رشيد السيد أحمد - سوريا
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 8545
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
تنتصر مصر على نظامها.. هناك شعب راكم خبرته، و خرج إلى الشارع، و هناك شباب حملوا همّ، و مطالب شعبهم و حملوا أرواحهم على راحاتهم، و خرجوا.. و هؤلاء لم يصنع الإعلام ثورتهم، كما لم تصنعها صور اليوتوب المنقولة عن الخيليويات، هؤلاء هم من صنع الثورة.. كان الوعي قد بلغ مداه، و كانت التربة مهيأة لتقبّل هذه البذرة.. كان المثقفون يعملون بدأب، و يحفرون بأظافرهم قبر النظام، و أولئك لم يكونوا أبناء النجوع، و القرى.. أولئك كانوا شباب لم يقهرهم الوضع الاقتصادي..كما أنّهم لم يكونوا من خارج مصر ، و لم يتحدث عنهم معارض خارجي، و لم تجمّعهم جماعات الحقوق المدنيّة، كما لم تركب على ظهر ثورتهم هذه الجماعات، و أولئك لم يكونوا ينتظرون فتاوى القرضاوي لأنّهم عندما كانوا ينظمّون تجمعاتهم على الفيس بوك.. كان القرضاوي في حضن زوجته ينتظر صلاة الفجر ليقرأ فاتحة على أرواح شهداء المسلمين بالعبريّة الفصحى..
نعم يستطيع صدر الدين البيانوني أن يحلم بالعودة إلى سوريا ، و لكن ليس على ظهر ثورة يصنعها الشعب السوري.. او تصنعها صور ملفّقة أخذت من ظهور المتظاهرين ( هنا نفرق بين ظهر، و ظهور )..أو صورة تمّ فبركتها بين مجموعة من الشباب الموتورين من النظام، و بطشه، فصنعوا قصة اعتقال متظاهرة.. المشكلة في أن الثورة في سوريا لن تقوم لأنّ " موقع فيلكا " هو الذي رسم مخطط هذه الثورة، و التي اكتشفها المواطن السوري بعيدا عن عيون النظام الذي تزخر عاصمته بمراكز البحث الاستراتيجي، و التي عميت عنه، و التي يخرج محللوها ليملئوا الفضاءات بحثا.. و تنظيرا في كلّ قضايا العالم إلاّ قضايا سوريّا..نعم لقد حلم البيانوني بالعودة إلى سوريّا سنة 2005 عندما كان في وكر وليد جنبلاط في لبنان مع عبد الحليم خدّام، و مبعوثي رفعت الأسد ( الذي كان يصلّي إلى جانب العائلة المالكة السعوديّة في عيد ذلك العام ).. يومها كان من يتصدر المعارضة الإخوانيّة في الخارج جرذ مخابرات يتآمر مع فاسدي النظام على امن وطنه، و شعبه راكبا الموجة الأمريكية في إسقاط النظام ( أصبحت أمريكا ضرورة عالميّة عند الاخونجي القرضاوي لنصرة الثورات العربيّة )..طبعا المخطط المخابراتي لا يصنع ثورة.. بل يصنع انقلابا مسلحا لا يهم فيه من كان مع السيد البيانوني في ذلك الوقت من اجل الجلوس على الكرسي في سوريا أن يحرق الأخضر، و اليابس..طبعا يستطيع أن يقول : إنّ الإعلام السوري يلفق مظاهرات التأييد التي تهتف لبشار الاسد، و لكنها مقولة العاجز.. هو يعرف بينه و بين نفسه أنّ المخطط الذي تمّ وضعه في عام 2008 ( كان قد خرج عن إتلافه مع المارقين السوريين على خلفية وقوف سوريا مع المقاومة في غزّة ) قد بدأ يتداعى.. ربما كان يعتقد السيد البيانوني ( لم يعد مراقبا عاما ) أنّ هذا هو الشعب ذاته التي كانت عصابات حركته المسلحة تقتل السوريين فيه على الهويّة الطائفيّة...البيانوني أيضا كان ذكيّا هو باع دماء أولئك الشباب الذين تمّ إعدادهم في أروقة المخابرات العراقيّة، و الأردنيّة.. عندما تبرأ منهم على قناة الحوار
نعم، و يستطيع المواطن السوري أن يعتمد في قراءة ما يجري حوله بناءا على حدسه النبيل الذي طوّره بمتابعة الإعلام الخارجي.. لأنّ إعلامه كان نائما في كهفه المسحور، يحرسه سابعهم..و أزمة سوريا ظهرت الآن لأنّ إعلامها.. كان إعلاما مدجّنا لم يواكب تطوّر شعبه الذي تركه نهبى للإعلام الخارجي يحاول أن يفعل فيه ما يفعل.. حتى وصل الاستهزاء بعقول الشعب أن يقول مذيعوه " ذكرت وكالة الأنباء الفلانيّة أنّ مسئولا سوريّا قال كذا ".. و الآن، و على مدى فترة الأزمة التي تعيشها سوريا ، ما زال عاجزا عن نقل صورة واحدة عمّا يحدث في الشارع.. و الشارع يحترق و المذيع يلقي النفايات من فمه مبتسما، و يضيف : ( الشعب السوري، و سوريّا بخير )..و لا أدري لماذا لا يخرج الشعب السوري الذي يؤيّد الرئيس دون شهادة هذا الإعلام ( بخوزقة وزير الإعلام، و المدراء العامّون لوزارته )..
صورة الأحداث في سوريا جعلت قناة الدنيا تتصدر الجلسات السوريّة .. هذه القناة تقدمت على الإعلام الرسمي بمسافة إخباريّة تقاس بالسنوات الضوئية.. هنا اعتمد شبابها على تحليل الصور ( التي التقطتها أجهزة الخليوي، و التي بثت على قنوات إخبارية أخرى )، الأخرى.. فتحوّلت إلى غرفة عمليات تنقل نبض الشارع، و توجّه، و تنقل الأحداث من فم المواطن، و هنا تراجعت قناة الجزيرة من تصنيف أولويات المشاهد السوري، و انطفأ زخمها... فأصبحت الجزيرة تورد أخبارها بناءا على شهود عيان لم يذكروا أسماؤهم..هنا أيضا اكتشفت قناة الجزيرة أنّ وعي المواطن السوري يختلف كثيرا عن وعي المواطن الليبي.. و تراجعت أخبارها عن الأزمة السوريّة إلى مرتبة ثالثة أو رابعة.. و هذا يعني أنّ الشعب السوري بدا يفرز الأخبار، و يحلّلها بما فيها الإعلام الرسمي، و صورة الأحداث أظهرت أن الشعب السوري بدأ يتداول اسم بندر بن سلطان بالترافق مع اسم القرضاوي..، و هذا يعني أنّ الشعب السوري بدأ يعي تماما حجم المخطط..و صورة الأحداث تظهر أن هناك لجان شعبيّة محترمة ( هذه لجان تعمل لصالح سوريا ) تقدمت على دور الأمن، و عناصره عندما دخل المخطط دوره الثاني في حمص، و اللاذقيّة..و القائم على عمليّة خلق فتنة بين مناطق التماس الطائفيّة ليل السبت، فجر الأحد، و صورة الأحداث أظهرت فشل المخطط في الاعتماد على المكون الكردي في حلب عندما تحوّل عيد النيروز إلى عرس شعبي، و هذا المكون عرف تماما حجم المخطط، و عرف أن دماء شبابه لن تكون جسرا لعبور الفتنة إلى سوريا، و حلب كانت بعيدة تماما عمّا تم طبخه في غرف الموساد العربيّة. و الصهيونيّة..و أظهرت صورة الأحداث عمق الوادي الذي تصرخ به المعارضة الداخليّة ( و هذه أحترم، و أقدّر ) لأنّها كانت بعيدة تماما بسبب عزلها، و عسف النظام عليها، و هؤلاء يحفظ لهم الشعب الثمن الذي دفعوه، و قد أثبتت ثورة مصر انّه حتى الحركات المعارضة التي كانت تتمتع بهامش الحريّة، و العمل لا يمكن أن تركب على ظهر الثورة، و كما أنّه يجب على الحكّام العرب أن يحفظوا درس ثورتي مصر، و تونس.. فإن على المعارضات الداخليّة أن تحفظ درس هاتين الثورتين أيضا.. و الصراخ على القنوات الفضائيّة الأخرى ستساهم في زيادة عزلهم، و قد بدأت تحترق ورقة هيثم المالح التي استطاع أن يحافظ عيها طول فترة اعتقاله، و في جوّ الأزمة، و ليس الثورة تحترق الأوراق التي تغرّد خارج سوريّا، و إلاّ فإنّهم لم يعرفوا حقيقة شعبهم الذي يعارضون عنه تماما، و لأنّه من اجل سوريّة .. فأنا أقول لناشطي حقوقنا نحن السوريين من مختلف التسميات أن ينزلوا إلى شوارع المحافظات السوريّة ليتعرفّوا تماما على نبض هذا الشارع، فالأكاذيب لا تصنع ثورة، و لا تخلق تجمّعات في الساحات العّامة تعتمد على صور ملفّقة، أو مركّبة..و أظنّ أن سياق الأحداث قد أظهر لهم عمّا أتحدث، و لأنّه من اجل سوريّا فأنا أنصح من يساند شعبنا، و ثورته في الخارج ألاّ يظهروا على واجهة تجمعاتهم صهاينة يعرفهم من هناك من أبناء الجاليات
صورة الأحداث في سوريا أظهرت أيضا معدن هذا الشعب الذي يستطيع أن يفتخر به أي إنسان ، و لأنّه من اجل سوريا فأنا أقول لرئيس هذا الشعب :
- ليس عيبا أن تستجيب مباشرة لمطالب الشعب، و على خلفيّة أحداث، أو حركات احتجاجيّة..فهذا منطق الأمور إذا كنت فعلا قريبا من هذا الشعب، و هذا منطق الشجاعة.. و من الأفضل ألاّ تشرك ( اسم القيادة القطريّة ) فيما تتخذ من قرارات لأنّك الآن أمام شعبك مباشرة ، و هو يعرف تماما أنّك أنت من يتخذ القرارات، و لا تستمع إلى أي مستشار يحاول أن يتحدث معك بغير ما يتحدث به قلبك
- ليس عيبا أن يتحمل رئيس أخطاء رجال أمن نظامه، و أن يتحمل دماء هذه الأخطاء..هذا دليل على صحة صورة شخصيته التي تصنع حوله هذه المحبّة، و هذه شجاعة أيضا..
- اخرج إلى شوارع بلدك، و تلمّس النبض، و قم بتهدأت النفوس، و أنا اضمن سلامتك، و الملايين أيضا، و لتبدأ بدرعا.. فهذا شعب طيب..واعي، و كريم، و عملية وأد الفتنة بدأت من هناك..
- اسحب فتيل المؤامرة بالتنفيذ المباشر لما قررته، و لا تنتظر أي لجان.. فسوريّا يجب ألاّ تدخل في حلقة الفتنة.. و قد كان أمامك فترة شهرين بين قيام الثورة المصريّة، و حركة الاحتجاجات التي دخلت عليها مخططات الصهاينة، و بندر بن سلطان، و القرضاوي، و تيّار المستقبل..
- أثبتت الأحداث أنّ فروع الأمن التي تنتشر في طول البلاد، و عرضها لم تستطع أن تفرد عضلاتها إلاّ على هذا المواطن البسيط الذي يحبّك، و يتأمل منك خيرا، و أنّها تحولت إلى معطّل للدور المدني، تتدخل في كل شاردة..و واردة من دوام الموظف إلى سرقة المدير العام.. و من الأفضل أن يتمّ دمجها في فرع، او فرعين، و أن تستلمها قيادات شابّة تعرف كيف تتعامل مع تقنيات العصر، و أن يكون دورها فعلا حماية امن سوريّا..
- ليست حلب، و دمشق فقط هما محركتا الاقتصاد السوري، و ليس التجّار، و المقاولون، السياحة فقط هم من يدخل المال إلى سوريّا..لقد ضربت الخطط الاقتصادية كل سوريا .. و أفقرت المدن الإقليميّة التي تعتمد على الزراعة، و جعلتها الخطط الزراعيّة التي يقوم بها فاسدون على هامش الفقر من القامشلي إلى السويداء.. و تمّ ضرب المشاريع الصناعيّة بقرارات تصلح لكلّ بلد إلاّ سوريّا..
- لقد جاءتك الفرصة على طبق من ذهب لتنقلب على كل إرثك الذي لم تشارك في صنعه، و لتقطع جميع رؤوس الفساد، و المترهلين الذين لم تختارهم أنت، أو الذين اخترتهم، و خذلوك بمحسوبياتهم، و فسادهم، و يساعدك في ذلك وعي هذا الشعب الذي لن اجزم أنّ 99 % هم معك، و لكن النسبة المرتفعة التي هي معك..كما يساعدك دور سوريّا المتقدّم الذي يدعم حركات المقاومة، و هذا رصيد كبير لا يحاولنّ احد أن يقلّل من أهميته .. و هي قرارات تتخذها بالسرعة الممكنة ليجتمع نجاح الدور الخارجي الذي تقوم به سوريّا، مع الدور الداخلي، و أنت تلمست الطريق تماما..
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: