أحمد الحباسى - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 2579
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
المال ليس نعمة فى كل الاحوال و المال الوفير عندما يسقط فى يد الخونة و الاغبياء يصبح نقمة و العياذ بالله و منذ نشأة آل سعود بل و لنقل منذ الطفرة النفطية بات المال النفطى السعودى أحد أهم الاسلحة المخربة للوطن العربى و حين تتجمع الامية السياسية بمثل هذا السوء لدى اغلب حكام الخليج بتكالب الدول العظمى على فرض مصالحها بالقوة و بإذكاء الفتن بإمكاننا أن نفهم لماذا تحولت رقعة الشرق الاوسط بالتحديد و رقعة العالم العربى الى ارض الخراب و الدماء و الدخان الكثيف، نعم يكاد الخراب أن يكون المنظر الطاغى الوحيد على بقية مناظر المجاعة و الفقر و الامية و سوء البنية التحتية و البطالة و بقية عناوين التخلف العربية الاخرى و اذا كان البعض يعزى مناظر التخلف الى فساد الانظمة الحاكمة و ربما الى ما فرضته تحديات الصراع الصهيونى العربى فان ما يحدث منذ سنة 2003 تاريخ سقوط بغداد اثر الغزو الامريكى الظالم للعراق هو نتاج للمال النفطى الخليجى و حالة تشابك المصالح بين الدول الخليجية و الصهيونية العالمية .
قبل غزو العراق كانت هناك اختلافات عربية و كانت هناك صراعات على الزعامة و كانت هناك رؤيتين مختلفتين لحل الصراع العربى الصهيونى الاولى تؤمن بحل القوة و الثانى تؤمن بحل التفاوض و على مدار عقود من زمن هذا الصراع نشأت تحالفات و فسدت مشاريع تصدى لهذه التحالفات بل لنقل أن العرب أمضوا الوقت فى الصراعات الفكرية و فى القاء الخطب العنترية البيزنطية اكثر مما امضوه فى اعداد العدة لمواجهة العدو و المخطط السرطانى الصهيونى فى فلسطين المحتلة، لكن اليوم لم تعد فلسطين هى البوصلة و لم يعد ميثاق الجامعة العربية هو المحدد لكل التوجهات بل هناك هيمنة خليجية واضحة متحالفة مع اسرائيل تريد ضرب الدول العربية الرافضة للوجود الصهيونى الامريكى فى المنطقة و لهذا الغرض فهى تستنزف كل ثرواتها النفطية للتحالف مع المؤامرة الصهيونية و فرض نفسها الاداة العميلة الوحيدة للتدمير و ضرب الوجدان المقاوم فى كل عناوينه و لهذا ليس مستغربا ان تتحالف قطر مع السعودية و الامارات و اسرائيل و امريكا و تركيا لضرب سوريا ، فالمؤامرة كانت جاهزة منذ عهد الرئيس جيمى كارتر و اللحظة كانت مناسبة بعد سقوط بغداد و الهدف كان مطلوبا بعد أن أصبح يشكل الشوكة الوحيدة المتبقية فى وجه التغلغل الصهيونى فى المنطقة .
بين انظمة الخليج المتآمرة و بين سوريا لم يعد الخلاف سياسيا او نتيجة خصومات شخصية بين القيادات الحاكمة لان الخلاف هذه المرة تحول الى محاولة خليجية متآمرة على سوريا لإسقاط النظام كمطلب صهيونى ملح و تنفيذ هذا المطلب الصهيونى الامريكى ليس بالأمر الهين نظرا لطبيعة النظام السورى و قوته الامنية بحيث تطلب الامر الاستعانة و تجميع عناصر عديدة من بينها بالخصوص المال و الاعلام و الفكر التكفيرى، طبعا كانت التقديرات من البداية ان النظام سيسقط سريعا و ان تباشير الربيع العربى قد تغرى الشعب السورى بالوقوف الى جانب المتآمرين و تمر المؤامرة دون ان تلفت الانتباه لكن من الواضح ان فشل اصدقاء سوريا و على رأسهم قطر و السعودية فى ‘ تكوين ‘ معارضة قادرة على ان تكون العنوان الرئيسى و الملهم للثورة السورية الخبيثة قد دفعهما الى كشف المستور و طرح مسالة ‘المجاهدين ‘ كبديل بحيث قيل ان هؤلاء القتلة قد جاؤوا من كل الاقطار العربية لإسناد الثورة السورية و من هنا كان من واجب اعلام الخليج ان يقوم بحملة دعائية مضللة لم يسبق لها مثيل فى تاريخ البشرية و من الضرورى ان تفتح الخزائن المالية بشكل جعل الخزينة السعودية على سبيل المثال تجد نفسها فى مواجهى عجز غير مسبوق فى تاريخ المملكة مما يقيم الدليل الواضح على حجم ‘ الاستثمارات ‘ المالية السعودية فى مجال رعاية ارهاب الدولة كأداة لضرب الاستقرار فى سوريا و فى المنطقة .
لعل تحالف المال النفطى مع منظومة اعلام التضليل القطرية المتمثلة فى قناة ‘ الجزيرة ‘مع الفكر التكفيرى الوهابى يحصل لأول مرة فى تاريخ العرب و لعله لأول مرة تتحدث القيادة السعودية على نظام عربى اسمه سوريا ممثل فى الجامعة العربية بصفة العدو الواجب اسقاطه بكل الطرق بل لعلها المرة الاولى فى التاريخ العربى ان يتحالف ال سعود مع اسرائيل لضرب دولة عربية، لا بد اذا من الانتباه لان النظام السعودى لم يتحالف مع اسرائيل لوجه الله بل كان التحالف عنوان المرحلة التى رأى فيها الحاكم السعودى أن شرارة الربيع العربى قد اقتربت كثيرا من خزان الغاز و البترول و أن صعود معارضة للنظام ستقضى على تاريخ العائلة السعودية بحيث لا مناص من الحماية الصهيونية مقابل ضرب النظام السورى و من هنا كان من الهين فتح الخزائن النفطية لتمرير مشروع ضرب النظام السورى باستعمال الفكر التكفيرى الموغل فى الشر بحيث يتم ضرب نظام ‘ شقيق ‘ لعيون اسرائيل و امريكا تحت غطاء قبيح اسمه ‘ الثورة السورية ‘، لكن من الواضح اليوم أن المؤامرة على سوريا قد سقطت فى كل عناوينها المثيرة و بات النظام السعودى يعيش حالة من اليأس و المرارة خاصة فى ظل فشل ما سمى ‘ بعاصفة الحزم ‘ على اليمن .
لعل ما قدمه النظام السعودى منذ ايام فقط للأمريكان من اموال خيالية مقابل صفقات اسلحة لا مصلحة منها يؤكد ان النظام قد بدأ يستشعر الخطر خاصة فى ظل الهزيمة المعلنة فى اليمن و أراد من هذه الصفقة الخيالية دفع الجزية مقابل الحماية الصهيونية للنظام، لكن التاريخ يعلم الجميع بان المتغطى بالأمريكان عريان و دولة فاسدة قامت على حق الهنود الحمر فى الحياة لا يمكن أن تقبل الى النهاية برعاية و حماية نظام ايل للسقوط مهما قدم من اغراء نفطى، هنا يجب التذكير بأن تكاليف الحرب على العراق و على سوريا و اليمن قد كلفت الخزانة السعودية دم القلب كما يقال دون نتيجة تذكر و معلوم فى هذا الاتجاه ان تبذير الاموال بهذه الكيفية ستكون له تبعات اقتصادية و سياسية معينة فى المدى القريب خاصة اذا ما راجعنا حالة الغضب الشعبى التى باتت السمة الرئيسية للحراك الشعبى السعودى رغم قمع الالة البوليسية . ان المتأمل لما يحدث فى السعودية من صراع على السلطة و ما حدث منذ ايام و وصفته الصحف العالمية بليلة السكاكين الطويلة و عدم قدرة النظام على حسم المسالة اليمنية لفائدة ما سمى بالشرعية و هروب الجماعات الارهابية من سوريا تحت القصف و التدمير يتأكد بأن أمر سقوط النظام بات حتميا .
يواصل نظام ال سعود تبديد ثروات المملكة و الاجيال القادمة من الشعب السعودى الذى يعيش اوضاعا صحية و بيئية و تعليمية و ثقافية لا تليق، وحده الرئيس الامريكى دونالد ترامب تحصل على مليارات الدولار مقابل حماية النظام و وحدها بعض وسائل الاعلام و الشركات الكبرى الاجنبية من تتحدث بتهكم كبير على اسلوب النظام فى اهدار الثروات فى لحظات قياسية مما يعرض اصولها الى الاستنزاف حسب تقدير صندوق النقد الدولى لكن من الواضح ان رؤية الامير ( الملك القادم ) لشؤون الدولة تفتقر الى الحصافة و الحنكة بدليل ان عملية تبذير مقدرات الشعب السعودى لا تزال مستمرة سواء لدفع تكاليف الحرب على اليمن او متطلبات وجود الجماعات الارهابية السعودية على التخوم السورية، هناك من يقول ان النظام السعودى قد فشل فى تنويع اقتصاده للابتعاد عن الايرادات النفطية كمصدر وحيد للمالية السعودية و هناك من المحللين الاقتصاديين من يتحدث عن فشل كبير فى السياسة الاقتصادية السعودية سيؤدى فى نهاية الامر الى انهيار السقف و الدفع بالعائلة المالكة الى المجهول .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: