الهيثم زعفان - مصر المشاهدات: 11441 Azeg333@yahoo.com
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
يتألم المرء كثيراً عندما يرى من لا يبالى بالمنح والعطايا الربانية في رمضان، من يسمع نداء الرحمن بصيام رمضان ولا يمتثل لأمر ربه، من يجد الوعد بالمغفرة عن ذنوبه السابقة ولا يستوقفه ذلك، من يعلم أن الصيام هو علاقة خفية بين العبد وربه وأجرها مالا عين رأت ولا خطر على بال بشر، من يصل إليه خبر كل خير عن الصيام وعاقبة كل مفطر بلا عذر ومع كل ذلك يتعمد الإفطار في رمضان بل ويجاهر بالإفطار وكأنه أسقط من حسبانه كون صيام رمضان أحد أركان الإسلام الخمس والذي بضياعه يسقط المضيع في الهاوية.
أطرح هذه القضية التي آلمتني على مدار سنوات طويلة كلما سرت في شوارع وسط البلد، وحينها كنت أجد معظم المطاعم تعمل وبها عدد غير قليل من الذين يأكلون ويشربون ويضحكون في نهار رمضان، كثير منهم شباب يافع بصحة جيدة، كنت التمس العذر بأنه قد يكون منهم نصارى على الرغم من أنه أثناء الطفولة كنت ألحظ ويخبرني المحيطين بي أن النصارى يتجنبون الأكل العلني مراعاة لمشاعر المسلمين الصائمين في رمضان، لكنني فوجئت بأناس أعلم أنهم ينتمون إلى الدين الإسلامي ومع ذلك أجدهم مفطرين في رمضان، وهو أمر ليس بغريب فكما أن هناك عصاة لا يصلون بل ولا يدرون كيف يتطهرون من قضاء حاجاتهم، فهناك أيضاً عصاة لا يبالون بصيام رمضان.
أسباب كثيرة قد تدفع للإفطار العمدي في رمضان بلا عذر منها ما هو مرتبط بالمكون التربوي وتنشئة الفرد، ومنها ما هو مرتبط بالبعد عن الله في شتى مناحي حياة الفرد، ومن ثم ينسحب الابتعاد على الصيام في رمضان.
إلا أن المنحى شديد الخطورة هنا هو في المجاهرة بالإفطار بلا عذر، وهو أمر لا يكتفى الهلاك فيه على الفرد المفطر والمجاهر فقط، بل يمتد التأثير السلبي إلى سائر المجتمع الإسلامي وتشويه صورته وهيئته الدينية في شهر رمضان.
وهذا أمر يستوجب عدداً من الإجراءات العملية حتى لا يؤخذ المجتمع بذنب المجاهر بالمعصية والتي منها:
1- زيادة الجرعات الدعوية للعلماء والدعاة فيما يتعلق بالمجاهرة بالمعاصي وأثر ذلك على الفرد والمجتمع، وألا يقتصر الأمر على المنابر الدعوية التي تخاطب من هم مقبلون على الدين في الأساس، بل يمتد الأمر للمنابر التي تخاطب القسم الآخر والذي ينتمي إليه المجاهر بالمعصية.
2- المطاعم التي توفر الطعام لمن يجاهر بمعصية مرتبطة بعبادة من العبادات المعنية بمظهر المجتمع وتماسكه وقوته والتي وجدنا أثرها في نصر العاشر من رمضان، تحتاج إلى الدعوة أولاً ثم إلى تدابير شرعية يصدرها ولي الأمر تضبط المجاهرة بالإفطار في شهر رمضان، وتراعى معها احتياجات النصارى من الطعام.
3- إذا كانت الحكومة تفرض غرامة فورية على المدخن بوسائل المواصلات، أو المخالف بمترو الأنفاق من أجل الحفاظ على هيئة المترو ومظهره العام، فما المانع من تطبيق غرامات فورية على المجاهر بالإفطار في رمضان وذلك بتحصيل غرامة فورية تحصل لصالح إطعام فقراء المسلمين في مصر؟.
أحسب أن الموضوع معقد ويحتاج إلى معالجات دعوية وتربوية وتشريعية وذلك حتى لا يؤخذ المجتمع بذنب المجاهر بمعصية الإفطار في رمضان هداه الله، ورزقنا جميعاً عفو ربنا ومغفرته في هذا الشهر المبارك.
---------
ينشر بالتوازي مع موقع المصريون
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: