رشيد السيد احمد - سوريا
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 8541
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
لم يكن لشريط الفيديو الذي سربته الجزيرة عن البازار الذي تمّ بين مذيعها السعودي علي الظفيري، و بين محلّلها الاستراتيجي عزمي بشارة، و الذي أظهر الأخير، و كأنّه بائع في سوق الجمعة.. هو الذي جعلني اكتب الآن.. كان هناك شرخا كبيرا قد حدث بيننا منذ أن تبنى الإعلام السوري، هذه الشخصيّة المثيرة للجدل، ثمّ أطلق عليها بطريقته البائسة في تعظيم الأقزام لقب ( المفكر العربي ).. و طالما أنّه هذا الإعلام، فإنّه عليك أن تضع هنا ألف إشارة استفهام، و أنت ترى كيف يتم زرع إحدى الخلايا النائمة في الجسد العربي.. سيّما، و أنّ هذا الإعلام كان قد سوّق من قبل بأكثر من هذا التهويل لـ " كوهين " أشهر جواسيس الكيان الصهيوني في ستينيات القرن العشرين..
و منذ عام 1996 سنة تمثيلية الهروب من دولة الكيان.. كنت كلما استمعت إليه.. أرى وجهة النظر الصهيونيّة ماثلة أمامي.. و حتى أيار 2009 عندما اخرج الكاتب، و الإعلامي يحيى أبو زكريا مقالاته حول " تفكيك نصوص عزمي بشارة، و وضعها في سياقها الطبيعي "، و التي كانت ردّا على ما يسمى ( عروبة هذا المفكّر ) بتقطيع نمطيتها التي بدأت تأخذها، و إعادتها بكل بساطة إلى شكلها ( الصهيوني البكر ).. رغم أنّ عزمي بشارة كان يومها في حضن ( قناة المنار )..و كان أبو زكريا يقدّم استقالته مجبرا من " قناة القدس ".. كانت الصورة قد طفت على السطح، و كان لدى أبو زكريا في مقالاته اضائتين تلخصان ماهيّة عزمي بشارة، فتنزعان عنه هالة " العروبة " : في ( إصراره في كتاب استقالته من الكنيست على انّه كان يمثل المواطنين عامّة، و العرب خاصّة.. أي الصهيوني في احد جوانب هذا التمثيل ).. و في ( إصراره على الاحتفاظ بجنسيته الصهيونيّة النجسة، حيث احتفظ بجواز سفره الصهيوني.. مع راتب تقاعدي ).. و ببساطة شديدة كانت مقولة أبو زكريا تركّز على أنّ لسان حال عزمي بشارة يزرع في وجدان الفلسطينيين دائما متناقضين يعتمد فيهما على " لكن " على شاكلة : ( يجب أن يكون للاجئين دور تحريري - لكن - الفلسطينيين في الداخل لا يمكن أن يحرّروا فلسطين ( ، أو أن يزرع ذلك في وجدان من يقول بحتمية زوال الكيان الصهيوني على شاكلة ( إنّ الدولة العبرية قد تزول – لكن - إسرائيل دولة قوية وذات مؤسسات، و هي نجحت إلى أبعد مدي في إقامة كيان اقتصادي , والطبقة الوسطى فيها انتعشت ).. أقول، و حتى هذا التاريخ.. كان عزمي بشارة قد ترسخ في وجداني على أنّه جاسوس صهيوني.. قبلته سوريّا على غباء منها، و احتضنته قطر عن سابق إصرار للحظة مناسبة..
و بمصادرة كاملة لمجرّد نقد مقاربات عزمي بشارة للثورات العربيّة يبدأ إبراهيم الأمين مقالته المسماة (عن عزمي بشارة ).. " ليس هكذا... يعامل ".. و بذات المصادرة ينهي هذه المقالة.. " و هو ليس في الموقع الذي يحق لملوثين بأشياء قذرة أن يرشقوه بحجر ".. و بينهما، استعمل إبراهيم الأمين أسلوب الإعلام السوري الذي روّج لقدسيّة هذه الخليّة الصهيونيّة.. و في الحديث عنه ( كمفكّر معصوم ) خلط فكر ابن رشد بأبعاد حسّ عزمي بشارة الإسلامي – العربي.. ( رغم مسيحيته الصهيونية ).. و بمنطق التبرير العاجز في الدفاع عن عاجز.. كان إبراهيم الأمين يدافع عن الذي تحدث عن ثورة مصر ( بشكل معجز )، و صمت كصمت القبور عمّا يجري في البحرين.. لينعطف على موقفه ممّا يجري في سوريّة.. تبريرا يحاول أن يمسح به مشهد البازار إيّاه، و الذي تمّ تحت الهواء في الجزيرة، و علي الظفيري يضع يده على صدره، و يقول له ( بيّض صفحة الجزيرة ).. ثم ليبرّر الإشكالية التي وقع فيها لتحليله الواقع الليبي، و هو عاجز عن توصيف المشهد الأطلسي الذي تدك صواريخه ليبيا.. من شرقها.. لغربها.. دون أن يشير، و لو بإشارة بسيطة إلى الكمّ الهائل من نفايات التناقض التي يحفل بها خطاب عزمي بشارة منذ أن تمّ تطويبه مفكرا عربيّا.. و دون أن يفسّر كيف يتشظّى فكر عزمي بشارة في مقارباته للثورات العربيّة في حين أنّ بديهيّة " وحدة الفكر " تقضي عدم ذلك، و كيف يقوم بحماية تلفيق الخطاب المتناقض الذي يسوّقه عزمي بشارة عن هذه الثورات.. بفرضيته المُصادِرة ( ليس هكذا يعامل )
أن يرثي إبراهيم الأمين نفسه من خلال عزمي بشارة.. فهو يعطيك صورة واضحة عن شعرة معاوية التي تربط بين الاثنين.. فكلاهما يعملان في وسيلة إعلامية بنت شهرتها على دماء المقاومين التي كانت حاضنتهم سوريا.. في حين كان الإعلام في كلّ الدنيا بما فيه العربي ضد هذه الدماء، و كلاهما يحمل في خطابه نصّا مضادا لمقولة نصّه ذاتها.. و كلّ منهم تناول القضيّة الليبيّة من وجهة نظر البازار القطري، و كلاهما انقلبا على سوريّة بصورة مفاجئة للمتابع، و كلاهما يسوقّان نفايتهما الفكرية.. بالاستعلاء الفكري، و مصادرة الرأي الآخر.. و عزمي صهيوني، و الأمين شيوعي يساري..و ما يتبناه الأوّل من خطاب صهيوني..دولته إلى زوال حتمي، و بالتالي أفكارها المؤسسة، و ما يتبناه الثاني بضاعة لم تعد تصرف في هذا الجدال الكوني بين تدجين الخطر الإسلامي، و مهادنة الخطر الغربي، و كلاهما بكى أسامة بن لادن بفجائعيّة أثارت استغراب من يعرف منظومتهما الفكريّة.. و كلاهما أخفق في تحليل سيرورة ما يسمى " ثورات عربيّة " لم تظهر تداعياتها على المواطن العادي الذي قام بها بعد، و إن كانت تبشّر بتقسيم ليبيا، و اليمن بشكل واضح، أو تلتّف بثورة مضادة على تونس، و مصر.. و في الواقع فإنهما بتفاهات تحليلهما، و مقارباتهم.. يحاولان التضليل على عجزهما في فهم واقع هذه الثورات، و آليات حدوثها التي لم تقم بناءا على دراسات مراكز بحوث إستراتيجية ، أو ايديلوجيات ( كما تظهر إلى الآن ).. بل قام بها ذلك المواطن العادي، و المآل الذي ستصل إليه في مستقبلهما..و بالتالي فإنّ نص الاثنان يصبح غير مقدّس، و يمكن رشقهما بحجر، و ملوّث أيضا...
أزمة جريدة الأخبار.. بسطها جان عزيز الذي هو أحد كتابها المهمّين..، و بكل سطحية تحدث عن سقطتها في التغطية لما يجري في سوريا ( كان النظام قد منع دخول الجريدة إلى سوريا منذ بداية الأحداث، فتم حرمانها من أحد بلدي انتشارها بقرار بدا تعسفيّا في البداية ) "1 ".. و بدوره أيضا كان يعمّم في وصف المشهد : ( حتى ثوانيه الأخيرة، ظل جوزف سماحة " صاحب الأخبار " يتندّر بقصة مالكي وسائل الإعلام، الذين كلما واجهتهم "حقيقة غير صالحة للنشر" تساءلوا متنصلين : هل نقاربها مهنياً، أم قومياً ؟ هذا ما لم تفعله على ما يبدو " الأخبار"، وهذا ما أشكل على بعض " المقاربين " من كلا طرفي " المهنية "، أو " القومية " )، و في الواقع فإنّ إبراهيم الأمين، و طاقم جريدة الأخبار لم يقاربوا وضع سوريّا إن مهنيا.. أو قوميّا..على الإطلاق بل سارعوا إلى نشر ما تزوّره قناة الجزيرة، و وكالة رويترز.. دون أن يستبينوا لون الخيط، و الأزمة التي كانت في بداياتها، لم تبلور شكلها بعد..و الآن هل يحقّ لنا أن نطرح تساؤلنا عن كيفية حدوث هذا الانقلاب.. و أن نطرح سؤال طرحه ذات الجان عزيز على ناشر جريدة الأخبار في برنامج ( بين السطور )..من أين يتم تمويل جريدة الأخبار الناشئة، و التي تحافظ على وجودها بمرتبات موظفيها الخيالية.. مع ظهور أزمة الصحافة ؟؟..ربما نحن بحاجة لويكيليكس لتفسير فزّورة ناشر الجريدة في شأن التمويل.. أم تكفينا ( بيّض صفحة الجريدة ) لنفهم...
1 – في اعتقادي انّه وصلت للنظام السوري رسالة تفيد أنّ الأخبار غيّرت موقعها بالنسبة لما سيجري من أحداث في سوريا..إذ من غير الممكن منع مثل هذه الجريدة التي كانت تقرأ قبل الجرائد السوريّة من اجل مقالة كتبها أحد محرريها في بداية الأحداث ضد النظام..و التي معظم من بها يحوقل، و يبسمل باسم العروبة، و المقاومة..
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: