الهيثم زعفان - مصر
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 3535 alistiqamacenter@gmail.com
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
** بعض الثمرات الفاسدة للطروحات النسوية في العالم الإسلامي:
----------------------------------
· أولاً.... رفع سن الزواج وتجريم الزواج المبكر:
--------------------
من أكثر النقاط التي دندنت عليها أجندة تحرير المرأة هي محاربة الزواج المبكر باعتباره في نظرهم يمثل عنفاً ضد الفتيات، ومن ثم فقد صدر في العديد من الدول العربية والإسلامية قوانين تمنع توثيق عقد الزواج لمن لم تبلغ سن الثامنة عشرة، مع تجريم كل من يزوج الفتاة تحت هذه السن بالسجن لسنوات.
ويأتي هذا التضييق على المنفذ الشرعي الحلال ليتوافق مع المادة 274 من وثيقة مؤتمر بكين والتي نصت على " ضرورة سن القوانين المتعلقة بالحد القانوني الأدنى لسن الرشد، والحد الأدنى لسن الزواج، وإنفاذ تلك القوانين بصرامة، ورفع الحد الأدنى لسن الزواج عند الاقتضاء".
· ثانياً.... التهاون مع "الزنا" وإثبات نسب ابن "الزنا" لأمه:
-------------------
في ذات الوقت الذي يتم فيه التضييق على الزواج الشرعي، تم في بعض الدول الإسلامية سن قوانين تسمح "للزانية" أن تسجل وليدها من "الزنا" في الوثائق الرسمية للدولة باسمها، وقد اعتبر العلماء أن في ذلك تيسيراً "للزنا" في المجتمع. خاصة أن الأم تعترف رسمياً أنها "زانية"، ومع ذلك لا توقع عليها أية عقوبات. والعجيب أن الطفل المولود من "الزنا" يتم إثباته في الوثائق الرسمية، بينما الآخر المولود من الطريق الشرعي لا يتمكن الأبوان اللذان لم يتجاوزا الثماني عشرة سنة من إثباته في الأوراق الرسمية، بل يتم تجريمهما على مخالفتهما للقانون الوضعي وتطبيقهما شرع الله في أمر الزواج، على حين يتم تكريم "الزانية" الأقل من 18 سنة، والدعوة لالتماس الأعذار لها عندما تمارس "الزنا".
إن هذه الفوضى الجنسية الانحلالية وترك النساء يمارسن الفاحشة وقتما شئن ودون أدنى رادع يؤكد ما جاء بالمادة 96 من منهاج عمل بكين التي أشرنا لها من قبل والتي تنص على أن " للمرأة حقها في أن تتحكم وأن تبت بحرية ومسئولية في المسائل المتصلة بحياتها الجنسية دون إكراه أو تمييز أو عنف".
· ثالثاً... نشر ثقافة الطلاق في المجتمعات الإسلامية بديلاً عن المصالحة:
---------------------
وهذا الأمر يتم تحت عنوان "التوعية القانونية للمرأة"، وفي سبيل ذلك يتم فتح الخطوط الساخنة. وتقوم المنظمات غير الحكومية المعنية بتنفيذ مجموعة من البرامج الميدانية، والدورات التثقيفية، وعرض المساعدات القانونية المجانية لإتمام عملية التفريق بين الزوجين، مع فتح مكاتب لتلقي الشكاوى ضد الأزواج باعتبارها شكاوى تدخل تحت بند "العنف ضد المرأة". على إثرها يتم تحريض المرأة لتقديم الشكاوى ضد هذا الزوج من أجل تقويم ما يرونه نشوزاً وعنفاً من الزوج.
· رابعاً... المرأة في سلك القضاء:
------------
ضغطت النسويات كثيراً على نظم البلدان العربية والإسلامية كي تُمكن المرأة من اقتحام سلك القضاء، وعندما اصطدمت مطالبهن بالأحكام الشرعية، تشبثن برأي الإمام بن حزم في تلك المسألة. وقد أثار البعض كثيراً من مخاوف تخبط الأحكام التي تصدرها المرأة، وذلك لغلبة العاطفة على المرأة، وتقلب مزاجها نظراً لظروفها الجسمانية من حمل ورضاعة وحيض ومتاعب نفسية إبان سن اليأس. وعلى الرغم من أن البعض يدفع بأن بعض المعينات في سلك القضاء هن من المحجبات كدليل على أن ليس كل الممكنات سياسياً علمانيات، لكن يبقى أن الأصل في تولي هذه الحقيبة القضائية عليه الكثير من التحفظات الشرعية التي لا يسقطها التزام المرأة باللباس الشرعي من عدمه. وعلى الرغم من ذلك فقد اقتحمت المرأة سلك القضاء في العديد من البلدان الإسلامية وما يزال الضغط مستمراً على البلدان الرافضة شرعاً لهذا المبدأ. ولا يفوتنا التشديد على أن تلاعب نشيطات الحركة النسوية في موضوع المرأة والقضاء والوظائف المرتبطة بها والمتماسة مع مسألة "شهادة المرأة" يثير الكثير من المخاوف في ظل دندنة الحركة النسوية حول تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة فيما يتعلق بـ "شهادة المرأة" وهو أمر معلوم من الدين بالضرورة.
· خامساً.... التمكين السياسي للمرأة:
------------
"التمكين السياسي للمرأة" فسرته وثيقة بكين بأنه "وصول المرأة إلى مراكز صنع القرار، والمراكز التي تؤثر في صنع القرار ووضع السياسات"، مع إزالة كافة الحواجز والعراقيل حتى ولو كانت دينية، والتي بنظرهم تعيق تحقيق المرأة الجديدة لهدف السيطرة على السلطة، ومواقع صنع القرار". وقد وضعت "ثيقة بكين" هدفاً أولياً تمثل في وصول المرأة لمواقع صنع القرار بنسبة30% كخطوة أولى لتحقيق الهدف المرجو وهو الوصول بالنسبة إلى50%. والخطورة الكامنة في هذا التنصيب السياسي هو وضع بعض النسويات ذات التوجه الغربي في مواقع صنع قرار تسمح لهن بسن تشريعات وصياغة سياسات مرجعيتها اتفاقية سيداو ومقررات مؤتمر بكين، فيزداد البلاء وتعم البلوى.
· سادساً.... التعليم وإعادة صياغة المناهج وفق الأجندة النسوية:
-------------------
تم في العديد من الدول العربية والإسلامية تشكيل لجان لإعادة صياغة الكتب المدرسية في المراحل التعليمية الأولى؛ ليتم أولاً تنقيحها مما يتعارض مع الطروحات النسوية حتى ولو كان المطلوب تنقيحه نصوصًا دينية، ثم يتم ثانية دمج المناهج التعليمية بما يتوافق مع الأجندة النسوية، وآلية المناهج التعليمية التربوية يشدد على توظيفها في بنود بكين، وعلى رأسها تضمين ما يطلق عليه "الجنس الآمن – safe sex " ضمن المناهج التربوية وهو مصطلح يقوم على حق المرأة في إشباع غريزتها بأمان وبالصورة التي تقررها هي لا التي تضبطها الشريعة الإسلامية، ومن ثم فهي تمارس الجنس بصورة توفر لها الحماية من الأمراض الجنسية أو الحمل غير الشرعي وحتى يتحقق هذا الجنس الآمن لابد من توافر عنصرين هامين أولاً : تعليم الجنس والذي يأتي من خلال تعديل المناهج التعليمية لتتوافق مع هذا الطرح، والثاني خدمات الصحة الإنجابية والمتمثل في توفير موانع الحمل والواقيات الذكرية والأنثوية لتحقيق الآمان عملياً. والمادة 108 من وثيقة بكين تطالب بإدراج تعليم الجنس الآمن في المناهج التعليمية بالنسبة للأطفال، ليتم ترسيخ الصورة المراد رسمها في وجدان ومخيلة الأطفال حيث تنص المادة على ضرورة (تصميم برامج محددة موجهة للمراهقين والرجال من جميع الأعمار تهدف إلى توفير معلومات كاملة ودقيقة عن السلوك الجنسي والإنجابي المأمون والمسئول، بما في ذلك الاستخدام الطوعي لوسائل الوقاية الذكرية المناسبة والفعالة بغية الوقاية من فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز).
· سابعاً.... الإعلام وتكريس الأجندة النسوية:
---------------
يُعد الإعلام المرئي والمسموع والمقروء من أكثر الأدوات التي تستخدمها الحركة النسوية في العالم العربي من أجل خلخلة المجتمع وهز ثوابته القيمية لصالح الأجندة النسوية. وفي سبيل ذلك يتم الدفع بمئات المسلسلات، الأفلام، البرامج، الإعلانات، المقالات، الحوارات، والتحقيقات؛ وجميعها تُصاغ مادتها الإعلامية وفق ما تهدف إليه نشيطات الحركة النسوية.
· ثامناً.... تحرير المرأة وقضايا الميراث:
--------------
ترى أجندة الحركة النسوية من خلال الأمم المتحدة أن أي تقسيم للمواريث لا يخضع لقاعدة المساواة التامة، والاقتسام المتساوي بين الأشقاء يُعد نوعًا من التمييز ضد المرأة. وعليه يجب إلغاء أية تشريعات تتعارض مع نظرة الأمم المتحدة لتقسيم المواريث، ففي «الهدف الاستراتيجي ألف» من وثيقة بكين والمتعلق بتنقيح القوانين والممارسات الإدارية، بغية ضمان الحقوق المتساوية للمرأة وسبل وصولها إلى الموارد الاقتصادية؛ وفي الإجراءات التي يتعين اتخاذها قالت المادة (61/ب): «الاضطلاع بإصلاحات تشريعية وإدارية، بغية تمكين المرأة من الحصول على الموارد الاقتصادية، بما في ذلك الحق في الميراث، وفي تملك الأرض وغيرها من الممتلكات، والحصول على الائتمان والموارد الطبيعية والتكنولوجيات الملائمة». وشددت المادة (274/د) من وثيقة بكين على مسألة الميراث واصفة تقسيم المواريث بصورة مخالفة لرؤية محرري المرأة بأنه غبن للمرأة حيث تدعو الفقرة إلى « العمل على إزالة ما تواجهه الطفلة من غبن وعقبات فيما يتعلق بالإرث حتى يتمتع كل الأبناء بحقوقهم دون تمييز». وفي أعقاب تلك الدعوات العولمية تعالت في العالم الإسلامي بعض الأصوات التي تطالب باللعب في أحكام المواريث حتى تتوافق مع مواثيق الأمم المتحدة يقول: «أحمد محمود صبحي»: «المذهب الجعفري – مذهب الشيعة الإمامية – لا يجعل للأعمام أي حق في الميراث وإنما تؤول التركة كلها للبنات وبما أن محور الدراسة- والكلام مايزال لأحمد محمود- يدور حول التقريب بين السنة والشيعة فإن الانطباع الذي يخرج به القارئ هو أن الشيعة أكثر إنصافًا للمرأة من أهل السنة مما لا يرضي البعض». ويبدو هنا أن مذهب الشيعة في بعض المسائل المتعلقة بالمرأة يوافق بعض ما تنادي به الأمم المتحدة في قضايا تحرير المرأة. لكن بالقفز فوق الآراء الفقهية والمذهبية في هذه المسألة، فإن هذا الباحث يحاول الدخول بالشيعة إلى معترك الأحكام الأسرية للمرأة المسلمة، وذلك من مدخل المواريث، فهو يلقي بحجر شيعي في إجماع أهل السنة والجماعة في مسائل المواريث، تلك المسائل التي تحاربها الأمم المتحدة وتنادي بالقضاء عليها. الملفت أن هناك بعض الأسر العربية قد استجابات لهذا العبث الأممي وصارت لا تورث إلا وفقاً للقاعدة النسوية الفاسدة" للذكر مثل الأنثى".
· تاسعاً.... الهجوم على ولاية الرجل على المرأة:
----------------
حيث تهاجم الحركة النسوية بصورة صريحة قوامة الرجل المسلم على زوجته، وما يتبع هذه القوامة من تراتيب شرعية، وبخاصة في قضايا الاستئذان وسفر المرأة بدون محرم، وهو الأمر الذي تخلخل في عدد من البلدان الإسلامية.
وكذلك ولاية الأب على ابنته وبخاصة في مسائل الزواج، وشرط موافقة الولي على النكاح. تقول منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير صادر لها في العام 2008 " تدعو هيومن رايتس ووتش المملكة العربية السعودية إلى التحرك الفوري للتصدي لانتهاكات حقوق الإنسان الناجمة عن سياسات ولاية الرجل على المرأة، لضمان أن الهيئات الحكومية لا تطلب إذن ولي الأمر للسماح للنساء البالغات الراشدات بالعمل أو السفر أو الدراسة أو الزواج ". والاستجابة لهذا المطلب سيؤدي بالمجتمع إلى: ( سقوط القوامة داخل المجتمع وتعطيل شرع الله المنظم للحياة الأسرية وما سيتبع ذلك من مشكلات أسرية وانتشار للطلاق. وفتح المجال لسفر المرأة بدون محرم سيترتب عليه فتن عظيمة لا يعلم مداها إلا الله- كما أن إسقاط ولاية الأب عن تزويج ابنته فيه تعطيل لشرع الله، ونشر للفساد الخلقي وأيضاً انتشار للطلاق لضعف خبرة الفتاة في فهم الرجال وحقوق الزواج). "يتبع"
----------------------
من دراسة: " ظهور الحركات النسوية في العالم العربي- مشروع تحرير المرأة في مائة عام"؛ للباحث: الهيثم زعفان- التقرير الاستراتيجي السنوي الحادي عشر - مجلة البيان- 1435 هـ.
-------------------
الهيثم زعفان
رئيس مركز الاستقامة للدراسات الاستراتيجية
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: