نظرية المزج الإيقاعي وأثرها في تطور العروض العربي ما بعد الخليل
بحر الدوبيت نموذجا (4/5)
سليمان أحمد أبو ستة - غزة / فلسطين
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 1572
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
المبحث الثالث: استخدام الدوبيت في الشعر الفارسي
تختلف تسمية هذا البحر عند الفرس باختلاف وزنه، "فإذا كانت المصاريع الأربعة على وزن من الأوزان الأربعة والعشرين المتفرعة من بحر الهزج تسمى (رباعي)، وإذا لم تكن على هذه الأوزان تسمّى (دوبيتي)"(49) . فرباعيّات الخيّام (ت 517 هـ) مثلا تختلف عن دوبيتات بابا طاهر العريان الهمداني (ت 401 هـ). هذا أحد أوزان الأول هو:
مفعول مفاعلن مفاعيلن فع
وأما الثاني فاستخدم الوزن التالي:
مفاعيلن مفاعيلن فعولن
وهو ضرب من الهزج لم يذكره الخليل.
أما شجرة الأخرب والأخرم التي جعلها الفرس حاملة لكل صور هذا البحر فسنعرضها أدناه، علما بأن الشواهد المذكورة فيها ستبقى بالفارسية بلا ترجمة، ولن يهمّ ذلك لأنّا لن نحتاج إلا لمعرفة أنواع المقاطع اللفظية فقط. ويبدو أن خانلري قام بنقلها من كتاب المعجم لشمس قيس الرازي (المتوفى نحو 630 هـ) وقد ذكر أنها من شجرتي الأخرب والأخرم التي وضعها الإمام حسن القطّان (ت 548 هـ). قسم خانلري كل نسق منها إلى خمسة أركان، بينما آثرنا نحن أن نقسمها كل نسق إلى ثلاثة أجزاء لتسهيل المقارنة بالدوبيت العربي. وأما اختيار خانلري التعبير عن أوزانها باستخدام المقطع اللغوي، فقد اتّبع في ذلك طريقة المستشرقين، ومع ذلك نرى أن في هذا الرأي بالنسبة للعروض الفارسي قدرا من الصواب. وهو ما يحفزنا على مجاراته لأن استخدام الوحدات السبب وتدية قد يكون غير مجد في حالة عروض لا يكاد أصحابه يحسّون بما في العروض العربي من إيقاع دقيق يصعب التعبير عنه إلا باعتماد الوحدات السبب وتدية، ولا تلعب المقاطع اللغوية فيه إلا أدوارا ثانوية لتقريب هذا الإيقاع إلى الأذهان فقط.
الدوبيت الفارسي
1- ـــ ـــ ـــ ـــ | ب ـــ ب ـــ | ـــ ـــ ـــ
[س][س][س][س] س س و [س][س][س]
تــاهـشــــــيارم طرب زمن نبـــها نست
2- ـــ ـــ ـــ ـــ | ب ـــ ب ـــ | ـــ ب ب ـــ
[س][س][س][س] س س و [س](س)[س]
عمرت تـاكـي بخـــــود برســتي كــــذرد
3- ـــ ـــ ب ب ـــ | ب ـــ ب ـــ | ـــ ـــ ـــ
[س][س](س)[س] س س و [س][س][س]
راز از همه ناكســـان نهــان بايــــد داشت
4- ـــ ـــ ب ب ـــ | ب ـــ ب ـــ | ـــ ب ب ـــ
[س][س](س)[س] س س و [س](س)[س]
هـنـكـــام سبيده دم خــــــروس ســـــــحــــري
5- ـــ ـــ ـــ ـــ | ـــ ب ب ـــ | ـــ ـــ ـــ
[س][س][س][س] س س و [س][س][س]
تا بــتـــوانـــــي خدمت برنـــد ان ميكن
6- ـــ ـــ ب ب ـــ | ـــ ب ب ـــ | ـــ ـــ ـــ
[س][س](س)[س] س س و [س][س][س]
شـيخي بــــزنــي فـــاحــشـه كـفتـــا مســـتى
7- ـــ ـــ ب ب ـــ | ـــ ب ب ـــ | ـــ ب ب ـــ
[س][س](س)[س] س س و [س](س)[س]
مى خور جـــوندانى ز كجـــــــا آمــــــده اى
8- ـــ ـــ ـــ ـــ | ـــ ب ب ـــ | ـــ ب ب ـــ
[س][س][س][س] س س و [س](س)[س]
خــاقـــانى را طـــعنه زنـــى جـــون دم تيــغ
9- ـــ ـــ ب ب ـــ | ـــ ـــ ـــ | ـــ ب ب ـــ
[س][س](س)[س] س س و [س](س)[س]
كفـتــم كـــه سر انــجـــامــــت معلوم نشــــد
10- ـــ ـــ ب ب ـــ | ـــ ـــ ـــ | ـــ ـــ ـــ
[س][س](س)[س] س س و [س][س][س]
كفتم كه سر انجامت معــــلومــم شـــد
12- ـــ ـــ ـــ ـــ | ـــ ـــ ـــ | ـــ ب ب ـــ
[س][س][س][س] س س و [س](س)[س]
با يارم مى كــفتم در خشـــــم مـــرو
قال خانلري تعقيبا على هذا الجدول(50): "أما الأوجه الاثنا عشر الأخرى التي ذكروها في الشجرتين فهي نفسها الأنواع السابقة مع فارق، وهو زيادة حرف صامت في آخر كل نوع من هذه الأنواع".
أي أن المصراع ينتهي بساكنين، أي بمقطع مديد لا رمز له في التقطيع الغربي، ثم يقول:
"وكثيرا ما تستعمل الثمانية أوجه الأولى التي ذكرت هنا، والثمانية أوجه الأخرى التي تحدث بزيادة صامت إلى آخرها في الرباعيات. والأربعة وجوه الأخيرة نادرة وقليلة الإستعمال، مع الأربعة وجوه المناظرة لها".
وهكذا يقلص خانلري شجرتي الإمام حسن القطان إلى ستة عشر وجها بدلا من الأربعة والعشرين. فإذا عرفنا أن مسألة المصاريع التي تنتهي بساكنين أي بمقطع مديد هي مسألة متعلقة بالقافية وليس للوزن بها علاقة، وجدنا أن التغييرات الحقيقية في الوزن لا تتعدى ثمانية أوجه.
هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى دعنا نتعرف على سبب ندرة تلك الأوجه الثمانية التي ذكرها خانلري، والتي تمثلها الأنساق: 9 ، 10 ، 11 ، 12، مضافا إليها أرقام الوجوه المناظرة لها، والمنتهية بمقاطع مديدة، لنجدها جميعا تماثل النسق العربي في حالة قطع وتد جزئه الرجزي، وهي حالة مرفوضة فيه لأن القطع لا يكون للأوتاد في الحشو وإنما في الضرب فقط.
ويستطرد خانلري في التعقيب على جدوله، قائلا:
"والمسألة الجديرة بالملاحظة هي أن الركنين الأول والرابع في أي وجه من الوجوه السابقة لا يقبلان التغيير، وتتغير الأركان: الثاني والثالث والخامس فقط".
إن الركن الأول عنده يقع في بداية المجوعة الخببية الأولى للنسق عندنا، وهو يقبل الزحاف في الدوبيت العربي. وأما نحن فلدينا الشواهد التي جمعها الدكتور عمر خلوف، فهو إن لم يجد شاهدا على نسق منها بادر إلى صنعه، وهو إجراء مقبول ما دام لم يتعارض ذلك الصنع مع طبيعة الزحاف المقبول عند العرب.
وأما الركن الثاني في قول خانلري هذا، فيقع عندنا على وتد الجزء الرجزي، وهذا كما هو معروف لا يحتمل الزحاف إلا في الضرب فقط.
***************************************************************
الإحالات:
********
49- السماع عند الفرس والعرب ص 264 وما بعدها
50- أوزان الشعر الفارسي ص 279.
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: