احمد الحباسى - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 3534
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
لقد تابعنا بصدمة كبيرة العمل الإرهابي الغاشم الذي أصاب العميد بروطة بساحة باردو و من وراءه كل الشعب التونسى . ذلك الحادث الأليم الذي يمثل حلقة من استهداف ممنهج وسلسة من الأعمال الإرهابية التي تستهدف تونس و الانموذج الوسطى للعيش الذى اختاره التونسيون منذ الاستقلال . إن الحادث الأخير يؤكد وجهة نظرنا و يدعمها، كون جماعة الإخوان المسلمون أحد أكبر الجماعات الداعمة للإرهاب في العالم، و كون حركة النهضة فرع فاعل من هذه المنظومة الارهابية الدولية تستمد أفكارها المتطرفة والتكفيرية من خلال كتابات سيد قطب و حسن البنا و تستمد التمويل من خزائن قطر و بعض شيوخ و امراء الدول الخليجية .
ورغم أن النهضة قد حاولت عديد المرات درأ تهمة الإرهاب عن نفسها، وبرغم أنها تحايلت غير مرة في سبيل تجميل صورتها أمام الرأي العام التونسى و العالمى وفى مؤتمرها العاشر المثير للاشتباه و خاصة فى تصريحات رئيسها و اعضاءه المشبوهين ابان انتهاء المؤتمر او فى الصحف و بقية وسائل الاعلام، إلا أن وجهها الحقيقي يطل من آن لآخر معلناً عن كمية البغض والتلوث الفكري الذى يجعلها تميل الى ممارسة العنف و الارهاب .
طبعا هناك مشروع ارهابى متكامل الجوانب و الاهداف و هناك تمويل و هناك اصرار على التنفيذ و هناك معلومات و خفايا و حقيقة تقول ان النهضة تستغل الارهاب لخدمة مشروع الصهاينة و بعض المرضى النفسيين فى الخليج المتآمرين على ما بلغته الدول العربية من تحضر و انسياق فى طريق الحداثة .هذا المشروع لم يعد خافيا على احد و حتى من يظن عبثا ان الارهاب قد انتهى او فى طريقه الى الاختفاء من تونس فهو يعلم ان مئات بل آلاف المدارس القرآنية تعلم النشء و الصغار ادبيات التطرف و الغلو الفكرى و الدينى بحيث يكونون مشروع قنابل متفجرة فى المستقبل القريب بما يعنى ان الثورة و لئن مكنت الشعب من التقاط انفاسه بعد فترة من الكبت السياسى و انعدام الحريات و شفافية الانتخابات زمن الرئيس السابق بن على فقد اعطت الفرصة للإخوان بالخروج للعلن و البحث عن طرق مرعبة تستفيد منها لفرض تواجدها على الساحة بالقوة و بالرعب و بالإرهاب لحين التمكن من مفاصل الدولة و ارهاقها و انهاكها بحيث يسهل اختراقها و ضربها فى الوقت المناسب و الاطاحة بالنظام الجمهورى لفائدة انشاء دولة الخلافة .
اصبح من العار و العيب و النفاق الجدلى أن يتساءل البعض بطريقة خبيثة عن العلاقة بين حركة النهضة و الارهاب لان كل الادلة و القرائن و المقالات و الدراسات و التحاليل توجه اصابع الاتهام الواضحة للحركة فتونس مثلا لم تعرف الارهاب المسلح الدموى إلا مع قدوم الاخوان من الخارج بعد الثورة و بعد ان رفع التضييق الامنى المفروض على نشاط الحركة و بالذات الجناح العسكرى الذى كان يقوده حمودة الجبالى كما جاء فى تصريحات متعددة و اخرها للدكتور الصحبى العمرى، أيضا هناك قرائن و نتائج تحقيق مع عديد الارهابيين الموقوفين بسوريا و العراق و فرنسا تفيد أن الحركة تقف وراء شبكة التسليح و التدريب و التكوين الفكرى التكفيرى و التسفير و ان مرشد الحركة الشيخ راشد الغنوشى المتشبع بأفكار الاخوان المتآمرة منذ نشأة الاخوان قد حاول تلميع صورته المشوهة بعد الاتهام المباشر الموجه اليه من الشعب و بالذات الجبهة الشعبية باغتيال الشهيدين شكرى بلعيد و محمد البراهمى، هذه المحاولة المشبوهة بعد مؤتمر الحركة العاشر لم تأت أكلها فى ظل تواصل العمليات الارهابية و سقوط الضحايا بين الامنيين و العسكريين و المواطنين الابرياء و فى ظل محاولة الحبيب اللوز و غيره اعادة نصب الخيام الدعوية التى يعلم الجميع انهــا شبكات ارهاب و مراقبة و استخبار تتابع تحركات الامنيين و العسكريين و بعض رجال السياسة و الاعلام المستهدفين من الحركة بعلة معارضتهم لتوجهاتها الدموية .
ايضا اصبح من العار و النفاق أن تنفى الحركة علاقتها بما حدث فى سوريا من قتل و استهداف للأبرياء و الحضارة و المعالم السورية و حين نعلم بوقوف الحركة وراء شبكات التسفير نقف على حقائق مرعبة تؤكد العلاقة الاثمة بين الاسلام السياسى الذى تمثله الحركة كفرع خدوم للإخوان المسلمين و بين التطرف الصهيونى الذى تمثله اسرائيل و بين الحرب الصليبية المعلنة كما جاءت على لسان الرئيس الامريكى السابق جورج بوش الابن و بين الفكر الوهابى و التكفيرى الذى تمثله دولة متخلفة اسمها السعودية و محمية صهيونية اسمها قطر، هذا التحالف ‘ الدينى ‘ المختلف الابعاد و التوجهات يحدث لأول مرة فى التاريخ البشرى و هو بهذا المنظور يشبه ابعاد القرار الامريكى بإلقاء القنبلة النووية على اليابان و ما نتج عنه من اضرار بشرية و ادبية و حضارية و اقتصادية عانت منها اليابان و افزعت البشرية، من هنا نستشف خطورة الفكر الذى تسير عليه الحركة و من هنا ننتبه على أن الحركة و نتيجة لعمق تواصلها التاريخى مع حركات الاسلام السياسى على اختلاف مشاربها لا تملك قرار الانفصال أو حتى تخفيض منسوب خطابها الدينى المتطرف لتتحول شيئا فشيئا الى الخطاب المعتدل، هذا ما يفسر على الاقل كل الهجمات العنيفة التى تسلطها الحركة على كل من يبحث عن اصلاح مناهج التعليم او تجفيف منابع المال و الفكر الارهابى الخليجى و يكفى أن يخرج وزير الشؤون الدينية عن خط الحركة حتى تفيض مواقع الاتصال بالانتقادات العنيفة و حملات السباب التى يقف وراءها منتسبون للنهضة .
ان التجاء الارهابيين الى اسلحة بسيطة للقيام بعملياتهم الارهابية لا يمثل نجاحا للخطة الامنية كما يقال و ان الارهاب قد فقد سطوته لكن من الثابت ان النهضة لم تنجح فى زرع الفتنة و فى بث الرعب و فى ايقاف عملية الانتقال الديمقراطى و فى هدم الاقتصاد الذى تأثر بكميات الاموال المنهوبة من الحركة لما كانت فى الحكم اكثر من تأثير العمليات الارهابية، فالحرب الارهابية تبقى حربا مفتوحة بين الشعوب و بين غلاة التطرف و هى تأخذ ابعادا مختلفة فى الزمان و المكان و لا أحد يعلن الانتصار فى هذه الحرب لأنها حرب فكر متطرف ضد فكر متحضر تشبه فى عناوينها الكبرى الحرب الازلية المتواصلة بين الخير و الشر، عدم نجاح النهضة فى خلخلة الوضع النفسى و الاجتماعى يمثل ضربة موجعة جدا لتيار فكر الاسلام السياسى الذى يبنى اطروحته و مشروعه على تعميم حالة الخوف و الرعب ليتسنى تمرير كل المخططات التآمرية، ايضا يجب القول ان حركة النهضة حركة شعبوية لم تحصل إلا على نسبة متواضعة فى الانتخابات الاخيرة وهذا يعني أنّ قسماً فقط من الشعب في صفها، والبعض منه قد يتراجع عن مساندة هذا الحزب لأنّ القسم الذي صوّت له يمثّل فئات من البورجوازية الصغيرة تؤمن بالمبادئ الإسلامية، وقسماً آخر من الفقراء كان ينتظر من النهضة أن تقدم له مساعدات مالية، وهو ما لم يحصل، و بهذا المنظور العقلانى و مع ارتفاع اصوات المجاهرين بالعداء للنهضة و المطالبين بالقصاص بعد العمليات الارهابية فالواضح ان الحركة سائرة نحو مفترقات طرق ملتبسة و خطيرة و ان اصرارها على مواصلة نهج الارهاب سيطيح بمشروعها فى النهاية و يجعل قيادتها تدفع الثمن مستقبلا .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: