البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

وَهَمُ استمرارِ الثورةِ .. وحقيقة اغتيال الأمة!

كاتب المقال د. طارق عبد الحليم   
 المشاهدات: 5590



الحمد لله والصّلاة والسّلام على رَسول الله صلى الله عليه وسلم
لازالت بعض الصُحف تتحدث عن الثورة، وعن عَظمتها، وروعَة ما أفلح الشعب المصريّ في تحقيقه، ويكرّر هذه النغمة، ويغنّى على هذه الوتيرة. وهو أمرٌ مقصودٌ، يرادُ به أن يتركَ انطباعاً عند عَامة الشعب أنّ ثورتَهم قد تحققت، وأنها تَجنى بالفعل ثمارها، وانها نَجَحت نَجاحاً لا مثيل له.

ثم إذا نَظرنا بعين البَاحث المُحلّل، وجَدنا أن تلك أكذوبة أكبرُ وأمَرُّ من أكذوبة ثورة 52. فإن الجَهد الذي بذَله الشعب، والدم الذي أراقه فداءاً للحُرية، قد سَلبهُ المجلس العسكريّ، واستحوذ عليه، وجعله هباءاً منثوراً، لا فائدة منه إلا كلماتٍ تُطبع في الصحف، باتت تاريخاً وكأنه جزء من تاريخنا القديم!

ليس على أرض الواقع أي دليل على أنّ الثورة قد نجحت في تحقيق أي مطلب من مطالبها. مبارك ليس في محاكمة ولا شبه محاكمة. سوزان مبارك، الشيطانة التي من وراء كثيرٍ من الفساد، ومدبرة سيناريو التوريث، ووليه نعمة فاروق حسنى وإبراهيم سليمان، قد سَافرت على أعين الملأ، تلمْلم ثورة الشَعب المَغصوبة، وتَضمَنُ أمنها، ومنها بالطبع ثروة الطنطاوى وصحبه. الطَوارئ لا تزال في مَحلّها. أمن الدولة لا يزال عاملاً مرعباً للناس. الجامعات في هرجٍ واضطراب. المجالس المحلية لم يُنتخب بَديلاً لها. النائبُ العامُّ العميلُ لا يزال في مكانه يزيّف الأدلة لصالح النظام. الإعلام، تحت إشراف منافق جديد، أسوأ مما كان من قبل. الداخلية، وما أدراك ما الداخلية، فسادٌ وتوحشّ أشد مما كانت من قبل. القبط الخونة، وعلى رأسهم الكَافر العميل نظير جيد (المعروف بشنودة)، قد تغَوّلوا أكثر وأكثر، ولانَ لهم العسكر كما لانَ لهم مبارك، وصاروا يقتّلون الجنود دون خوفٍ رادع.

لماذا إذن الحديث عن الثورة؟ ولماذا الحديث عن مُنجزاتها؟ هو أسلوبٌ من التعْمِية والتدليس، يُراد به خداعُ الناس عن الحقيقة المرّة، أنّ انتفاضتهم قد خَمدَت، وأنّ ثورتَهم قد شُلّت، بفعل فاعلٍ أثيمٍ، مجرمٍ زنيمٍ، يتخفّى في زيٍّ عسكريٍّ، وبتواطئ مجموعة من الغرِّ المنتمين للإسلاميين، قادة ومشايخاً.

الحَدَثُ الذي نحن بصدده أكبر وأخطر مما يتخيّل الناس. الأمرُ أمر اغتيال أمّة. اغتيال أحلام أمة، ومستقبلها، وحضارتها، وثروتها، باغتيال ثورتها، أو شبه ثورتها. الأمر أمر ابتلاءٍ عامٍ من الله سبحانه لكلِ من هُم على الأرض، خاصة أرض الإسلام. الأمر أمر تاريخٍ يُشوّه، وماضى يُزيّف، ومُستقبلٍ يُنسَف. الأمر أمر أجيالٍ تُستعبَد وتُحتَكرُ وتُضَيّع. الأمرُ أمر فهم لحقيقة الواقع، لا تزييفه، ثم الركون الى التزييف، وإلى المُزَيّف. فما أبشعها من جريمةٍ يرتكبُها هؤلاء الخَونة القابعون على سُدّة الحكم، بلا ضميرٍ ولا خَشيةٍ، ويا لها من جَريمةٍ يرتكبُها الصَامتون المُتواطئون مع العَسكر. "أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَـٰمُهُم بِهَـٰذَآ ۚ أَمْ هُمْ قَوْمٌۭ طَاغُونَ" الطور 32، بل هم قومٌ طاغون ومستبدون وكافرون وظالمون وفاسقون.

إنّ الحدثَ الجلل الذي تمر به الأمة، يُضارعُ ما حدث في عِشرينيات القرن الماضى، حين سقوط الخلافة. فالخلافة لم تسقط مرة واحدة، بل جاء السقوط حلقةً في سلسلةٍ من الأحداث التاريخية المعروفة. وما نرى اليوم إلا حلقة في نفس السلسلة، سلسلة تدمير الإسلام، وتدمير أهله وقيَمه ومبادِئه.

وما لم يَعى الناس حَجم هذا الذي تمرُ به الأمة، وما لم يستشرِفوا ما هو قادمٌ قريب، لتصيبنّنا من الله آزفة كآزفة الخلافة. ما لم يعد هؤلاء المغيّبين من القادة والمشايخ إلى أحلامهم، وإن لم يرَ الشباب مَوضعَ قدميه في هذه الجماعات والتجمعات، فإن الأمة ستمر بمِحنة لا يعلم مداها إلا الله سبحانه. يومئذٍ لا يلومَن أحدٌ إلا نفسه.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

مصر، الثورة المصرية، الثورة المضادة، الإنتخابات، الأقباط، المجلس العسكري،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 19-10-2011   www.almaqreze.net

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  دراسة مقارنة للحركة الجهادية والانقلاب بين مصر والشام والجزائر
  لماذا خسر المسلمون العالم؟
  6 أكتوبر .. وما بعده!
  دين السلمية .. وشروط النصر
  اللهم قد بَلَغَت القلوب الحناجر ..!
  أشعلوها حرباً ضد الكفر المصريّ.. أو موتوا بلا جدوى
  يا شباب مصر .. حان وقت العمليات الجهادية
  يا مسلمي مصر .. احذروا مكر حسان
  العقلية الإسلامية .. وما بعد المرحلة الحالية!
  الجمعة الفاصلة .. فليفرَح شُهداء الغد..
  "ومكروا ومكر الله.." في جمعة النصر
  ثورةُ إسلامٍ .. لا ثورة إخوان!
  بل الدم الدم والهدم الهدم ..
  جاء يوم الحرب والجهاد .. فحيهلا..
  الإنقلاب العسكريّ .. ذوقوا ما جنت أيديكم!
  حتى إذا جاؤوها .. فُتِحَتْ لهم أبوابُ أحزَابها!
  سبّ الرسول صلى الله علي وسلم .. كلّ إناءٍ بما فيه ينضح
  كلمة في التعدّد .. أملُ الرجال وألم النساء
  ظاهرة القَلق .. في الوّعيّ الإنسانيّ
  نقد محمد مرسى .. بين الإسلامية والعلمانية
  مراحل النّضج في الشَخصية العلمية الدعوية
  الإسلاميون .. وقرارات محمد مرسى
  قضيتنا .. ببساطة!
  وماذا عن حازم أبو اسماعيل؟
  من قلب المعركة .. في مواجهة الطاغوت
  بين الرّاية الإسلامية .. والرّاية العُمِّيّة
  أنقذونا من سعد الكتاتني ..! مُشكلتنا مع البَرلمان المصريّ .. وأغلبيته!
  البرلمان.. والبرلمانية المتخاذلة
  المُرشد والمُشير .. والسقوط في التحرير مجلس العسكر ومكتب الإرشاد .. يد واحدة
  الشرع أو الشيخ .. اختاروا يا شباب الأمة!

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
حميدة الطيلوش، د. عبد الآله المالكي، عبد الرزاق قيراط ، د - محمد بن موسى الشريف ، فتحي العابد، محمود سلطان، محمد علي العقربي، رافع القارصي، علي عبد العال، د. مصطفى يوسف اللداوي، فوزي مسعود ، د - شاكر الحوكي ، محمد اسعد بيوض التميمي، أحمد الحباسي، محمود فاروق سيد شعبان، محمد أحمد عزوز، د. عادل محمد عايش الأسطل، د- محمد رحال، د - محمد بنيعيش، د. أحمد بشير، سعود السبعاني، محمد عمر غرس الله، خبَّاب بن مروان الحمد، منجي باكير، سليمان أحمد أبو ستة، د. طارق عبد الحليم، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، د.محمد فتحي عبد العال، أبو سمية، طلال قسومي، رضا الدبّابي، حاتم الصولي، إيمى الأشقر، حسني إبراهيم عبد العظيم، د - المنجي الكعبي، د - مصطفى فهمي، د. أحمد محمد سليمان، حسن عثمان، أشرف إبراهيم حجاج، سلوى المغربي، د. خالد الطراولي ، علي الكاش، كريم فارق، ضحى عبد الرحمن، عمر غازي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، الهادي المثلوثي، محمد الياسين، عزيز العرباوي، محمد الطرابلسي، سامح لطف الله، صفاء العراقي، سيد السباعي، د- هاني ابوالفتوح، عبد العزيز كحيل، سفيان عبد الكافي، مجدى داود، تونسي، عبد الله زيدان، المولدي الفرجاني، طارق خفاجي، نادية سعد، د. ضرغام عبد الله الدباغ، د- جابر قميحة، صباح الموسوي ، محمد شمام ، فهمي شراب، رافد العزاوي، الناصر الرقيق، د - عادل رضا، سلام الشماع، صالح النعامي ، أحمد بوادي، صلاح المختار، بيلسان قيصر، أحمد بن عبد المحسن العساف ، أحمد ملحم، د - صالح المازقي، العادل السمعلي، محمد يحي، عبد الغني مزوز، عراق المطيري، أحمد النعيمي، أ.د. مصطفى رجب، كريم السليتي، محرر "بوابتي"، الهيثم زعفان، عبد الله الفقير، عمار غيلوفي، رمضان حينوني، مراد قميزة، د - الضاوي خوالدية، وائل بنجدو، إسراء أبو رمان، جاسم الرصيف، إياد محمود حسين ، خالد الجاف ، د. صلاح عودة الله ، فتحي الزغل، محمد العيادي، مصطفى منيغ، صفاء العربي، رشيد السيد أحمد، ياسين أحمد، عواطف منصور، د. كاظم عبد الحسين عباس ، مصطفي زهران، د- محمود علي عريقات، أنس الشابي، يحيي البوليني، فتحـي قاره بيبـان، صلاح الحريري، يزيد بن الحسين، رحاب اسعد بيوض التميمي، حسن الطرابلسي، المولدي اليوسفي، محمود طرشوبي، ماهر عدنان قنديل، سامر أبو رمان ،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة