يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
كثيرة هي المواقف الهجومية لمنظمة هيومن رايتس ووتش " منظمة مراقبة حقوق الإنسان" على المملكة العربية السعودية خاصة في القضايا المرتبطة بالمرأة السعودية، وصيانة المجتمع السعودي. وآخر تلك المواقف هو ما صدر عن المنظمة منذ يومين في نقد قضية الرجال المتشبهين بالنساء، حيث استشهدت المنظمة بأن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والذي رأت أنه يمثل القانون العرفي والدولي، يمنع التدخل في حق "الحرية الشخصية" والتي منها الحق في الشذوذ.
وهكذا فإن الحجة المعلنة في كل مرة من قبل هذه المنظمة هي مخالفة السعودية لمبادئ حقوق الإنسان، تلك المبادئ التي ترى أن كل إنسان له مطلق الحرية في فعل ما يريد وقتما يريد دون قيد أو ضابط حتى ولو كان الضابط شرعياً، والنهي والأمر إلهياً، بل إن الفرد وفق هذه المبادئ الغربية له حق التنقل بين الأديان والعقائد والارتداد عن دينه بمنتهى الحرية.
ويستشعر المسلم القارئ لتقارير تلك المنظمة حول المجتمع السعودي بالنقد اللاذع والجرأة الواضحة للأحكام الشرعية التي تضبط سير المجتمع الإسلامي، وتمنع الانحرافات والانحلالات الخلقية، وما يتبعها من تداعيات سلبية على هذا المجتمع.
فالأمر إذن هو مواجهة مع الأحكام الشرعية، ومن ثم من يعمل على تطبيق تلك الأحكام في أرض الواقع. وهذه المنظمة تهاجم السعودية في كل مناسبة وفي كافة المنتديات العالمية مما يدفع المملكة في كل مرة إلى التأكيد على خصوصية الإسلام، وخصوصية المجتمع السعودي والذي يستمد تنظيم شئونه من الإسلام.
لكن المنظمة تصر على أن تكون المرجعية للقضايا التي تثيرها لمبادئ حقوق الإنسان القائمة على الحرية المطلقة دون ضوابط وليس للإسلام، وعلى هذا الأساس تحرض دول العالم للضغط على السعودية كي ترتب أوراقها وفق هذه الأهواء العبثية.
وبإطلالة سريعة على القضايا الرئيسية التي تثيرها هيومان رايتس بين الفينة والأخرى نجدها تدور حول الآتي:
1- قضايا الشذوذ والتشبه بالنساء في الملابس والسلوك:
وفي مثل هذه القضايا تتربص المنظمة بكل ضبطية للسلطات تهدف إلى وأد هذه السلوكيات الشاذة من المجتمع، للحفاظ على سلامة واستقرار وعفة المجتمع والأخلاق العامة، حيث تقوم المنظمة بحملة إعلامية تحريضية منظمة تحمل فيها ملف المقبوض عليهم، وتدافع عن ما تسميه حقهم في لبس ما يشاءون وارتكاب أي سلوك مهما كان شاذً، وفي ضوء ذلك تحرض المنظمة الدول الغربية والمنظمات الدولية من أجل الضغط على السلطات السعودية لترك الانحلال دون زجر وردع. تقول هيومان رايتس في تقريرها الصادر في 24 يونيو 2009 " اختيار المرء لملبسه وأسلوب تقديمه لنفسه هو جزء لا يتجزأ من حرية التعبير والحق في الخصوصية. وهذه الحقوق واردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يعكس مبادئ القانون الدولي العرفي، وإن القبض على الأفراد واتهامهم لمجرد أن الشرطة ترى أن مظهرهم غير مقبول هي ضربة في صميم حرية الإنسان". والاستجابة لمطلب هيومان رايتس من قبل السعودية سيؤدي إلى نشر الفاحشة داخل المجتمع بل والمجاهرة بها، ومعلوم في القصص القرآني عقوبة المجتمعات التي ينتشر فيها هذا النوع من الفساد.
2- الهجوم على ولاية الرجل على المرأة:
حيث تهاجم المنظمة بصورة صريحة قوامة الرجل المسلم على زوجته وما يتبع هذه القوامة من تراتيب شرعية، وبخاصة في قضايا الاستئذان وسفر المرأة بدون محرم، وكذلك ولاية الأب على ابنته وبخاصة في مسائل الزواج، وشرط موافقة الولي على النكاح. تقول المنظمة في تقرير صادر لها في العام 2008 " تدعو هيومن رايتس ووتش المملكة العربية السعودية إلى التحرك الفوري للتصدي لانتهاكات حقوق الإنسان الناجمة عن سياسات ولاية الرجل على المرأة، لضمان أن الهيئات الحكومية لا تطلب إذن ولي الأمر للسماح للنساء البالغات الراشدات بالعمل أو السفر أو الدراسة أو الزواج ". والاستجابة لهذا المطلب من قبل السعودية سيؤدي بالمجتمع إلى ( سقوط القوامة داخل المجتمع وتعطيل شرع الله المنظم للحياة الأسرية وما سيتبع ذلك من مشكلات أسرية وانتشار للطلاق، وفتح المجال لسفر المرأة بدون محرم سيترتب عليه فتن عظيمة لا يعلم مداها إلا الله- كما أن إسقاط ولاية الأب عن تزويج ابنته فيه تعطيل لشرع الله، ونشر للفساد الخلقي وأيضاً انتشار للطلاق لضعف خبرة الفتاة في فهم الرجال وحقوق الزواج).
3- الهجوم على الزواج المبكر باعتباره عنف ضد المرأة مع الترويج للزنا متى بلغت الفتاة:
تعتبر منظمة هيومان رايتس أن تزويج الفتاة المسلمة تحت سن الثمانية عشر عنفاً ضد المرأة ينبغي القضاء عليه، وفي ذات الوقت ومما يعبر عن قمة التناقض ترى هيومان رايتس أن منع الفتاة متى بلغت من أن تشبع غريزتها عبر الزنا عنفاً ضدها، وبالتالي فالمنظمة تحارب العفة المبكرة وتدعو إلى تيسير زنا الفتيات الصغيرات. تقول المنظمة في تقرير العام 2008 " إن الحكومة السعودية لم تحدد سناً دنيا للزواج ولا هي تبنت أية سياسات شاملة لمكافحة الزواج في سن مبكرة" وفي مواضع عديدة تشدد المنظمة على المادة 96 من منهاج عمل بكين والتي تنص على أن "للمرأة حقها في أن تتحكم وأن تبت بحرية ومسئولية في المسائل المتصلة بحياتها الجنسية دون إكراه أو تمييز أو عنف". ومعلوم تداعيات الاستجابة لهذه المطالب من نشر للفساد الخلقي وتعطيل لمسار زيجات طبيعية كثيرة يجريها المجتمع بعفة واستقرار تامين، وأثر المعاصي المترتبة على الفساد الخلقي تحرق ثمرات أي مجتمع ينتشر فيه هذا النوع من الفساد.
4- الهجوم على الحجاب الشرعي للمرأة المسلمة:
تهاجم منظمة هيومان رايتس بصفة مستمرة الحجاب الشرعي معتبرة أن النقاب عادة قبلية يفرضها المجتمع السعودي على المرأة السعودية، ومن ثم تسعى هذه المنظمة كباقي المنظمات النسوية لتشويه صورة المجتمع السعودي بالزعم بأن المرأة فيه مجبرة على زي موصوف عندهم بالقبلي، وتحرم من ارتداء الملابس الضيقة والعارية. تقول المنظمة في تقرير لها صادر في عام 2005 " إن التمييز الشديد ضد النساء متواصل في السعودية، في تناقض صارخ مع ما تقضي به الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة والتي انضمت إليها المملكة العربية السعودية في 7 سبتمبر 2000". وكثيراً ما طالبت هذه المنظمة من الرئيس الفرنسي "نيكولا ساركوزي" بصفة خاصة لفتح ملف المرأة مع السلطات السعودية أثناء زياراته للمملكة وقد رأينا ما قاله ساركوزي عن النقاب قبل يومين من صدور تقرير هيومان رايتس الأخير. والاستجابة لهذا المطلب يخالف شرع الله في الزي الشرعي للمرأة المسلمة، وهو كفيل بنشر الفتن والفساد داخل المجتمع وما يتبع ذلك من نقمة وغضب على المجتمع المنسلخ من الأوامر والنواهي الشرعية.
5- قضية منع الاختلاط في المجتمع السعودي:
تهاجم منظمة هيومان رايتس المجتمع السعودية لمنعه الاختلاط بين الرجل والمرأة. تقول منظمة هيومان رايتس ووتش في التقرير العالمي لحقوق الإنسان للعام 2008 " يعرقل الفصل الصارم بين الجنسين من قدرة النساء السعوديات على المشاركة بشكل كامل في الحياة العامة". والاستجابة لمطلب السماح بالاختلاط يخالف مراد الشارع الحكيم في ذلك كما أن فيه من المفاسد التي لا يعلم مداها إلا الله والتي تستوجب في النهاية غضب الله وعقوبته للمجتمع ككل.
6- الحرية الدينية وتعلقها بمسألة الردة والشيعة:
تدندن كثيراً منظمة هيومان رايتس على وتر ما تسميه الحرية الدينية للمرتدين والشيعة داخل المملكة وتركهم يعبرون عن ارتدادهم بحرية، وترك الشيعة يمارسون طقوسهم ومعتقداتهم بل وممارسة التشيع داخل المملكة بحرية تامة ودون عرقلة من أي جهة. تقول المنظمة في تقرير صادر لها في العام 2007 "يحمي القانون الإنساني الدولي حرية الأديان، ومنها "حرية تغيير الديانة أو العقيدة، وحرية الإعراب عنهما بالتعليم والممارسة وإقامة الشعائر ومراعاتها سواء أكان ذلك سراً أم مع الجماعة" (المادة 18 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان)، وقيام الحكومة السعودية باعتقال واحتجاز أعضاء جماعة دينية لمجرد انتمائهم الديني يشكل انتهاكاً جسيماً لهذا الحق". والاستجابة لهذا المطلب من قبل المملكة سيؤدي إلى انتشار الفكر الرافضي بالمملكة وما يتبعه من خرافات، ومخالفات شرعية وسب للصحابة الكرام مما سيؤدي في النهاية إلى الفوضى العقدية في المجتمع وما سيتبع ذلك من نكبات ستحل بالمجتمع).
7- قضايا الحدود الشرعية:
تنتفض منظمة هيومان رايتس كثيراً للحدود الشرعية التي تطبق داخل المجتمع السعودي وتشتد نغمة التحريض والهجوم عندما يكون الحد مرتبطاً بالسلوكيات الأخلاقية، وتشتد أكثر عندما يطبق الحد الشرعي على امرأة، وحيثيات هجوم المنظمة في ذلك هو حرية مرتكب الجريمة التي تستوجب الحد الشرعي في أن يشبع غريزته دون التقيد بأية ضوابط دينية، وفي ضوء ذلك تطالب المنظمة بتعطيل الحدود الشرعية داخل المجتمع السعودي. تقول منظمة هيومان رايتس في تقرير لها صادر عام 2005 " إن مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان خلصت في العام 1997 إلى أن "العقوبات الجسدية (مثل الجلد) ترقى إلى عقوبة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة، وحتى إلى التعذيب، وتتعارض عقوبة الجلد مع اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللإنسانية أو المهينة، والتي انضمت السعودية لها في العام 1997، وصدور أحكام بالجلد في السعودية يشكل خيبة أمل عميقة باتجاه كل وعود الإصلاح التي قطعتها الحكومة السعودية على نفسها". والاستجابة لهذا المطلب من قبل السعودية سيؤدي إلى (تعطيل حدود الله التي أمر الله بتطبيقها- عدم وجود رادع للجرائم المرتكبة في المجتمع مما سيجرأ ضعاف النفوس على ارتكاب الكثير من الجرائم الأمر الذي سيؤدي بدوره إلى نشر الفوضى في المجتمع- الانتشار المكثف للفساد داخل المجتمع السعودي- شيوع الفاحشة في المجتمع- عقوبة وسخط رباني ونزول البلاء والكوارث والنكبات بسبب تعطيل حدود الله).
إن المجتمع السعودي يعمل على تطبيق الشريعة الإسلامية في كافة مناحي الحياة، ومنظمة هيومان رايتس تجعل المرجعية في تقاريرها الهجومية على المجتمع السعودي مبادئ حقوق الإنسان التي تتعارض الحرية المطلقة فيها مع الضوابط الشرعية التي سنها الإسلام من أجل صلاح وعفة وسلامة المجتمع، وعلى ذلك ووفقاً لقاعدة التعامل بالمثل والموضوعية في القياس، فكما لا يمكننا الحكم على ممارسات وتصرفات المجتمعات الغربية التي تنتمي لها منظمة هيومان رايتس وفق الشريعة الإسلامية، فلا يحق لهيومان رايتس أن تحكم على المجتمعات المسلمة وفق معايرها المرفوضة والمناقضة أساساً للدين الإسلامي فلكم دينكم ولي دين.
--------------
ينشر بالتزامن مع موقع المسلم
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: