البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

التعادلية أساس حكم الديمقراطية التشاركية

كاتب المقال سفيان عبد الكافي - تونس    من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
 المشاهدات: 7171


 يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط


لا تكتب الدساتير المتميزة إلا بإعداد مخطط مسبق يوضح القيم والأفكار الواجب تكريسها فيه، فالاتفاق يكون على المعاني قبل النص، والمعاني ترتكز أساسا على القيم، ومن اهم هذه القيم هو نظام الحكم وتوزيع السلط وتفاعلها.
لقد أدخلونا في متاهة الجدلية العقيمة ما بين نظام رئاسي ونظام برلماني، ورغم ان هذه المصطلحات هي اكادمية بحتة ولا نرى اي منظومة حكم في العالم تتضمن التفاصيل التنظرية لأحد النظامين، اذ ان لكل بلد قيمه ونظمه، قد يشترك في الحدود العامة مع أحد النظامين ولكن ليس هناك قالب جاهز يحتكمون له.

ان طرح قضية بهذا العمق وبتلك الطريقة في حد ذاته مغالطة كبرى، وكأننا في متجر عرض الموضة، نختار الموديل، في حين اننا في وضع لا نختار فيه، إنما الدواعي المحركة للبلاد هي التي تختار وتحدد الموديل المناسب لنلبسه ونحيك به منظومة حكمنا.

ان القراءة للواقع والتاريخ يوجه اخيارنا لعمومية منظومة الحكم المناسبة لنا، حيث تبقى المنظومة الرئاسية اقرب للواقع من البرلمانية، واكثر امانا وسلامة، لا لشيء إلا لأن الرئاسي منظومة إذا ما استبدت يكون اقتلاعها اسهل من المنظومة البرلمانية باقتلاع الدكتاتور، والأهم من ذلك انها تقتلع بفعل داخلي، اما المنظومة البرلمانية فهي منظومة استبداد تشيعية يصعب اقتلاعها من الداخل إذا ما استبدت وتحتاج في الأغلب تدخلا خارجيا، ونحن مازلنا لم تمتلك حقيقة سيادتنا وقرارنا الوطني، ولم نبلغ من النضج السياسي الذي يؤهلنا لإرساء منظومة برلمانية صرفة، ووقاية لأنفسنا وحماية لثورتنا علينا بعدم المغامرة، ونحن نرى الدفع القوي من طرف الفيئة التي تعتمد على التشيع لإرساء هذه المنظومة باعتبار انها تخدم مصالحها.
ان المنظومة التشاركية التي ندعوا إليها تتشكل على مبدأ مختلف عن التشكل التبعي والنقلي، حيث تطرح اسئلة ذاتية وتجيب عنها، ومنها تحدد هدفها ومرادها وعليه تصوغ تشكلها، وأول هذه الأسئلة: هل نحن في حاجة إلى رئيس؟، وماهي دواعيه وإسهاماته؟، وهل نحن إلى في حاجة إلى برلمان وما هي دواعيه واسهاماته؟.
الرئيس في منظورنا أساسي، اذ لابد لكل مجموعة من قائد ورمز وممثل، ولكن هل لهذا الرمز معنا بدون قدرة وفعل حقي وصلاحيات، طبعا لا، فرئيس بدون صلاحيات هو عبثية سلطوية.

ونواصل التساؤل: ما المطلوب من هذا الرئيس حتى نحدد الصلاحيات؟. بالنظر إلى المرجعيات التارخية والكونية لدور الرئيس نرى ان أهم دور هو الجانب الأمني والسيادي للدولة، حيث يحرص على بقائها وبقاء دواليبها وحسن سير المنظومات فيها.
هنا تتضح لنا الركيزة التي نبني عليها مهام الرئيس، وتحديد صلاحياته في الجانب السيادي والأمني وكل ما يتعلق به وبالتالي نجد انفسنا نعفيه من الجانب التنموي من باب التفرغ والإستطاعة، لأننا نعلم ان الشخص له قدرة محدودة، فاذا ما كرس جهده في الجانب السيادي اضاع الجانب التنموي، او العكس، إذ لبد من مراعاة القدرات البشرية حتى نحصل على نتائج محسوسة وحقيقية، وهنا نجد مسألة البناء التنموي تمر مباشرة للحكومة التي هي انعكاس مباشر لاختيار الشعب من خلال الحملات الانتخابية البرلمانية، وما اختيارهم لزمرة من الناس او توجه حزبي إلا على اساس تنموي، وطبعا اختيار الرئيس سيكون بالتالي على اساس الشخصية والقيمة والسيادة التي قد يضيفها لسلطة الدولة.

هذه التعادلية التي تفرضها المنظومة التشاركية، تقوم على تفرق السلط على حسب الدواعي والمتطلبات والأدوار وليس من باب المحاصة أو الإقتسام، لهذا يتولى الرئيس بحكم السيادة الصلاحيات الأمنية ليحرس البلاد من الداخل والخارج، ويحرص على تفعيل الدور التنموي للحكومات المنتخبة والشرعية المنبثقة من البرلمان، فان حادت يعيدها للجادة وان عملت بجد عليه ان يوفر لها الوضع السليم لحسن عملها في نطاق السلم الإجتماعي، وحواره معها يكون عبر البرلمان المسئول عنها، وبالتالي لن يكون الرئيس في حاجة الي السلطة الترتيبية التي تمكنه في التحكم في الإدارة، حيث تنتقل هذه السلطة مباشرة الي الحكومة التي بدورها لا تمتلك السلطة الأمنية، وبالتالي تحمى المنظومة من الإستبداد، فكيان الإستبداد هو التحكم الكامل في الإدارة والقوة الأمنية.

قد تحدث سيطرة لون معين على السلطتين، وهذا وارد جدا، ونقع في نفس الإشكال المؤدي للإستبداد، ولكن هنا لابد من القول ان هذا لا يكون بنفس الحدة باعتبار أداة السلطة تكون في يدي شخصين على الأقل، وليس الأمر كما لو ان السلطتين بيد شخص واحد، اعتمادا على المبدأ الفلسفي مقامة السلطة بالسلطة، فلا يستبد أحد على الآخر، ورغم ان امكانية تفوق طرف على آخر واردة وهنا يظهر اهمية قاعدة الديمقراطية التشاركية التي ندعو لإرسائها داخل منظومة الحوكمة وفتح البيانات، في تجلي تطبيقي لمفهوم التعادلية بين السلط، حيث اننا نضيف ارتكاز جديد في السلطة ما بين السلطة التمثيلية في منظومتها التقليدية إلى السلطة الشعبية في تفاعلها وممارستها المطلقة.

فإضافة لما توفره منظومة الحكم التقليدية من فصل المهام وتقسيمها داخل السلطة التمثيلية الحاكمة والمختارة من طرف الشعب، فهذه المنظومة تدعم هذه التعادلية في السلطة ما بين الشعب والحكومة في العموم، تحمي الشعب من تسلط الحكومة عليه، من خلال تواجد منظومة رقابية وسلطوية يمارسها الشعب افرادا وجماعات مهما كان موقعهم، لتبليغ صوتهم المباشر، والمتحرك، دون وساطة، ليوجه المسار العام للبناء التنموي والقرارات السيادية التي تعبر عنه للسلطة التنفيذية المنتخبة عبر الوسائط المتعددة والمتعارف عليها في المجتمع الحضري المتقدم والمعولم سواء عن طريق الإعلام أو شبكات التواصل عبر قاعدة البيانات المفتوحة، وكذلك بالطرق التقليدية الواجب تفعيلها حقيقة وهي منظمات المجتمع المدني الذي سيبقى يراقب ويضغط ويحمي كينونة الدولة ومدنيتها والحقوق الكونية للإنسان.

ان كنا نؤمن ونشيع ان ثورة تونس مبدعة ومستحدثة ولم يكن لها انموذج مرجعي وجب ان يترجم هذا الفعل الثوري في البناء الواجب ارسائه بان يكون هو الآخر مستحدث من صنع تونسي، اما التوجه نحو النقل والتقليد يحكم على الثورة بأنها لم تكن ثورة بقدر ما هي انتفاضة.



 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

تونس، الثورة التونسية، إعداد الدستور، الديموقراطية التشاركية،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 21-01-2013  

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  القائمة السوداء "فيتو" المواطن
  الجمع ما بين القائمة والأفراد لتشكيل البرلمان: الشعب يرتب القوائم وليس الأحزاب
  مساوئ الانتخاب على القوائم
  إيجابيات الانتخاب على القوائم
  ايجابيات وسلبيات الانتخاب على الأفراد
  ديباجة في مفهوم الحوكمة المفتوحة في الديمقراطية التشاركية ذات البيانات المتاحة
  البيعة الإنتخابية
  ملخص منظومة الحوكمة التشاركية ذات البيانات المفتوحة
  القيم الإنتخابية في منظومة الحوكمة المفتوحة
  فلسفة العبور في المنظومة العالمية الرقمية
  السيادة للشعب... فتح البيان لوضع الميزان...
  القوائم والإنتخابات البرلمانية
  الديمقراطية التشاركية في البرلمان
  البرلمان المفتوح: كيف تصنع البرلمانات؟... هل نحن في حاجة لبرلمان؟
  الممارسة التنفيذية لرئيس الدولة
  شروط الترشح لإنتخابات رئيس الجمهورية
  التصفية الأولية في الترشاحات للرئاسية
  تصنيف في صلاحيات رئيس الجمهورية
  التعادلية أساس حكم الديمقراطية التشاركية
  الثرثرة الدستورية
  الديمقراطية التشاركية: مشروع مجتمعي الكل منخرط فيه
  مشروع دستور (2)
  مشروع دستور (1)
  أي نظام حكم يستوعب الحوكمة؟
  هل تتفاعل البرلمانية والحوكمة التشاركية؟
  حوكمة الحكم الرئاسي
  حوكمة المؤسسة الدينية
  تقنين وتأطير السلطة الدينية
  السلطة الدينية في منظومة الحوكمة الإلكترونية
  المنظومة التقنية العلمية في الدولة

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
فوزي مسعود ، أحمد الحباسي، حسني إبراهيم عبد العظيم، د. أحمد محمد سليمان، سيد السباعي، يزيد بن الحسين، عمر غازي، د. طارق عبد الحليم، محمد اسعد بيوض التميمي، د- محمود علي عريقات، رافد العزاوي، محمود سلطان، مصطفى منيغ، مجدى داود، رافع القارصي، عراق المطيري، د- جابر قميحة، عبد الغني مزوز، فهمي شراب، طلال قسومي، سامر أبو رمان ، أحمد النعيمي، محمود فاروق سيد شعبان، د. أحمد بشير، صلاح الحريري، علي عبد العال، محمد عمر غرس الله، د. كاظم عبد الحسين عباس ، أنس الشابي، رشيد السيد أحمد، الناصر الرقيق، د. ضرغام عبد الله الدباغ، مراد قميزة، رضا الدبّابي، جاسم الرصيف، عبد الله الفقير، ياسين أحمد، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، صباح الموسوي ، كريم السليتي، سليمان أحمد أبو ستة، العادل السمعلي، أحمد بوادي، وائل بنجدو، د - المنجي الكعبي، محمد الياسين، د - شاكر الحوكي ، حسن عثمان، د - عادل رضا، إسراء أبو رمان، الهادي المثلوثي، يحيي البوليني، د. عبد الآله المالكي، د - مصطفى فهمي، أشرف إبراهيم حجاج، علي الكاش، فتحي الزغل، كريم فارق، د. عادل محمد عايش الأسطل، حاتم الصولي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، إيمى الأشقر، حسن الطرابلسي، سفيان عبد الكافي، أبو سمية، الهيثم زعفان، فتحي العابد، د. صلاح عودة الله ، أ.د. مصطفى رجب، د - صالح المازقي، نادية سعد، صلاح المختار، محمد يحي، د- محمد رحال، عبد الله زيدان، عبد الرزاق قيراط ، أحمد ملحم، د. خالد الطراولي ، محمد شمام ، سامح لطف الله، د - الضاوي خوالدية، صفاء العراقي، د- هاني ابوالفتوح، المولدي الفرجاني، عزيز العرباوي، رحاب اسعد بيوض التميمي، محمد أحمد عزوز، صفاء العربي، إياد محمود حسين ، صالح النعامي ، د - محمد بن موسى الشريف ، سلام الشماع، ماهر عدنان قنديل، عمار غيلوفي، سعود السبعاني، عواطف منصور، خالد الجاف ، محمود طرشوبي، منجي باكير، د.محمد فتحي عبد العال، حميدة الطيلوش، د. مصطفى يوسف اللداوي، رمضان حينوني، د - محمد بنيعيش، مصطفي زهران، محمد العيادي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، سلوى المغربي، فتحـي قاره بيبـان، ضحى عبد الرحمن، خبَّاب بن مروان الحمد، محمد الطرابلسي، محرر "بوابتي"، تونسي،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة