الناصر الرقيق - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 8044
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
في أيام الديكتاتورية الراحلة كنت أعيش على صور لبعض المناضلين ضد هذه المصيبة التي ألمت ببلدي منذ ما قبل ميلادي و كان لهؤلاء الذين ظننتهم مناضلين مكان في قلبي لطالما سكنوه فهم الذين كنت أعتبرهم الفرسان الذين فضحوا ممارسات النظام السابق أمام العالم و يعبرون عما يختلج صدري من حقد و كره لنظام بن علي الذي أهلك الحرث و النسل و جعلنا نخسر سنين طويلة كان من المفترض أن تجعل من تونس أحد أهم البلدان المؤهلة لدخول نادي البلدان المتقدمة بدل بقائها ضمن نخبة بلدان العالم الثالث.
لكن بعد الثورة و عندما سقط نظام بن علي بدأت تسقط الأوراق تباعا و أظهر كل حقيقته و كانت للأسف هذه الحقائق المتمثلة خاصة في المواقف التي بدأ بعض ما كنت أعتقد أنهم مناضلون يعبرون عنها و هو ما مثّل صدمة بالنسبة لي حيث لم أستوعب الأمر بسهولة و من بين هؤلاء المناضلين المفترضين السيد الطاهر بن حسين الذي رغم أني أختلف معه سياسيا كنت معجبا به و كنت أحرص على متابعة أخباره و أخبار قناة الحوار التونسي في ذلك الوقت خاصة و أني كنت أعتبرها متنفسا حقيقيا يعبر عن كثير من المعاناة التي يشعر بها و يعانيها التونسي.
هذا الإعجاب سرعان ما بدأ يخفت توهجه مع بداية ظهور المواقف الحقيقة للسيد الطاهر بن حسين من عدة أشياء و سأكتفي بذكر إثنين منها الأول موقفه من الحجاب و حديثه عن المحجبات بخطاب تحقيري كان من الأجدر أن لا يصدر عن شخص مثله خصوصا و انه يندرج في إطار الحريات الفردية التي لطالما إدّعى الدفاع عنها أما الثاني فهو إنضمامه لنداء تونس و هو ما دفعني للتساؤل كيف لشيوعي أممي أن ينخرط في حزب ليبرالي فقلت ربما هي السياسة لكن تساءلت مجددا كيف لمعارض لنظام المخلوع و مدافعا عن حقوق الإنسان أن يضع يده في يد أبرز أعمدة نظام المخلوع و عتاة منتهكي حقوق الإنسان إبّان الفترة المظلمة التي عاشتها تونس ربمّا يجب أن توجه هذه الأسئلة للسيد الطاهر بن حسين حتى يجيب عليها.
غير أن كل هذا لا يساوي شيئا أمام ما شاهدته على شاشة قناة الحوار التونسي التي يمتلكها السيد الطاهر بن حسين ليلة الخميس في إطار تغطيتها للأحداث التي أعقبت إضراب سوّاق شركة نقل تونس حيث تم بث بعض من أراء المواطنين و من بين ما تم بثّه أحد الشباب الذي قال بالحرف " يحيا بن علي " ثم عاضده أخر كان يجلس بجانبه بنفس القول هذا الكلام حقيقة صدمني خاصة و أنه يبث على شاشة تعتبر نفسها ثورية و مواطنية أي أنها تدافع عن حقوق المواطنين المهضومة و هذه الحقوق التي هضمت على مدى خمسين عام جزء كبير منها هضم في عهد المخلوع الذي ترسل له التحايا عبر شاشتك يا أستاذ طاهر.
أعتقد أنه يجب على السيد الطاهر بن حسين أن يراجع بعضا من مواقفه و أن لا يجعل لحقده القديم على حركة النهضة يقوده لإرتكاب حماقات قد تقضي على ما تبقى له من ماض نضالي فهذه التحية التي أرسلت للمخلوع تعتبر الأولى و الوحيدة منذ بعد الثورة التي تبث على شاشة قناة تونسية و فيها إهانة كبيرة للدماء التي سالت على مدى العقود الثلاث التي حكم خلالها تونس وصولا إلى دماء شهداء و جرحى الثورة لكن ربما كان السيد الطاهر بن حسين على وعي تام بما يفعل و هو يقصد حقا بعث تحية قلبية حارة للمخلوع خصوصا و أن كثيرا من المناضلين من أمثاله يحنّون لتلك الأيام الخوالي التي كان فيها خصومهم في الفكر بين سجين و طريد في حين كانوا هم يتجارون بتلك العذابات لدى من كان يهمهم الأمر في ذلك الوقت و قبل أن أنهي كلامي سأتوجه بهمسة بسيطة لباعث قناة الحوار التونسي " تحيا الثورة التونسية و تحيا دماء الشهداء ".
مكافح في الجبهة الفكرية
الناصر الرقيق
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: