البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

لستُ بالخَبّ .. ولكن الخَبّ لا يخدَعُنى

كاتب المقال د. طارق عبد الحليم   
 المشاهدات: 7504



الحمد لله والصّلاة والسّلام على رَسول الله صلى الله عليه وسلم
حكمةٌ لا تخرُج إلا من أمثال عمر بن الخَطاب رضى الله عنه، فاروق الأمة، إن كان له مثل. والخَبّ هو المَاكر الخبيث. ورد في لسان العرب معناها: "رجل خِبٌّ وخَبٌّ : خداعٌ جريز، خَبيثٌ منكر .. قال الشاعر: وما أنت بالخَبِّ الخَتور ولا الذي إذا استودع الأسرارُ يوما أذاعها"

هكذا كان عمر رضى الله عنه، وهكذا يجب على كل من تصَدّى لأمرِ العَامة أن يكون. فالبشر خدّاعون بطبعهم. والواجب على من تولى أمرهم، من أميرٍ أو شيخٍ مقدمٍ أو مرشدٍ عام، أن يكون متيقظاً حريصاً لا يَنخدِعُ ولا يُستغفل، فمصلحة من إتبعه أمانة في عنقه. والطيبة وإحسان الظن أولى بالفرد فيما يَحكم به في خاصة نفسه، او أهله المقربين. أما من تولىّ أمر العامة، وجب أن يكون تلميذا لعمر الفاروق رضى الله عنه.

والأمر اليوم أنّ شعب مصر قد أُريد له أن ينخدِع بما حدث في الشُهور القليلة الماضية، فيظن أن الحال قد تَبدّل، وأن الثورة باتت منتصرة، ويعلم الله أن هذا ليس فيه أثرة من حق، بل ويعلم ذلك أكثر العامة.
ف
ُرض قانون الطوارئ على الشعب بالرّغم من عدم دستوريته. تأجلت الإنتخابات ، ويعلم الله متى تكون. أعلن المتحدث الرسمي للحاكم العسكري رفضه الصريح لدولة الإسلام. على السلميّ عدو الله الثاني، يعمل لحساب الحاكم العسكريّ لتأمين العلمانية كمرجعية دستورية للدولة، قبل أن يضربه الله بالمرض، تذكيراً وتحذيراً. الفوضى تنتشر قصداً لتأمين تزوير الإنتخابات، ونائب الحَاكم العَسكريّ يُعلن أنه سيكون راعيها! الجامعات والمؤسسات لا تزال عامرة بمن كان فيها من الفاسدين. جهات الأمن، الداخلية وأمن الدولة لا يزالا يعملان بكل طاقة ممكنة لمصادرة حرية المواطن وخنقه أمنياً. الصحافة والإعلام في أسوا رداءٍ فاسد، كما كانت من قبل.

الأمر إذن يحتاج إلى من لا يَنخَدعُ بحلو الحديث، وبعناوين الصحف الحكومية التي تتحدث عن "ثورة"، يعلم الله ما موقعها اليوم من الإعراب! الأمر يحتاج من هو داهية يكشف الخبئ ويُمحّص الفاسد ويدلّ على المَعطوب، ثم يوجّه ويرشّد، دون تخاذلٍ أو تراجعٍ أو مداهنة، أو موالاةٍ لباطل أو وسطيةٍ مبتدعة، أو توافقيةٍ مزعومة.

الأمر يرجع إلى تمحيص النصوص، وفهمها في مناطاتها، فحسنُ الظنّ، والكلمةُ الطيّبة، والبَشاشةُ، لا تصلح لهذه الفترة الفارقة في تاريخ الأمة. ما يصلح للأمة الآن هو الصراحة والقوة في الحق والوضوح وفضح الباطل، وترك المداهنة والملاينة والمشايعة وإمساك العصا من المنتصف. يصلح للأمة اليوم منهج الأنبياء في الدعوة "خُذُوا۟ مَآ ءَاتَيْنَـٰكُم بِقُوَّةٍۢ"، لا بضعف وتخاذل وتلجلج. القوة في أخذ الحق هي ما يجعله يَعلو وينتصر.

الدعاة هم أولى الناس أن يَحوزوا هذه الصّفة، خاصة من عزم منهم الحديث في أمرِ السياسةِ والتشريعِ العام والدُستور. حين يتطرّق قول الداعية إلى شأن السياسة فعليه أن يكون على يقينٍ من إنّه لنْ يدعَ الخبّ يخدعُه. على الداعية الذي يَتعرّض للسياسة العامة أن يدرك أنّ الأصْل في هذا الميدان - السياسيّ - هو سَيطرةُ الخِبّان (جمع خَبّ)، وأنْ ليس من الإسلام أن نسلم عقولنا ومصائرنا وثرواتنا ومستقبل أبنائنا إلى من نعلم علم اليقين أنهم ليسوا أمناءً عليها، بحجج واهية لا تعكس إلا سذاجة فكرية، وهَطَلٍ عقليٍّ، ورؤية سطحية لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن ثَمّ لمَعنى الإسلام ومقاصده.

ومن صرف جهده من الدعاة في تعليم الناس العلوم الإسلامية، من علمِ الحديث ومُصطلحه، والتفسير، والأصول، والسيرة، وغير ذلك من علوم أصلية أوخادمة، لا غير، فهو مشكورٌ مأجورٌ بإذن الله، لكن يجب أن يكون تعليمه وإرشاده بعيدا عن الواقع السياسيّ لهذا البلد، حتى يعلم أنه ممن يمكنه، طَبعاً وممارسة، أن يَرُدّ على الخبّ خبّه، وأن لا يَنصر الفساد، من حيث يقصد إلى دفعه، وأن لا يدعم الإستبداد من حيث يقصد إلى حربه. ومع الأسف، إنّ كثيراً ممن يَنتمون للدعوة اليوم هم ممن لا يتحلّى بهذه الصفة، ولا بجزءٍ منها.

بل والأخطر من ذلك، أنّ منهم من أصبح هو نفسه خَبّاً من الخِبّان. وظاهرة خِبّان الدّعاة هي في خطورة ظاهرة من منهم ينخدع بالخِبّان. فهؤلاء يتميعون ويتلونون حسب ما تستلزمه المرحلة، فهم ثوارٌ وقت الثورة، وهم مؤيدون لطاعة الحاكم ودعم الإستقرار وهذه المفاهيم المزدوجة الطبع، في زمن الديكتاتورية، وهم يتلقون معونة من الظلمة لتحقيق مآرب شخصية تتمثلُ في فضائياتٍ تدر أرباحاً مادية هائلة، تتخفى تحت العباءة والغترة. وهذا بالضبط هو الوجه الآخر لفساد الحكام ورجال الأعمال، باسم الدين والشرع.الإسلاميّ
الخبّ الإسلاميّ، ومن ينخدَع بالخّب العِلمانيّ، كلاهما لا يصلح للدخول في الحَلبة السياسية. الأول لأنّه مُفسدٌ من المُفسدين، والثاني لأنّه مُعينٌ للمُفسدين. ولنا في نموذج عمر بن الخطاب رضى الله عنه أفضل مثلٍ لمن يجب أن يتجرّأ على الدخول في هذه الحلبة، رحمة بنفسه، وبالمسلمين.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

مصر، الثورة المصرية، الثورة المضادة، الإنتخابات، الإسلاميون، المجلس العسكري،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 29-09-2011   www.almaqreze.net

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  دراسة مقارنة للحركة الجهادية والانقلاب بين مصر والشام والجزائر
  لماذا خسر المسلمون العالم؟
  6 أكتوبر .. وما بعده!
  دين السلمية .. وشروط النصر
  اللهم قد بَلَغَت القلوب الحناجر ..!
  أشعلوها حرباً ضد الكفر المصريّ.. أو موتوا بلا جدوى
  يا شباب مصر .. حان وقت العمليات الجهادية
  يا مسلمي مصر .. احذروا مكر حسان
  العقلية الإسلامية .. وما بعد المرحلة الحالية!
  الجمعة الفاصلة .. فليفرَح شُهداء الغد..
  "ومكروا ومكر الله.." في جمعة النصر
  ثورةُ إسلامٍ .. لا ثورة إخوان!
  بل الدم الدم والهدم الهدم ..
  جاء يوم الحرب والجهاد .. فحيهلا..
  الإنقلاب العسكريّ .. ذوقوا ما جنت أيديكم!
  حتى إذا جاؤوها .. فُتِحَتْ لهم أبوابُ أحزَابها!
  سبّ الرسول صلى الله علي وسلم .. كلّ إناءٍ بما فيه ينضح
  كلمة في التعدّد .. أملُ الرجال وألم النساء
  ظاهرة القَلق .. في الوّعيّ الإنسانيّ
  نقد محمد مرسى .. بين الإسلامية والعلمانية
  مراحل النّضج في الشَخصية العلمية الدعوية
  الإسلاميون .. وقرارات محمد مرسى
  قضيتنا .. ببساطة!
  وماذا عن حازم أبو اسماعيل؟
  من قلب المعركة .. في مواجهة الطاغوت
  بين الرّاية الإسلامية .. والرّاية العُمِّيّة
  أنقذونا من سعد الكتاتني ..! مُشكلتنا مع البَرلمان المصريّ .. وأغلبيته!
  البرلمان.. والبرلمانية المتخاذلة
  المُرشد والمُشير .. والسقوط في التحرير مجلس العسكر ومكتب الإرشاد .. يد واحدة
  الشرع أو الشيخ .. اختاروا يا شباب الأمة!

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
مصطفى منيغ، بيلسان قيصر، حاتم الصولي، العادل السمعلي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، حسن عثمان، عواطف منصور، د- جابر قميحة، أشرف إبراهيم حجاج، خبَّاب بن مروان الحمد، محمود طرشوبي، كريم فارق، رمضان حينوني، صالح النعامي ، محمد اسعد بيوض التميمي، ضحى عبد الرحمن، رافع القارصي، كريم السليتي، سلام الشماع، منجي باكير، د - صالح المازقي، عمر غازي، ياسين أحمد، يزيد بن الحسين، عبد الرزاق قيراط ، محمد شمام ، د- محمد رحال، د. أحمد محمد سليمان، د - المنجي الكعبي، صفاء العربي، سلوى المغربي، حسني إبراهيم عبد العظيم، ماهر عدنان قنديل، د. عبد الآله المالكي، المولدي الفرجاني، رشيد السيد أحمد، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د - عادل رضا، محمد الطرابلسي، أحمد الحباسي، صفاء العراقي، رافد العزاوي، د- محمود علي عريقات، حسن الطرابلسي، فوزي مسعود ، سامح لطف الله، عزيز العرباوي، محمد العيادي، سيد السباعي، أنس الشابي، د. عادل محمد عايش الأسطل، سفيان عبد الكافي، إيمى الأشقر، د. كاظم عبد الحسين عباس ، صلاح المختار، أبو سمية، وائل بنجدو، د.محمد فتحي عبد العال، إسراء أبو رمان، د - الضاوي خوالدية، جاسم الرصيف، مراد قميزة، المولدي اليوسفي، رحاب اسعد بيوض التميمي، فهمي شراب، رضا الدبّابي، عبد الله زيدان، محمود سلطان، فتحي العابد، د. خالد الطراولي ، الناصر الرقيق، أحمد بوادي، الهادي المثلوثي، د- هاني ابوالفتوح، صلاح الحريري، د - شاكر الحوكي ، عبد العزيز كحيل، د. ضرغام عبد الله الدباغ، طارق خفاجي، مصطفي زهران، إياد محمود حسين ، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، صباح الموسوي ، د - محمد بنيعيش، محمد علي العقربي، عبد الغني مزوز، فتحـي قاره بيبـان، محمود فاروق سيد شعبان، سامر أبو رمان ، يحيي البوليني، عبد الله الفقير، علي عبد العال، محمد عمر غرس الله، أ.د. مصطفى رجب، د. مصطفى يوسف اللداوي، تونسي، الهيثم زعفان، عراق المطيري، د - مصطفى فهمي، د. أحمد بشير، محمد الياسين، خالد الجاف ، سعود السبعاني، سليمان أحمد أبو ستة، أحمد النعيمي، أحمد ملحم، عمار غيلوفي، د. طارق عبد الحليم، محمد يحي، نادية سعد، حميدة الطيلوش، علي الكاش، فتحي الزغل، طلال قسومي، محمد أحمد عزوز، د. صلاح عودة الله ، محرر "بوابتي"، مجدى داود، د - محمد بن موسى الشريف ،
أحدث الردود
ما سأقوله ليس مداخلة، إنّما هو مجرّد ملاحظة قصيرة:
جميع لغات العالم لها وظيفة واحدة هي تأمين التواصل بين مجموعة بشريّة معيّنة، إلّا اللّغة الفر...>>


مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة