سفيان عبد الكافي - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 6855
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
بعد عقود من التغريب التي ارساها العهد البورقيبي والنوفمبري في تونس تحت مبدأ العلمانية، جاءت مع نسمات الثورة الدعوات لإسترجاع الهوية الإسلامية وتفعيلها، ويتميز النشاط الإسلامي بأن له حراك اقتصادي وفعل تنموي إلى جانب الفعل الدعوي المعروف.
هذا النشاط يؤثر بصفة مباشرة أو غير مباشرة على البرنامج التنموي العام للدولة، خاصة عند ارساء منظومة الحوكمة المفتوحة في جابنها التشريعي أو الإقتصادي الرقابي، ولكي نجعل هناك تكامل بينهما لابد من تقنين وتنظيم هذه المؤسسة/ السلطة.
حيث ندعوا إلى انشاء الهيئة العليا للشؤون الإسلامية يترأسها مفتي الديار التونسية، هيئة متكونة من علماء المسلمين في تونس، يتجمعون في عاصمة الحكم المركزي، ويكون لها فروع جهوية ومحلية.
هي مؤسسة وظيفية تابعة للقطاع العمومي، كل منتسبيها يعملون براتب تدفعه الدولة، الإنتساب إليها بالإنتداب العمومي بشرط حمل شهائد علمية في ميدان الفقه الإسلامي وعارفا بالقرآن والسنة ومؤهل لفعل الإفتاء، ويخضع للإختبار من اهل الإختصاص داخل هذه المؤسسة، فاذا ما انتدب يتعهد بعدم الإنتماء لأي حزب او منظمة سياسية. هذا بالنسبة لمن تكوّن واخذ شهادة في العلوم الإسلامية في ما مضي، واما في المستقبل فهي تتولى بنفسها تكوين الجهة الفقهية العلمية في الدين الإسلامي في الدولة.
والشرط الآخر هو ان يكون مستقلا لا ينضوي تحت أي حزب، وعليه ان يترفع عن محارم الإسلام في ممارسته الظاهرة للعامة باعتباره سيكون اماما ومصدر ثقة يؤمنه المسلم على دينه ويستفتيه، ولا ينتخبون ولا يترشحون للإنتخابات النيابية السياسية.
يعزل كل منتمي إليها بأمر من السلطة القضائية، إذا ثبت عليه مخالفة هذا المثاق.
تنتشر هيئاتها على كامل تراب الجمهورية ويشكلون أئمة المساجد والمفتيين، ويقومون بالتدريس في المدارس والمعاهد المناهج الدينية التي يتكفلون بوضعها، ويشرفون على العمل الدعوي داخل البلاد وخارجها، ويقومون بتسيير الأوقاف الإسلامية، ويجمعون الصدقات والزكاة ويوزعونها في ابوابها الشرعية المحددة، ويهتمون بالأشراف وتنظيم مناسك الحج والعمرة بالتنسيق مع وكالات الأسفار.
توفر الدولة لهم المقرات اللازمة والأطر العلمية المختصة لمساعدتهم في تنفيذ عملهم الإقتصادي والمالي خاصة. وليس لهذه الأطر الإدارية اي دخل في العمل الديني ومهمتهم فقط الإدارة وتنفيذ التصرف المالي ولا تنطبق عليهم شروط المنتمين للهيئة الإسلامية العليا.
حسب التقسيم الإداري المتواجد حاليا المكون من معتمدين وعمد، يكون هناك مسجد جامع في كل عمادة ينشط فيه المنتمي، ويمارس منه الوعظ والإرشاد، وتكون هناك مقرات إدارية جامعة في كل معتمدية تحتوي على المكاتب والإدارة، ومنها تدار كل العمليات الإشرافية والتعلمية والإقتصادية.
هذه المقرات هي المكاتب الفرعية للهيئة العليا للشئون الإسلامية، تتجمع هذه الهيئات المحلية لتشكل الهيئة الجهوية والتي بدورها تكون فروعا للهيئة الوطنية التي مقرها العاصمة ومقر المفتي العام للبلاد التونسية.
مجالس الهيئات ورئاستها تكون بالإنتخابات يصوت فيها منتسبيها لإختيار القيادة والمسئول في الهيكلة الوطنية والجهوية والمحلية، دوريا كل 5 سنوات، ويوضع قانون في الغرض يبين مهام هذه الهيئات التنفيذية في هذه المؤسسة على الصعيد الوطني أو الجهوي أو المحلي، يكون رئيس المجلس المكتب الوطني هو المفتي العام للديار التونسية، لا يمكن البقاء في منصب اكثر من دورتين في كل مستوى على حدة، اي يمكن ان يشغل دورتين في المحلي ودورتين في الجهوي ودورتين في الوطني.
ليس هناك تعيينات من الدولة داخل منتسبي هذه الهيئة، ولا تتدخل في توزيع أماكن العمل، المكاتب التنفذية تتولى ادارة نفسها بنفسها.
تحرص هذه الهيئة الدينية المستقلة على الإرشاد الديني الحقيقي المعتدل، وتبث قيم الدين الإسلامي السمحة، وتحول دون دخول وتغلغل التطرف الديني والإرهاب للبلاد.
تخليص البلاد من الإعتقادات الوثنية والدروشة الباقية منذ زمن الإستعمار، وترسيخ المفهوم الديني الصحيح الوسطي الذي لا تطرف فيه ولا غلو، والتصدي لتسيس الخطاب الديني تطرفا او تفسيخا.
وكما تهتم هذه الهيئة بالتعليم الديني ولهذا لابد من ان ندخل الجامعة الزيتونية تحت اشرافها واشراف اساتذتها والحصول على برنامج تعليمي فقهي في كل المجالات الدينية، حتى ننتج علماء كبار من امثال الشيخ الجليل الفاضل بن عاشور الذي قارع وناطح أعتى العلماء وبقيت مؤلفاته إلى اليوم مرجعا هاما في الدراسات الإسلامية، فهذه البلاد التي انتجته قادرة على انتاج نسخ منه، لتبقى مباحث الإسلام تقارع اعتى المباحث العالمية في ظل الحداثة والتطور.
اما المجالات الأدبية الإسلامية وحتى التي تتناول البحوث الإسلامية فهي تبقى في المؤسسات التعليمية التابعة لوزارة التعليم العالي، فهذه الهيئة تحصر تعليمها في الفقه وكل المجالات المتعلقة به.
ترصد جوائز تشجيعية لدعم البحوثات الإسلامية.
كما تتبنى هذه الهيئة مسئولية المحافظة على القرآن الكريم وتعليمه، ووحدها تفتح برامج الدروس الدينية وتحفيظ القرآن في المساجد وتشرف عليه وفقا لقواعد صحيحة وتكرس لهذا اناس مقتدرون واكفاء في هذا المجال.
هذه المؤسسة لها استقلالية تامة وتتولى تسيير كل ما يتعلق بالدين وتعليمه والإفتاء فيه، وقد يختلف شيوخ الإفتاء في امر ما، والفيصل هو التصويت لأنه لا تجتمع الأمة على ضلالة، وهذا هام، فالضلالة بتزكية دينية مصيبة كبرى.
ولتتمكن هذه المؤسسة الدينية أن تقوم بدورها على احسن وجه ولا تبقى ترزح تحت ضعط اي سلطة لابد من ان تأخذ استقلالية مالية وإدارية وأكاديمية.
وعلى هذا الأساس تمول الدولة الهيئة حسب الموازنة التي تقدمها ويصادق عليها مجلس النواب، والتنسيق بينها وبين الدولة يكون عبر كتابة الدولة للشؤون الدينية
هذه الهيئة مثلها مثل اي وزارة تناقش مزانيتها امام مجلس الشعب ويناقش برنامجها وعملها عند عرض الميزانية الدورية، وكذلك يمكن ان تطلب للإستجواب من طرف مجلس النواب او السلط القضائية او الحكومة، ويمكن لمجلس النواب ان يصوت بحجب الثقة عن هذه الهيئة وبالتالي يحل مجلسها، وتقام انتخابات اخرى ويحرم اعضاء المجلس القديم من الترشح وتوجه إليهم بطاقة توبيخ خاصة إذا قامت بتلاعب مادي او خرجت عن دورها المستقل وتحزبت او دعمت جهة سياسية ما باي شكل مما يدخل الفتنة في البلاد ويزرع التفرقة مما يؤثر على السلم الإجتماعي.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: