سفيان عبد الكافي - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4882
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
ترتكز الديمقراطية التشاركية داخل منظومة البيانات المفتوحة والحوكمة والشفافية على تفعيل دور المواطن ومشاركته الفعالة في القرار والحكم من اي موقع يختاره : صفة فردية، منظمات مجتمع مدني، ديمقراطية تقليدية عبر الأحزاب، إلخ...
اعتبارا ان الأصل في الممارسة السياسية تكون داخل الأحزاب وعليه يخول لمنتسبي الحزب ترشيح من يراه مناسبا لموقع رئيس الجمهورية، غير ان هناك فئة لا يستهان بها غير محزبة ولا ترى في ممثلي الأحزاب تعبيرا عنها، وترى في الإستقلالية اكثر تمثيلا لها، ومن ححقها ان تختار مرشحها بعيدا عن الحزام الحزبي.
نعتقد ان عملية الترشيح والإختيار لدخلول السباق الإنتخابي اهم من الإقتراع نفسه، لأنه يضمن لنا فرز شخصيات تتوفر دوما على قدر ادنى من الكفاءة، ومهما كانت نتيجة الإقتراع فسيكون لنا رئيسا له كفاءة ويعبر اكثر ما يمكن لتطلعات الشعب.
لإن الطرق التقليدية المعتمدة في شروط الترشح لمنصب الرئيس والتي تعتمد على تزكيات النواب لا تؤسس للتشاركية والشفافية، حيث لا تخدم المستقلين ولا تضمن لهم تكافئ الفرص مع مرشحي الأحزاب، حيث يمكن للأحزاب ان تقصي شخصية مستقلة قد تراها قادرة على الفوز عليهم وذلك بعدم التزكية من طرف النواب، وكذلك نرفض ان يكون الخصم هو حكما على المنافس وهذا ليس عدلا.
وحتى داخل الحزب نفسه قد يتلاعب ويتحكم نواب الحزب في الشخصيات المعارضة في الحزاب الواحد او التي تمثل تيارا مضادا لشخصيات ما في قياداته، فتبقى مجموعة النواب هي المتحكمة في حين ان الحزب ملكا لجميع منتسبيه ولا يجوز استبعادهم من القرار والإختيار.
اما الطريقة الثانية التي يعتمد فيها على جمع عدة آلاف من توقعات الناخبين المرسمين في القائمات الإنتخابية هي تكاد تكون مستحيلة خاصة على المستقلين، ولا تعكس أيضا الصورة الشعبية التشاركية للمستقل الذي يعبر عن كل حساسيات المجتمع المدني، وقد تكرس الجهوية او الطبقية او الفئوية، وفي كل الحالات نجد ان منظمات المجتمع المدني مغيبة وهي الأساس الفعال والمحرك للتوازن السياسي.
الترشح لمنصب رئيس الجمهورية في الديمقراطية التشاركية هو متاح لكل مواطن مكتسب لحقوقه المدنية ومستوفي للشروط القانونية، بدون تعقيدات ولا تعجيز من خلال جمع آلاف التوقيعات أو ربطه بمباركة اي احد من النواب، فالمجال مفتوح والدخول حر....
ان هذه الوظيفة السامية - إن صح التعبير- في هرم الدولة نراها في الديمقراطية التشاركية كأي وظيفة يفتح فيها عرض وطلب، يتقدم لها آلاف الطلبات والملفات ويدخلون في التصفيات الأولية او المرحلة التاهيلية ليصل في الأخير بعض الأفراد إلى المرحلة النهائية امام لجنة الإنتدابات لإختيار احد من المترشحين، والتصفية الأولية تضمن تأهل الأجدر للرحلة الختامية التي سيصدر فيها الشعب حكمه الأخير.
ان منظومة الديمقراطية التشاركية تهتم كثيرا بمرحلة التاهيل الأولي او المنافسة الأولية، إذا ان فتح باب الترشح على مصراعيه لا يعني ان نضع الناخب امام مئات او ألاف المترشحين، فهذا تشتيت لتركيز الناخب وتهميش لصوته، وكما ان هناك دواع مادية التي تفرض علينا عددا محددا واقصى لدخول الحملة الإنتخابية باعتبار ان الدولة تدفع لهم من مال المجموعة الوطنية على قدم المساوات سواء كان مرشح حزب او مرشح مستقل.
في هذه المنظومة يحق لكل حزب تقديم مرشح رئاسي بشرط ان يكون له نسبة دنيا من القبول الجماهيري، وتعرف هذه النسبة من خلال نتائج الإنتخابات البرلمانية، وعليه يمكن وضع نسبة شرطية من 3% إلى 5% من جملة الأصوات المصرح بها ليتمكن من تقديم مرشحا للرئاسة، وهذا الإحتساب ممكن باعتبار ان الديمقراطية التشاركية تفرض الفصل الزمني بين الإنتخابات التشريعية والرئاسية، وعادة ما تكون التشريعية قبل الرئاسية، بحكم قانون التعادلية المطبق في هذه المنظومة بما يسمح للشعب بتعديل كفتي ميزان السلطة التفيذية.
يقدم المترشح المستقل التي تتوفر فيه شروط الإستقلالية ملفه المتكون من طلب ترشح وبرنامج انتخابي مكتوب إلى الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات قبل شهرين من الموعد العادي لتقديم ترشحات مرشحي الأحزاب، وتقوم الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات بدعوة رؤساء منظمات المجتمع المدني المرسمة عندها بالتصويت لأحد المرشحين ممن قُبل ملفه شكليا ومستوجب للشروط القانونية، (وكل منظمة تود الترسيم لدى الهيئة العليا للإنتخابات تتقدم بطلب في ذلك)، وعند انتهاء فترة التصويت تقوم الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات باحتساب اصوات المنظمات وتقدم من خمس إلى العشر الأوائل الأكثر تصويتا لهم ليدخلو السباق الإنتخابي الرئاسي جنابا لجنب مع مرشحي الأحزاب السياسية.
طبعا في هذه المرحلة الأولى من التصفيات يقوم المرشح المستقل بجهد ذاتي ويعتمد على امكانياته الخاصة او من خلال من يدعمه من مناصريه بالطرق القانونية في التمويل وذلك بتوصيل برنامجه لهذه المنظمات وأقناعهم بنفسه عبر كل الوسائل المتاحة في التعريف، ولا تقدم الدولة دعما ماديا لحملته في هذه المرحلة، ولكن تعطي الدولة دعما ماديا للمرشحين الذين سيدخلون السباق الإنتخابي مع ممثلي الإحزاب.
هذه الطريقة في التصفية الأولية تحقق لكل مواطن مستقل او متحزب ان ينطلق من نفس خط الإنطلاق وبنفس الحظوظ سواء المستقلين او المتحزبين، فالمستقل يخوض تصفية لإقناع المجتمع المدني والمتحزب ويخوض سباق لإقناع منخرطي الحزب، وتمارس الهيئة المستقلة للإنتخابات في ابهي مظاهر حيادتها واستقلالها، وهنا يمكننا ان نلمس المساحة التشاركية ومبدأ العدل والمساوات والشفافية التي نطمح لإرسائها في بناء مجتمع مدني ديمقراطي تشاركي اساسه المواطنة والحوكمة والشفافية.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: