سفيان عبد الكافي - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 7263
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
تُترجم منظومة الديمقراطية التشاركية ذات البيانات المفتوحة والحوكمة الإلكترونية عن الموطنة الحقيقية التطبيقية بعيدا عن الشعارات والوصاية والحكم الآلي التقليدي.
انها تستلهم قواعدها من التاريخ ومن التجارب الناجحة للأمم في ابتكار منظومات حُكمية رشيدة، وهي منظومة تونسية بما اضافته من آليات جديدة تعبر عن روح الثورة وفرادتها وقيادتها لقيم التحرر والمواطنة والكرامة.
فالفساد في الحكم لا يترسخ بتآمر الحاكم وصاحب السلطة وحده، بل المعارض هو شريك في هذه المؤامرة على الوطن والمواطن، سواء عن سوء نية وهو ما نعبر عنه بالمعارضة الكارتونية او الموالات حين تعلم بالفساد وتسكت عنه او تشترك فيه خفية للتضليل لتحصد نصيبا من عوائد الفساد، وسيان ان اخذت الكثير او الفتات فالجرم واحد.
او تكون عن حسن نية بحكم افتقارها للبديل الفعال والبرنامج المقنع، واستعمال نفس الأساليب الدعوية والشعبوية الفارغة من البرامج الحقيقية والبديل الواقعي التطبيقي المقبول لمشروع وطني تنموي يتكاتف حوله المجتمع ليتصدى لغول اللوبي المتحكم.
اما إذا عمّقنا النظر في اسباب هذا التسيب وعدم احترام الفئات السياسية للشعب وانقلاب الناخب على ناخبه حتى في انتخابات شفافة، نلاحظ ان كلا الطرفين ـ اي الحاكم والمعارض ـ لا يخاف من الشعب، بل يحتقره ويعتبره جاهلا، ولا يصلح للإشتشارة ولا للقيادة، ويحصر دور الشعب في الإقتراع لإختيار قيادات تكون وصية عليه تحت شرعية الإنتخاب، وبعد مراسم الإنتخاب يُرمى بالشعب عرض الحائط في انتظار الموسم الإنتخابي القادم.
ولا نستغرب إذا من عزوف المواطن التونسي عن الإنتخاب وعدم اقباله على التسجيل رغم الدعوات الملحة التي تعلن، لأنه يعلم ان عملية الإنتخاب غير مجدية وماهي إلا لعبة سياسية يعتمد فيها على المواطن لأخذ شرعية انتهاك المواطنين واستنزاف ثروات البلاد وتهميش التنمية، وبالتالي يمتنع الموطن عن اعطاء هذا الصوت كردة فعل من باب اضعف الإيمان.
ان عدم خوف السياسي من الشعب جعل كل التيارات السياسية تقدم برامج خيالية لا تنفذ إلا في ادمغة اهل الساسة وخيالهم ويسلكون انموذجا غريبا من العمل السياسي من خلال ما يسمى التحالفات والوفاقات وغيرها من التواطئ الغريب دون مراعاة لتطلعات الشعب، فيحكمون ويقررون وحدهم كفيئة قليلة ويلزمون بها الشعب اجبارا من خلال الإنتخاب.
ليست تونس وحدها ضحية هذه الآلية التقليدية في الديمقراطية والإقتراع، فحتى الدول المتطورة والعريقة في ميدان الديمقراطية والتداول السلمي على السلطة لا يطبق فيها سيادة حقيقية لشعب بقدر ما يطبق سيادة اللوبي والمافيوزية المتحكمة، والتداول دوما ما بين مجموعات لوبية متجمعة في تيارات وأحزاب يحكمها المال السياسي، والسيادة للشعب هو شعار للتغطية على فساد اللوبي المتحوز والوصي على الشعب.
داخل هذه الآليات الانتخابية المتعارف عليها والمطبقة من طرف الدول التي تعتمد على صندوق الإقتراع ليس للشعب إلا خيار واحد، وهو الاختيار ما بين واحد من المترشحين ولا يمكنه ان يرفضهم كلهم، ولهذا يجد المواطن نفسه عاجز عن التخلص سلميا عبر صناديق الإقتراع من هذه الطبقة السياسية واللوبيات المتحكمة التي تفرض وصايتها عليه، وردة فعل المواطن في هذه الحالة اما مقاطعة الإنتخابات، او اذا كان مواطنا واعيا ويتحمل ذرة مسئولية فسيعطي صوته عن كراهية لأحسن السييئين فيهم.
لهذا لا تتغير انظمة الحكم ولا تقصى الطبقات الحاكمة إلا بثورات او انتفاضات او انقلابات مع يأتي معها من فوضى وخطر انخرام الأمن وتهديدا لكينونة الدولة وانتهاكات لحقوق الإنسان والتشفي والإنتقام، وقد تتركز بعدها دكتاتوريات اسوء من التي سبقتها، فهل سمعتم عن ثورة قامت في اي دولة في العالم وغيرت كل الطبقة السياسية المشاركة في الحكم والمعارضة من خلال انتخابات وصناديق اقترع؟!...
قطعا لا.. وهذا ليس مرده الشعب او المواطن او دكاتورية الحاكم، انما العلة في الآلية المعتمدة ذاتها في المنظومة الإنتخابية التقليدية الكلاسيكية التي نقلدها بغباء غريب.
انه حمق، بل هو تضليل سياسي، عندما نستغرب عدم اقبال الناس والشباب خاصة على التسجيل والإقتراع والإنتخاب، طالما الناخب يشعر بانه متحيل على صوته وليس هناك تعادلية في كفة الميزان التي تعبر عن صوته الرافض لهذه الطبقة السياسية داخل منظومة الحكم، اذا لا خيار امام الشعب الا القبول وعليه ان يختار اجبارا احد الأطياف السياسية المترشحة والمسقطة عليه، فماذا يفعل من لا يعجبه احد منها وينادي بتغييرها وادخال افراد واشخاص جدد ليعطى نفسا اخر متجددا لمنظومة الحكم في الدولة وخاصة النفس الشبابي.
هنا يظهر جليا ضعف المنظومة الإنتخابية الكلاسيكية، فصوت الرفض غير واضح وجلي او بالأحرى هو ملغى وغير موجود، بمعنى ان لم ينتخب الشعب وقاطع الإنتخابات وكانت نسبة المشاركة متدنية، يعتمد ما حُصّل من اصوات، وتبنى عليها الشرعية حتى ولو كانت نسبتها قليلة، وكم شاهدنا من مقاطعات للإنتخابات في بلدان عدة وتدنت نسب المشاركة فيها واعتمدت النتائج وبقيت الدكتاتوريات واللوبيات نفسها تحكم، فما فائدة المقاطعة اذا لم تؤدي الى التغيير، وما فائدة رفض مطلق غير واضح ومقنن تغلبه قلة واضحة ومقوننة؟، ولهذا يلتجأ الشعب للتمرد من خلال الثورة والإنتفاضة.
لا يوجد في المنظومة الكلاسيكية شيء اسمه صوت اعتراض صريح يعتمد لإزاحة الطبقة السياسية شعبيا، حيث يفسر الساسة المقاطعة بأنها تقاعس وتخل عن حق دستوري وليس رفضا لهم، لأنه ليس هناك قوانين محددة لهذه النسب الواجب بلوغها لتعتبر الهيئة المنتخبة شرعية.
كما لا يوجد قوانين عقاب سياسي موضوعة تنفذ على الطبقة المشاركة في الإنتخابات والطبقة السياسية عامة تؤسس لإسقاط الشرعية عبر المقاطعة وتغير الطبقة السياسية وتزيحها، كأن توضع قوانين تنص على اجبارية بلوغ نسبة التصويت 40 % من الناخبين على الأقل لتكون هناك شرعية، ولكن هذا لا يوجد، بل لا يريدون ان يوجدوه، فهو يمثل خطرا على تواجدهم في المشهد السياسي.
ان وضع هذه القوانين هو بمثابة اعطاء فيتو واداة تنفيذية ضامنة بيد الشعب قد يستعملها ضدهم، ولهذا يعتبرون الشرعية كاملة ومستوفاة مهما كانت النتائج حتى ولو وقع انتخابهم بـ 10% وبها يتسلمون السلطة.
داخل منظومة الوصاية التقليدية المُغيبّة لفعل والتاثير الحقيقي للمواطن يستسلم الناحب للتيار الجارف من المال السياسي والنعرة الإديولوجية والإنتتماءات الفئوية المختلة، ويعطي صوته لمن يحقق له فائدة شخصية اكثر من الآخر، ومن يقدم له مزايا ربح اكبر حتى ولو كان ذلك على حساب اخيه المواطن والوطن عامة.
فالتعصب الأعمى الذي نشاهده للأحزاب هو في الحقيقة الأمر تعصب للمصلحة الذاتية الشخصية ولكنها مغلفة بالقوالب والشعارات الوطنية وما كان من الوطنية في شيء، وللأسف اصبحت هذه السيمة جامعة في مجتمعنا ما بعد الثورة.
فمن نقاط ضعف الديمقراطية الكلاسيكية هي ارتكازها على ضمانات معنوية، اذا لا يوجد انموذج في العالم مطروح او سيطرح يرتكز على ضمانات غير معنوية كما تطرحه منظومة الحوكمة المفتوحة التونسية المستمدة من ثورتها المتميزة فلسفتها والتي تريد القوى المختلفة تهميشها وتعويمها.
تقدم المنظومة التشاركية التونسية المفتوحة آلية جديدة في منظومة الإنتخاب تسمى القائمة السوداء، تمثل صوتا صريحا للإعتراض عن القوائم المقدمة والطبقات السياسية المتواجدة، وتلغي التاويلات وتحمل الشعب مسؤوليته وليس له عذر بعد ذلك في مقاطعة الإنتخابات، ومن كان معترض يصرح باعتراضه عبر اختيار القائمة السوداء.
هذه الآلية تعطي لمنظومة الحكم حياة ثورية متجددة ومستديمة وسلمية وواعية، اي ان الفعل الثوري التغييري لن يكون بعدها ضربة حظ او حدث عابر او فعل فوضوي.
يصبح الفعل الثوري داخل هذه المنظومة جهد يومي وموسمي متواصل نحو تغيير واصلاح وتحصين منظومة الحكم من الفساد والإستبداد.
داخل هذه المنظومة الشعب يقوم بالتحصين وليس من خلال اوصياء عليه، ليستغلوا هذه الوصاية لأغراض الإنفراد السياسي بالحكم ومثال ذلك قانون تحصين الثورة وقانون العدالة الإنتقالية الذي يمثل احتقارا رهيبا للشعب، لتضيع فيه الحقوق وتوأد فيه القضايا الحقيقية للشعب وتحكمه مصالح الاوصاياء على مصالح الشعب.
ان القائمة السوداء توضع في كل انتخابات، البرلمانية وحتى رئاسية أو بلدية، كأنه مرشح من جملة المترشحين، فان كان الشعب مقتنعا باحد القوى او بعضها سيختار عاديا وتصعد اي قائمة او مرشح، وان كان الشعب لا يرى في احد من هذه الطبقة السياسية فائدة ويريد اخراجها من الحكم والقيادة والتحكم في مصير البلاد والعباد ما عليه الا ان يرشح او ينتخب القائمة السوداء ليمارس حقه في تحصين بلاده من الفساد والقادة الفاسدين او الخونة التي تتشكل منها الطبقة السياسية التي راى فيها الشعب انها لا تخدمهم ولا تراعي مواطنتهم وخانوا الأمانه، فيسترد الشعب عهدته وبيعته منهم جميعا، فتصبح القائمة السوداء هي الفائزة والمرتبة اولا.
طبعا هذا يترتب عليه عقاب سياسي، فتعاد الإنتخابات بدون مشاركة الأفراد المرفوع في وجههم هذا الفيتو سواء كانوا مشاركين بطريقة مباشرة (مرشحي قوائم) او غير مباشرة (قادة منظمات واحزاب).
المنظومة التشاركية المفتوحة ترفض ان يكون السياسي "داخل في الربح خارج من الخسارة"، فهذا هو السبب الحقيقي في التهافت المحموم على المناصب والسلطة، وأي سياسي يدخل هذا الغمار الانتخابي فهو لن يكون خاسرا في كل الأحوال اما ان يحصل على كرسي وإما ان يبقى على حاله، فلن يغير شيئا اذا خسر الإنتخابات، فهو يبحث عن زيادة الخير بالنسبة له، وكثير منهم يبحث عن تامين مستقبله وتقاعده من خلال الإمتيازات الدائمة التي تبقى لهم حتى بعد خروجهم، ولأن المنظومة المفتوحة ترتكز على التعادلية فهي تقول للسياسي:" اذا قبلت بالشيء الحسن والمزايا التي قد تحولك الي شخصية مهمة في البلاد وتعطيك رفاهية مادية وصوتا مسموعا وجاها، فعليك ان تقبل فريضة التدمير التي قد تنهي حياتك السياسية وتحرمك حقا دستوريا اذا رفع الشعب في وجهك الفيتو بطريقة مباشرة وليس عبر الوصاية".
يسلط العقاب السياسي على الأفراد المشاركين في الحياة السياسية باعتبار المنظومة تقر بمدنية الدولة، وهذا لا يلغي العقاب القانوني المدني اذا وقع اي مسئول أو سياسي تحت طائلة التتبع القضائي الجزائي بسبب فساد او اي مخالفات اخرى يجرمها القانون.
ولأن الدولة في المنظومة التشاركية مدنية اي تتعامل مع المواطنين على اساس افراد وليس فرق أو طوائف اوملل او اقليات او حتى تنظيمات، لهذا العقاب السياسي لا يسلط على المؤسسات كالأحزاب والمنظمات، بل على الأفراد، لأن المؤسسة او التنظيم ليس كائنا ماديا عاقلا، بل الأثر يكون نتاجا لفعل نشاط الأفراد، ولهذا لا يكون العقاب بحل الأحزاب او المنظمات تحت طائلة العقاب السياسي ولا تحل هذه المؤسسات الا عند مخالفاتها للمتطلبات والتمشي القانوني.
يكون العقاب على الأفراد بحرمانهم الترشح للانتخابات المعادة، ولا يتولون مناصب سياسية في ادارة الدولة طوال الدورة الإنتخابية القادمة ( حيث ان في هذه المنظومة تحدد فيها المناصب السياسية التي تتغير مع كل الحكومات وتفصل عن المناصب الإدارية التي ينتدب فيها حسب قوانين الوظيفة العمومية لأن المنظومة تعمل على تحييد الإدارة ومبدأ الجمهورية فيها يشمل كل القطاعات)، كما لا يتولون مناصب قيادية في الأحزاب والمنظمات على المستوى المركزي والجهوي.
وهذا الإجراء يفرض على الاحزاب والمنظمات التي شملها العقاب الي عقد مؤتمرات استثنائية استعجالية تجدد فيها هيئاتها القيادية قبل اعادة الإنتخابات في اجل اقصاه شهرين من اعلان نتائج الإنتخابات.
يستهدف العقاب افراد القادة في الأحزاب والمنظمات المتدخلة في الشأن العام في صفهم الأول اي الإدارة المركزية وصفهم الثاني القيادة الجهوية، على حسب نسبة الإعتراض.
قد يقال ان المنظمات الوطنية ما دخلها في هذا وهي بعيدة على السياسة؟، هذا غير صحيح، لأن في الإنتخابات هناك مستقولون ومنحدرون من منظمات المجتمع المدني او ان منظمات المجتمع المدني مسئولة عنهم من قريب او بعيد ويمثلونها وتدعمهم، ومن باب العدل والإنصاف يشملهم هذا العقاب، "باب داخل في الربح خارج من الخسارة" مطبق على الجميع، بما فيهم المستقلين وما ينبثق من مؤسسات المجتمع المدني المشاركة في ادارة الشان العام.
فاذا اقررنا بعدم شملهم بهذا الإجراء فضرورة نقر بعدم احقية احد ان يشارك في الإنتخاب خارج منظومة الأحزاب، وهذا متضارب مع الحقوق الدستورية.
تحدد الدولة هذه الجمعيات المتدخلة في ادارة الشان العام على حسب تمويلها ومجال اهتمامها نشاطها وانتشارها ومهامها وقانونها الأساسي بقانون واضح ومنظم لنشاط الجمعيات المتدخلة في ادارة الشان العام وترسّم لدى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات على انها منظمات مهتمة بادارة الشان العام.
يكون اتساع دائرة العقاب كالتالي:
ان فازت القائمة السوداء بالمرتبة الأولي باقل من 50 % يشمل العقاب الأفراد المسئولون والقادة في الصف الأول فقط اي المسئولون مركزيا من مكاتب سياسي تنفيذي ولجان مركزية في الأحزاب والمنظمات.
ان فازت القائمة السوداء الأولى بـ 50% فما فوق يمس العقاب الصف الأول والثاني اي يضاف المسئولون والقياديون على المستوى المركزي الجهوي.
هذا اضافة الي كل المشاركين في القوائم الإنتخابية.
ان هذا الإجراء هو تحصين دائم وحقيقي وسلمي يقوم به الشعب بنفسه وبشكل مباشر، اي له شرعية قوية، وليس كشرعية الإقصاء عبر الأوصياء، حتى لا تكون تجارة بهذه الوصاية ولا يتهم احد باقصاء الآخر، وسيعلم السياسي، سواء كان في الحكم او المعارضة، ان التلاعب بالمواطن والوطن قد يكلفه فقدانه مستقبله السياسي، فليس من السهل ان يسترجع السياسي مكانته بعد خمس سنوات من المنع، كما اللاعب الرياضي اذا غادر الملاعب لمدة طويلة، الإقصاء والعزل السياسي لدورة انتخابية يصعب جدا التدارك بعده، فسيجد الأماكن قد عمرها سياسيون وقادة جدد وخاصة من الشباب الذين منعتهم الوراثة القيادية وثقافة الصنم في الأحزاب والمنظمات من اخذ فرصهم كجيل سياسي جديد.
ان هذه الآلية الثورية التي تقدمها هذه المنظومة تعيد للمواطن سلطته وتجعله زعيما ويرجع ثقة المواطن في الصندوق، ويجعله يؤمن بالثورة السلمية الدائمة، والتغيير الواعي والمتحمل للمسئولية، بعيدا عن الإرهاب والعنف وانفراط العقد الإجتماعي الذي يربطنا، ويعطي للمواطن ضمانا عمليا ملموسا، ليجعل السياسي يقرأ الف حساب لهذا المواطن ويلتزم باحترامه والإيفاء بوعده وبرنامجه وعدم الإلتفاف على ناخبه ولا يعقد الصفقات السرية ويمارس ادارة البلاد بعلنية وتحت دائرة الضوء والشفافية والبيانات المفتوحة، ولا ينخرط في المافيوزية.
ستعمل كل الحساسيات السياسية على التعاون والتعاضد فيما بينها من اجل مشروع وطني جامع وتنمية حقيقية حتى تقنع الناخبين بعملها وبانجازاتها فلا يستعملون ضدهم الفيتو الذي يقصيهم جميعا.
انه ضمان مهم بيد الشعب وسيف بتار قاطع مسلط على كل متلاعب بالوطن ومحتقر لشعبه، ولا نعتقد ان اي تيار سيراهن على مستقبله السياسي بالكذب وبخداع الشعب، فعلى الأقل سيصلح واحد منهم او اثنين سيقنع الشعب باختياره وينجو البقية من الإقصاء، وتكون انتخابات عادية لا تكون فيه هذه القائمة السوداء مرتبة اولا على الصعيد الوطني، ولكن ان لم يتمكن اي فريق سياسي من اقناع الشعب فيا خيبة المسعى عندهم.
اذا رفع الفيتو من خلال هذه الإنتخابات بفوز قائمة السوداء، تكون الإعادة بدون قائمة سوداء لأنها حققت هدفها وادخلت فريقا سياسيا جديدا وحفاضا على مكونات الدولة ومؤسساتها وسيرورة عملها لتعود في الإنتخابات الدورية القادمة.
ان المنظومة التشاركية المفتوحة تكرس زعامة المواطن، وهذه الآلية الإقتراعية تفعل الرقابة الذاتية المسئولة عند السياسي، ونجاحها يتطلب فقط انتخابات صادقة شفافة وغير مزورة، ونعتقد ان الآلية الرقمية المعتمدة في هذه المنظومة التشاركية المفتوحة من خلال قاعدة البيانات المتطورة والمحينة، كفيلة بان تضمن انتخابات صادقة وشفافة، والتلاعب فيها صعب ان لم نقل مستحيل.
انه وازع الحاجة، واننا في وضعية عصيبة وتحت تهديد التقاتل ولابد من ايجاد آلية تنهي التراشق بالخيانة والدعوات التحريضة الإقصائية للأطراف الأخرى، حتى توحد جميع القوى السياسية للعمل مع بعضها في انجاز مشروع وطني بنّاء تحت راية المواطنة الحرة والتنافس النزيه، ولا تبقى فئة تخاف ان تقصيها فئة اخرى، فلا الإديولوجيا ولا التاريخ النضالي وحتى التاريخ البنائي لهذه الدولة سيحررنا من الإستعمار، فنحن حقيقة نعاني من استعمار غير مباشر، ولا يخرجنا من هذا الإستعمار الا الإلتفاف حول مشروع وطني تكافلي بناء نعول فيه على امكانياتنا الذاتية، ونتخلص من عقلية الهدم، ونسعى الى المحافظة على الإنجازات واتمام ما نقص واستدراكه، ولتصبح التنمية مجسدة قولا وعملا وتطبيقا، فللاسف في النظام السابق كان هناك حديثا عن التنمية ولم توجد تنمية، وبعد الثورة غاب حتى الحديث عن التنمية واصبح الهاجس امنيا وما يتبعه من مخاطر.
اننا نراهن على الشعب وذكائه ونفند كل مقولة بان هذا الشعب جاهل وانتهازي، فلا يعقل ان نجد بعد نصف قرن من التعليم المكثف شعبا جاهلا، هذا هراء، انه لا ينقصنا الإبتكار والإبداع، انما ينقصنا الدعم الشعبي للمبدع والمثقف، وما وجدت هذه المنظومة إلا لتراهن على المبدع وتعطيه السند الشعبي الذي افتقده طوال عقود الماضية وتخلص المثقفين من وقفتهم السلبية ليكنوا عنصر بناء وليس عنصر مشاهدة ويتحملون مسؤولياتهم الثقافية والتوعوية تجاه هذا الجيل.
يعتقد الأغلبية ان التطور لا يكون الا بتغيير العقليات، ونحن لا نعتقد ان العقليات ستتغير هكذا تلقائيا، فالعقليات لا تتغير الا بوضعها في اليات تغيرها، داخل اليات واضحة الطريق والمعالم كسكة القطار، ثم نتحاور في كيفية القطار، فاذا عُلم الطريق ووُضّح نستطيع ان نجد حلا، او نصنع واحدا، كما كان يقول حنبعل لجنده عندما تعترضه المصاعب وتقفل امامه السبل، فلعلنا نصنع حلا ان لم نجد حلا جاهزا.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: