احمد الحباسى - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 3775
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
لسنا فى وارد الدفاع أو الوقوف مع سمير الوافى ، لكن هناك أسئلة كثيرة يطرحها الشارع التونسى و هناك إشاعات مغرضة و هناك أجوبة مشوهة يقدمها البعض لغايات فى نفس يعقوب ، المهم سمير الوافى لن يخرج من السجن فى الايام القليلة القادمة لان الامر خرج من نطاق القضاء الى نطاق السياسة و الذين يتولون ملف الرجل المتهم ليسوا من هيئات القضاء بل من هؤلاء الذين حضروا منذ اسابيع قليلة حفل زواجه الاسطورى و الذى أسال كثيرا من الحبر بحيث تساءل الكثيرون من ‘ أين له هذا ‘ و هل أن الرجل قد أصبح له من الوجاهة ما جعله يحشد كل تلك الوجوه السياسية المتصارعة على الحكم فى تونس ما بعد الثورة ، فى الحقيقة كان متوقعا أن يكون سمير الوافى نزيلا للسجن و كان متوقعا أن تكون هناك ملفات جاهزة و أن يتعذر اطلاق سراحه الا بعد أن يؤدى الرجل الجزية و الخراج لأهل السلطة تماما كما فعل نزيل السجن السابق و صديق الوافى سامى الفهرى.
فى السياسة كما فى كرة القدم هناك خذ و هات ولعل سمير الوافى قد دخل السياسة دون أن يريد أو انه قد طمح فى خراج السياسة دون أن يقدم المطلوب لكبار القوم و على كل حال فالرجل اليوم يدفع ثمن مغامرة طائشة من ابن زغوان تلك القرية التاريخية الصغيرة الذى أراد دخول نادى الكبار دون إحم أو دستور و دون أن يكون له ظهر يحميه ، فالسياسة كما يعلم الجميع غابة تستظل كل الحيوانات السياسية المفترسة و المنافقة و دخول هذه الغابة دون قناع أو جلد قوى يحمى من النهش المتوقع يمثل انتحارا على قارعة طريق مهجور ، ربما يقول البعض ان الوافى قد دخل السجن بتهمة واضحة و معينة و لكن المتابعين للسياسة بعد الثورة يدركون أن هناك من التصقت به تهم متعددة كثيرة أكثر ‘وزنا ‘ من تهمة الوافى و هو يجلس فى مجلس نواب الشعب أو فى كراسى احد الوزارات المهمة او على رأس احدى الشركات القليلة المتبقية التى لم يلامسها الافلاس من اطرافها ، لذلك نقول أن سمير الوافى هو أحد ضحايا ما سمى بالحرب على الفساد و أن دخوله للسجن يأتى فى سياق هذه الحرب التى لا يعلم الجميع أين يكون مرساها .
يمكن التأكيد اليوم و بعد جمع بعض التصريحات و التسريبات أن هناك قائمة ‘متهمين ‘ معدة سلفا تم بمقتضاها ايقاف الاعلامى سمير الوافى مع بعض رجال الاعمال الاخرين مثل شفيق الجراية و يمكن التأكيد ان ايقاف الوافى يأتى نظرا لعلاقته المعلنة مع الجراية و ان المعلومات التى يملكها سمير حول شفيق هى مربط الفرس بل من الواضح أن شح المعلومات حول شفيق الجراية قد جعل الحكومة تتورط فى عملية ايقاف مسرحية و باتت تبحث عن كل شخص قادر على الافادة فى هذا المجال و هذا ما يفسر امتناع النيابة العسكرية عن تمكين محامى الجراية من نسخة من ملف الابحاث و الاتهام رغم خطورة التهم الموجهة اليه و التى تصل عقوبتها للإعدام ، طبعا لم يتخلف بعض رجال القانون و على رأسهم القاضى السيد احمد الرحمونى رئيس المرصد التونسى لاستقلال القضاء من توجيه كثير من الانتقادات القانونية الشكلية حول طريقة هذه الايقافات و مدى ما تخللها من خرق للقانون و للإجراءات و هذا دليل يؤكد أن عملية الايقاف قد تمت فى ظروف غير طبيعية و فى توقيت سابق لأوانه جعل قاضى التحقيق العسكرى يجد صعوبة فى تجميع الصورة و فى الوصول الى نتيجة .
ما أشبه الليلة بالبارحة و ما أكثر وجوه الشبه بين قضية سامى الفهرى و سمير الوافى ، نقول هذا لان القضاء أصبح اليوم لعبة مرعبة فى يد السياسيين و حتى احداث الهيئة العليا للقضاء العدلى فهذه مسرحية و لئن انطلت على البعض فهى لا تنطلى على المتابعين الذين يعلمون ان تسيس اغلب اعضاء هذه الهيئة و انتماءهم المعلن لجهات حزبية نافذة فى البلاد سيجعل القضاء بعيدا عن الاستقلالية المطلوبة و بذلك فهذه الهيئة تمثل اليوم أحد الادوات المشبوهة التى ستزيد من تعميق ازمة القضاء و تخرج صراعاته على المناصب الى العلن ليتحول الى شبه ما نراه فى الاحزاب و يبقى المستفيد الاول من هذا الصراع الوجودى هى السلطة السياسية ، من هنا لا يمكن لقضية سمير الوافى او غيره ان تجد طريقها للحل إلا بعد خضوع الرجل الى متطلبات السياسة القذرة و تمكين المحققين من بعض الاجوبة على بعض الاسئلة التى تهم من اصبحوا اليوم اعداء السلطة بعد ان كانوا بالأمس من اشد الاصدقاء قربا اليها ، ليبقى السؤال الملح قائما و مستمرا هل كان سمير الوافى عالما انه قد دخل جحر الثعابين لما استحب التقرب من رجال السياسة و هواة اللعب بالبيضة و الحجر و هل ان سمير الوافى قادر اليوم على دفع ثمن اطلاق سراحه أم أنه سيختار الحل الصعب فى انتظار ايام اخرى تتغير فيها الاطراف و المواقف و الاهداف السياسية .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: