|
من مواقف الهمة العالية - ربيعة بن مالك الأسلمي رضي الله عنه
د. أحمد يوسف محمد بشير - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي
المشاهدات: 8049
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
- " همتك فاحفظها، فإن الهمة مقدمة الأشياء، فمن صلحت له همته وصدق فيها، صلح له ما وراء ذلك من الأعمال "،
- " وكما أن الطائر يطير بجناحيه، كذلك يطير المرء بهمته، فتحلق به إلى أعلى الآفاق، طليقةًً من القيود التي تكبل الأجساد.."
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين،
الحمد لله الرّب العظيم، الجواد الوهاب المعطي الكريم، الغفور الرحيم، العزيز العليم، الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كُفواً أحد، الذي إذا ارداد شيئاً فإنما يقول له كن فيكون، فسبحان من أمره بين الكاف والنون.
يا باريء النفس في عز وتمكين * يا من لطفت بخلقي قبل تكويني
لا تجعل النار يوم الحشر تكويني
والصلاة والسلام على حبيبه وصَفِيِّهِ، وعبده ونبيه، محمد بن عبد الله المطلبي الهاشمي القرشي العدناني، أزكىَ الناس نسباً، وأطهرهم عِرقاً وحّسباً، الأمِيِّ الذي تَفَوَّقَ على كل ذكيٍّ، ودانت له العلماء والفلاسفة والمناطقة وكل من كتبا، فهل رأى الناس أو سمعوا مثل هذا عجبا!!
أما بعد:
وبعـــــد :
في رحاب جامعة العقائد الإسلامية، نعيش لحظات، ويالها من جامعة ما عرفت الدنيا لها مثيلا، جامعة أسسها، وحدد أهدافها وأصدر قرار إنشائها رافع السماء بلا عمد، ووضع خطتها وبرامجها وحدد مناهجها إمام الأنبياء، ورسول رب الأرض والسماء، محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، وأوائل طلابها ورواد خريجيها هم ذلك الجيل الفذ من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عنهم أجمعين،
ومع واحد من هؤلاء الصحابة النجباء، والنماذج الوضاءة، نقف اليوم لنتعلم درسا من دروس سمو النفس وعلو الهمة، وسمو الغاية، ونبل المقصد، والتطلع إلى طلب المعالي، إن بطل الموقف الذي نحن بصدده هو " ربيعة بن مالك أبو فراس الأسلمي "، وما أدراك ما ربيعة، إنه تلميذ مخلص للحبيب محمد، ومكانة التلميذ من مكانة أستاذه ومعلمه، إنه صحابي جليل من أصحاب محمد، الذين هم شامة في جبين التاريخ الإنساني كله، إنه قمة من قمم الرجال، والرجال قليل ........هكذا علمنا التاريخ، وهكذا علمنا الإسلام، قال تعالى :
{ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً }( الأحزاب : 23 )، إنهم الرجال من المؤمنين الذين أوفوا بعهودهم مع الله تعالى فما نقضوها وما انقلبوا على أعقابهم، إنهم صبروا على البأساء والضراء وحين البأس : فمنهم من وَفَّى بنذره لله أجمل وأكرم الوفاء ، فاستشهد في سبيل الله، أو مات على الصدق والوفاء , ومنهم مَن ينتظر إحدى الحسنيين : النصر أو الشهادة , وهم مع ذلك كله ما غيَّروا عهد الله , ولا نقضوه ولا بدَّلوه , ولا انقلبوا على أعقابهم، كما غيَّر وبدل ونقض المنافقون والجاحدون، هؤلاء هم الرجال حقا، في زمن عز فيه الرجال،
وتأمل قول الله تعالى عن فئة من المؤمنين الرجال الذين تعلقت قلوبهم ببيوت الله تعالى : {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ، رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ } ( النور : 36 - 37 )، فانظر إلى جلال الوصف القرآني لهم، إنهم رجال لا تشغلهم تجارة ولا بيع عن ذِكْرِ الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة لمستحقيها , يخافون يوم القيامة الذي تتقلب فيه القلوب والأبصار، تتقلب فيه القلوب بين الرجاء في النجاة والخوف من الهلاك، وتتقلب فيه الأبصار تنظر إلى أي مصير تكون؟
نعم فنحن على موعد مع قمة شماء من قمم الشكر والشاكرين لله تعالى، والشاكرون قليل هكذا علمنا القرآن فقال : {وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ } ( سبأ : 13 )،
وإلى قمة من قمم الإيمان والمؤمنين، والمؤمنون في الحقيقة قليل هكذا اخبرنا القران : { ......إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ ...} ( ص : 24 )،
نحن إذا مع قمة باذخة الذرى، قمة شماء في باذخ العلياء، تناطح الجوزاء، في أعالي السماء، مع رجل من أولئك الذين رباهم سيد الرجال محمد صلى الله عليه وسلم، وما أعظم المربي إذا كان محمد، وما أكرم المربى إذا كان من أصحاب محمد،
إنه ربيعة بن كعب أبو فراس الأسلمي، إسم علينا أن نحفظه، وأن نتدارس سيرته ومناقبه، وأن نتعلم من مواقفه التي تعلم الدنيا بأسرها، كيف لا وهوعلم من الأعلام الأفذاذ من صحابة خير الأنام صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم، إذا تساءلت الدنيا عن الرجال، فأصحاب محمد هم الرجال، وإذا نقب الناس في بطون التاريخ عن الأبطال فهم الأبطال، وإذا اشتكى عالمنا اليوم من قلة الرواد فهم الرواد، والرائد لا يكذب أهله، قالها محمد صلى الله عليه وسلم لقومه في أول خطبة خطبها بمكة حين دعا قومه فقال لهم في كلمة رقيقة في دعوة رفيقة : " إن الرائد لا يكذب أهله والله لو كذبت الناس جميعا ما كذبتكم ولو غششت الناس جميعا ما غششتكم، ولو غررت الناس جميعًا ما غررتكم، والله الذي لا إله إلا هو إني لرسول الله إليكم خاصة، وإلى الناس كافة، والله لتموتن كما تنامون، ولتبعثن كما تستيقظون، ولتحاسبن بما تعملون، ولتجزون بالإحسان إحسانًا، وبالسوء سوءًا، وإنها لجنة أبدًا، أو لنار أبدًا " (1) .
وإذا كنا اليوم نعيش عالما يشكوا فيه الشباب العاقل الواعي المتعطش إلى التربية والعلم والمعرفة النافعة بأنهم جيل بلا أساتذة وبلا قدوة، فأين نحن من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وهم قدوة القدوة، وأسوة الأسوة بعد رسولهم صلى الله عليه وسلم الذي وصفه القرآن بأنه وحده الأسوة الحسنة الموثوق بها فقال تعالى : {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً }( الأحزاب : 21 )، فها هو القرآن الكريم يهتف بنا، ويعلنها للأمة عالية مدوية، صريحة جلية بأن أسوتنا الحسنة هو محمد، وقدوتنا الطيبة هو محمد، نعم ها هو القرآن ينادينا ليل نهار ونحن في غفلة، ينادينا بلسان عربي مبين : لقد كان لكم – أيها المسلمون، أيها المؤمنون، أيها الموحدون، نعم لقد كان لكم أيها المؤمنون - في أقوال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفعاله وتقريراته وأحواله وطريقة حياته قدوة حسنة، وأسوة طيبة كريمة تتأسون بها , فالزموا سنته , فإنما يسلكها ويتأسى بها مَن كان يرجو الله واليوم الآخر, وأكثرَ مِن ذكر الله واستغفاره , وشكره في كل حال،
ولمزيد من الإيضاح نقول إننا وفي هذه الحقبة من تاريخ أمتنا، وفي هذه الأيام التي نعيشها، وفي هذه الظروف والملابسات المحيطة بنا، ما أحوجنا إلى الأسوة الحسنة والقدوة الصالحة، فهي محطّ آمال العقلاء وغاية أمانيهم، لأنها نهج راشد وطريق مستقيم لا اعوجاج فيه ولا التواء، والقرآن يعلمنا – إن أردنا العلم الحقيقي الذي به نتقدم وننهض وننطلق من ربقة الأوضاع المتردية التي ألمت بنا – يعلمنا القرآن أن في طليعة من يجب علينا الإلتزام بأخذ الأسوة الحسنة منهم، والاقتداء بأفعالهم وأقوالهم وكريم شمائلهم هم رسلَ الله صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، فهم الصفوة من خلق الله ولاشك، وهم المهتدون بهداية الله ولا ريب، وهم المسارعون إلى فعل الخيرات والحرص عليها، وصدق الله تعالى إذ فيهم يقول : { إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ } ( الأنبياء : 90 )، ولقد أمرالله تعالى رسوله الكريم ونبيه العظيم بالاقتداء بهم والسير على نهجهم فقال له : { أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمْ اقْتَدِهِ } ( الأنعام :90 )، أي فاتبع هداهم -أيها الرسول- واسلك سبيلهم،
ولذلك فإن أساس قدوتنا هم رسل الله جميعا فهم أصفياؤه من خلقه، وعلى رأسهم أولو العزم من الرسل وهم خمسة نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين،
ومن ألو العزم إبراهيم خليل الرحمن وأبو الأنبياء على نبينا وعليهم جميعا الصلاة والسلام، ولقد أمر الرسول والمؤمنون بأن يتخذوه أسوة، نعم ففي إبراهيم والذين آمنوا معه قال الحق جل جلاله : {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن شَيْءٍ رَّبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ }( الممتحنة : 4 )، والنداء للمؤمنين جميعا بأن لهم قدوة حسنة في إبراهيم عليه السلام والذين معه من المؤمنين ,
وقال فيهم في موضع آخر : {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ }( الممتحنة : 6 )، وهو أيضا نداء للمؤمنين من أمة محمد، فلقد كان لكم- أيها المؤمنون - في إبراهيم عليه السلام والذين معه قدوة حميدة لمن يطمع في الخير من الله في الدنيا والآخرة , ومن يُعْرِض عما ندبه الله إليه من التأسي بأنبيائه , ويوال أعداء الله , فإن الله هو الغنيُّ عن عباده , الحميد في ذاته وصفاته , المحمود على كل حال،
ولقد جاء الأمر صريحا في القرآن لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقتدي بأولي العزم من الرسل في إيمانهم وصبرهم قال تعالى : {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِل لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِّن نَّهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ }( الأحقاف : 35 )، إنه التوجيه الإلهي الكريم للمبعوث رحمة للعالمين، وصاحب الرسالة العصماء وهو يلاقى من العنت والصدود والإعراض والتكذيب والإيذاء من قومه ما يلاقي، يأتيه النداء العلوي المقدس وهو على هذه الحال : فاصبر - أيها الرسول - على ما أصابك مِن أذى قومك المكذبين لك , كما صبر أولو العزم من الرسل من قبلك – وهم كما أسلفنا، على المشهور: نوح وإبراهيم وموسى وعيسى وأنت منهم- ولا تستعجل لقومك العذاب، فحين يقع ويرونه كأنهم لم يمكثوا في الدنيا إلا ساعة من نهار, هذا بلاغ لهم ولغيرهم إلى أن تقوم الساعة، بلاغ رباني، وبيان إلهي، واعلم أنه لا يُهْلَكُ بعذاب الله تعالى إلا القوم الخارجون عن أمره وطاعته.
هكذا رأينا في مجال القدوة والأسوة قاعدتها وأساسها رسل الله جميعا عليهم أفضل الصلاة والسلام، فهم أفضل خلق الله تعالى، ثم يرتقي الأمر درجة إلى أفضل الرسل وهم أولوا العزم من الرسل، وهم كما قلنا خمسة، ثم نرتقي درجة إلى أفضل أولي العزم جميعا وهو سيد الأنام محمد صلى الله عليه وسلم، ومن بعده أصحابه رضي الله الذين وهم خير الناس بعده، بهم أمرنا رسول الله أن نقتدي، وعلى طريقتهم أمرنا أن نسير، فإنهم خير القرون، وهم أسلم الناس من الأهواء، وأبعدهم عن الشهوات والشبهات، وهم الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه , ففي الحديث الشريف : " فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، فتمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة " (2)
وفي الحديث أن الأمة تفترق على ثلاث وسبعين ملة، كلهم في النار إلا ملة واحدة "، وعندما سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : ومن هي يا رسول الله ؟ قال : " ما أنا عليه وأصحابي " (3)،
وإذا كان الناس قد تعارفوا على أن الإنسان يكتسب مكانته من مكانة معلمه ومربيه، فيكفي أصحاب محمد مكانة أن الذي علمهم ورباهم هو سيد الخلق وحبيب الحق سيدنا محمد الذي علم المتعلمين،
وإذا تعارف الناس على أن منزلة الإنسان إنما تتحدد بنوعية الجامعة التي تخرج فيها، فيكفي أصحاب محمد أن تخرجوا من أعرق وأرقى جامعة عرفها الوجود كله من لدن آدم إلى أن يرث الله الأرض ومن عيها إنها جامعة محمد صلى الله عليه وسلم التي كتب على بابها بأحرف من النور " وقل رب زدني علما "،
هؤلاء هم أصحب محمد فبهم تشبهوا، وعلى خطاهم سيروا :
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم ** إن التشبه بالرجال فلاح
إذا مرضنا تداوينا بذكــركمُ ***ونترك الذكر أحياناً فننتكسُ
هل تذكرونا مثل ذكرانا لكم ***رب ذكرى قربت من نجحا
إنهم أصحاب محمد أمان من الفتن والضلالات، إن أولياء الله عز وجل من الصحابة رضي الله عنهم قد حققوا الإخلاص غاية التحقيق، وضربوا لنا أروع الأمثلة في ذلك، وبهم نقتدي، وفي الحديث عن أبي موسى رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " النجوم أمنة للسماء، فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد، وأنا أمنة لأصحابي، فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمتي، فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون " ( قال الشيخ الألباني : ( صحيح ) انظر حديث رقم : 6800 في صحيح الجامع )، الحبي محمد صلى الله عليه وسلم يضرب لنا المثل، ويجسد لنا المعاني ويقربها إلى أذهاننا، فالنجوم أمنة للسماء، فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد، قال تعالى : { وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ } ( التكوير:2 )، أي : تساقطت، فعندها لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل، إذاً : بقاء النجم في السماء علامة أمان، فطالما أنك ترى النجوم فأنت في أمان، لكن إذا سقطت النجوم فليس بعدها إلا القيامة، وكذلك الصحابة أمنة للأمة، ولذلك لما ذهب الصحابة زادت الفتن في هذه الأمة، وكم من المحن التي حلت بالأمة مما يندى لها الجبين! إذاً : بقاء الصحابة كان علامة أمان لهذه الأمة، فإن ذهب الصحابة أتى هذه الأمة ما توعده، وهذا يعني أن العودة لهدي الصحابة أمان لهذه الأمة، واستحضارك لعمل الصحابة وأقوالهم أمان،
فالواجب علينا أن نطالع سيرة هذا الجيل الفذ، وبالمناسبة فإن من أمتع الكتب التي ذكرت سير السلف الصالح : سير أعلام النبلاء، للحافظ شمس الدين الذهبي،
والآن نعود إلى رحاب ربيعة بن مالك وهو رمز من رموز الهمة العالية، فإلى موقف من مواقفه الرائعة المعبرة، ربيعة هذا ولد فقيرا، وعاش فقيرا، وصمم على أن يموت فقيرا،
النفس تجــــــــزع أن تكون فقيرة *** والفقر خير من غنى يطغيها
وغنى النفوس هو الكفاف فإن أبت *** فجميع ما في الأرض لا يكفيها
نعم على الإنسان أن يكون راضيا عن الله في كل أحواله، وأن يسلم الأمر لله، وأن يكون لسان حاله دائما مرددا :
دع الأيام تفعل ما تشـــــــــاء *** وطب نفسا إذا حكم القضــاء
ولا تجزع لحادثة الليـــــــالي *** فما لـــــــحوادث الدنيا بقاء
وكن رجلا على الأهوال جلدا *** وشيمتك السماحة والوفــاء
يغطي بالسماحة كل عيــــــب *** وكم عيب يغطيه الســـخاء
فلا فقر يدوم ولا عنــــــــــاء *** ولا بأس عليك ولا رخـــاء
إذا ما كنت ذا قلب قنـــــــوع *** فأنت ومالك الدنيا ســـــواء
ومن نزلت بساحته المنـــــايا *** فلا أرض تقيه ولا سمــــاء
وأرض الله واسعة ولـــــــكن *** إذا نزل القضا ضاق الفضاء
عاش ربيعة فقيرا لا يملك من حطام الدنيا شيئا، هكذا كان وهكذا شاءت إرادة الله له أن يكون، إنه رجل لم يكن من ذوي الأيدي الناعمة، ولم يولد وفي فمه ملعقة من ذهب، ولم يعرف في حياته الحرير الناعم ولا الديباج الفاخر، لم يكن الرجل ذا مال، ولم يكن ذا جاه، ولم يكن ذا سلطان، إنما كان من عامة المسلمين وفقرائهم، كان ربيعة لا يملك من حطام الدنيا شيئا، ولكنه في نفس الوقت كان يملك الدنيا كلها بقناعة نفسه، ورضا قلبه، هكذا علمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يعلمهم الجري وراء المناصب، ولا الركض وراء طلب اللذة والشهوة، ولم يعلمهم كيف ينافقون أو يتزلفون، إنما علمهم أن يكونوا عبيدا لله الواحد الديان، علمهم حقيقة لا إله إلا الله، وعلمهم أنه لا باقي ولا خالد إلا الله،
ولي في فناء الخلق أكبر عبرة *** لمن كان في بحر الحقيقة راق
شخوص وأشكال تمر وتنقضي *** فتفنى جميعا والمهيمن باق
ولذلك كان الحبيب المصطفى يناجي المولى الكريم فيقول : " إن لم يكن بك علي غضب فلا تبالي " (4)،
تعم ربيعة هذا عاش عيشة متواضعة زاهدة، لكنها كانت مملكة، لأنه – ويا لحظه وهناه – عاش مع رسول الله، وما فارق الحبيب لحظة، كان يلازم رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يخدم الحبيب، وكان يبيت عند عنده، وكان هو الذي يحضر ماء الوضوء إلى الحبيب، كان يقوم على وضوء الحبيب، وكان ينام على باب الحبيب، تعلق قلبه بالحبيب أيما تعلق،
وإذا كان علماء النفس يقولون إن لكل شخصية مفتاحا، فتعالوا لنمسك بمفتاح العظمة في شخصية هذا الرجل : ربيعة بن مالك الأسلمي، ففي ساعة صفت سماءها ورق ماؤها وطاب هواؤها خلا رسول الله صلى الله عليه وسلم بربيعة فقال له (5) :
يا ربيعة سل ما شئت، إسأل ما تشاء، واطلب ما تريد، فهما كان ما تسأله وتطلبه فإني سأسأل الله لك أن يحقق لك ما تشاء، ويعطيك ما تريد، والإنسان بطبعه متطلع إلى المتع واللذات والشهوات، ومهما كان معه من متع الدنيا فهو بطبعه يتطلع إلى المزيد، فما بالنا إذا كنا أمام رجل لايملك شيئا، وفجأة وجد أمامه من يقول له سل تعط ( كأنما وجد أمامه فجأة خاتم سليمان كما تقول العامة عندنا ليلبي له طل ما يطلبه ) ....فماذا قال ربيعة رضي الله عنه ؟ وقبل أن نتابع الموقف دعنا نتساءل في براءة : ترى لوكان واحد منا هو الذي حدث له ما حدث لربيعة، لو أن واحد منا عرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما عرض على ربيعة، فماذا كان سيطلب من رسول الله وهو موقن أنه سيجد ما يطلب، أترك لكم التفكير في الإجابة، لتعلموا على وجه اليقين كيف كانوا وكيف أصبحنا ؟ لتعلموا كم بعدت بيننا وبينهم الشقة، وكم اتسعت بيننا وبينهم المسافة، أترك لكم الإجابة مع الأخذ في الاعتبار أننا نعيش في زمن لا يختلف أحد على أن الدنيا سيطرت فيه على القلوب، وأن المادة استولت على النفوس، وأن الشهوات أصبحت هي المحرك الرئيس للإنسان، زمن يتكالب فيه الناس على متاع الدنيا وعرضها الزائل إلا من رحم الله تعالى، والآن تعالوا لنسمع كيف كانت إجابة ربيعة،
الرسول يعرض وربيعة يستمع لأجمل سيمفونية في الوجود يهتز لها وجدانه طربا : يا ربيعة سل ما شئت، وربيعة يجيب ويا نعم الإجابة، لقد أجاب ربيعة رسول الله صلى الله عليه وسلم إجابة تنحني الرقاب عند ذراها، قال ربيعة دون أن يفكر : يا رسول الله أسألك مرافقتك في الجنة !!!، لا إله إلا الله، الله أكبر على هؤلاء البشر، كانوا بشرا ولكنهم ليسوا كسائر البشر، إنهم ملائكة البشر، إنهم تلاميذ محمد صلى الله عليه وسلم،
نعم لنا أن نتساءل كيف كانت تلك الشخصيات ؟، وكيف كانت تلك القلوب ؟، إنهم قوم تعارفوا في الله، وتحابوا في الله، وتسامحوا في الله، واجتمعوا في الله، وتآخوا في الله لا لعرض من الدنيا بينهم، ولا لمنفعة دتيوية، ولا لمصلحة عاجلة، إنما كان هدفهم الأعلى، وغايتهم السامية : لا إله إلا الله،
نعم نحن أمام إجابة لو كتبت بماء الإبر على أوراق الشجر لكانت عبرة لمن اعتبر، نعم نحن أمام إجابة تضعنا وجها لوجه أمام حقيقة هذه الدنيا ومتاعها الزائل، وعرضها الفاني، دنيا لو كانت تساوي عند الله جناح بعوضة ما سقى الكافر منها شربة ماء (6)،
إنها إجابة تجعلنا نشعر أن السعادة لم تكن أبدا في كثرة المال فكم من أغنياء تعساء رغم ما عندهم من الأموال والضيعات، والسعادة لم تكن أبدا في سكنى القصور، فكم من ساكن للقصور لم تفارقه التعاسة يوما، نعم يخطيء من يظن أن السعادة في غنتشاء الكؤوس الترعة، أو في الاستمتاع بالغيد والأماليد، إنما السعادة أعلى من هذا بكثير، وأغلى من هذا بكثير، وأرفع من هذا بكثير، وأعمق من هذا وأجل من هذا، السعادة الحقيقة في هي مملكة الرضا، في رضوان الله تبارك وتعالى،
وكما قيل :
فليتك تحلو والحياة مريرة ***وليتك ترضى والأنام غضابُ
وليت الذي بيني وبينك عامر*** وبيني وبين العالمين خراب إذا صح منك الود فالمال هين*** وكل الذي فوق التراب ترابُ (7)، السعادة أن تجد الله، فإنك إذا وجدت الله وجدت كل شيء، وإذا فاتك الله فاتك كل شيء،
سل يا ربيعة، سل ما شئت، أطلب ما تريد، يا من لا تملك من حطام الدنيا شيئا، لكنه كان يملك في قلبه مملكة لا تدانيها مملكة أخرى، يملك الرضا وكفى بالرضا مملكة، الرضا عن الله يقود إلى رضوان الله، أو ما سمعتم تلك القاعدة النبوية التي تقول " إرض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس " (8)، فأين نحن من تلك القاعدة التي صدرت عن أطهر فم عرفه الوجود، أين نحن من مملكة الرضا، الرضا الذي أصبح اليوم في دنيانا غريبا غربة الأيتام على موائد اللئام، وأين نحن من القاعدة النبوية الأخرى التي تقول : " ليس الغنى عن كثرة العرض، إنما الغنى غنى النفس " (9)،
ونعود إلى ربيعة بعدما أجاب على رسول الله قائلا : أسألك مرافقتك في الجنة، وفي رواية الإمام أحمد ( أسالك أن تشفع لي إلى ربك فيعقتني من النار )، ويعيد الرسول صلى الله عليه وسلم السؤال مرة أخرى على ربيعة ولكن بصيغة أخرى قائلا : أو غير ذلك يا ربيعة، أي ستكون رفيقا لي في الجنة، فهل لك من حاجة أخرى ؟ لكن ربيعة يقول هو ذاك يا رسول الله، لا اريد غير هذا، فماذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لربيعة ؟ قال : أعني على نفسك بكثرة السجود، والمعنى أعني على نفسك بكثرة الصلاة، إذا كنت تريد أن تكون رفيقا لي في الجنة فعليك بكثرة السجود لله الواحد الديان، أكثر من صلاة النوافل، من صلاة السنن، من صلاة التطوع، وسمى الرسول الصلاة سجودا، لأن السجود أعظم أركانها، فأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد (10)
دروس مستفادة :
- فضل السجود ومكانته في الإسلام :
فلقد علمنا الإسلام أن في السجود قرب من الله تعالى، وأن لحظات السجود هي أكثر اللحظات قربا من الله عز وجل، ولذلك كانت وصية الرسول صلى الله عليه وسلم لربيعة أن يكثر من السجود ليحقق الله له ما يأمله ويرجوه ويتطلع إليه بشوق وهو مرافقة الحبيب في الجنة، ولذلك أيضا علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ما من سجدة يسجدها العبد لله إلا رفعه الله بها درجة ( أي في الجنة )، وحط عنه بها خطيئة (11)، وهكذا فالعبد كلما أكثر من السجود والخضوع والتذلل لله تعالى كلما ازداد قربا من الله، وكلما أكثر من ذكر الله تعالى كلما قربه الله إليه،
- الإكثار من النوافل تورث محبة الله للعبد :
وعلى رأس تلك النوافل الصلاة، وفي الصحيحين أن العبد لا يزال يتقرب إلى الله بالنوافل حتى يحبه الله عز وجل، وإذا أحب الله عبدا كان الله تعالى سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها وهو ثابت في الحديث (12)
وفي الحديث الشريف ما يؤكد على أهمية صلاة النوافل ومن الأفضل أن تكون النوافل في المنزل فقال صلى الله عليه وسلم موصيا أصحابه الكرام وأمته من بعده : " صلوا في بيوتكم، ولا تجعلوا بيوتكم مقابر .... الحديث " (13)، وقال أيضا : " أفضل صلاة الرجل في بيته إلا المكتوبة " (14)،
===========
الهوامش :
======
(1) - نور الدين علي الحلبي الشافعي : " السيرة الحلبية وهو الكتاب المسمى إنسان العيون في سيرة الأمين المأمون "، دار الكتب العلمية، ط3، 2008م، ج1، ص : 272،
(2) – الحديث من طريق عبد الرحمن ابن عمرو السلمى , و حجر ابن حجر قالا : " أتينا العرباض بن سارية ( رضي الله عنه ) و هو ممن نزل فيه : ( و لا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه ) فسلمنا و قلنا : أتيناك زائرين و عائدين ومقتبسين , فقال العرباض : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم , ثم أقبل علينا , فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون , و وجلت منها القلوب , فقال قائل : يا رسول الله كأن هذه موعظة مودع فماذا تعهد إلينا ? فقال : أوصيكم بتقوى الله و السمع و الطاعة , و إن عبدا حبشيا , فإنه من يعش منكم بعدى فسيرى اختلافا كثيرا , فعليكم بسنتى و سنة الخلفاء المهديين الراشدين , تمسكوا
بها , و عضوا عليها بالنواجذ , و إياكم و محدثات الأمور , فإن كل محدثة بدعة , و كل بدعة ضلالة " ( قال الألباني : و السياق لأبى داود , و لم يذكر الترمذى و غيره فى سنده " حجر بن حجر "، و قال : " حديث حسن صحيح " )، أنظر : محمد ناصر الدين الألباني : " إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل "، المكتب الإسلامي – بيروت، ط2، 1405 هـ - 1985م، ج8، ص : 150،
(3) – الحديث عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل، حتى إن كان منهم من أتى أمه علانية لكان في أمتي من يصنع ذلك، وإن بني إسرائيل تفرقت على ثنتين وسبعين ملة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة كلهم في النار إلا ملة واحدة، قالوا : ومن هي يا رسول الله ؟، قال ما أنا عليه وأصحابي " ( سنن الترمذي، قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب مفسر لا نعرفه مثل هذا إلا من هذا الوجه، تحقيق الألباني : حسن، المشكاة ( 171 / التحقيق الثاني )، الصحيحة ( 1348 )
(4) – جاء هذا الدعاء عندما ذهب الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الطائف – وكان ما كان مما وقع له من أهل الطائف فلجأ الرسول إلى ربه متضرعا فقال : " اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين، وأنت ربي، إلى من تكلني إلى بعيد يتجهمني، أم إلى عدو ملكته أمري، إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، من أن ينزل بي غضبك، أو يحل علي سخطك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك" أنظر : - أبو عبد الله محمد بن أحمد القرطبي (المتوفى : 671هـ) : " الجامع لأحكام القرآن "، تحقيق : أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش، دار الكتب المصرية – القاهرة، ج16، ص : 212،
(5) – الحديث الذي اعتمدنا عليه هنا في قصة ربيعة في صحيح مسلم، والحديث بقصته عند الإمام أحمد في المسند، لكن رواية مسلم مختصرة، وهي : " عن ربيعة بن كعب الأسلمي قال : " قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : سل تعط، فقلت : أريد مرافقتك في الجنة، قال : أوَ غير ذلك؟ قال : هو ذاك يا رسول الله، قال : فأعني على نفسك بكثرة السجود " أنظر : - محمد ناصر الدين الألباني : " صحيح وضعيف الجامع الصغير وزيادته "، المكتب الإسلامي، بيروت، ج1، ص : 951،
وفي ( رواية أخرى ) أن ربيعة قال : كنت أبيت مع رسول الله صلى الله على وسلم فأتيته بوضوئه وحاجته فقال لي : سلني .... الحديث "،
والحديث نفسه أخرجه أحمد ( 4 / 59 ) من طريق أخرى أتم منه : عن ربيعة بن كعب قال : " كنت أخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقوم له في حوائجه، نهاري أجمع حتى يصلي رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء الآخرة فأجلس ببابه إذا دخل بيته أقول : لعلها أن تحدث لرسول الله صلى الله عليه وسلم حاجه، فما أزال أسمعه يقول ( رسول الله صلى الله عليه وسلم ) : سبحان الله، سبحان الله، سبحان الله وبحمده، حتى أمل فأرجع أو تغلبني عيني فأرقد قال : فقال لي يوما - لما يرى من خفتي وخدمتي إياه - : سلني يا ربيعة أعطك قال : فقلت : أنظر في أمري يارسول الله ثم أعلمك ذلك، قال : ففكرت في نفسي فعرفت أن الدنيا منقطعة زائلة وأن لي فيها رزقا سيكفيني ويأتيني قال : فقلت : أسال رسول الله صلى الله عليه وسلم لآخرتي فإنه من الله عز وجل بالمنزل الذي هو به قال : فجئت فقال : ما فعلت يا ربيعة ؟ قال : فقلت : نعم يارسول الله أسالك أن تشفع لي إلى ربك فيعقتني من النار قال : فقال : من أمرك بهذا يا ربيعة ! قال : فقلت : لا والله الذي بعثك بالحق ما أمرني به أحد ولكنك لما قلت : سلني أعطك وكنت من الله بالمنزل الذي أنت به نظرت في أمري وعرفت أن الدنيا منقطعة وزائلة وأن لي فيها رزقا سيأتيني فقلت : أسال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) لآخرتي قال : فصمت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) طويلا ثم قال لي : إني فاعل فأعني على نفسك بكثرة السجود " ( قال الألباني قلت : وإسناده حسن ) أنظر : - محمد ناصر الدين الألباني ( ت 1420هـ ) : " إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل "، المكتب الإسلامي، بيروت، ط2، 1405 هـ - 1985م، ج2، ص : 209،
(6) – الحديث عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا منها شربة ماء " ( قال الشيخ الألباني : ( صحيح ) انظر حديث رقم : 5292 في صحيح الجامع )،
(7) – أنشأ ( أبو فراس الحمداني ) تلك الأبياتً من قصيدة له يخاطب بها أميره وابن عمه سيف الدولة، فنقلها الصالحون إلى مخاطبة الحق جلَّ جلاله،
(8) – كما في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " اتق المحارم تكن أعبد الناس، وارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس، وأحسن إلى جارك تكن مؤمنا، وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مسلما، ولا تكثر الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب " ( قال الشيخ الألباني : ( حسن ) انظر حديث رقم : 100 في صحيح الجامع )،
(9) – الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ليس الغنى عن كثرة العرض و لكن الغنى غنى النفس "، ( قال الشيخ الألباني : ( صحيح ) انظر حديث رقم : 5377 في صحيح الجامع )،
(10) – كما في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أقرب ما يكون العبد من ربه و هو ساجد فأكثروا الدعاء " ( قال الشيخ الألباني : ( صحيح ) انظر حديث رقم : 1175 في صحيح الجامع )،
(11) - فعن ( معدان بن طلحة اليعمري ) أنه قال : " لقيت ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : أخبرني بعمل أعمله يدخلني الله به الجنة، أو قال : قلت : أخبرني بأحب الأعمال إلى الله، فسكت، ثم سألته فسكت، ثم سألته الثالثة فقال : سألت عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : عليك بكثرة السجود لله، فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة، وحط عنك بها خطيئة، قال معدان : ثم لقيت أبا الدرداء فسألته فقال لي مثل ما قال لي ثوبان " ( أخرجه مسلم ( 2 / 51 - 52 )، وأبو عوانة ( 2 / 180 - 181 )، والنسائي ( 1 / 171 )، والترمذي ( 2 / 230 - 231 )، وابن ماجه ( 1423 )، والبيهقي ( 2 / 485 - 486 )، وأحمد ( 5 / 276 )، وقال الترمذي : ( حديث حسن صحيح )، وله عن ثوبان طريق أخرى بلفظ : " ما من مسلم يسجد لله سجدا إلا رفعه الله بها درجه وحط عنه بها خطيئة " أخرجه أحمد ( 5 / 276 و 283 )، أنظر : (1) - محمد ناصر الدين الألباني : " إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل "، المكتب الإسلامي – بيروت، ط2، 1985م، ج2، ص : 207 – 208،
(12) – الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : يقول الله تعالى : " من عادى لي وليا فقد بارزني بالمحاربة، وما تقرب إلي عبدي بمثل أداء ما افترضت عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، وإن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس عبدي المؤمن يكره الموت، وأنا أكره مساءته ولا بد له منه ( قال الألباني : صحيح ) أنظر : شيخ الإسلام ابن تيمية : " كتاب الإيمان "، خرج أحاديثه محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي – بيروت، الطبعة : الرابعة - 1413 هـ- 1993 م، ص : 159،
(13) – الحديث عن سهيل قال : جئت أسلم على النبي صلى الله عليه و سلم وحسن ابن حسين يتعشى في بيت عند النبي صلى الله عليه و سلم فدعاني فجئته فقال : ادن فتعش، قال : قلت لا أريده قال مالي رأيتك وقفت، قال وقفت أسلم على النبي صلى الله عليه و سلم، قال إذا دخلت المسجد فسلم عليه، ثم قال إن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : صلوا في بيوتكم، ولا تجعلوا بيوتكم مقابر لعن الله يهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيثما كنتم ( قال الألباني : إسناده صحيح )، أنظر : - إسماعيل بن إسحاق الجهضي القاضي المالكي : " فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم "، تحقيق العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي – بيروت، ط3، 1977م، ص : 38،
(14) – الحديث عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة " ( قال الشيخ الألباني : ( صحيح ) انظر حديث رقم : 1117 في صحيح الجامع )،
31-01-2013
|
|
|
|
|
|
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي |
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته |
|
|
أحدث الردود |
|
|
|
|
|