احمد الحباسى - تونس
من كتـــــّاب موقع بوّابــتي المشاهدات: 3762
يسمح بالنقل، بشرط ذكر موقع "بوابتي" مصدر المقال، ويفضّل أن يكون ذلك في شكل رابط
من مزايا وسائل الاتصال أنها تمثل ذاكرة الشعوب... بعض السياسيين فى تونس يتجاهلون هذه الحقيقة عمدا و يقفزون عليها من باب محاولة التعتيم و لكن الحقيقة التلفزيونية و الاذاعية و الصحفية تبقى قائمة و على هؤلاء ان يتعلموا طرقا مبتكرة أخرى للإفلات من ماضيهم الموثق بالصوت و الصورة أحيانا، من بين هؤلاء نجد طبعا الشيخ راشد الغنوشى زعيم حركة الاخوان فى تونس و أحد كبار المنظرين لما يسمى نفاقا بسياسة التوافق، الشيخ يتعمد تجاهل جملة تصريحاته الماضية و جملة ما نشر و قيل على لسانه من أفكار و مواقف يجدها المتابع على طرفى نقيض من مواقفه الحالية . هناك من يقول أن السياسى عقل متحرك فى كل الاتجاهات حسب تطور الاحداث و ساعة التصريح و أن السياسى الذى لا يغير من مواقفه عند الضرورة لا يعتبر سياسيا فطنا لكن هذه المقولة لا تصمد أمام واقع معين يقول أن الاشخاص لا يتغيرون فجأة من النقيض الى النقيض و أن السياسى الذى يعتمد مثل هذا التصرف هو سياسى فاشل سواء على مستوى تحليل و فهم الاحداث أو على مستوى التعامل مع المنتسبين للحزب أو الرافضين لأفكاره لأنه لا يعقل أن ننام و نستيقظ على مثل هذه التقلبات .
يتحدث مرشد الاخوان السيد راشد الغنوشى عن الجيش فى مناسبات كثيرة ولا يترك الفرصة دون الاطراء و كيل المديح لهذه المؤسسة لكن و على رأى المثل اسمع كلامك اصدقك أشوف امورك اتعجب فان هذا الموقف المعلن تعارضه مواقف سابقة معلنة للشيخ المتأرجح تصف الجيش بكونه الاحتياطى لقوات البوليس القمعية التى اعتمدها الرئيس السابق بن على طيلة فترة حكمه بمعنى أن هذا الجيش هو قوة رديفة للبوليس القامع و أن قيادته ليست وطنية بل أن المؤسسة بمجملها لا تعدو الا أن تكون قوة و أداة استبداد، هذا ما يقوله الشيخ المتهالك لقناة الحوار ايام كان يعيش فى المهجر على حساب اموال الاخوان و بتقديم ايات الولاء لهؤلاء المستثمرين الخليجيين الفاسدين فى عقل مثل عقل الشيخ يراه هؤلاء قادرا على احداث الفتنة و تعطيل مسار الحياة الاقتصادية و الامنية و العلمية فى تونس، بالطبع كرر الشيخ هذا الموقف صراحة فى الفيديو الشهير الذى تحدث عن أن المؤسسة العسكرية غير مضمونة لانها كانت جزء من المنظومة السابقة و هذا التقدير السياسى للموقف لم يكن نابعا من فراغ لان حركة النهضة قد تغلغلت فى هذا الجسد و صار بمقدورها أن تعلم ما لا يعلمه الاخرون بفضل طابورها الخامس المندس وسط هذه المؤسسة الشامخة .
فى عقل الاخوان لا تجد إلا المؤامرات و الخيانة و الضرب تحت الحزام و محاولة الاستقواء بالدول الخارجية ضد ابناء الشعب، هذا حاصل و متفق عليه منذ نشأة الاخوان على يد مرشدهم حسن البنا و سيد قطب فيما بعد، هناك مؤلفات عديدة تؤكد هذا الاتجاه و تفضح بالأسماء كل الذين تشابكت مصالحهم مع الاعداء و قدموا عربون العلاقة الاثمة كل ما يملكونه من معلومات حول المؤسسات الحكومية و كل ما يستطيعون القيام به لضربها فى العمق بكل الطرق بما فيها عمليات الاغتيال التى لم تنقطع منذ عهد الملك فاروق الى اليوم، طبعا حركة النهضة لم تكن فى معزل عن كل هذه المؤامرات و الدسائس و الخيانات و الاغتيالات و هى قد مارستها فعليا ضد أبناء شعبها طيلة سنوات حكم الرئيسين بورقيبة و بن على و قد دفعت تونس ثمنا غاليا لتعصب فكر حركة النهضة و ايغالها فى الخيانة الى حدود تستحق المحاكمة و الاعدام بدون رحمة، لقد شبع هذا الشعب المغلوب على أمره من خطب و مواقف و تصريحات الشيخ الغنوشى التى هى أقرب الى المخدر الذى يجعلك تحسن الظن بالرجل و بجماعته و تنادى مع بعض المغفلين بأنه على حق و يستحق مكانا فى تراب الوطن و فى سلطة الحكم لكن ما تلبث أن تصاب بخيبة مرة كما حدث للجميع بعد انتخابات سنة 2011 و حكم الحركة طيلة 3 سنوات بالحديد و النار .
الشيخ راشد من بين اسماء كثيرة لم نعد نثق بها بعد ان تغيرت اقوالهم و افعالهم لتشهد انعطافة موجبة للاشتباه، لم نعد نصدق كلام الشيخ عن الاخلاق و القيم و القضاء و الامن و تحرير المرأة و الحداثة و الوسطية و حرية الضمير و عدم القبول بالتطبيع، لقد سقطت الاقنعة حين اختبار السلطة و ساعة الحقيقة المكشوفة و بدت وجوه الشيخ و أتباعه كاذبة، باهتة، منافقة و رغم استمرار الرجل فى مسرحية الكذب و المخاتلة و البهتان فلم يعد هناك من يملك الوقت لمزيد الاختبار أو مزيد التمحيص لان الحقائق ظهرت بكل بشاعتها و بات الاخوان اليوم عنوانا من عناوين الكذب المتعمد و التصرف الخائن و التوجه المعادى للشعوب العربية، يعترف الاخوان انهم لم يكونوا شركاء فى الثورة و لم يقدموا ضريبة الدم حتى تنجح و من العيب اليوم أن يقفوا فى اول الصف للمطالبة بحقوق ابتدعوها من وحى ‘نضالات ‘ يعلم الجميع أنها كانت نضالات لفائدة مشروع ظلامى لا علاقة لهذا الشعب بأصله و فصله بل من العار أن يخرج علينا شيخ النهضة بتصريحات تكذبها تصريحاته السابقة، نحن نعلم أن التقية و التمكين و قانون السمع و الطاعة هى ‘لغة الاخوان ‘ لكن الوطن اليوم لا يحتاج الى مافيا أخرى تنخر جسده المعتل .
اضغط على الكلمات المفتاحية التالية، للإطلاع على المقالات الأخرى المتعلقة: