د. أحمد بشير - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 5830
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
رابعا : أنواع النسيان :
إن المتأمل لآيات القرآن الكريم، وماورد في السنة النبوية المشرفة فيما يتعلق بموضوع النسيان يدرك أن أحكام الشريعة الإسلامية تفيد بأن هناك نوعين من النسيان يتميز كل منهما عن الآخر، ويختلف عنه اختلافا جوهريا، أولهما يشير إلى النسيان المسموح به والمعفو عنه في الشريعة، وثانيهما – وهو المذموم – بشير إلى النسيان المنهي عنه في الشريعة الإسلامية،
أولا : النسيان المعفو عنه في الشريعة وهو يشير إلى المعنى العرفي للنسيان :
ويعني زوال صورة الشيء (سواء كان فكرة أو مشهدا أو شعورا) من صفحة النفس زوالا وقتياً أو نهائياً، بحيث يفشل الإنسان في استرجاعها إلى ذاكرته مهما أعملها، وهذا هو المعنى العرفي للنسيان، وهو تارة نسيان بسيط : حيث ينسى الإنسان فيه الصورة، وتارة نسيان مركب : حيث ينسى الصورة وينسى أنه ناس للصورة، وعلى ذلك فإن هذا النوع من النسيان هو أمر عفوي لا إرادي ولا دخل لإرادة الإنسان فيه، ومن ثم فهو غير مسؤول عنه ولا مؤاخذ به شرعا ولا عرفا، والشريعة المقدسة لا تؤاخذ بغير المقدور، ولا تكلف الإنسان ما لا يستطيع ولا بما هو فوق طاقته، وهذا ما قرره القرآن الكريم في أكثر من موضع، قال تعالى :
- { لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا .......... }( البقرة : 286 )،
- {.......... وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا .........}( البقرة : 233 )
- {.......... وَأَوْفُواْ الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا ........ }( الأنعام : 152 )
- {وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }( الأعراف :42 )
- {وَلَا نُكَلِّفُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ }( المؤمنون :62 )
- { لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا }( الطلاق : 7 )،
وفي الحديث عن أبي ذر الغفاري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " ( ابن ماجه وصححه الألباني )، وفي الحديث الآخر في سنن البيهقي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من أفطر في رمضان ناسيا فلا قضاء عليه و لا كفارة " (1) ( حسنه الألباني )،
ثانيا : النسيان المذموم في الشريعة :
وهو يعني زوال صورة الشيء لا من صفحة النفس كلياً بل من بين الصور التي يعيشها الإنسان ويتعامل بها مع الحياة، أي زوال الصورة من واجهة الذاكرة وإن بقيت في أقصاها وأمكن استخراجها إلى الواجهة بمحاولة استذكار صغيرة أو كبيرة.. وهذا النسيان كثير في حياة الناس..
فكم من شخص يحمل شعور الحب لولده أو لزوجته أو والده أو صديقه، ولكنه لا يستحضر هذا الشعور في شيء من معاملته إياه لأنه شعور مقصي في أقصى الذاكرة، وإن أمكنه إستعادته بيسر بالتذكر أو التذكير، وكم من شخص يؤمن بالله واليوم الآخر ويشعر بهما، ولكنه لا يتعامل بإيمانه هذا مع شيء من حياته، لأنه قد أقصى صورته حتى كمنت في خلفية الذاكرة وأهملت مع الصورة التي يحملها ولا يتعامل فيها مع الحياة، وهذا النحو من النسيان هو بالحقيقة إغماض وإعراض عن أفكار ومشاعر ومشاهد، ينتج عنه خفوتها في خلفية النفس حتى تصبح كأنها غير موجودة، ومن ثم فهو نتيجة طبيعية لتكرر الإعراض، وتنامي إقصاء الصورة من واجهة النفس إلى خلفيتها،
ولاشك أن الفارق بين هذين النوعين من النسيان كبير، والبون بينهما شاسع، حيث أن النوع الأول يعد نتيجة طبيعية لمحدودية الإستيعاب الذهني لدى الإنسان، وهو شيء فطري تكويني، أما النوع الثاني فهو نسيان إرادي أو هو بالحقيقة تناسٍ وتكريس للإعراض عما يجب استحضاره من الأحكام والمشاعر، ولذلك صح أن تنهى الشريعة، عنه وتسجل العقوبة عليه، ولا يصح أن يعفى عنه.. وهو الذي عنته الآيات الكريمة وحذرت من عواقبه وعقوبته،.
وما أبعد الفرق بين صفة تكون نتيجة لناحية تكوينية في خلق الانسان وظروفه، وبين صفة تكون نتيجة لسلوك مقصود للإنسان، وهذا ما يكشف لنا وجه المؤاخذة وعدم المؤاخذة في كلا النوعين من النسيان (2)،
وفي هذا دليل دامغ على عظمة الإسلام وروعته – وهو في الحقيقة لا يحتاج إلى دليل – باعتباره ينسجم إنسجاما تاما مع منطق الحياة، وطبيعة الانسان، حينما يفرق بين الشخص الذي يكون بصدد تحمل مسؤولياته والتزام أحكام الله تعالى، ولكنه بسبب محدودية استيعابه الذهني ومشاغل الحياة ينسى حكماً شرعياً أو موضوعاً شرعياً فيقع في مخالفة، وبين من لا يكون بصدد تحمل مسؤولياته في تطبيق أحكام الله تعالى، فينسى عقيدته وواجباته، ويغفل عن أوامره ونواهيه، فالأول لا يؤاخذ به، والثاني يسأل عنه ويؤاخذ به، وبإمكانه تجنبه،
هذا وفي هذا السياق يشير " الأصفهاني " إلى أن للنسيان أنواع عدة :
- الأول: ما كان أصله عن تعمُّد (أي الإرادي ) : وهو كل نسيان من الإنسان ذمَّه الله ـ تعالى ـ به،
- الثاني: ما عُذِرَ فيه الإنسان (3)، وهو ما عرّفه ( ابن رجب ) ـ رحمه الله ـ فقال : (أن يكون ذاكراً لشيءٍ، فينساه عند الفعل وهو معفوٌّ عنه، بمعن ى: أنه لا إثم فيه، ولكن الإثم لا ينافي أن يترتّب على نسيانه حكم ) (4).
وهناك من يقسم النسيان كمرض روحاني إلى اربعة اقسام :
القسم الأول : نسيان الذكر :
والمقصود بالذكر هو عبادة الله وذكره، وهذا النوع من النسيان قد يسيطر على مصير انسان، ويلقي به الى التهلكة، يقول الله تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم { قال رب لما حشرتني اعمى وقد كنت بصيرا (125) قال كذلك اتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى (126) } سورة " طه "،
القسم الثاني : فهو الغفلة،
والمقصود بالغفلة هنا هو السهو الناتج عن قلة التحفظ والتيقظ اي تركه إهمالا من غير نسيان، وان الانسان يفقد السيطرة على الميزان اي العقل لبعض الوقت فيتحكم بالميزان الشيطان فيحصل ما يحصل في هذا الوقت المسمى الغفلة، وهناك من تحصل عنده الغفلة لمرة واحدة، وهناك من تتكرر واذا تكررت عند انسان فهو مريض بها وعليه ان لا يستهين بها، لان الانسان قد يقتل، او يسرق، او يظلم، في لحظة غفلة .
القسم الثالث : فهو السهو
وللسهو احوال كثيرة منها، السهو عن الصلاة، و السهو في الصلاة، والسهو عن قراءة القرآن، والسهو في قراءة القرآن، والسهو عن الذكر، والسهو في الذكر .
القسم الرابع : فهو فقدان الذاكرة .
وتنقسم الذاكرة الى خمسة اقسام : فهناك ما يسمى الذاكرة البصرية، وهو ان يذكر الانسان مشهدا سبق ان شاهده، وهناك الذاكرة السمعية، وهي ان يذكر الانسان صوتا سبق له ان سمعه، الذاكرة الذوقية، وهو ان يذكر الانسان طعم شيء سبق له ان ذاقه، الذاكرة الشمية، وهو ان يذكر الانسان رائحة سبق له ان تشممها، والذاكرة النطقية، وهو ان يذكر الانسان ما صدر منه من قول، هذه هي الذاكرة، وهي معقدة جدا لكثرة ما لها من تفاصيل، والذاكرة الروحانية هي الوعي الروحاني، وهو ان كل الذاكرة نشيطة، واذا كسلت لدى انسان اي من الذاكرات الخمس، شعر الآخرون ان فلانا اقرب الى الجنون، اما اذا تعطلت احد الذاكرات فستعلق في العقل لدى الانسان المصاب آخر كلمة في الذاكرة فيبدأ بتكريرها حتى يصبح من حوله يتهمونه بالجنون، واما اذا فقد الانسان الذاكرات الخمس فهو مصاب بفقدان الوعي الروحاني، فيكون صحيا على افضل حال، لكنه عقليا، لا يفقه من الدنيا اي شيء (5)
وتجدر الإشارة إلى أن من صور النسيان المذموم في القرآن الكريم :
أولاً: نسيان الله عز وجل :
قال الله تعالى: {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ اللّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }( التوبة : 67 )، قال الطبري رحمه الله : "تركوا طاعة الله، فتركهم من رحمته وهدايته"، وقال السعدي رحمه الله: "فنسيهم من رحمته، فلا يوفقهم لخير، ولا يدخلهم الجنة، بل يتركهم في الدرك الأسفل من النار خالدين فيها مخلَّدين".
نعم كثيرا ما يصل الحال ببعض الناس أنهم ينسون ربهم وخالقهم ورازقهم، لأنهم لا يحسبون إلا حساب الناس وحساب المصلحة، فليحذر العبد أن يُشابه قوماً نسوا الله وغفلوا عن ذكره، والقيام بحقِّه، وأقبلوا على حظوظ أنفسهم وشهواتها، فلم ينجحوا ولم يحصلوا على طائل، بل أنساهم الله مصالح أنفسهم وأغفلهم عن منافعها وفوائدها فصار أمرهم فُرُطاً، فرجعوا بخسارة الدَّارين، وغُبنوا غبناً لا يمكن تداركه، ولا يجبر كسره، فالذي ينسى الله يهيم في هذه الحياة بلا رابطة تشدُّه إلى أفق أعلى، وبلا هدف يردعه عن السائمة التي ترعى، وفي هذا نسيان لإنسانيته، فلا يدّخِر لها زاداً للحياة الطويلة الباقية، ولا ينظر فيما قدم لها في الغداة من رصيد. وقديماً قيل:
مِن كل شيء ضيعته عوض *** وما مِن الله إن ضيعته عوض
فالله سبحانه يعوَّض عن كل ما سواه، ولا يعوَّض منه شيء، ويغني عن كل ما سواه، ولا يغني عنه شيء، ويجير من كل شيء، ولا يجير منه شيء، ويمنع من كل شيء، ولا يمنع منه شيء، فكيف يستغني العبد عن طاعة مَنْ هذا شأنه طَرْفة عين؟.
ثانياً : نسيان النفس:
وهل ينسى العبد نفسه؟ نعم قد ينسى العبد نفسه، قال الله تعالى: (وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُون) فعاقب جل وتعالى هذا العبد عقوبتين:
إحداهما: أنه نَسِيَهُ. والثانية: أنه أنساه نفسه.
ونسيانه سبحانه للعبد إهماله وتركه وتخلِّيه عنه وإضاعته، فالهلاك أدنى إليه من اليد للفم. وأما إنساؤه نفسه فهو: إنساؤه لحظوظها العالية، وأسباب سعادتها وفلاحها وما تَكمُل به، ينسيه ذلك جميعه فلا يخطره بباله، ولا يجعله على ذكره، ولا يصرف إليه همّته فيرغب فيه، فإنه لا يمرُّ بباله حتى يقصده ويؤثره. وأيضاً يُنسيه عيوب نفسه ونقصها وآفاتها، فلا يخطر بباله إزالتها. وأيضاً يُنسيه أمراض قلبه وآلامها، فلا يخطر بقلبه مداواتها، والسعي في إزالة عِلَلِها وأمراضها التي تؤول به إلى الفساد والهلاك، فهو مريض مُثخن بالمرض، ومرضه مترامٍ به إلى التلف ولا يشعر بمرضه، ولا يخطر بباله مداواتها، وهذا من أعظم العقوبة العامة والخاصة. وأيضاً يُنسيه العَقد الذي عقده لنفسه في هذه الدار، والتجارة التي اتّجر فيها لمعاده، فإن كل أحد يتجر في هذه الدنيا لآخرته قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيم) فالنِّسيان يؤدي إلى نسيان العبد حظَّه من هذه التجارة الرابحة، وتشكّله بالتجارة الخاسرة، وكفى بذلك عقوبة، وأيُّ عقوبة أعظم من عقوبة مَنْ أهمل نفسه وضيّعها، ونسيَ مصالحها، وداءها ودواءها، وأسباب سعادتها وفلاحها وصلاحها وحياتها الأبدية في النعيم الـمُقيم، قال الله تعالى: (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُون).
ثالثاً: نسيان عهد الله:
قال الله تعالى: (فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِه) أي: تركوا نصيباً من أوامر الله وأحكامه فلم يعملوا بها. هذه الآية في يهود، فإنهم ذُكِّروا بالتوراة وبما أنُزل على موسى عليه السلام، فنسوا حظّاً منه، فنسوا علمه وضاع عنهم، ولم يوجد كثير مما أنساهم الله إياه، عقوبة منه لهم، ونسوا العمل به، الذي هو الترك، فلم يُوفقوا للقيام بما أُمِروا به. هذه سِمَات يهود التي لا تفارقهم، نسيان وإهمال لأوامر دينهم وشريعتهم، وعدم تنفيذها في حياتهم ومجتمعهم، وكل من شابهه اليهود في هذه الخصلة من هذه الأمة فعقوبته مثلُهم. قال الله تعالى: (فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِه).
خامساً: نسيان آيات الله:
قال الله تعالى: {قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى }( طه : 126 )، أي: كما نسيت دلالاتنا على وحدانيتنا وقدرتنا فنسيتها أي: تركتها ولم تنظر فيها وأعرضت عنها، وكذلك اليوم تُنسى، أي: تُترك في عذاب جهنم،
سادساً: القعود مع الظالمين ونسيان النهي عن ذلك:
قال الله تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ }( الأنعام : 68 )، قال الطبري رحمه الله: وإن أنساك الشيطان نهيَنا عن الجلوس معهم، ثم ذكرت ذلك فلا تقعد بعد التذكر معهم، وليس على من اتقى الله فأطاعه شيء من التبعة والإثم، إذا اجتنبه وأعرض عنهم، والمراد بذلك كل فرد من آحاد الأمة أن لا يجلس مع المكذبين الذين يحرفون آيات الله ويضعونها على غير موضعها، ويشمل الخائضين بالباطل، وكل مُتكلِّم بمُحرَّم، أو فاعل لمُحرَّم فإنه يحرم الجلوس والحضور عند حضور المنكر الذي لا يقدر على إزالته. هذا النهي والتحريم عمن جلس معهم ولم يستعمل تقوى الله، بأن كان يشاركهم في القول والعمل المُحرَّم، أو يسكُت عنهم وعن الإنكار، فإن استعمل تقوى الله تعالى بأن يأمرهم بالخير وينهاهم عن الشر والكلام الذي يصدر منهم، فيترتب على ذلك زواله وتخفيفه فهذا ليس عليه حرج ولا إثم .
يتبــــــــع
*******
الهوامش :
======
(1) - محمد ناصر الدين الألباني : " صحيح وضعيف الجامع الصغير وزيادته "، حديث رقم : 6070، المكتب الإسلامي، بيروت، ج1، ص : 1102
(2) – علي الكوراني : " النسيان في القران "
http://forum.sh3bwah.maktoob.com/t20567.html
(3) – الراغب الاصفهاني : " مفردات ألفاظ القرآن " مرجع سبق ذكره ، ص : 804،
(4) – أنظر :
- إبن رجب الحنبلي : " جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثا "، تحقيق : شعيب الأرناؤوط و آخر، مؤسسة الرسالة - بيروت - الطبعة: الأولى - سنة الطبع: 1411هـ، الجزء الثاني، 367،
- توفيق علي مراد : " النسيان في ضوء القرآن "، مجلة البيان، تصدر عن المنتدى الإسلامي، العدد 232، ص : 8
(5) - http://www.altebalrawhane.com/new_page_5.htm
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: