الفقه الإسلامي الاقتصادي: ليس حلاّ للأزمة الماليّة
كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون
رشيد السيد أحمد
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 8105
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
يسعدنا انضمام الكاتب الأستاذ رشيد السيد أحمد، للمساهمين بالكتابة في موقع "بوابتي"، ونحن نرحب به وبمساهماته.
مشرف "بوابتي"
----------------
تأكّد عزيزي القارئ المسلم انّها ليست .. نهاية الرأسماليّة المتشددة ، كما أنّها
ليست نهاية الاشتراكيّة .. مثلما أنت متأكد من أن الدين لم يعد أفيون الشعوب .. بل أصبح مادة مكيّفة يتم زراعة معظم خشخاشه في بلد مسلم محتّل ، و يتم تصديره الى باقي مكيّفي العالم .. حيث بدأت تظهر أعراضه في بلد عربيّ مسلم محتّل آخر .
انّ الدين الاسلامي الحنيف هو حلّ لكلّ المشاكل، و أنا أقول ذلك مرفوع الرأس
بهدي مصباح هذا الدين سيدنا محمّد صلى الله عليه و سلّم، و قد استطاع هذا الدين أن يقوّض أركان امبراطوريتين نخرتهما جرثومة التحلّل الأخلاقي .. كما استطاع أن ينشر نور هديه على مساحة شاسعة من هذه الارض، و ذلك قبل أن يتدخل من فقه هذا الدين فحوّله على مقاس، و حجم دين الملوك، و الحكّام - الاّّ من رحم الله منهم - فتمتعنا خلال قرون طويلة بقراءات عن القدريّة، و الجبريّة، و المعتزلة ....و ألّفنا في ذلك مئات، و آلاف الكتب التي لا طائل منها إلا إثارة الفتن و النعرات، و نحن نحلل، و نقوّل، و نسحب اللحاف الى طرف ذاك، أو ذاك معتمدين على كلام لأعراب عاشوا قبلنا بـ 1300 عام .. نظروا الى الدين نظرة قصور فكفّروا، و أمّنّا، و شطحوا، و اعتمدنا، و تشاتموا، و نفّرنا .. و حصلنا في ذلك على شهادات عليا، فأعلى، فأعلى.
و كما جلب فقهاء الملوك، و الحكّام، و السلاطين هؤلاء البليّة على هذا الدين
فأزالوا عزّه، و فقهوا في كلّ تحليلات تجييره إلى من يأكلون على مائدته، و لم
يفقهوا به .. فإنّنا في عصرنا هذا أصبنا بلوثة أنّ الإسلام هو الحل لكلّ مشكلة
تصيب العالم .. دون أن نستخدمه لحلّ مشكلة واحدة ممّا يصيبنا .. من حرب صفّين الى حرب فتح، و حماس، و تحليل الاحتلال لبلدين مسلمين .. بعد أن خرس
الفقهاء إياهم عن الدعوة إلى الجهاد أكان ذلك لإعلاء كلمة الله، ام صائلين عن الأرض، و العرض ... فقط لأنّ سيدة " الرأسمالية " تحمي أسيادهم و سواء أكانت مصائبنا بابتعادنا عن هذا الدين، أو اقترابنا منه .. فانّ حلّ أي مشكلة توجب أخذنا الدين كسلّة متكاملة لا ينفصل البعد الأخلاقي، و الروحي فيها عن البعد المّادي، و الاقتصادي .. و لقد استطاع فقيه أريب أن يضخم بليّة المضاربة في أسواق المال، و العقارات مؤصلاً، و موثقاً، ليتنطع بنهاية الرأسماليّة، و كشف وجهها القبيح متناسياً، أنّ هذه الرأسمالية بعثت قبيحة الوجه، و القفا، و عاثت خرابا في البلاد، و العباد منذ نشوئها، و حتى يومنا هذا، و أنّها أقامت حكومات، و إمارات .... مازال يتمتع بخيراتها من فقه على دين صنيعتها وكونه فقيها اريبا، أو متفيقهاً، فقد تناسى في سبيل حشر أن الدين الاسلاميّ هو الحلّ أن من تسبب بتلك المشكلة يبلغ الناتج القومي عنده " 12 تريليون " من الأخضر الذي يسيل له اللعاب، و أنّ " 700 مليار " من العجز تمثل ثقب إبرة لحجم هذا الجمل من الناتج القومي .. فدعا بالويل و الثبور و بشّر بنهاية الرأسماليّة، و حوقل، و بسمل، و اعتمد النشرة الاقتصاديّة لمخبولين إصابتهم أزمة نفسيّة نتيجة عجزهم عن صدّ المشروع العولمي لهذه الدولة فصار يهرف بما لم يعرف .. و ترك تأصيل النظام الإسلامي لحقيقة الملكيّة فيه، و أساسها الملكيّة العامة للدولة " الماء ، و الكلأ .... و الهواء "، و الذي يقابله الآن " النفط ، و النفط .... و المعادن " و التي أصبحت في جيب وليّ نعمته، و الذي جعلته الرأسماليّة يركب على ظهورنا فخرس عن المطالبة بحقوق المسلمين، و نسل من كل قواعد ديننا الحنيف " و أحلّ الله البيع ، و حرّم الربا " ليهاجم النظام المصرفيّ العالمي الذي يمنح المقترض قرضه بدون ضمانات كافية، و بمخاطرة كبيرة مقابل فائدة مرتفعة ، و هو حال إمبراطورية الشرّ ، التي ستعيد التوازن إلى سوقها باستنزاف فوائض النفط من كيانات العربان النفطيين إياهم فتحرمهم طفرة الجنون التي امتدت على عشرة شهور ماضية ، و ليروّج لمفهوم " الفائدة = 0 " على أساس أن الإسلام يتحدث " بالفائدة " أكانت ( 0 ) أم ( 0% ) متناسياً أنّ الملكية الفرديّة في الاسلام تعني " تجارة، و زراعة و صناعة " محكومة بضوابط شرعيّة اسلاميّة تمنع " الاحتكار ، و الغشّ ، و الغبن، و الربا " كما تناسى ايضا قاعدة اقتصاديّة مهمة في عصرنا الاقتصادي الحالي تقول أنّ " الفائدة = 0 " ما هي إلاّ هراء في ظل معدلات تضخم عالية تتجاوز 75% في بلد مسلم يدعى مصر، و يخرّج أزهره فقهاء عاطلون عن الفقه بنسبة 90% يدعون بطول العمر لمن طال أجله، و طالت أيدي رجاله و رجال حزبه الأخضر، و اليابس، مع العلم أنّ اعتماده على " احلّ الله البيع " لم تجعله يستطيع التأثير على مواطنيه، و حكوماتهم العربانيّة في منع اسثثمار 2,4 ترليون دولار في اسواق و مصارف ربوية رأسماليّة و نسي المتفيقه في غمرة عجالته، أنّ الرأسماليّة قد أصبحت منظومة تمتد اذرعها كالأخطبوط في كل مناحي الحياة، و منها أسواق المال، و المصارف، و هذه محكومة من منتمين الى أحد الأديان السماويّة التي ندعوا إلى حوار حضاريّ معها لتقريب الأديان، و دينها، ودين من يدعوا الى هذا الحوار من ملوك العربان هو الدرهم ، و الدينار ، و الذين يفرخون في جامعاتهم شيوخ ظلاميّون مكفّرون لا يختلفون كثيرا في التحليل، و التحريم عمّن يدعون للحوار معه ، فيحرمون الربا بيد، و يفتحون بورصات للمقامرين بيد أخرى، و يهربون أموالهم إلى البنوك التي افلست بيد ثالثة ابتكرها لهم وعّاظهم و فقهائهم .
و حتى لا نغمط في هذه العجالة البنوك الإسلامية حقها، و التي نسيت في عجالة
حمىّ الربح " المقاصد الشرعيّة " من إنشائها، و اصطفت منها " آلية المرابحة " لتشرعن " الفائدة = 0 " ضاربة عرض الحائط بـ " صيغ المضاربة، و المشاركة " و لتدعم بورصات إسلامية لا تختلف عن أيّ بازار عربانيّ لا تعرف فيه " الراقد من الفاقد " علما أنّ إسلامنا الحنيف لا يعرف شركات مساهمة، و لا بورصات غذاء تجعل اللقمة مغمّسة بالدم، و لا بورصات عقاريّة تجعل سكنى الدار حلما لكلّ مسلم يشهد أن لا اله الا الله، و أنّ محمدا رسول الله .
انّ تطبيق النظام الإسلامي في جوهره يعني اعتماد العدالة الاقتصاديّة في توزيع كلّ ثروات الوطن على ابنائه، و هذا يعني أيضا وجود الضوابط لكل حركات المقامرة التي يقوم بها قوارين هذا الزمان من العربان .. و بالتالي فانّ هذا النظام سيسحب كلّ المبررات من يد الحكّام لنهب الثروات، و محاسبتهم عليه، و يسحب كلّ اوراق المقامرين من ايديهم، و سيسحب كل قواعد الفقه الاقتصادي الاستنسابي من أيدي من يدعي الحمية على الإسلام من فقهاء " يحللونه عاما ، و يحرّمونه عاما ".