الحمد لله والصّلاة والسّلام على رَسول الله صلى الله عليه وسلم
بدأت الانتخابات. بدأ حلم الإخوان وغيرهم ممن يدين بالبرلمان في التحقق. والعجيب أن أحداً لم يعلق ولا بحرف واحدٍ سلباً أو إيجاباً عن قول شاهين الجيش من أنه سيكون بلا صلاحيات، وستظل الحكومة قائمة، وأن الوثيقة قائمة وأن الجيش سيظل أعلى من الشعب ومن جينه، فالقوم في ذهولٍ بتأويل أحلامهم، وإن كانت مفرغة من محتواها، شكلٌ بلا موضوع، وجسدٌ بلا روح.
ما يحدث الآن في ساحة السياسة المصرية، يتلخّص في أمر واحد، هو الخلاص من الشريعة الإسلامية كحاكمة في مصر، وما يتبع ذلك من سيطرة الجيش على السياسة المصرية، وعَلمنة الدّستور، وتكريس الفَساد. والمُعينون علي الوصول إلى هذا المُشهد خليط من السّاقطين المنتمين إلى كافة الإتجاهات السائدة في الساحة المصرية.
لا نتحدث عن المجلس العسكريّ، لأنهم اليد التي يستعملها الشيطان في تحقيق هذا المأرب، وقد أفصحوا عنه مرة ومرات، وأكدوا عليه تارة وتارات. هذا إلى جانب أنهم، كلهم، مجموعة من السارقين والمرتشين شاربي الخمر، ممن يعيشون على دم الشعب المسكين، يتمتعون بملايينه، بلا ضميرٍ ولا ذمة. هذا قدرٌ متفق عليه. وهؤلاء يعملون في وضح النهار، يهدمون الدين علانية، بلا خفاء، يقول شاهينهم كلبهم، إن علمانية الدولة خطٌ أحمر، حَمّرَه الله في نار جهنم. فهؤلاء يقاتلون الشريعة بإيجابية وكلاحة واستعلان.
ثم يأتي من بعدهم من يعينونهم في قتال الشريعة، من المسلمين العلمانيين كسليم العوا، أو العلمانيين المسلمين كالسيد البدوى، ومن على شاكلة هذين، ممن لا هم له في الدنيا إلا أن يجلس في غرفة واحدة مع أعضاء العسكريّ، بعد أن لفظتهم القوى الشعبية في التحرير، وطردتهم شرّ طردة. وهؤلاء هم من سارعوا إلى تلبية نداء العسكريّ، من معدومى الضمير والكرامة، ليساهموا في ديكور تحسين صورة العسكريّ، وإنقاذه من الورطة التي أسقط نفسه فيها بمحاربة الله ورسوله.
ثم تلك العصابة الملحدة التي تحارب الله ورسوله كفاحاً كالبَرادعيّ، وممدوح حمزة، وبقية العِلمانيين من إئتلافات الثورة، وتلك التجمّعات، التي تدرّبت على حرب المعلومات، وكيفية ركوب موجة العامة والإستفادة منها. إلا إننا نشهد الله على أن من هؤلاء من له شجاعة وقوة في وجه العسكري ما ليس لأيّ من تلك الرّموز الإسلامية الساقطة، مثل عبد الحليم قنديل وغيره.
ثم يأتي بعدهم من يحارب شرع الله سلباً، فيتخلف عن نَصرته، بكافة الدعاوى والحجج، مثل جماعة الإخوان، الذين عرف عنهم كل من له علم وبصيرة، براجمايتهم وحرصهم على مصالحهم، ولم يَحمد لهم أحد، بما فيهم القرضاوى والهلباوى من منتسبيهم القدامي، ذلك الجُبن والهَلع والحِرص على مَقاعد البَرلمان، تذرّعاً بأنّه وسيلة إلى الشّرعية، ويَعلم الله أنهم في هذا كاذِبون مُضَللون، بكسرِ اللّام وفَتحِها. ولا أدرى أي رجولة أو شجاعة في أن تترك أخاك يقتل فيالشارع ةيسحل، ثم يخرج السرجانيّ ليتعلل بسكوت رسول الله صلى الله عليه وسلم على مقتل سمية رضى الله عنها! على اساس أننا الأقلية المُستضعفة! سبحان الله، غذن فمن هؤلاء الذين زلزلوا الأرض في 29 يوليو؟! هذا هو فقه الجماعة، فقه الإستضعاف والتراجع. وكيف يأمن المصريّ على بلاده إن يقف هؤلاء في وجه اليهود يوماً، إن لم يقدروا أن يقفوا في وجه عدد من الشرطة اللعينة؟!
ومثلهم في ذلك، السلفيون والجماعة الإسلامية، كلهم يسيرون على نفس المنوال، وإن تابع هذين الآخرين خطى الإخوان، على اشتراك بينهما في عوامل هذا التخاذل، فكثير من السلفيين، رموزهم، كانوا بطانة لأمن الدولة، لذلك تركوهم كلّ هذه الفترة في الساحة ينشرون سمومهم في بيان عدم الخروج على الحاكم، وهم في هذا يشتركون مع من انتكسوا وارتكسوا من الجماعة الإسلامية، الذين اشتروا حريتهم بدينهم، تحت اسم المراجعات، وانهاروا تماما أمام بريق الإعلام، ومقابلات رئيس الوزراء!! وكلا الإتجاهين يتفقان كذلك على أنهما ممن ينطبق عليه المثل العاميّ "كان في جرة وخرج لبره".
لكن المشهد الحقيقيّ في الشارع المصري، مشهدٌ آخر يدعو إلى إسقاط هذه الرموز، كما يدعو إلى إسقاط مجلس العسكر، سواءاّ بسواء.
فإنه بعد ذلك التصريح الذي أذاعه شاهين القوم، بلا حياء ولا خجل، ليرجع بعقارب الزَمن شهوراً عدة، عشرة على التحديد، ليؤكد أنه لم تفعل ثورة الناس شيئاً، وأن المجلس العسكريّ، كان وسيظل مسيطراً على القدر المصريّ إلى الأبد، من خلال خطوات محددة:
•حجب أية صلاحيات عن البرلمان الكرتوني، وإعتبار أعضاؤه "طراطير"، لحين "طبخ " الدستور.
•إبقاء وثيقة السلميّ كما هي، إلا من بعض تعديلات لا علاقة لها بعلمانية الدولة، وحق الجيش في سلب البلاد ما خوله له سيده مبارك من قبل.
لم تعد الأمور ضبابية أو مختلطة أو فيها تشابه أو اشتباه. بل هي صريحة واضحة. لا إسلام، ولا شريعة، ولا حرية. بل علمانية، لا دينية، ديكتاتورية.
المسألة الآن لم تعد سياسة أو برلماناً أو ثورة. المسألة مَسالة إسلامٍ أو كفر. المَسألة مسألة توحيد وشرك، ببساطة ووضوح.
يا ايها الإسلاميون، إن إعتماد العلمانية، التي يُسمونها مدنية الدولة، مع القدرة على تغييرها، رضا بالكفر، وتواطؤ عليه.
يا ايها الإسلاميون، لقد نفذ رصيدكم عند الله سبحانه، وعند المؤمنين. فقد صدق الناس دعاواكم من قبل، أنكم تحاورون وتداورون، وتحسبون أنفسكم أذكى من العسكر، وأنكم ستحايلونهم حتى تدخلوا البرلمان غانمين ظافرين، ومن ثمّ، تغيرون الحكومة، وتُشكلون الهيئة التأسيسية، وتضعون الدستور.
وهمٌ في وهمٍ في وهمْ. فقد أخرج لكم شاهين الكفر لسانه، وقال لكم بصراحة وقوة: أنتم لا صلاحية لكم إلا بعد أن نُقر الدستور، الذي سنحميه بعد إقراره بالطريقة التي نراها، بتقنين الكفرن والديكتاتورية.
الأمر اليوم أنهم وضعوكم أمام قدرِكم الحقيقيّ، أصْفارٌ مربّعة، ببرلمانكم وكراسيكم. لقد كذبتم بقول الله تعالى "أحسب الناس أن يتركوا ان يقولوا آمنا وهم لا يفتنون".
لقد حسبتم أن قوة الظلم والطغيان يمكن هزيمتها بالحوار حينا وبالصمت أحياناً، فظهر لكم أنْ لا هزيمة للقوة الغاشمة الملحدة إلا بقرعها بالقوة، الصمود ردّ العدوان.
نسيتم ما دّون شهيد الأمة سيد قطب، في مفهوم التوحيد، وطبيعة هذا الدين، وكيفية عمله، في خوالده "هذا الدين"، و"معالم في الطريق"، وذهبتم تحاولون ما هداه اليه شيطان الإستسلام والخنوع عقوداً بعد عقود، ميوعة في دين الله، وحرصاً على مكتسباتكم.
صدّعتم رؤوسنا بتضحياتكم وسجنكم وإعتقالاتكم، وبطولاتكم، التي هي والله كانت مفروضة عليكم لا لشجاعة موقفٍ ولا لمقارعة ظلمٍ، فما فعلتوه يوماً، بل اتخذوا منكم فزّاعة للغير، على مذهب "اضرب المربوط يخاف السايب".
ثم لمّا جاء أوان الحق، ودقت ساعة التضحية، نَكَصتم على أعقابكم، وتراجعتم عن الميدان، واعيتم فهمكم للواقع، وحسن دهائكم وحنكتكم، وقَبعتم ترقبون الصَناديق، حتى بال عليكم شاهينهم، بما قال. فياليتكم ما تحدثم من قبل عن شجاعة ولا محنة.
ومنكم من سلّم الراية إبتداءاً، بعد أن كتب مراجعاته، وتراجعاته، وجعلها قرباناً على مذبح العلمانية، يقبل بما تمليه عليه من نظم، يتحرك في مجالها، وبقدرها.
هل تعتقدون، أن الله غافل عما تعملون؟ هل تعتقدون أنّ الله سيحاسبكم على قدر نِسَبِكم في البرلمان، فمن حصد مائة مقعد كان من السابقين السابقين، ومن حصد خمسيناً كان من أصحاب اليمين، ومن حصد عشراً كان من أصحاب الشمال الخاسرين؟ أهكذا سولت لكم أنفسكم، يا رموز العمل الإسلاميّ
والله لن يصلح العمل الإسلاميّ في مصر، إلا أن تسقط هذه الرموز المصنوعة، قبل سقوط العسكريّ. أن يسقط صاحب الملايين والفضائيات، ويسقط الذي ظنّ نفسه، وظن أتباعه أنه عالم حديثٍ لا يشق له غبار.. لا لعلم عنده، بل لجهلٍ عند أتباعه. ووالله لأي رسالة من رسائل الماجستير التي تناقش في معاهد الحديث حول العالم لأفضل وأقوى من كل ما كتب هذا الرمز المفتعل. أمرهم أمر آلاف مؤلفة تُدفع في الحلقة التي يسجلونها، يتنازعون حولها، ويبادرون اليها، من قنوات سعودية إلى فضائيات إسلامية دعية. ثم هؤلاء الصاغرين لحكم العلمانية، المطيعين لحكام الكفر من بقية الرموز المفتعلة، الذين يقنّنون ويشرعون الإستعباد، وإتباع الكفار.
أفيقوا يا أتباع الرموز المنحرفة الذاهلة، اتباع أدعياء الدعوة، فهؤلاء قائدكم إلى حكم الطاغوت، وليس لكم عندها من الله من عاصم.
إنكم، يا رموز انحراف الدعوة، وخاذليها، السبب وراء ما نحن فيه، بجهلكم، وسذاجة أحلامكم، ومكر بعضكم، وشره بعضكم. فاتقوا الله في دين الله، فوالله ما عاش منكم أحدٌ من مال الدعوة إلا تلوثت يداه، وتشوهت نواياه، وخبثت كلماته، وانحرفت مقاصده. والحمد لله الذي سدّ بيننا وبين مال الدعوة الحرام، طوال أربعين عاماً.
أقولها في وجوهكم، غير متهيبٍ ولا مجامل، فلم يعد بعد الحق إلا الضلال، ولا بعد الإعتصام إلا الخزى والعار. أقولها لكم، أنتم ستحملون أوزار هذه الأمة، حين يضيع دينها، وينشر اللادينيون فيها الفسق والعهر، وتُرفع فيها الصلبان أعلى من اسم الله، وتمنع فيها لافتات لا إله إلا الله من أن ترفع بين الناس "لِيَحْمِلُوٓا۟ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةًۭ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ ۙ وَمِنْ أَوْزَارِ ٱلَّذِينَ يُضِلُّونَهُم بِغَيْرِ عِلْمٍ ۗ أَلَا سَآءَ مَا يَزِرُونَ" النحل 25.، "وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا۟ وَءَاثَـٰرَهُمْ" يس 12
ما كان عليكم لو أنَكم خَرَجتم للقَضَاء على هذه العُصبة مرة واحدة، وقدّمتم الشُهداء، بدلاً من ذلك التهليل والتضليل، الذي لن يصل بكم إلا إلى أن تكونوا طراطير مجلسٍ، أو أتباع علمانية.
ثوبوا إلى أنفسكم قبل أن يفوت أوان أوبتكم.
الا هل بلغت، اللهم فاشهد
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: