احمد الحباسى - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 3473
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
جاء فى السير الغابرة أن آخر من ركب سفينة سيدنا نوح عليه السلام من الحيوانات هو الحمار و أن إبليس الملعون دخل السفينة متعلقا بذنب هذا الحيوان البسيط ، يقول بعض الظرفاء ان إبليس قد ترك ذيل الحمار بعد وصوله للمركب و تنكر لبقية الحيوانات فى ثوب رجل عجوز حكيم ليعلمهم ما لا يعلمون حتى انطلت الحيلة الماكرة على البقية و اطمئن اليه الجميع فأغواهم حتى أصبحوا لا يستطيعون له فراقا و لا يرفضون له طلبا بل بايعوه أميرا عليهم و أولهم طبعا الحمار، ما أشبه اليوم بالبارحة و ما أشبه ثورة 14 جانفى بمركب نوح و ماذا عسى أن نقول و قد اختلط الهرج بالمرج و لم نعد ندرك كيف تعلق بعض الشياطين من الانسان بذيل هذا الشعب الحمار الابله حتى رأينا من كتب على بعض الحيطان من فرط الاحساس بالإحباط و المرارة، ‘ الثورة تفعلها الشرفاء و يركبها الخونة ‘، ما أشبه حكايا التاريخ بحكايا واقع الثورة و ما أبشع أن نتحدث اليوم عن ثورة سرقت بليل استيقظنا فلم نجد من آثارها إلا بعض الكلمات المعبرة ‘ المنشورة ‘ على بعض حيطان الشوارع التى عاشت ايام الثورة، لكن ما الذى سنقوله و قد سرقت الثورة من بين أيدينا و لم نعد نجد لها أثرا حتى فى عقول من عايشوها و تحملوا قسوة البوليس السياسى للنظام السابق .
يكفى فقط أن نستمع الى كلام الرئيس المؤقت السابق محمد المرزوقى فى شهادته على العصر على قناة الجزيرة لنفهم أن ابليس الملعون قد دخل سفينة الثورة دون أن يكون ضالعا فيها و لو بالدعوات الصالحة و كان ينتظر اللحظة المناسبة حتى يصعد الى سدة الحكم فى غفلة من الذين قاموا بالثورة، كان ابليس متخفيا فى لباس التقوى و الورع و الفضيلة الزائفة لذلك ظن البعض و بعض الظن اثم انهم أمام شيخ الاسلام الذى طالما وعدهم بالعدالة الاجتماعية و بالعمل على توزيع الثروة الوطنية بالعدل و القسطاس فإذا هو شيطان منافق لئيم قد جاء لسرقة و نهب كل شيء تحت جنح الظلام و الفرار بكل المسروقات تاركا هذا الشعب فى نحيب مستمر و فى حيرة كبرى، ربما استفاق الشعب متأخرا و بعد ان وقعت الفأس فى الرأس كما يقال و لكن من الثابت ان ابليس قد نهب كل شيء و تحالف مع عقول الارهاب ليتكفل زبانية ابليس الاكبر النائم فى حضن قطر الشيخ القرضاوى بالتصدى لكل من خولت له نفسه التعرض الى هؤلاء السارقين، لكن من سوء حظ ابليس أن يسقط الاخوان الابالسة فى مصر بعد أن صعدوا القارب المصرى و هم ينشدون ‘ خيبر خيبر يا يهود جيش محمد سيعود ‘ فتبين بعد حين للناظرين سوء المشهد و سوء العاقبة و صاح الصائحون يا للخيانة و يا للخونة و يا لمن تضمنت رسالته يوما ‘ عزيزى شمعون بيريز ‘ و هو الذى طالما الف الخطب و القصائد نثرا و شعرا ضد الصهاينة فإذا به صديق حميم .
لقد خان سيد قطب الثورة المصرية فى عهد الزعيم الراحل جمال عبد الناصر بعد أن كان من أشد المعجبين و المتشبثين بأفكارها و مسارها، انقلب الرجل المنافق اللئيم على كل افكاره و تعهداته و تنظيره و كتب فى كتبه النقيض مناديا بإسقاط الثورة و قتل من قام بها من الضباط الاحرار، طبعا جاءت الكتب و السير الذاتية بما صدر على لسان هذا الرجل من تعليمات لقلب النظام و اغتيال عبد الناصر و صدر الحكم فى النهاية و بعد عناء و صبر طويل بإعدام هذا الخائن للوطن و الى اليوم لا تزال حركة النهضة تغذى فى نفسها حبل الكراهية للزعيم جمال عبد الناصر دون أن تلتفت الى كل جرائم السيد قطب، لقد كانت حركة النهضة تعيش فى تونس فى عهد الرئيس المرحوم الحبيب بورقيبة و كانت تمارس و من البداية نشاطا تخريبيا للعقول و المؤسسات فالإخوان يحملون مشروعا مناهضا تماما للحداثة و الوسطية و التنوير لأنهم لا يؤمنون بمدنية الدولة و لا بالمؤسسات و لا بالديمقراطية و لا بحقوق الانسان بما فى ذلك حقوق المرأة، كان الزعيم و هو الزيتونى المتمرس يعلم خفايا مخططات هذا الفصيل المتعلق بأحلام انشاء دولة الخلافة و كانت هناك معركة كسر عظم بين مشروعين الاول حداثى و الثانى ظلامى و فى هذه المعركة انتصرت الدولة المتحضرة على قوافل الارهاب التكفيرية و حتى بمجيء بن على الى سدة الحكم كان البت فى امر ‘ الجماعة ‘ حاصلا من البداية لولا ظروف انتقال السلطة و ما تستحقه من استقرار اجتماعى و حين استقر الامر بيد الجنرال تم الحسم و هرب من هرب و تخفى من تخفى من هؤلاء العقول المهووسة بفرض أجندتها التكفيرية .
حين جاءت الثورة تخفى ابليس و بمجرد فرار الجنرال أو هكذا يحكى و يقال خرج اللئام من الجحور و عاد من عاد من بلاد الغرب مصليا ممسكا بكتب القرآن مسبحا باكيا و ظن الشعب انهم تابوا عن الخيانة و اغتسلوا من الجنابة بعد ان شهدت تونس طيلة الاستقلال منهم افعالا و اعمالا ارهابية قضت على الاستقرار و عفنت الوضع الاجتماعى و اربكت التنمية، جاءت الانتخابات على طبق و صعد ابليس الى مركب السيادة ليحكم الرعية الصاغرة فتبين أنه لا يقل جبروتا و استبدادا عن الجنرال و أن صلاته و مناسكه ليست لله بل لهذا الشيخ الكسيح الجالس فى محمية قطر مناديا حى على الارهاب حى على جهاد النكاح، غدرت ميليشيات التكفير بالشهيدين بلعيد و البراهمى و مع هذه الاغتيالات المرعبة تملك تونس جو من الخوف جعل الناس تفكر فى الهرب بعيدا لكن اعتصام الرحيل و اعتصام نساء تونس اجهض المؤامرة ليسقط ابليس نهائيا كما سقط ابليس الاكبر فى مصر على يد المشير عبد الفتاح السيسى، هنا كان لا بد من العودة الى النفاق و الايحاء بحصول تغيير فى الرؤية و الخط و هو ما حصل فعليا و تحت ضغوط الواقع و بات ابليس اليوم لا يتحرك إلا بإذن الماسك برئاسة الدولة منتظرا اللحظة المناسبة للصعود مجددا الى القارب فى غفلة من الحمار عفوا من الزمن .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: