أحمد الحباسى - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 4730
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
من عار هذه الثورة أنها جلبت كل المصائب و أتت بكل نطيحة و متردية و ما أكل السبع من السياسيين المفلسين، في العادة لكل قاعدة استثناء و في العادة لا يجوز التعميم لكن هذه المرة لن نستثنى أحدا من كل الأحزاب و لن نستثنى أي قيادي منها، هناك مصيبة و كارثة حلت بتونس في ما يسمى بالطبقة السياسية و بالنخبة بصورة عامة، فتونس لم تعد زعماء وطنيين و قيادات متنورة و هناك مصيبة ضربت الشعب التونسي و ضربت الحكومة و ضربت الرئاسة و ضربت مجلس الشعب و اغلب مكونات المجتمع المدني فأصبحت تونس غارقة في الرداءة حتى ‘ العنكوش’، فالنقاش الحاد اليوم بين هؤلاء المندسين و الثوريين الجدد و بعض بقايا الفكر التكفيري و من يقفون على اليسار و من يقفون على اليمين و من يقفون وراء الستار لا يتعلق برداءة الأداء الحكومي كما يتبادر للأذهان و لا بحالة الفساد المستشرية و لا بقرب إفلاس الخزينة و لا بكيفية مقاومة الإرهاب بل بما يسمى بحرب المواقع السياسية أو بالانتهازية السياسية و الشعبوية القذرة لا غير .
هل يعقل أن يخرج علينا مسئول برتبة رئيس سابق و من وراءه طاقمه الحزين ليملأ الدنيا صراخا و عويلا و بهتانا لمجرد أنه تناهى إلى أسماعه المشكوك في سلامتها أن هناك من سعى لمنع حواره السخيف و المثير للغثيان في إحدى القنوات المشبوهة الممولة من المال السياسي الفاسد و من أموال جماعة الطرابلسية و من بعض رجال المافيا التي تتحكم في مفاصل الاقتصاد التونسي، العار و المصيبة أن حملة النواح المستفزة للذوق العام تحصل و البلد على حافة الإفلاس و كل القطاعات الاقتصادية متوقفة و الإرهاب متربص و الناس تضع يدها على صدرها من الخوف، فماذا قال رئيس الندامة سوى بعض الترهات و الجمل المركبة و الاستدراكات الفاشلة، ثم من يصدق رئيسا متهافتا مثله على الكرسي و هو الذي نكل بحرية التعبير و بحق المواطنة و كان سببا من أسباب دخول الإرهاب إلى هذا البلد، أليس المرزوقي من قدم تلك العجيبة الثامنة المسماة ‘ الكتب الأسود ‘ فكيف لا يخجل اليوم و هو يتحدث عن قمع حرية التعبير أم أنه فقد الخجل بمجرد أن نصبته حركة النهضة رئيسا بلا حول و لا قوة في قصر قرطاج سوى الحضور في الجنازات و حمل النعوش و التمسك بشعارات بائسة أصبحت محل تندر الخاص و العام .
هناك مواطن و زوجته الأول يدعى أنه أمين عام حزب و زوجته تزعم أنها وريثة الشعب، الأول ترك مهنة المحاماة التي لم يكن بارع فيها أصلا بشهادة العارفين و أقصى ما حققه في هذه المهنة هو ‘ المشاركة’ المتواضعة جدا مع بعض المحامين في زيادة عدد المترافعين في بعض القضايا السياسية ليشتغل ‘نبارا’ برتبة أمين عام حزب هلامي لا وجود له إلا في مخيلته النرجسية المغرورة، السيد النائبة زوجته معروفة بسلاطة اللسان الخارجة عن المعقول و رغم كونها محامية فهي كزوجها لا تقدم ما ينفع الناس بل تكتفي بقراءة الصحف مجانا في مجلس نواب الشعب بحثا عن خبر من هنا و هناك لتصنع من الحبة قبة و هات من الشتائم و القاذورات اللفظية و القبح الجدلي بحيث أصبح المتابعون يخفتون الصوت عند مداخلتها أو ينتقلون إلى قناة أخرى تجنبا لمثل هذا النوع من الخطاب الهمجي البعيد عن اللياقة، بطبيعة الحال لا السيد زوجها قدم ملموسا و خدمة لهذا الشعب الجريح و لا السيدة زوجته المصون قدمت ما ينفع الناس، بطبيعة الحال ، هؤلاء لا يملكون ذرة من الاحتشام و الخجل لان البلد مهموم بأوجاع مميتة و هما يمارسان التزلج على الأخبار طمعا في الشهرة.
تعيش غزة حالة حصار قاتلة و تعيش سوريا و العراق و ليبيا و اليمن حالة من الإرهاب الخليجية الصهيونية التركية، يعيش المغرب العربي حالة من المخاض المتعسر بين دوله الخمس و لا أحد من هذه الدول يملك مصيره و مستقبله بيده بل هو يصارع حملات الإرهاب و التنصير و التكفير و التقسيم و بث الفرقة و البحث عن إثارة الغرائز الطائفية، مع ذلك لا شيء من هذه القضايا المركزية المهمة يثير بجدية هذه الأقزام السياسية المنفلتة العقال الباحثة عن الشهرة في زمن البرغوث، ما يثير هذه الزعامات السياسية الفاقدة للتمييز هو تصريح من هنا و هناك و قول من هنا و هناك، أي بؤس هذا و أية زندقة هذه، فكيف يتصورون معارضة بهذا النمط و الشكل المتهرئ بل كيف يتصورون أن شعبا يملك أكثر من ربعه شهادات تفوق علمية تحصل عليها في جامعات الغرب سيستمع إلى مثل هذا الخطاب المثير للغثيان و هذه السخافات التي يملئون بها بطون وسائل الإعلام الباحثة عن الرداءة، ثم كيف يتصورون أن خطابا مثل خطاب حمة الهمامى و أحمد الصديق و عمار عمروسية و بقية ‘الرفاق ‘ سيعطى الأمل لشعب فقد الأمل في كل هذه الطبقة السياسية المحنطة الفاسدة .
منذ ساعات و منذ أيام و منذ شهور و حزب النداء متورط في حرب ‘ القيادات’ المزيفة، لا أحد منهم يستحق مجرد مبتدى في السياسة و مع ذلك من يستمع إلى الأزهر العكرمى أو سفيان طوبال أو رضا بلحاج أو هذا القطي يظن نفسه في حضرة كبار السياسيين في العالم مثل تشرشل و مانديلا و ليبولد سيدار سنغور و بورقيبة و تيتو ممن أعطوا للعالم دروسا في كيفية الممارسة السياسية، و لعل حافظ السبسى قد جاء اليوم ليس ليعكر الأجواء في حزب نكث الوعود الانتخابية بل ليعطى الدليل لكل من انتخبوا هذه العصابة الناكثة للعهد الانتخابي أنهم أخطئوا التقدير و ارتكبوا حماقة سيدفعون ثمنها قريبا بل أن مجرد وجود هذا الرجل في الحزب هو إهانة للممارسة السياسية بصورة عامة و إهانة للمفهوم السياسي و لمفهوم الأحزاب و حتى الذين يحاولون ‘إخراج’ تاريخ سياسي لهذا الرجل من العدم مثل هذا الخماسي الذي لا يختلف كثيرا في ممارساته عن ممارسات السيد محمد الصياح في عهد الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة، هذا يحصل و حال البد متوقف و نذير الإفلاس قادم و الوعود التي قطعتها الدول ‘ المعتادة’ تبين أنها مجرد حلم زائف، فهل تخلى السبسى الصغير عن حلم الرئاسة حتى يخرج النداء من أزمته المتشعبة أم أنه لا يملك الجرأة و الشهامة السياسية في الختام نؤكد أن مصيبة البلد ليست في رداءة طبقتها السياسية بل المصيبة الكبرى تكمن في رداءة نخبها و تبلد شعورها بالمسؤولية المطلوبة في هذه اللحظات التاريخية.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: