أحمد الحباسى - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4053
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
لا شك و لا خلاف أن هناك من يبيض الإرهاب و يقوم بمده بالمعلومات و المال، لاشك أيضا أن هناك دولا من مصلحتها أن ‘يندس’ الإرهاب في تونس و أن يتم القضاء على المؤسسة الأمنية و العسكرية للإطاحة ببقية مؤسسات الدولة و تسهيل عملية إنشاء دولة الخلافة برئاسة الخليفة الأول السيد حمادي الجبالى، و بالطبع هناك أموال نفطية خليجية و مخابرات تتعاون على تمويل الإرهاب و تغذيته بما يحتاجه من لوازم بشرية و مادية ليؤدى دوره التخريبي تماما كما حدث في مدينة بن قردان منذ أسابيع قليلة، و لعل الجميع اليوم على علم بوجود محامين و قضاة و سياسيين و إعلاميين مهمتهم الوحيدة الواضحة هي تبييض الإرهاب و ‘تسهيل’ نشاطه داخل المدن التونسية، و لعل البعض يعلمون اليوم أن أغلب المحامين إن لم نقل كلهم يمررون محاضر بحث ‘ منوبيهم ‘ الإرهابيين إلى الجماعات التكفيرية الإرهابية التي لا زالت تنشط خارج البلاد و داخلها حتى تتخذ الاحتياط اللازم و ترتب خططها الدموية على هذا الأساس و تبعا لكل المتغيرات.
لقد كان حريا بالقضاء و بالمؤسسة الأمنية أن تتابع ملف تسريب وثائق التحقيق في ملف الإرهاب و تتخذان الإجراءات الردعية القانونية اللازمة ضد هؤلاء المحامون الخونة للوطن و للقسم، و كان حريا بمجلس نواب الشعب أن يقوم بمساءلة عاجلة لوزيري العدل و الداخلية لمطالبتهما بالتحقيق و كشف اللثام عن هؤلاء الذين يسربون محاضر التحقيق و يتواصلون مع الإرهاب داخليا و خارجيا، لكن من الواضح أن النيابة العمومية نائمة في العسل و هناك ضغوط معينة من طرف معين قد عطلت مسار فتح التحقيق في هذا الملف الحارق، و لذلك لم تعد هناك سرية للتحقيق و لم يعد هناك مجال للحديث عن السر و القسم المهني بالنسبة لهؤلاء المحامون المكلفون من جهات داخلية و خارجية بمهمات محددة تتعلق بتسريب وثائق التحقيق أو بالتواصل مع الإرهابيين في السجون و نقل رسائل معينة لبعض الأطراف و تلقى تعليمات معينة يتم نقلها بهذا ‘ البريد السريع’ المتمثل في هؤلاء المحامين.
لقد تفاجأ الرأي العام المتابع لملف هؤلاء المبيضين للإرهاب بهذه الحملة القذرة التي شنها من يسمون بنواب الشعب على وقع جلسة مساءلة وزيري الداخلية و الدفاع حول الأحداث الإرهابية الدموية الأخيرة في مدينة بن قردان، فقد خرج إلينا هؤلاء منددين بخواء هذه الجلسة من ‘المعلومات’ و بكونهم لم ‘يحصلوا’ من الوزيرين على ما يسد ظمأهم من ‘الأسرار’ الأمنية متبجحين بكون صفتهم النيابية تسمح لهم بالحصول على كل المعلومات المطلوبة و ما كان على الوزيرين أن يتحفظا عليها تحت أي ظرف، و لان أطماع هؤلاء النواب مفضوحة و مشبوهة فقد سقطوا في الفخ لما سربوا في الحين معلومة سرية تتعلق بإيقاف النائب المنتمى لحركة النهضة في علاقة بتهمة انتمائه للجماعات الإرهابية و بكونه عنصرا من الطابور الخامس، هذه المعلومة التي جاءت على لسان وزير الدفاع في هذه الجلسة السرية تم تسريبها من هؤلاء النواب الحاضرين في الحين بما يؤكد للمتابعين أن الوزيران كانا على حق عند رفضهما الضمني لكشف أسرار الدولة لجهة سيادية لا تحظى بالثقة التامة.
لقد لاحظ المتابعون لأشغال مجلس نواب الشعب و بالذات المنظمات الرقابية التابعة للمجتمع المدني مدى استهتار أغلبية النواب بالمهمة المنيطة بعهدتهم خاصة في مثل هذه الظروف التي يعيش المجتمع التونسي على وقعها و إرهاصاتها و ذلك بالغياب المتكرر عن الجلسات و المناقشات و البطيء في تمرير القوانين المهمة في علاقة بتركيز مؤسسات الدولة مثل القانون المتعلق بتركيز الهيئة العليا للقضاء، و لقد بينت الإحصائيات الدقيقة أن هناك من لا يحضر أعمال مجلس النواب و هناك من يكتفي بتسجيل الحضور كل ذلك دون أن يخجل من نفسه عندما يتلقى راتبه الشهري المنتفخ بحكم الزيادات المتعاقبة في ظل تزايد نسبة البطالة و ارتفاع تكلفة المعيشة لدى الطبقات الفقيرة، لكن أن يصل الأمر بهؤلاء النواب حد تسريب سر جلسات الاستماع لوزيري الداخلية و الدفاع و حد المطالبة المشبوهة بتمكينهم من كل الأسرار المهمة المتعلقة بالعمليات الإرهابية و بالقدرة القتالية و التعبوية للمؤسسة الأمنية بكل عناوينها فهذا فعل خادش يضر بالسلم الاجتماعية و بمصالح الدولة العليا و يعطى الدليل القاطع على أن للإرهاب جذورا بدأت تتعمق داخل كل مؤسسات الدولة.
إن نائب الشعب لا يحمل صكا على بياض، و ليس معصوما و ليس من حقه إطلاقا أن يحصل على كل الأسرار الأمنية و العسكرية تحت أي ذريعة كانت خاصة و أن المؤسسة الأمنية و العسكرية و رغم كل هناتها و طبيعة الصعوبات التي تلاقيها من كل الأطراف في البلاد هي المؤسسة الوحيدة الضامنة لاستمرار الجمهورية و علوية مصالح الدولة و هي المؤسسة التي تستحق ثقة الشعب نظرا لكل التضحيات التي تقدمها وفاء للوطن و للقسم ، و اعتبارا لكل الظروف التي تحف بالإرهاب و بطبيعة المرحلة فقد بات لزاما على هذه المؤسسات الحامية للوطن أن تحمى نفسها من الداخل و الخارج و بالذات من هؤلاء الذين نكتشف يوما بعد يوم أنهم طابور خامس متفرع من كل النخب في البلاد نذر نفسه لخدمة الإرهاب و نشر ثقافة التكفير، لذلك من حق وزير الداخلية و وزير الدفاع أن يتجنبا كرجلي دولة الإنجرار في لعبة المعلومات حتى لا يتسنى لهؤلاء النواب ‘ الموازون’ تهريبها لأعداء الوطن.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: