البدايةالدليل الاقتصادي للشركات  |  دليل مواقع الويبالاتصال بنا
 
 
 
المقالات الاكثر قراءة
 
تصفح باقي الإدراجات
أحدث المقالات

التاريخ يعيد نفسه .. فهل من مدّكر؟

كاتب المقال د. طارق عبد الحليم   
 المشاهدات: 5032



الحمد لله والصّلاة والسّلام على رَسول الله صلى الله عليه وسلم
أذكر حين كنا صِغاراً، في أوائل الخمسينيات، وقت أن فَرِح الناس، وفرحنا لفرَحِهم آنذاك، بإنقلاب 1952، ولمّا اختفى عَسكر الإنجليز من المباني الحكومية، والذين تعودنا رؤيتهم في نهاية الأربعينيات. لكن كان والدى، رحمه الله، ممن لم يفرح مع الفَرحين، إذ كان يردّد منذ عام 1953، أن لا ضَمان للعَسكر، وأنهم أصحاب مكر وخدعة، وأنهم لا يطيقون أن يقوم حكمٌ مدني حرّ، يدير البلاد مهما كانت صبغته، وفدىّ علمانيّ، أو إسلاميّ إخوانيّ. وكان ما تنبأ به الوالد رحمه الله، فقد أزاح عبد الناصر الوفد، صاحب الأغلبية آنذاك، من السياسة المصرية، وتحالف مع الإخوان، موهماً إياهم أنه معهم فيما يأملونه من تولى حقائب وزارية سيادية، ثم، بعد وطّد أركان نظامه العسكريّ ومكنَ لنفسه في الحكم، بطش بهم بطشة خسيسة، أودعتهم السجون عقوداً، وأعدم منهم علماء أكابر مثل عبد القادر عودة، الذي قاد مظاهرة 54، والتي كان فيها النداء "إسلامية إسلامية، لا شرقية ولا غربية"، ثم في 1966، حيث أعدم سيد قطب ويوسف هواش رحمهما الله.

سبحان الله، ما أشبه اليوم بالبارحة، إذا نظرنا إلى الوضع القائم حالياَ على أرض مصر. الفحوى والموضوع يتشابه مع ما كان من قبل، بلا خلاف. وإن كانت بعض التفاصيل لا تتطابق فهو لأن كلّ فترة تتمايز بخصوصياتها، لكن الجوهر لا يزال مطابقا، أن العسكر لا أمان لهم ولاذمة، وأنّ الإسلاميين أصحابُ سَذاجة في الرؤية وسَطحِية في النظر السياسيّ.

كان حسنى مبارك فاروق اليوم، وإن كان أشدّ فسادا وطغياناً، وأبناؤه وزوجته كانوا العائلة المالكة الحديثة. المسرح السياسيّ في 52 كان مسرحاً فيه الكثير من الديموقراطية العلمانية، بقيادة الوفد، الذي كان يحظى بتأييد الغالبية الشعبية. والمسرح السياسيّ في مصر قبل 25 يناير، كان أشبه بالسيرك الذي رُوِّضت حيواناته على يد مُدربها مبارك، وحِزبُه الوَطني كان مالكاً لأغلبية مزورة لا كأغلبية الوفد قبل 52.

إنقلاب 52 قام به عدد من ضباط الجيش، ممن ينتمون إلى إتجاهاتٍ عدة، شيوعية وليبرالية وإسلامية، جَمَعها عبد الناصر ليحشد بها قوى تساند إنقلابه، ثم باركه الشعب، إلى حين. بينما حركة 25 يناير، قام بها شعبٌ مقهورٌ مظلوم، لم يكن لأي من الإتجاهات أو ما يسمونها "بالقوى السياسية" دور في تحريكها، سواء العلمانية أو الإسلامية، ولم يكن الجيش طرفاً فيها، بل قاومها الجيش ما استطاع، وترك البلطجية وغيرهم يضربون الثوار، إلى أن أدرك أنه لا مجال للإستمرار في هذاالنهج، وأنه آن أوان تغيير الوجوه.

في عهد ما قبل 1952، كان هناك إحتلالٌ بريطانيّ، استبدله عبد الناصر بتبعية أمريكية، ثم سوفيتية، وفي عهد ما قبل 2011، كان، ولا يزال، ولاء الجيش وتبعيته لأمريكا، ولإسرائيل.
الوضع اليوم إذن، مثله مثل الأمس، إن لم يكن اسوأ وأخبث، ذلك أنّ الفساد اليوم أعمق وأنفذ.

الصراع الدائر اليوم هو ذات الصراع الذي دار بالأمس، قوى الجيش الغاصب المُعتدى، الذي تنكّر لشعبه بعد أن أعانه ورحب به، آملاً في التغيير، سواءاً في يولية 52 أو يناير 25. وما هذا إلا لأنّ طبيعة العسكر، كما اسلفنا من قبل مراراَ ـ تأبي الحكم المدنيّ، وتعتمد القوة الغاشمة، وتأبي أن تترك أمر الناس للناس.

الطريق الوحيد للخلاص من عبودية العسكر هي في مواجهتهم، لا مجاملتهم، هي في الوقوف ضدهم، لا في الوقوف قي صفهم، تحت أي شعارٍ كان. وأولئك الذين يعتقدون أنهم خادعوا العسكر إلى فرض الديموقراطية، بله الإسلام، ما يخدعون إلا أنفسهم وهم لا يشعرون.

السذاجة التي طالما رسمت معالم سياسة الحركات الإسلامية، منذ أن ظنّ عبد الرحمن السندى أنّ عبد الناصر سيتركه يصفي حساباته مع الهضيبيّ، ثم يمكّن الإخوان من الحكم، هي نفسها التي نراها اليوم ترسم معالم سياسة الإخوان والسلفيين، الذين يعتقدون أن هناك أدنى إحتمال لأن يسمح العسكر بقيام دولة ديموقراطية، ولا أقول إسلامية، فهذا خبلٌ من الخبل.

وقد وعى العلمانيون الدرس من قبل، وعرفوا أنّ الحرية، حتى ولو بالعلمانية اللادينية، لن يكون لها نصيبٌ في الوجود تحت حُكم العَسكر، فكانت تحليلاتهم ومواقفهم أقرب للصواب من الإسلاميين، مع الأسف، إلا من هم من أمثال الشيخ الفاضل حازم أبو اسماعيل، الذي هو فلتة من فلتات العمل السياسيّ الإسلاميّ.


 اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة:

مصر، الثورة المصرية، الثورة المضادة، الإنتخابات، الإسلاميون،

 





تاريخ نشر المقال بموقع بوابتي 17-09-2011   www.almaqreze.net

تقاسم المقال مع اصدقائك، أو ضعه على موقعك
لوضع رابط لهذا المقال على موقعك أو بمنتدى، قم بنسخ محتوى الحقل الذي بالأسفل، ثم ألصقه
رابط المقال

 
لإعلام أحدهم بهذا المقال، قم بإدخال بريده الإلكتروني و اسمك، ثم اضغط للإرسال
البريد الإلكتروني
اسمك

 مشاركات الكاتب(ة) بموقعنا

  دراسة مقارنة للحركة الجهادية والانقلاب بين مصر والشام والجزائر
  لماذا خسر المسلمون العالم؟
  6 أكتوبر .. وما بعده!
  دين السلمية .. وشروط النصر
  اللهم قد بَلَغَت القلوب الحناجر ..!
  أشعلوها حرباً ضد الكفر المصريّ.. أو موتوا بلا جدوى
  يا شباب مصر .. حان وقت العمليات الجهادية
  يا مسلمي مصر .. احذروا مكر حسان
  العقلية الإسلامية .. وما بعد المرحلة الحالية!
  الجمعة الفاصلة .. فليفرَح شُهداء الغد..
  "ومكروا ومكر الله.." في جمعة النصر
  ثورةُ إسلامٍ .. لا ثورة إخوان!
  بل الدم الدم والهدم الهدم ..
  جاء يوم الحرب والجهاد .. فحيهلا..
  الإنقلاب العسكريّ .. ذوقوا ما جنت أيديكم!
  حتى إذا جاؤوها .. فُتِحَتْ لهم أبوابُ أحزَابها!
  سبّ الرسول صلى الله علي وسلم .. كلّ إناءٍ بما فيه ينضح
  كلمة في التعدّد .. أملُ الرجال وألم النساء
  ظاهرة القَلق .. في الوّعيّ الإنسانيّ
  نقد محمد مرسى .. بين الإسلامية والعلمانية
  مراحل النّضج في الشَخصية العلمية الدعوية
  الإسلاميون .. وقرارات محمد مرسى
  قضيتنا .. ببساطة!
  وماذا عن حازم أبو اسماعيل؟
  من قلب المعركة .. في مواجهة الطاغوت
  بين الرّاية الإسلامية .. والرّاية العُمِّيّة
  أنقذونا من سعد الكتاتني ..! مُشكلتنا مع البَرلمان المصريّ .. وأغلبيته!
  البرلمان.. والبرلمانية المتخاذلة
  المُرشد والمُشير .. والسقوط في التحرير مجلس العسكر ومكتب الإرشاد .. يد واحدة
  الشرع أو الشيخ .. اختاروا يا شباب الأمة!

أنظر باقي مقالات الكاتب(ة) بموقعنا


شارك برأيك
لوحة مفاتيح عربية بوابتي
     
*    الإسم
لن يقع إظهاره للعموم
     البريد الإلكتروني
  عنوان المداخلة
*

   المداخلة

*    حقول واجبة الإدخال
 
كم يبلغ مجموع العددين؟
العدد الثاني
العدد الأول
 * أدخل مجموع العددين
 
 
 
أكثر الكتّاب نشرا بموقع بوابتي
اضغط على اسم الكاتب للإطلاع على مقالاته
د - شاكر الحوكي ، ياسين أحمد، كريم فارق، مجدى داود، صفاء العربي، الهيثم زعفان، حسني إبراهيم عبد العظيم، صلاح المختار، فوزي مسعود ، عراق المطيري، حسن الطرابلسي، أنس الشابي، سلوى المغربي، عواطف منصور، د - الضاوي خوالدية، د- محمود علي عريقات، د- جابر قميحة، حميدة الطيلوش، أبو سمية، د - محمد بن موسى الشريف ، محمود طرشوبي، د. عبد الآله المالكي، أحمد بن عبد المحسن العساف ، د. أحمد محمد سليمان، علي الكاش، د.محمد فتحي عبد العال، محمد الطرابلسي، د. صلاح عودة الله ، د- محمد رحال، مراد قميزة، كريم السليتي، عبد الرزاق قيراط ، محمد الياسين، سيد السباعي، محمد أحمد عزوز، الناصر الرقيق، مصطفي زهران، رافد العزاوي، د - ‏أحمد إبراهيم خضر‏ ، د. خالد الطراولي ، سلام الشماع، حسن عثمان، أ.د أحمد محمّد الدَّغَشِي ، عبد الغني مزوز، د - المنجي الكعبي، د - عادل رضا، سامح لطف الله، طلال قسومي، د. كاظم عبد الحسين عباس ، أحمد النعيمي، د. أحمد بشير، فتحي الزغل، يزيد بن الحسين، محرر "بوابتي"، منجي باكير، سعود السبعاني، عمار غيلوفي، صالح النعامي ، رمضان حينوني، أشرف إبراهيم حجاج، د. ضرغام عبد الله الدباغ، عبد الله الفقير، جاسم الرصيف، محمد اسعد بيوض التميمي، صباح الموسوي ، محمود سلطان، علي عبد العال، سفيان عبد الكافي، إسراء أبو رمان، أ.د. مصطفى رجب، عزيز العرباوي، يحيي البوليني، مصطفى منيغ، خبَّاب بن مروان الحمد، العادل السمعلي، د. عادل محمد عايش الأسطل، محمد عمر غرس الله، حاتم الصولي، فتحـي قاره بيبـان، صفاء العراقي، صلاح الحريري، محمد يحي، محمد العيادي، عبد الله زيدان، خالد الجاف ، محمود فاروق سيد شعبان، رافع القارصي، تونسي، إياد محمود حسين ، أحمد بوادي، د - صالح المازقي، سليمان أحمد أبو ستة، أحمد ملحم، فهمي شراب، أحمد الحباسي، رضا الدبّابي، ضحى عبد الرحمن، د- هاني ابوالفتوح، د. مصطفى يوسف اللداوي، محمد شمام ، سامر أبو رمان ، الهادي المثلوثي، وائل بنجدو، د - مصطفى فهمي، رشيد السيد أحمد، فتحي العابد، د - محمد بنيعيش، ماهر عدنان قنديل، رحاب اسعد بيوض التميمي، المولدي الفرجاني، د. طارق عبد الحليم، إيمى الأشقر، عمر غازي، نادية سعد،
أحدث الردود
مسألة الوعي الشقي ،اي الاحساس بالالم دون خلق شروط تجاوزه ،مسالة تم الإشارة إليها منذ غرامشي وتحليل الوعي الجماعي او الماهوي ،وتم الوصول الى أن الضابط ...>>

حتى اذكر ان بوش قال سندعم قنوات عربيه لتمرير رسالتنا بدل التوجه لهم بقنوات امريكيه مفضوحه كالحره مثلا...>>

هذا الكلام وهذه المفاهيم أي الحكم الشرعي وقرار ولي الأمر والمفتي، كله كلام سائب لا معنى له لأن إطاره المؤسس غير موجود
يجب إثبات أننا بتونس دول...>>


مقال ممتاز...>>

تاكيدا لمحتوى المقال الذي حذر من عمليات اسقاط مخابراتي، فقد اكد عبدالكريم العبيدي المسؤول الامني السابق اليوم في لقاء تلفزي مع قناة الزيتونة انه وقع ا...>>

بسم الله الرحمن الرحيم
كلنا من ادم وادم من تراب
عندما نزل نوح عليه السلام منالسفينه كان معه ثمانون شخصا سكنو قريه اسمها اليوم هشتا بالك...>>


استعملت العفو والتسامح في سياق انهما فعلان، والحال كما هو واضح انهما مصدران، والمقصود هو المتضمن اي الفعلين: عفا وتسامح...>>

بغرض التصدي للانقلاب، لنبحث في اتجاه اخر غير اتجاه المنقلب، ولنبدا بمسلمة وهي ان من تخلى عن مجد لم يستطع المحافظة عليه كالرجال، ليس له الحق ان يعامل ك...>>

مقال ممتاز...>>

برجاء السماح بإمكانية تحميل الكتب والمراجع...>>

جل الزعماء العرب صعدوا ،بطرق مختلفة ،تصب لصالح المخطط الانتربلوجي العسكري التوسعي الاستعماري،ساهموا في تبسيط هدم حضارة جيرانهم العربية او الاسلامية عم...>>

مقال ممتاز
لكن الاصح ان الوجود الفرنسي بتونس لم يكن استعمارا وانما احتلال، فرنسا هي التي روجت ان وجودها ببلداننا كان بهدف الاعمار والاخراج من ح...>>


الاولى : قبل تحديد مشكلة البحث، وذلك لتحديد مسار البحث المستقل عن البحوث الاخرى قبل البدء فيه .
الثانية : بعد تحديد مشكلة البحث وذلك لمعرفة الا...>>


بارك الله فيكم...>>

جانبك اصواب في ما قلت عن السيد أحمد البدوي .

اعلم أن اصوفية لا ينشدون الدنيا و ليس لهم فيها مطمع فلا تتبع المنكرين المنافقين من الوها...>>


تم ذكر ان المدخل الروحي ظهر في بداياته على يد شارلوت تويل عام ١٩٦٥ في امريكا
فضلا وتكرما احتاج تزويدي ب...>>


الدين في خدمة السياسة عوض ان يكون الامر العكس، السياسة في خدمة الدين...>>

يرجى التثبت في الأخطاء اللغوية وتصحيحها لكي لاينقص ذلك من قيمة المقال

مثل: نكتب: ليسوا أحرارا وليس: ليسوا أحرار
وغيرها ......>>


كبر في عيني مرشد الاخوان و صغر في عيني العسكر
اسال الله ان يهديك الى طريق الصواب
المنافقون في الدرك الاسفل من النار...>>


It is important that issues are addressed in a clear and open manner, because it is necessary to understand the necessary information and to properly ...>>

وقع تصميم الموقع وتطويره من قبل ف.م. سوفت تونس

المقالات التي تنشر في هذا الباب لا تعبر بالضرورة عن رأي صاحب موقع بوابتي, باستثناء تلك الممضاة من طرفه أومن طرف "بوابتي"

الكاتب المؤشر عليه بأنه من كتاب موقع بوابتي، هو كل من بعث إلينا مقاله مباشرة