سفيان عبد الكافي - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4280
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
صحيح أن حق الترشح للانتخاب هو حق لكل مواطن متمتع بحق المواطنة طبقا للدستور، ولكن نعتبر ان الفاعلية هي مطلب اساسي لابد ان ينتجه النائب، وعليه نعتبر ان تكوين النائب امر لابد من النظر فيه، ونحن في بداية الطرح حول موضوع الانتخابات نمر الى تحليل منظومة الاقتراع والطريقة الإنتخابية، والتي تتمحور اساسا حول الإختيار ما بين منظومة الإقتراع على الفرد والإقتراع على القائمة والأفضلية بينها.
ولتحديد هذا الأمر لابد من البحث في ايجابيات وسلبيات كل طريقة.
في تصورنا التشاركي المفتوح في قيادة الدولة، نعتبر ان التلون في المجالس النيابية امر مطلوب وواجب، ونعتبر ان العلمية والتكنوقراطية صفة اساسية لابد ان تتوفر في النائب بحكم ما تقتضيه آليات التعامل مع البيانات المفتوحة داخل ادارة قاعدة البيانات والحكومة الإليكترونية، ولابد ان تجتمع في النواب مواصفات دنيا من المعرفة والفهم والذكاء ليكون الخيط الرابط بين مختلف القوى حتى لا تعيق الإيديولوجية البناء التنموي ويفقد مجلس النواب فعاليته خاصة في القضايا الجوهرية التي يختلف فيها، ورغم ما يوفره اللون الواحد من سلاسة وسرعة في التنفيذ ورسم سياسة الدولة إلا اننا ننئ عنه لما يكرسه من إنفراد وإستبدادية.
نسعى داخل المنظومة التشاركية إلى اعطاء قيمة للمنافسة الإنتخابية، ولا تبقى الترشحات صورية كما حصل في انتخابات المجلس التأسيسي حيث لا امل لمتذيلي القوائم، أو مقعد مضمون كما كان في العهد النوفمبري داخل القائمات الفائزة باعتبار الفائز يأخذ الكل.
كما ان القوائم تلغي اختيار الناخب للشخص وتكتفي باقتراح اسماء تحت لواء الترتيب، وهذا ما جعل العديد من القوى تطالب باعتماد الإنتخاب على الأشخاص.
ونحن في تصورنا التشاركي لا ننظر إلى العملية باعتبارها احقية افراد او جماعات بقدر نظرتنا إلى القيمة التشاركية والروح التفاعلية والفاعلية المرجوة من المجلس النيابي تحت لواء اي منظومة كانت.
اذ نبحث عن تعددية لا تعطل التمشي الطبيعي والسلس للمجلس النيابي وتبقيه متماسكا لنحمي الدولة والبلاد من الأزمات السياسية التي تظهر عادة في المنظومات البرلمانية، فهشاشة مجلس النواب ينعكس مباشرة على الحكومة، فمجلس هش ينتج حكومة هشة، مما يغّيب فاعلية السلطة التنفيذية ويذهب بهيبة الدولة، وبالتالي ينهار المنوال التنموي.
في غياب سيادة الدولة ترضخ الإدارة لإملاءات المافيا الاقتصادية الداخلية والخارجية، ويعود الإستبداد بأي شكل من الأشكال، وهو ما يؤسس لإستعمار آخر متطور، وتذهب الثورة سدا وتصبح المرحلة التأسيسية مرحلة تخريبية، فلا نُحصّل ديمقراطية ولا حتى استبداد، إنما نحصل عبودية مقيتة تعيدنا دهورا للماضي التعيس السحيق.
ان القيام بنفس الخطوات ونفس التجربة بنفس الطريقة مع انتظار نتائج مختلفة هو الغباء بعينه، ولهذا لابد من استغلال المرحلة التأسيسية لإنتاج منظومة انتخابية فعالة بأساليب جديدة بعيدا عن المسلك القديم، إذ لابد من تركيز آليات علمية وتشريعات لا لبس، لا يعتريها التشكيك، لتعكس البيعة الحقيقية للشعب بعيدا عن التزوير بكل مظاهره البائنة والمتسترة، فالإنتخابات بيعة يبايع فيها الشعب من خلال الصندوق من يراه اهلا للحكم ويمثله ويحمل قضاياه ويدافع عنه، وهذا يستوجب علاقة تواصل دائمة وتعارف شفاف ما بين المرشح او النائب والمواطنيين، ولا يتأتى هذا الا عندما يكون النائب مترشحا عن منطقة مقيما فيها باقدمية محترمة ليلامس عن قرب متطلبات المنطقة ويعرفه المواطنون مع وجود اوصر تحاور وتوصل ما بينه وبين المواطنين.
في تصورنا للديمقراطية التشاركية المفتوحة نفكر دوما في المواطن وكيفية تعميق تحكمه ومشاركته الفعالة من موقعه، او من موقع تنظمه، وقد تبدو المنظومة الفردية اقرب لتحقيق هذه التطلعات، ولكن في المقابل القائمة تعزيز دور المجتمع المدني والتشاركية.
نحن نعتبر ان التعادلية اساس الإستقرار في كل شيء، وهو ما يدفعنا إلى البحث عن سبل جديدة ورؤى أخرى تصورية تدمج المنظومتين مع بعضهما لتخرج لنا آلية جديدة محدثة تمكننا من ملامسة الصواب اكثر ما يمكن والبحث عن تصور توافقى بين الطريقتين ونسج منظومة تأخذ من كل الطريقتين محاسنها وتتلافى مساوئها.
ننشئ مقاربة جديدة تراعي العصر الرقمي وعصر التواصل المفتوح لتعزز قيم المواطنة والشفافية والحوكمة التشاركية المفتوحة.
كل هذا يحتاج إلى جهد بحثي وتحليلي وتمحيصي يتركز على كلا الطريقتين لإستخراج المحاسن ودرء النواقص، دون نسيان دور اعداد النائب وتكوينه ليمتلك الآليات الكفيلة التي تساعده في ممارسة الحكم.
نسعى إلى تكريس سيادة حقيقية للشعب ولا يبقى الناخب مركونا في الرفوف لا ينظر إليه الا زمن الإنتخابات والإقتراع ومن بعده يمرى به عرض الحائط.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: