فتحي الزغل - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 6283
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
كَثُر الحديث هذه الأيّام عن تحويرٍ وزاريٍّ مُرتقبٍ درجة أصبح الأمرُ موضوع الأطفال و العجائز، و كلّ من لا يفقه في السّياسة من أمثال عطّار الحيّ الذي لا يكتفي بالإجابة نفيا على من يسأله الحليبَ فيُصرّح أنّه - و من معه - لا يرون بوادر حلٍّ لمنتوج البقر في الظّروف الرّاهنة، بحكم العلاقات الموضوعيّة المترابطة بين البقر حاليّا، و تأثّرها الحتميّ بعديد العوامل الخارجيّة التي أهمّها و أبرزها و أكثرها فعلاً... التّحويرُ الوزاريُّ... الذي يُؤكّدُ أنّه ينتظره مع المنتظرين ممّن يُفكّرُ نحوه من البشر... و من البقر.
فهذا التّحويرُ الوزاريُّ قد أخذ من الحظّ الإعلاميّ أكثر من الحظّ الذي أخذته محاور أخرى هامّة في بلدنا، كموجة العزوف عن العمل التي ضربت شعبنا شرّ ضربٍ، و موجة غلاء الأسعار التي نهكت جيبه فأفلست فقيره قبل غنيِّه. حتى كأنّ هذا التّحوير المُرتقب سيكون بمثابة الحلّ الجذري لما نعيشه من أزمات تضرب جذور بعضها في الزّمن عقودا.
و بقدر ما كنتُ غيرُ مقتنعٍ بأداء بعض الوزراء منذ أوائل أيّام عملهم – و هو ما كان موضوع مقالة نُشرت في الصّحافة الوطنيّة و في الصّــــحافة العالميّة وقتها – لعوزهم مقوّمًا من أهمّ مقوّمات الوزيــــــر، و أقصد الإقناع و قوّة الحضور و رباطة الجأش و حضور الشّخصية، و الذين سمّيتهم بأسمائهم في تلك الأيّام كوزيرة المرأة ووزير الاستثمار الدولي ووزير التّجهيز ووزير الصّناعة ووزير التّجارة ووزيرة البيئة، فإنّي لا أرى اليوم جدوى في التّحوير المرتقب سوى امتصاص موجة من الرّفض بدأتها المعارضةُ منذ بدايات عمل الحكومة، و لا تزال تُكرّسها. و لن تتحوّل عنها مستقبلا أبدا - في تقديري- و لو حوّرت التّرويكا كلّ الوزراء دون استثناء.
إذ أنّ لبّ المشكل بين هؤلاء و الحكومة، ليست الأسماء بقدر ما هو الجهة التي تحكم البلاد. و لن ترض تلك المعارضة على الحكومة أبدا حتى تُخرجها من ملّتها و عن فكرها و عن مرجعيّتها و عن كرسيّها لتعتلـيه هي و تحكمُ. لأنّها تُدرك أنّها مُشتّتةٌ لن تصل إليه بانتخابات أبدا... على الأقلّ في أفق عقود قادمة.
و لذلك فإنّ التّقدير لديّ بأنّ التّرويكا الحاكمة - التي بدأتُ ألمحُ بوادِر شقّ خفيف يدبُّ بينها ـ مدعوّةٌ إلى تحويرٍ يمتصّ ما تقدّم من لغطٍ و تصريحاتٍ تستهدفها منذ قيامها، في نفس الوقت الذي يجب أن تنتبه فيه إلى أنّ إشراك أطراف عُرف عنها عداوتُها لمشروعها سوف لن يقيها من سهامها. و أنّها مدعوّةٌ إلى الحلّ الذي عرضتُه أكثر من مرّة، و هو الالتفات إلى المستقلّين التي تدفع اليوم ثمن عدم دعمها لهم سابقا، لما أصبح لتلك الشّريحة السّياسية من ثقة يتمتّعون بها في أوساطهم الاجتماعية الضيّقة نسبيّا، ضمن النّسيج السّياسي الحزبي الذي تعالت عديد الأصوات تمُجُّهم هذه الفترة، لحالة الفوضى التي يعيشها، و لم يخرج من بوتقتها. لتمضي في ما بقي من وقتٍ للانتخابات القادمة في سياسة جديدة تقوم – أساسا في تقديري - على تطهير الإعـــلام و مقاطعة المنابر المُعادية لها. و تُسقِط بذلك ورقةَ التّوت عن اللّوبيّات الغارقة في الفساد حتى النّخاع.
و إن لم تفعل فالحكومة... إلى مرحلةٍ أخرى عصيبةٍ منحدرةٍ لا محالة.
---------
فتحي الزغل
محلّل سياسي
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: