سفيان عبد الكافي - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 7621
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
المترشح لمنصب رئيس الجمهورية هو شخص اختار عن وعي وطواعية ان يدخل إلى دائرة الضوء والمسئولية وبالتالي سيصبح في نطاق محاسبة اكبر مما كان عليه وهو مواطن عادي، وقد يكلفه هذا الحد من حريته الشخصية، وفي المقابل يعطيه الشعب امتيازات مالية وسلطوية لممارسة فعله القيادي- إن فاز في الإنتخابات- على هذا الأساس لا يجوز له التبرم من التتبع والتدقيق في اعماله وسلوكه باعتبار ان لا احد فرض عليه الترشح لهذا المنصب.
في منظومة الديمقراطية التشاركية والحوكمة نحرص دوما على ان يكون المسئول اهلا للمنصب، إذ تحمي المنظومة الرئيس من نوازعه، وتحمي الدولة والمدنية من انحراف توجه وتداعيات السلطة المناطة بعهدته، ولهذا توضع شروط في الدستور وفي المجلة الإنتخابية تعمل على المحافظة على جملة من القيم تحد من ظهور الدكتاتورية والفساد وتكرس ديمومة التداول السلمي على الحكم من اجل فاعلية اداء وحوكمة رشيدة من خلال شخصيات كفئة، ومن هذه الشروط نسرد:
الترشح لرئاسة الجمهورية حق لكل تونسي حامل للجنسية التونسية أب عن جد ولا يكون حاملا لجنسية أخرى، متمتع بكل حقوقه المدنية وليس له سوابق عدلية، وعمره يتراوح ما بين 40 إلى 65 سنة من تاريخ الإقتراع ويكون جامعيا (أتم على الأقل سنتين).
ويمنع الترشح في باب التداول على السلطة لكل شخص يمت للرئيس الأسبق بقرابة دم او نسب من الدرجة الأولى.
كما يمنع على أي شخص شغل منصب رئيس الدولة لأكثر من دورتين من 5 سنوات متصلتين أو منفصلتين، ولا يحق له ان يعتدي على هذا الفصل ويغيره ولو باستفتاء شعبي او مناشدة ملحة من المجتمع المدني.
لكل حزب له قاعدة شعبية ومتحصل على نسبة دنيا من الأصوات (يقع تحديدها) ان يقدم مرشحا لرئاسة الجمهورية والإختيار يكون بالتصويت داخل الحزب.
كل مرشح حزب لا بد ان يكون قد قضّى دورة نيابية كمنخرط في هذا الحزب وتحمل مسئولية قيادية فيه، أي ان تاريخ انخراطه في هذا الحزب يكون قبل انتخابات الدورة السابقة إلا اذا كان حزبا جديدا، ولا يجوز لأي منخرط في حزب ان ينخرط في آخر إلا بعد تقديم استقالته منه وقبول انخراطه في الحزب المختار او يعلن نفسه مستقلا وتمر دورة نيابية من تاريخ انخراطه الجديد أو استقلاله، اي خمس سنوات على الأقل.
ويمكن لمجموعة من الأحزاب ان تعلن ائتلافا على مرشح واحد سواء اكان منها او مستقلا تدعمه.
لابد من تواجد اجباري لأشخاص مستقلين في المنافسة الرئاسية، ويفتح هذا الباب للمواطنين المستقلين الذين يرون في انفسهم القدرة والكفاءة على شغل هذا المنصب ويمكن ان يجد قبولا عند الناس وقادرا على أن يقنع منظمات المجتمع المدني ومن بعده الناخبين ببرنامجه السيادي المتكامل.
شروط ترشح المستقل هي نفسها الآنف ذكرها إضافة لشرط عدم الإنتماء الحزبي، اي ان يكون مستقلا ولم ينخرط في اي حزب قبل آخر انتخابات قامت في البلاد لدورة بخمس سنوات، تختاره منظمات المجتمع المدني في تصفيات اولية تجرى داخل الهيئة المستقلة للإنتخابات .
تكون الإنتخابات دوريا كل خمس سنوات، والانتخابات الاستثنائية بسبب الوفاة أو الإستقالة أو "الهروب" أو غيرها هي انتخابات لا تدخل في حساب الخمس سنوات، ولهذا اي مرشح يدخل في احد هذه الدورات لا تعتبر له دورة ولكن تعتبر دورة للمتخلي لأنه تسلم حصته في دورة عادية.
تسبق الإنتخابات البرلمانية الرئاسية، ويمنع اطلاقا اجراء الإنتخابات الرئاسية والبرلمانية في نفس التوقيت، ، فهذا يضر من تركيز الناخب، ويسهل نحو اللون الواحد، لأنه لا يُعلم ماذا سيكون لون البرلمان ولا لون الرئيس إذا ما قامت الإنتخابات في الوقت نفسه، وهذه من سياسات التفرد والحزب الواحد.
الإنتخابات الرئاسية تمر بمرحلة او مرحلتين، اذا تحصل اي مرشح على نصف الأصوات المصرح بها يمر مباشرة إلى رئاسة الجمهورية، وإن لم يتحصل احد على النصف وكانت النسب متفاوتة، يتم المرور إلى دورة ثانية بين المترشحين المتحصلين على اكثر الأصوات.
يتمتع الرئيس بحصانة في كل ما يتعلق بمهامه كرئيس فقط وليس كشخص ومواطن تونسي اثناء قيامه بمهامه، وترفع عنه الحصانة بالمحكمة الدستورية إذا تورط في جرائم تستوجب رفع الحصانة عنه، ولا يتمتع بحصانة في ما بعد انتهاء مهامه كرئيس في باب المحاسبة.
محاسبة الرئيس على مهامه وعمله أثناء دورته تكون مباشرة بعد تخليه، أي في فترة الرئيس الذي يليه، فان انقضت هذه الفترة تسقط عنه كل دعوة ترفع ضده في باب المحاسبة، ويتمتع بحصانة نهائية إلا في القضايا التي لا تسقط بالتقادم حسب الدستور ومنها التعذيب والقتل...
يحفظ للرئيس حياة كريمة بعد أداء مهمته براتب مجز يصرف له على حسب وضعيته المادية واحتياجاته حتى مماته.
ان النظام الجمهوري نعتبره من ارقى الأنظمة التي توصلت إليها الحضارة الإنسانية، ولا نقدم جديدا في هذا الجانب فقط دعم آلية الحكم هذه بهياكل الرقابة والمحاسبة، وتأكيد التداول السلمي على السلطة داخل الدولة المدنية، وداخل المنظومة التشاركية تدعم هذه المكاسب الإنسانية العظيمة وتحيل دوما إلى المرجعية الكونية فيها.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: