أحمد الحباسى - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 3324
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
بعد اسابيع ستكون هناك انتخابات بلدية فى تونس، الاحزاب التونسية تســــتعد علــــى قدم و ساق و من الواضح ان حركة نداء تونس و حزب حركة النهضة هما المستفيدان الوحيدان من هذه الانتخابات القادمة بالقياس الى نسبة الشعبية و ما قدماه لحد الان من قوائم انتخابية غطت كامل المساحة الانتخابية فى كامل التراب التونسى على عكس بقية الاحزاب الكرتونية الاخرى التى كشفت هذه الانتخابات نسبة التمثيل المتدنية لديها و التى جعلتها لا تقدر على تقديم قوائمها الانتخابية إلا فى القلة القليلة من البلديات ، ما يثير الانتباه منذ اسابيع و خاصة منذ اعلان الرئيس التونسى على افتتاح الانتخابات البلدية و تحديد موعدها هو رجوع بعض الوجوه السياسية القديمة المتهالكة و التى تـم لفظها لفـــظ النواة فى الانتخابات التشريعية و الرئاسية السابقة بحيث خرج البعض فى تلك الفترة خروجا انتخابيا مذلا و مثيرا للسخرية بالقياس الى نسبة الاقتراع و التى لم تتعدى الصفر فاصل بالنسبة للسيد أحمد نجيب الشابى الناشط السياسى المعروف على سبيل المثال، رجوع هذا الاخير الى شاشات الاعلام القصد منه طبعا اعادة البحث عن موقع فى خضم هذه الفوضى و الجرعات الوافرة من الاحزاب الزائدة على اللزوم و الاستعداد للدخول فى غمار الانتخابات الرئاسية او ما يسمى بالحملات الرئاسية السابقة لأوانها .
الناظر بتمهل و انتباه الى المشهد السياسى التونسى بعد الثورة تصدمه بعض الوقائع المثيره و من بينها على سبيل المثال تقدم سن كل الطبقة السياسية التى ورثت الساحة السياسية من النظام السابق و هذا ما يثير سؤالا مشروعا هل أن هؤلاء العجز المتقدمين فى السن و الذين تم لفظهم و مرارا و تكرارا فى انتخابات 2011 و 2014 يمثلون ابناء الثورة و كل هؤلاء الذين ناضلوا طيلة سنوات ضد الاستبداد و انسداد الافق الاجتماعى آملين أن تتقبلهم هذه الثورة بدفئها و وهجها الثورى لتدفع بهم الى واجهة الاحداث و المقاعد النيابية فى مجلس نواب الشعب و فى كل المواقع التى ترهل اهلها و كانوا احد اسباب الثورة، مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية سنة 2019 و انقسام الشارع السياسى الى احزاب كرتونية، الى ناقم و رافض لوجود هذه الكيانات الفاشلة التى تؤثث المشهد السياسى بلا فائدة تطرح كثير من الاسئلة المختلفة و من بينها على وجه الخصوص لماذا يريد هؤلاء العجائز الرجوع الى قلب الرحى السياسية و من يقف وراء حملاتهم و حلهم و ترحالهم السياسى فى كل مناطق الجمهورية و ما يتطلبه الامر من اموال و موائد ‘ ومفتحات ‘ انتخابية ممثلة فى كميات هائلة من الاموال الخليجية التى بان بالكاشف خاصة بعد ايقاف بعض المجرمين الذى احرقوا البلاد منذ اسابيع مدى تأثيرها السلبى و الكريه فى كل الاضطرابات و المظاهرات التى تعم تونس من فترة الى اخرى .
هناك تجاعيد سياسية فى المشهد السياسى الذى يحتاج فيما يحتاج فعلا الى ضخ دم شبابى محب للحياة و الى طاقات قادرة على فهم كل ما يحدث و التعامل معه التعامل الملائم خاصة فى ظل القفزة التكنولوجية الهائلة التى قفزها العالم المتحضر و تخلفت عنها القيادات العربية المسنة البائسة المتشبثة بخطب و مقولات و نظريات عفا عنها الزمن و باتت تثير السخرية، لا يمكن لهذه البلدان العربية اليوم و بعد كل ما حدث من تطورات على كل المستويات الدخول الى الالفية الثالثة بشيوخ سياسيين تجاوزت اعمارهم فى نسبة تقارب 90 فى المائة منهم السبعين من العمر، لقد أوجد تكرر نفس الوجوه و نفس المشهد السياسى منذ سنوات ما بعد الثورة على الاقل حالة من فقدان الثقة فى الثورة نفسها اضافة الى فقدان الثقة فى العملية السياسية و الانتخابية الملوثة بأموال النفط الخليجى و لعل الشباب اليوم قد قرر العزوف نهائيا عن حضور هذا ‘ العرس ‘ بل المأتم الانتخابى الكريه نكاية فى كل هؤلاء الذين ركبوا حصان الثورة دون أن يتفهموا ان للثورات اهداف و قيادات مختلفة عنهم شكلا و مضمونا ، صدأ هذه الرموز السياسية المتآكلة القديمة يمنع حصول التغيير الى العمق و هذا العمق هو من انطلقت منه الثورة لتصل الى قلب العاصمة و تزيح النظام بكل سطوته و قوته، لذلك يصر الشباب ان التغيير و نجاح الثورة لا يمكن اعلانه الاب ابعاد هؤلاء الفاسدين السياسيين و منع التلوث المالى النفطى الانتخابى من ان يعفن الساحة السياسية بشكل يستحيل معه انقاذ ما يمكن انقاذه خاصة بعد أن أنهك الارهاب البلاد و العباد متسببا فى حالات من المد و الجزر الانفعالية و الفكرية .
تشير قوائم الانتخابات البلدية الى تقدم فى السن لأغلب هذه القائمات و يؤكد رجوع كبار العجائز السياسيين فى تونس الى المشهد الانتخابى الرئاسى أن المال النفطى الخليجى هو المحرك الاساسى لكامل العملية الانتخابية و ان حظوظ الشباب سواء كمستقلين أو حزبيين ستكون ضئيلة و بلا فائدة و مجرد تكملة و ديكور و فى الوقت الذى يشعر فيه غالب الشباب فى تونس بحالة احباط على كل المستويات و بالذات من تدنى اداء الحكومة و مجلس الشعب الامر الذى ادى الى تراكم و تفاقم الديون و زيادة العجز يضاف اليه طبعا فضيحة تصويت البرلمان الاوروبى بكون تونس دولة تشجع على الفساد و ما جاء على لسان التقرير السنوى لمنظمة الشفافية الدولية من عجز القضاء التونسى على مواجهة الفساد هناك أصوات تنادى بإسقاط الحكومة او تغيير بعض الوزراء و هناك من يدعو الشباب التونسى الى المبادرة والخروج من أي روح سلبية تؤثر في طموحهم في المشاركة السياسية في مجتمع يتميز بالصبغة الشبابية، لكن من ‘ يخرج ‘ بذهنه لما يكتب و يقال فى مجالس وسائل التواصل الاجتماعى فهو سيدرك ان حراك شعب الشباب لا يزال بعيدا جدا و هو ما سيفتح المجال مجددا لرجوع الديناصورات القديمة التى اثبتت فشلها .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: