رشيد السيد احمد - سوريا
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 7002
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
صار بإمكانك الآن أن تعلن كفرك بكل مفردات العهر الديمقراطي التي يروّج لها بهذا الوطن ..حيث أنّ هناك كاذبون يريدون تثويره بالإكراه ، و أن تنفض يديك تماما من كلّ ماله علاقة بديمقراطية، أو من يُدَمقرطون ..و أن تقتنع تماما انّه لا يمكن أن تصنع حريّة من خارج أفكار النظام الذي مازال ممسكا بكل شيء من ألف سوريّا إلى يائها .. لأنّك لن تستطيع بالواقع أن تفسّر تصريح فكتوريا لولاند بأنّ السفارة الامريكية بدمشق تستقبل بعضهم .. و هي تقصد بذلك الذين اجتمعوا في ( اللقاء التشاوري ) للمعارضين، و المثقفين السوريين ( لدعم الانتفاضة السلميّة ) ..
القرف، و الاشمئزاز، هو الذي ينتابك أولا، و أنت تقرأ عنوانا لاجتماع يؤكد من اخترعوه انّهم اكبر دجالين في تاريخ الديمقراطيّة .. تشعر بالغثيان أكثر عندما يخرج من صالة الروابي في فندق " سمير اميس " شيخ ثمانيني ( أظنّه شوقي بغدادي ) يبرر سبب خروجه من هذا الاجتماع النشاز : إنّ ساعتين قضيتهما في الداخل، و ما زال المؤتمرون خلالهما يرددون نفس الكلام، و إنّ العمر لم يعد يساعد ( يقصد على سماع المزيد من العَلك الديمقراطي ) .. أصبح العمر مشكلة ديمقراطيّة أيضا...علينا إذا أن نأخذ أمراضا مزمنة .. كالضغط، و السكري، و التهاب البروتستات، و الأمراض النفسيّة الناتجة عن الهرم بعين اعتبار الظاهرة الديمقراطية التشاوريّة التي عاشتها سورية في ذلك اليوم الكئيب .. و لا أدري لماذا لم يسموه مؤتمر( عودة الشيخ إلى صباه ) .. تذكرك وجوه الغالبية من العجائز المؤتمرين مباشرة بأوابد اللجنة المكلفة إعداد برنامج الحوار الوطني ..
ثمّ تتابع باقي الوجوه التي توافدت ..غالبية المؤتمرين من رجال، و نساء كان الزمان قد أكل عليهم، و شرب .. و بعضهم حال صباغ شعره، و بدا لدى البعض صباغ لون الشوارب أكثر سوادا .. ماكياج بعض المتصابيات المعارضات لم يخف خطوط السنين، و البعض دخل ببروفيل المفكّر ( رؤوس لم ترى مقص الحلاق منذ سنين ).. تطمئنك بعض الصدور، و الزنود العارية لبعضهّن، فتعرف أنّ الاجتماع ليس اسلامويّا رغم وجود ( جودت سعيد ) الذي عينه على صندوق الاقتراع ..يَعبر ( ميشيل كيلو ) ببدانته مسرعا تتبعه قطيطة سمراء في مقتبل العمر تحمل ملزمة أوراق ( لزوم الأبّهة الإعلامية ) .. يلقي الديمقراطي المعارض الذي يكتب لصحيفة لبنانية بعض النفايات " لا يوجد عصابات مسلحة " .. يدعم بها مقولةً أُثبتت كذبتها، و هي " القبضة الأمنية السوريّة " .. و بكل قذارة، و نرجسية المثقف الفارغ يدوس على دموع أهالي شهداء الجيش، و عناصر الأمن .. ويمسح عبء مجزرة جسر الشغور عن كاهل المتآمرين ..
يبدو الانشغال على مذيع المؤتمر ( لؤي حسين ) ..لا أدري لماذا أحسّه مدسوسا من مخابرات النظام ؟؟..هذا معارض يرفض كل التجييش الإعلامي، و يستنكر تجييش الجزيرة مع تجييش الإعلام المحلّي .. يتبجح كثيرا بالدولة المدنية الديمقراطيّة .. و يطالب بإسقاط النظام ( دليل على عماه الاستراتيجي، أو دليل آخر على عمالته للنظام ) ..و استغرب تماما لماذا لم يبدأ مؤتمره بالتكبير بحسب الوصفة ( العرعورية ) ليثبت أنّه معارض .. ثمّ ليمر بكل صفاقة على ذكر الشهداء .. يتذكر دماء شهداء الحريّة .. و يحاول أن يركب على دماء شباب استشهدوا، و لم يسمعوا باسمه .. شباب ساقهم قدرهم للموت بيد عصابات مسلحة .. أو بيد رجال امن .. و كانوا وقودا لمؤامرة ظالمة أعدت في ليل لتمزيق سوريا ..و خرجوا ظنّا منهم أنّ هناك ربيعا يمرّ بسوريّا ..
و يعرّف الإعلام هؤلاء الأشخاص بمثقفين معارضين، و مستقلين .. و البعض ممن تحايل على مشكلة شعْره يصرّ على أنّه مستقّل ..هنا يبدأ شعورك بأنّ إسهالا ما سيصيبك .. ثمّ يصدم عينيك عنوان المانشيت الذي إتمَر هؤلاء المعترضين تحته، و من فرجة الباب التي وقفت أمامه بودي غارد تشبه كل شيء إلاّ الأنثى تقرأ ( سوريا للجميع ..في ظل .. دولة مدنية، و ديمقراطيّة ) .. مانشيت أخذت ألوان مفرداته لون العلم السوري .. الذي كان يبكي في ركن مقابل مهمل .. لقد تحدثوا في بيانهم عن كل ما يشبر الى أن لعابهم يسيل على الكرسي .. و لم يتحدثوا عن عروبة سوريّة .. ابناء قحاب الديمقراطيّة أدمنوا رؤية العلم التركي، و العلم الصهيوني، و هو يرفع بأيدي خونة جعلوا من يوم الجمعة في سوريا .. يوما للدماء ..
تتذكر بعض أبيات قصيدة مظفر النواب " دوامة النورس الحزين " :
و استشكل الأمر على الدجاج كلّه ..
فقرر الدجاج عقد قمة طارئة ..
و أعلن الدجاج أنّهم تضامنوا ..
و قوّق المذيع عاشت الدواجنُ ..
و أطلق صاروخا من الرياح ..
ما تعدى جلسة الصباح ..
فاهتزّ الحضور من ضخامة الدويّ .. و انهارت المساكنُ ..
و الحقت قضية النورس بندا لاحتلاب سادة الدجاج ..
فاحتدم الوطيس .. طار عرف من هنا ..
و من هناك طارت الكرامات وراء درهم ..
و اختلت الجلسة إلاّ اقصر الدجاج ظل صامتا، و ساكن
و شيئان غريبان في هذه الهمروجة يلفتان نظرك لأوّل مرّة ..مطالبة المؤتمرين دخول الإعلام العالمي إلى سوريا .. تمّ منع الإعلام من حضور الجلسة .. و اللهجة الديمقراطية الفجّة في زجر هذا الإعلام من قبل ( صقور ) المؤتمرين الديمقراطيين ..و هذا دليل آخر على إفلاسهم .. و أنا على يقين لو أنّ أكثرهم عتوّا في الديمقراطيّة جلس أمام فلاح من أقصى شمال سوريا لأخرسه، و بالضربة القاضية .. ثمّ تقرأ أسماء لم يسمع بها الشارع السوري، و لا تمثل أي حيثية ..لويز سلطان .. جورجيت عطيّة ..سلامة كيلة ..سمير سعيفان ..حسن عباس ..سلمان يوسف .. ابراهيم زو ..جلال نوفل .. سعيد برغوثي ..الخ .. الخ
و أكثر ما يزعجك في هذه المَعْلكة الديمقراطيّة .. انّك أمام اجتماع ( حارة كل من إيدوا ..ألُوا ) و هي لا تترجم إلى العربية الفصيحة بشكل يعطي معناها الحرفي ..هنا كل واحد يمثل معارضته الخاصة ..و أفكاره الرومانطيقيّة التي يحلم بها .. و برنامجه الخاص الذي يحاول أن يفرضه بديمقراطيته، و حسنا أنّهم أصدروا بيانا ختاميّا .. هذا يعيدك مباشرة للتفكير بقصيدة النواب ...200 مُؤْتمر، و يزيد تناوبوا على إخراج عقدهم الأمنية .. و رُهابهم الكاذب .. و العلك عن الديمقراطيّة ..
أهمّ بنود هرطقات هذا الاجتماع الاستثنائي بديمقراطيته هو " دعم الانتفاضة الشعبية السلميّة " .. التي تستبيح دماء السوريين ..مواطنين، و عناصر امن، و رجال جيش .. و أهمّ شيء يكشفه هذا الاجتماع .. هو الغباء المستحكم الذي دارت حوله هذه السفسطات التي لا تسمن، و لا تغني من جوع .. و اعتقاد المؤتمرين أنّ النظام أصبح ضعيفا .. و لعل هذه أمّ مصائبنا نحن السوريين الذين ندافع عن سوريا بعيدا عن الإعلام، و الذين نلمس أبعاد هذه الأزمة التي حملها إلينا المتظاهرون السلميون الذين تسلّحوا بالقنّاصات، و البومبكشن، و البلطات .. و الذين لم يوفروا المباني الحكوميّة .. و الذين قطعوا الطرق الدوليّة، و اغتصبوا النساء، و قتلوا الأطفال .....
معارضة . أم قلّة أدب .. هذا توصيف لما يجب أن تستنتجه بعد انتهاء الماراثون التآمري ..في الواقع كانت قلّة أدب أعطى نموذجا صارخا عنها بعض من مستهم النرجسيّة الثقافية الفارغة التي تستأهل الضرب بالصرامي ..استفزوا بها مشاعر الشارع السوري الذي كان يظن خيرا بهؤلاء الإمّعات .. و تزيد تفاهتهم من حقدك على نظام امني منع هؤلاء من الكلام من قبل، و حرم المواطنين السوريين من مسلسلات كوميديّة ليست بحاجة إلى جهات إنتاجية كان باستطاعة هؤلاء القليلو الأدب أن يقدموها على شاشات التلفزة السوريّة .. يسأل احدهم محامي من هذا الصف الكافر المعارض : لقد تمّ إحراق قصر العدل في درعا مما يشير إلى أنّ المظاهرات لم تكن سلميّة .. فيرد بصفاقة المغرور الفارغ إلاّ من أوساخ الاستقواء بوهم قوّة تغيير في الشارع : لقد احرقوا الرمزيّة التي يشير إليها ... يعلّق احدهم : كنت خائفا من العصابات المسلحة !! طلعوا مساكين أمام عصابة الـ ( سمير أميس ) ..
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: