رشيد السيد احمد - سوريا
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 7395
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
احتكر الفن السوري عبر ما يسمى ( الدراما التلفزيونيّة ) .. إبداعا حصريّا ؟! على شاشاته الوطنيّة من خلال شركات إنتاجه الخاص ( الفنتازيا – التاريخيّة )، و يأخذ هذا المفهوم هنا كما يحبّ علاّكو النقد الفني أن يسوقوا له معنى تَجليطيّا هو ( الحدّوته التاريخيّة )، و لكنّه تاريخ خارج الزمان، و المكان، و المعقول .. بحيث انّك تستطيع أن تشاهد الممثلين في مضارب ( الجوارح ) مثلا، و قد اجتمعوا على مائدة تحوي إناء حافل بأنواع من الفواكه الاستوائيّة لا يعرف حتى المشاهد السوري أسمائها ..كما انّك تستطيع أن تسمع أسماء أبطال هذه الدراما على صيغة مبالغة اسم الفاعل، و أسماء قبائل، و عشائر ما انزل الله بها من سلطان .. و أن تشاهد كروش الفنانين السوريين، محصورة بلباس غريب يظهر تشوهات سيقانهم، و قد تدخل الفنتازيا في المعقول قليلا، لتثوير حركة هذه الدراما، فتشاهد ( لحدوته شاميّة ) خمس أجزاء ( باب الحارة مثلا ) ، حيث يتداخل علك نسوان الحارة، بفانتازيّته الردحيّة، مع علك قبضاياتها المثوّرين، و عضواتها، و علك ثوّارها، و يستحضر العمل الدرامي الغوطة بصورة فنتازيّة كخلفيّة لأعمال الثوّار، و حيث يصبح لنداء الله اكبر مفعول دعاية المشروب الغازي المعروف ..و بشكل عام فإنّ الدراما على العموم تأخذ شكل اللامعقول بكل أبعاده ، و على المواطن السوري، و العربي ( متابعة أحداث الفنتازيا ) خلال شهر رمضان، بحيث تختلط أحداث الفنتازيا في عقله، و وجدانه، مع بخر الطعام، و بخر كميّة محترمة من التفاهات، فيفطر المواطن، و يتسحّر على تسطيحات هذه الدراما لمشاكله، و أزماته ...
في دراما الثورة السوريّة التي تجاوز عدد حلقات مسلسلها، ما تسمح به فترة شهر رمضان ، تمّ إدخال البعد الفنتازي على سيناريو هذه الثورة، و تحوّلت في بعض مفاصل هذا المسلسل الى فنتازيا دمويّة أخذت في بعض مشاهدها الدراميّة صوراً من أفلام الرعب الأمريكي .. و في هذه الدراما تتداخل تمنيات المؤلفين على الواقع الفعلي المعاش لما يسمى ثورة سوريّة، فيتحذّث البيانوني بفانتازيّة مدهشة عن حجم ( المَحْن الثوري ) الذي يتخيّله في الشارع السوري ( وثائق ويكليكس أقرّت بمساعدات أمريكية لمن هم مثله من أنواع معارضات خارجيّة بمبالغ فنتازيّة )، كما سمّت ( قناة بردى ) بالاسم ، و لذلك فإنّك تستطيع أن تستمع إلى علك فنتازي لهذه القناة، يصدّره على شكل نفايات، معارضون ثورويون يوصّفون الحالة الثوريّة التي يعيش المواطن السوري أحداثها الفنتازيّة ، بحيث تستطيع أن تلمس بشكل فعلي كيف يتحوّل مدخل، و مخرج الجهاز الهضمي للمعارض على شاشتها بسرعة عجيبة، و هو يتحدث عن البلاوي التي يعيش المواطن السوري تداعياتها، و عليه ( يجب أن تطوّر هذه القناة شاشة ثلاثيّة الأبعاد ) ليستطيع من خلالها المواطن المفنتز المشاركة التفاعليّة، بحيث يحمل صرماية يستطيع أن يسدّ احد مخرجي كلام المعارض عندما يتجاوز مرحلة الفنتازيا، و يدخل في مرحلة ما بعد بعد الفنتازيا..
و في دراما الثورة السوريّة، استطاع النظام أن يتقدم بسيناريو فنتازي، مع بعض فكاهة أفلام الإيمينشن ليحرق فيه بعض خطوات مخطط سيناريو الثورة السوريّة التي صنعت معظم حلقاته في الخارج ( حلقات المطالب الشعبيّة تمّ فنتزتها في درعا ) .. فأبطل مفاعيل قانون الطوارئ مما جعل ( مواطنة مفنتزة تعترض على هذا الإلغاء على ظنّ منها أنّ الأمر يتعلق بطوارئ الكهرباء ) .. فتقدمت حلقات الفنتازيا السلفيّة على مشهد المسلسل بشكل فجّ مما افقده متعة التدرج في رفع سقف المطالب .. كلّما تنازل النظام درجة ..و تسارعت الأحداث ( من أراد هذا السيناريو في الخارج سرّع الموضوع لأنّه عرف أن لا فائدة من محاولة إسقاط النظام بأقّل من شهر، و هو يرى أنّ حزيران أصبح على الأبواب، و انّه يجب أن يحصل على تنازلات سوريّة لتغطية انسحاب قوّاته من العراق ) .. و هنا استعار المشهد السلفي ( تحت وطأة انكشاف المؤامرة ) بضع مشاهد من سيناريو سابق تمّ إعداده في مطابخ المخابرات العراقيّة ( أيّام طيب الذكر صدّام حسين )، و المخابرات الأردنية ( أيّام طيب الذكر الحسين بن عبد الله ) في نهاية سبعينات القرن العشرين .. مع إضافة نكهة جديدة على العمليات مستوحاة من فيلم الرعب الأمريكي ( المنشار ) .. فاستنسخ بذلك ذات الصورة الدمويّة التي أفشلت مخططات البيانوني، و ملحقات حزبه، فاستطعنا أن نرى ثوّار فنتازيون يرتدون لباس طالبان، أو لباس أبناء ابن لادن في بانياس ( شيخ الجامع يحمل بارودة آليّة امريكيّة، و يتمنطق بالذخيرة، فوق رداءه الفضفاض )، و استطعنا أن نرى ذات الثوّار يقتلون على الهويّة الطائفيّة .. و مشاهد الفنتازيا البانياسيّة، تمّ نقلها إلى حمص، بعد قمعها هناك .. مع جرعة إضافيّة تمثلت في التنكيل بجثث الأطفال ( أفلام الرعب الأمريكية لا تقبلها ) من الذين ينتمون لغير طائفة ..لزيادة الشحن الفنتازي ببعد لا إنساني يثير الهلع في نفوس السوريين، و لا ما نع لدى مؤلف هذه الفنتازيا من إدخال بعض حالات اغتيال الأشخاص المبدعين الذين ينتمون لغير طائفة .. فيتم قطف العقول، و المواهب ( على الطريقة العراقيّة ) لصالح المشروع الطالباني الذي يتمناه هؤلاء القتلة، دون أن يتخيلوا مشهد الردّ الفنتازي الذي سيقوم به النظام الذي تمرّس في قمع مثل هكذا أعمال شاذّة، و على خلفية ذات السيناريو ..
و في دراما الثورة السوريّة .. فإنّ فنتازيا التفاعل من قبل محافظات راهن عليها سيناريو المؤامرة ( حلب – حماة ) أسقطت في يده .. فتحولت تبليسة الحمصيّة إلى متراس ثوري يقوم بإيقاف السيّارات التي تحمل ( لوحة مرور حلبيّة ) ثمّ ينزل الثوريون الملتحون ركّابها ليقوموا بتجميع ثوري فنتازي ممثلوه حلبييون يقومون تحت تهديد البواريد ( التي تمّ تهريبها من لبنان ) بشتم النظام، و رأسه، كما يقوم بتحطيم سيارات، و وجوه الذين يرفضون ذلك .. الفانتازيا الحلبيّة بالذات ( 5 ملايين مواطن مفنتز مع النظام ) أثارت الصراخ، و التحريض على طول، و عرض القنوات الفضائيّة، و مواقع التفاعل الاجتماعي ، و لكن كمن ينفخ في قربة مقطوعة .. فاستدعى الأمر تهريب سلاح، و مسلحين تمّ القبض على معظمهم، و من استطاع النجاة من ثوّار مدفوعون اجر الثورة تم تبريد هياجهم الثوري بالأحذية الحلبيّة ( لا ادري لماذا يصرّ الحلبيون على هذا السيناريو الفنتازي في الردّ على الثوريين )، و كلّما ابتعدت المحافظات عن مخازن السلاح الثوري، و خطوط إمدادات الثوريين عاشت أفراح عطاءات النظام بشكل فنتازي يثير الغيظ .. كلّ هذا استدعى تشليح الثورة المصنّعة بواسطة الميديا أبعادها الفنتازيّة بتكاتف وعي الشياب السوري، و دعاية النظام التي تتحدث عن وثائق، و تسجيلات صوتيّة ( عليك عزيزي المفنتز السوري أن تربط بين حديث السيد حسن نصر الله عن عمليّة أنصارية، و هذه التسجيلات ) مما سيعطي للمرحلة القادمة صورة فانتازيّة يعدّ حلقاتها نظام ما زال يخطئ الخارج المتآمر في دراسة مواطن قوّته، و ضعفه .. لنرى أن النظام قد خرج أقوى، و اصلب مما كان ..
المشهد السوري بعاصمته ( الأموية ) يستدعى ( بالعقل الجمعي السوري ) السيناريوهات الفنتازية التي ابتكرها خلفاء بني أميّة في قمع شغب الثائرين .. فيجعلني أتذكر المشهد البانورامي لخطبة الحجاج أبن يوسف الثقفي في أهل العراق، و قد حملت أبعاد مفرداتها من فنتازيا صادمة ما لم يخطر على بال شياطين الأنس، و الجنّ .. فأبلس الثوار، و خرست ألسنة رؤؤس الفتنة : إني لأرى رؤوسا أينعت، و قد حان قطافها، و إنّي لصاحبها، و إنّي لأرى الدماء ترقرق بين العمائم، و اللحى ..
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: