احمد الحباسى - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 3431
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
ما لا يعلمه الكثيرون ان حزب المؤتمر هو حزب تم تكوينه فى الخارج و نواته الاولى هى بعض الاسماء المعروفة التى كانت تنشط فى المهجر و ليست بعيدة عن التيار الاسلامى مثل سليم بن حميدان و عماد الدائمى و ما لا يعلمه البعض ان عدنان منصر و طارق الكحلاوى قد التحقا بهذا الحزب بعد الثورة و ان محمد عبو و عبد الرؤوف العيادى و سمير بن عمر و أم زياد مثلا كانوا من الوجوه المقربة من النهضة و انسلخوا عنها لفائدة الحزب الوليد،هذا ما يفسر طبعا و بالذات العلاقة الوطيدة بين هذه القيادات و بين النهضة و التخلى المفاجئ للنهضة على مخزونها الانتخابى لفائدة المنصف المرزوقى فى الانتخابات الرئاسية بما شكل مفاجأة لكثير من المتابعين الذين كانوا يجهلون البدايات بين الحزبين، طبعا كان ثابتا ان النهضة قد ساعدت المؤتمر فى انتخابات 2011 لقطع الطريق على اليسار و لفرض تجمع حزبى ثلاثى يقف نفس المواقف من الثورة و من واجب مواجهة عودة التجمع و كان الاتفاق من البداية على اجتثاث التجمع و محاكمة جميع افراده و القضاء على وجوده بكل الوسائل بما فيها الاغتيال ان لزم الامر .
لم يحصل المرزوقى إلا على خمسة آلاف صوت لكنه تحصل على الرئاسة بعد مقايضة قذرة مع الغنوشى و تنازل اخر لحظة من بن جعفر و بمجرد انتقاله الى قصر قرطاج تبين ان الرجل لا يصلح و انه مهزلة سياسية بامتياز و أن بقاءه فى المنصب سيضعف النهضة سياسيا و معنويا امام خصومها خاصة و قد لاحت عديد علامات الفشل و الهنات فى كيفية ادارتها للحكم زاد اغتيال الشهيد شكرى بلعيد على يد صقور الحركة وضعيتها تعقيدا ثم جاء اغتيالها للشهيد الحاج محمد البراهمى بمثابة رصاصة الرحمة على حكم اعتمد الارهاب و التكفير و الاعتداء على رجال الاعلام و الثقافة و الابداع سياسة يومية جعلت المناخ الاجتماعى يقارب الثورة الشعبية و الحرب الاهلية، يرى المرزوقى فى شهادته على تلك الفترة ببرنامج ‘شاهد على العصر ‘ على قناة الجزيرة القطرية و التى لاح اثناءها على حقيقته المهتزة و ارتباكه و قلة درايته بأساليب حكم الدولة رخم مرور اكثر من 3 سنوات على سقوطه فى الانتخابات الرئاسية و خروجه المهين من قصر قرطاج، يقول الرجل ان الوضع قد شابه القطيعة بينه و بين رئيس الحكومة حمادى الجبالى خاصة و قد اتهمه هذا الاخير بالفشل و كان رافضا من البداية مجرد وجوده فى كرسى الرئاسة .
يتحدث المرزوقى بكثير من الحزن و المرارة عما سماه بخيانة الاخوة ليؤكد ان الغنوشى كان يجاهر بسياسة و ينفذ اخرى مختلفة و انه كان يجاهر علنا بعزمه اجتثاث التجمع و التجمعيين و لكنه فعل العكس على أرض الواقع و يتهمه بكونه من تسبب فى رجوع التجمع و فوز الباجى قائد السبسى و انتصار ما سماه ‘ الدولة العميقة ‘، لكن من الواضح ان كل الاتهامات الخطيرة التى جاءت فى سياق هذه الشهادة قد جاءت مدى هبوط و تدنى الفكر السياسى للرجل و مدى هبوط معرفته بالأساليب السياسية و باكرا هات الحكم و بما يسمى السياسة القذرة فضلا عن عدم معرفته التامة بتاريخ الاخوان و بتاريخ هذه الحركات و ما يعرف عنها من نفاق و مخاتلة و خداع فضلا عن ان الاحتجاج بأنه قد وقع ضحية حسن نيته و هو يتحدث عن مسألة حكم و مسألة سياسية بامتياز هو منتهى الرعونة و فقدان الحس السياسى لان المبدأ المستقر منذ خلق الكون أن السياسة خداع و مكر و كر و فر و تحالف و اختلاف الى غير ذلك من المتناقضات و الحقائق السلبية .
فى الحقيقة لم يكن المرزوقى ضحية نفاق النهضة و تلونها المبدئى و السياسى فهذا لم يكن خافيا على أحد خاصة و قد كشفت اساليبها فى الحكم كل هذه العورات و الهنات و الخفايا المرعبة و بات المواطن اليوم على بينة من أن الفضيلة المزعومة قبل و ايام الانتخابات لم تكن إلا خدعة و شعارا زائفا و ان انتخابها فى تلك الفترة كان مجرد خطأ تعددت اسبابه و لكن المرزوقى لم يكن مؤهلا للحكم أصلا و هو الذى كان يقف الى جانب الرئيس السابق بن على مطالبا فقط ببعض الاصلاحات فى الحكم مثلما كشفته وثائق تلك الفترة بما فيها كتابات طارق الكحلاوى و عدنان منصر و محمد عبو على سبيل المثال، فالرجل لم يكن يحلم حتى بالنجاح فى الانتخابات التشريعية و لا بوجود حزب بإمكانه مواجهة التجمع و لكن رعونة النهضة و رغبتها للتخلص من هذا الحمل الفاسد هى من نصبته رئيسا بعيدا عن الغوغائية الجدلية التى يجترها من كونه قد جاء بالانتخاب و اول رئيس تونسى بالانتخاب، لان فشله فى الانتخابات الموالية رغم ‘سلفته ‘ المضحكة المبكية لرصيد النهضة الانتخابى يؤكد انه كان مجرد سحابة صيف مرت بها البلاد فى لحظة غفلة و جاء اعتصام الرحيل بباردو ليزيحها بجرة قلم، لقد انهى اعتصام باردو و لو جزئيا حالة من خيانة موصوفة ارتكبتها حركة النهضة فى حق الشعب و الراية الوطنية و فى حق م قتلهم عنف الخطاب التكفيرى الذى انتهجته اسلوبا و لغة ‘للحوار ‘ مع المعارضة، اليوم كشف المرزوقى جزء من الخيانة المتبادلة و الايام كفيلة بكشف حقائق مرعبة كثيرة عن أحقر و أتعس فترة عاشتها تونس فى تاريخها .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: