خروج مصر نهائيّا من الحظيرة العربيّة - السلام الهشّ
رشيد السيد أحمد
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 19307
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
أخطا النظام العربي بعد توقيع اتفاقيّات كامب ديفيد مع مصر مرتين ( و دائما شيوخنا نحن العرب مخطئون، و أخطائهم هي تسببت في دمارنا، و تخلفنا ) ..في المرة الأولى عندما قرّر شيوخ حظائرنا العربيّة طرد مصر أنور السادات من الحظيرة العربيّة ( لاحظ كم تليق بنا مفردة الحظيرة نحن الخراف العرب الجاهزون دائما لدخول الم سلخ الدولي ) و بذلك تمّ الاستفراد بمصر .. و في تلك الأثناء تمّ تمرير اخطر فيروس فتك بمصر إن على مستوى النظام،أو على مستوى البلد الذي انعكست عليه مفاعيلها ..طبعا وقتها قرّر شيخ الحظيرة المصرية، و لأسباب محض شخصيّة، و ذاتيّة أن يقود خرافه منفردا لتوقيع اتفاقيّة مع الكيان الصهيوني ..فقرر شيوخ الحظائر الأخرى، و لأسباب محض شخصيّة، و غير إستراتيجية تهميش دوره، و في المرّة الثانية عندما تمّ قبول عودة مصر مبارك إلى هذه الحظيرة، و قد تمكن الفيروس الصهيوني من كلّ مفاصل النظام، و لأسباب محض شخصيّة، و غير استراتيجيّة قررها شيوخ هذا النظام، و مع هذه العودة بدأ الوجه الصهيو – سعودي يتظهّر عبر مبادرة ( فهد ) ..و كان على خراف الوطن العربي، و نعاجه من المحيط إلى الخليج أن يحملوا عبء الاحتلال الصهيوني، و عبء الأنظمة المتماهية مع هذا الكيان .. و بعد أقل من10 سنوات فقط كان العرب مستعدّون تماما للوقوف مع تحالف دولي ضد الحظيرة العراقيّة، و الذي قرّر شيخها، و لأسباب محض شخصيّة أيضا أن يحتلّ حظيرة الكويت ( و أنا لا أنكر طلبات الحق لصدّام حسين التي أريد منها باطل في حينها ) ... يومها ظهرت أوّل فضائل عودة النظام المصري المفيْرس إلى حظيرتنا و من ثمّ كرّت السبّحة حتى شاهدنا بأمّ أعيننا التحريض على احتلال حظيرة العراق ، و محاصرة حظيرة قطّاع غزّة جهارا نهارا و بكل فسوق، و فجور، ثمّ و أخيرا تقسيم الحظيرة السودانيّة ..
فقط، و على مدى عمر كامب ديفيد ( قصف الله هذا العمر ) ..تقزّم دور مصر السياسي، و انكفأت اقتصاديّا، و اجتماعيّا، وانعدم دورها الريادي نتيجة الأثمان التي دفعتها بتبعية نظامها الرسمي للصهيوني، و الأمريكي .. يومها وجد النظام السعوديّ فرصته السانحة للانتقام من مصر الحضارة، و التراث، و الثورة .. فهجمت بنفطها.. لسَعْودة كل شيء تطاله يدها ( يد غادرة آثمة ) .. فاختلط سخام النفط بكل جميل صنعته مصر على مدى عمرها ..ابتداء من سماحة الدين هناك، و ليس انتهاءا بأصغر نوتة موسيقيّة .. واجتمعت على مصر كل الخبائث لتحاصرها ..
( أجمل شيء في المشهد العربي الآن.. أن تصبح السعوديّة حظيرة نفايات عربية تلمّ كل الحكّام الطواغيت الذين داسوا شعوبهم خدمة لمصالحهم، و مصالح الأمريكي ) .. و طوال عمره كان النظام السعودي مطبخا لكلّ ما يضرّ مصالح الأمّة العربيّة، و الإسلامية .. من أفغانستان حتى المغرب العربي ...حتى استفاقت الآن، و الثورات تحاصرها يمينا، و شمالا .. سقط حليفها المصري، و قامت اليمن .. و تبعتها البحرين ..
و حدها خراف مصر ( طبعا هذا قبل 25 مايو ) قررت، و بقوّة اضعف الإيمان أن ترفض التطبيع ( ذلك خلق آليات دفاع ذاتيّة ضد اخطر فيروس ) و باستثناءات ليست كثيرة ..كان الوجدان المصري برفض الكيان الصهيوني .. و بكلّ ما يستطيعه ( كان الفنّ بطروحاته الساذجة فسحة الأمل الوحيدة للتذكير بجرائم هذا الكيان الصهيوني، و رفضه شعبيّا ) ..و كانت الانتليجسيا المغيبة عن المشهد السياسي ( تظهر عوراتها، و عدواتها ) و وحده هذا الشعب كان يقرّر أنّ الصهاينة هم العدوّ الأوّل .. رغم كل حرتقات النظام، و تماهيه .. كانت هذه الآليات الشعبيّة قد قررت أنّ هذا السلام هو سلام هشّ .. و كان الكيان يعرف تماما أنّ هذا السلام هو سلام فقط بضمان الفرعون الذي يحكم مصر، و عليه تمّ بناء الصفقات للمنفعة الخاصّة لحكّام مصر، و بطاناتهم، و بناءا عليه تمّ تهميش أي دور لخراف مصر العظيمة ( قبل 25 مايو دائما ) أو أيّ دور لها . لأنّه كان عليه أن يدفع ثمن الرفض ..
و لسنوات طويلة كانت تركيّة غائبة عن الوجدان العربي .. كان القليلون، و المختصّون فقط يعرفون بالكاد أسم رئيس جمهوريتها، أو اسم رئيس حكومتها ..حتّى كان موقف الطيب أردوغان الأوّل من الاعتداء على غزّة ( تآمر مبارك، و زبانيته مع الصهيوني على ضربها ) ثمّ عندما خرج من المسرح الذي جمعه ، مع بيريز محتجّا على هرطقاته ( كان يومها عمرو موسى سكرتير الحظيرة العربيّة يهزّ رأسه كالببغاء ن مع انّه من مرتبة طاووس) .. و دخلت تركيّا على خطّ الأحداث ( باستثناء الحديث هنا عن دوافعها الجيواستراتيجيّة الاخرى التي جعلتها تبدّل سياساتها ) .. كان كل موقف لحكومتها ضد غطرسة الكيان الصهيوني يقرب رئيس هذه الحكومة درجة من الوجدان العربي المهزوم نتيجة خيانات شيوخ حظائره لكلّ ما يجعل الحياة ممكنة في هذه الحظائر.. و فجأة أصبح اسمه على كلّ شفة، و لسان .. و كانت فلسطين، و قضيتها مرّة أخرى الباروميتر الذي يقيس حظوة، و قبول المدافع عن حقوق شعبها .. أقول هذا فقط لمن يروّج أو يظنّ أن دور مصر القادم سوف يكون نسخة تركيّة ( تنخرط في المشاريع الأمريكية، و تبقي على معاهداتها مع الكيان الصهيوني، مع استقلاليّة القرار ) ..
و أضيف .. إنّ مصر حتى تكون رائدة هذا الوطن يجب أن تسقط كل مفاعيل معاهدة كامب ديفيد .. لانّ مصر غير تركيّا هنا جيش ( رغم كل مصائب الترهل ) لم تقتله العلمانيّة بعد .. فمفهوم الجهاد، و الموت في سبيل القيم الإسلامية لم تنعدم جذوتها في نفوس أفراده، و العقل الجمعيّ المصريّ بشقيه المسيحي، و المسلم يعرف أهميّة الدفاع عن القدس، و المقدسات العربيّة، و استعادتها من يد الغاصب الصهيوني .. و قبل هذا، و ذاك كانت فلسطين محرّك الأحداث الخارجيّة في مصر منذ بدء المشروع الصهيوني، و كان دفاع مصر عن فلسطين، و قضيتها هي من تجعلها أمّ الدنيا، و تجعل القاهرة زهرة العواصم ..و دماء الشعب المصري هي التي اهريقت في سبيل الدفاع عن فلسطين .. و هي التي قدّمت زهوة شبابها في سبيل عودة الحقّ لأصحابه .. و هي .. و هي ....و هي
إنّ مفاعيل الثورة المصريّة الحاليّة هي التي ستسدّد الضرية القاضيّة لاتفاقيّة كامب ديفيد .. سواء أبقى النظام المستقبلي على هذه الاتفاقيّة .. أم قام بتعديل بنودها .. أم نسفها من أساسها .. فهذه الاتفاقيّة تحمل بذور فنائها بداخلها، و لأنها قامت بالأساس على تقديم ترضيات للأمريكي على حساب المصلحة المصريّة، و ما كان يطلبه الامريكي في حينها كان ترضيات للكيان الصهيوني ..و ما خوف رؤوس الكيان الصهيوني من سقوطها .. إلاّ لمعرفتهم بما حبكوا به هذه الاتفاقيّة و التي ما أن تُعرض على الشعب، و أن تظهر عوراتها ( الكثير من الشعب المصري لا يعرف عنها شيء ) حتى يعرف المصريّون أي مصيبة جلبها أنور السادات على مصر، و ايّ جريمة قام بها نظام مبارك في استماتته للدفاع عنها .. و قبل كل شيء لمصلحته، و عائلته، و عصابته ..
ما أعرفه الآن هو انّ مصر قررت بنفسها الخروج من الحظيرة العربيّة، و تونس كذلك .. لأنّ الشعبين العربيين هناك قررا ألاّ يكونا خرافا بعد اليوم.. بل ( سوبر بشر ) ... و هم يرسمون الآن خارطة طريق لما تبقى من حظائر .. لينزعوا عنهم رداء الذل، و حكم المزرعة .. و هي ثورة حتّى النصر .. تحيا تونس .. تحيا مصر
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: