المراجعة و النظر، لم يكن القضاء مستقلا في عهد بن على و بواسطته ارتكبت كثير من الجرائم كان ‘ أبطالها ‘ قضاة فاسدون معروفون بالاسم ، و كان الانتظار انه بمجرد قيام هذه الثورة سوف يتخذ الحكام الجدد إجراءات عملية حاسمة لتطهير القضاء لإقامة مؤسسة قضائية عادلة تحمى الحريات و الديمقراطية الناشئة، لكن حركة النهضة و لأسباب يطول شرحها خيرت تطويع القضاء كما كان يفعل بن على و بورقيبة و بدأت بحركة طرد ما يزيد عن 80 قاضيا بصورة غير قانونية حتى تخيف بقية الجهاز القضائي و بذلك تمكنت من تكوين جهاز قضائي مواز يخدم أهدافها في التعامل بشكل معين مع بعض الملفات المهمة المتعلقة برجال الأعمال و ببعض شخصيات النظام السابق و من تعاملوا معهم و كان ملف تسليم البغدادي المحمودى إلى العصابات الليبية الحاكمة في طرابلس الفضيحة الكبرى التي كشفت الأدوار القبيحة القذرة التي أداها وزير العدل نورالدين البحيرى و التي ستبقى وصمة عار في جبين كل الإخوان و في جبين الثورة و في جبين القضاء المنبطح ككل، لذلك من العيب أن تتحدث النهضة في المنابر عن المحاسبة و عن الظلم و عن القضاء.
لقد عانى الشعب الكثير من الاضطهاد في زمن بورقيبة و بن على و الغنوشى على حد سواء، الأمر مستمر إلى اليوم في عهد الرئيس الحالي، و قد مثل القضاء الغطاء لإصدار أحكام جائرة ذهب ضحيتها كثير من الأبرياء الذين انتزعت أملاكهم و خلعوا من وظائفهم و تمزق شرف عائلاتهم، و بعد مجيء الثورة كانت الأنظار تتجه نحو هؤلاء’ أصحاب الفضيلة’ الذي توسم فيهم الشعب الغير فتبين بالممارسة أنهم أكثر إجحافا و استبدادا و ظلما من الأنظمة السابقة، و كما خدع الجميع في عهود بن على و بما يسمى ببيان 7 نوفمبر خدع الجميع في مواعظ و بيانات و خطب و برامج حركة النهضة يضاف إلى سقوط محمد المرزوقي و مصطفى بن جعفر في بئر الصمت العميق على كل ما جرى من جريمة إسقاط القضاء و تطويعه و إرساء منظومة قضاء موازى بواسطة نورالدين البحيرى الذي خرج من الوزارة تحت وابل من اللعنات و كثير من مشاعر الكراهية، و اليوم يمشى قضاء السبسى على نفس خطى راشد الغنوشى، و عندما نشاهد حالة القضاء اليوم و ما وصل إليه من سقوط في بئر البيع و الشراء ندرك أن الثورة قد فشلت في تحقيق أحد أهم أهدافها و أكثره أهمية و بالتالي فان الديمقراطية التونسية الناشئة مهددة خاصة بعد أن تزعمت عصابة فاسدة حال القطاع و أدخلت مشاغل القضاة في مجال السياسية و مجال الكواليس و زواريب الأخذ و الرد .
اليوم هناك قضاء فاسد و حكومة و أحزاب فاسدة، الجميع من هؤلاء يبحث عن كيفية اقتسام الكعكة السياسية و احتلال المواقع، و بعودة رموز النظام السابق تباعا تتبين أن هناك منظومة متشابكة لم تعد تهتم بخدمة القضاء و لا بتطهيره بل بخدمة الإرهاب و المهربين و بعض مصالح رجال السياسة، فلا مرصد القضاء الهلامي الذي كرس خطوط سيره لتبييض الإرهاب بحجة الدفاع عن حقوق الإنسان تحدث عن وثائق بنما و لا عن كل الوثائق المسربة التي تفيد فساد القضاة و فساد بعض الشخصيات المهمة الحاكمة و لا هيئة القضاء و لا جمعية القضاة اهتمت بهذه الوثائق التي هي جزء من اهتمام القضاء في الدول المتقدمة، كل هم جمعية القضاة هو الحصانة للقضاة حتى يشيع الفساد بكل أنواعه دون محاسبة، و عندما نرى القتلة يخرجون من السجون رافعين علامات النصر ندرك أن القضاء لم يكن يوما إلى جانب الشعب و أن الثورة على بن على لم تتم بالشكل المطلوب، لذلك نقول بمنتهى الصراحة كفانا احترما لهذه المؤسسة الهابطة، كفانا أوهاما فهؤلاء الناس ‘ القضاة ‘ لم نر منهم طيلة عقود من الزمن إلا الذل و الظلم و المماطلة إضافة إلى دورهم القذر في تزوير نتائج الانتخابات، لقد أصدروا الأحكام باسم الشعب و هي أحكام لا تخدم الشعب و حقوق الشعب بل هي مجرد أملاءات السلطة الحاكمة و نزواتها، لقد قمعوا الشعب لصالح السلطة و لذلك من العار أن يتحدث احمد الرحمونى عن قمع الشرطة للمواطن و لا يلتفت إلى قمع القضاء للشعب، إنهم جلادون و سوط السلطة الذين طالما نهشوا عرض المواطن و رموا بحقوقه في يد الطاغية، لذلك يكفى ما فعلوا و عليهم اليوم الانتباه أغن الثورة القادمة ستكون في صحن القضاء الملوث .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: